في الذكرى الخامسة والثلاثين لاغتيال المفكر العربي الكبير الشهيد مهدي عامل/


أحمد زوبدي
2022 / 5 / 19 - 18:01     

اغتيل مهدي عامل، غرامشي العرب، في ١٨ أيار/مايو ١٩٨٧، وهو في طريقه إلى معهد الدراسات الإجتماعية ببيروت (لبنان)، كأستاذ متفرغ في المنهجيات والفلسفة السياسية، من قبل القوى الظلامية التي كان مهدي عامل في مواجهة فكرية وممارساتية صريحة معها ومع القوى الرجعية المسيطرة في الساحة اللبنانية.
الشهيد مهدي عامل منظر كبير للمجتمع الطائفي الذي يكون المجتمع اللبناني الأنموذج بامتياز، إلى حد الآن، كما يعيش لبنان اليوم، الذي بنى عليه جهازه المفهومي أو المفهوماتي على غرار نظريات نمط الإنتاج الكولونيالي والتفاوت البنيوي والتفاوت التطوري والصراع التناحري والكثير من الأدوات النظرية التي قام مهدي عامل بنحثها لقراءة واقع لبنان والدول الهامشية من منظور كونية الخصوصية.
مهدي عامل، المفكر العربي الماركسي الألتوسيري، ساهم بشكل كبير في توظيف فكر ماركس وليس الماركسية لنحت منظومة مفاهيم تليق بدول الجنوب. لم تنحصر مجهودات مهدي عامل معرفيا في النظرية الخالصة بل تجاوز فكره هذا الإطار من خلال تنقيبه في حفريات الممارسة السياسية. وبذلك استطاع مهدي عامل أن يصوغ الفكر والفلسفة والتاريخ من منظور سياسي في ضوء واقع التناقضات والصراعات السياسية اللبنانية وعلاقة موطنه بالإمبريالية والصهيونية. الشهيد مهدي عامل، الذي كان بارعا في التحليل النظري والسجال الأيديولوجي، هو المفكر العربي الوحيد الذي كانت له قوة كامنة كبيرة في انتاج المعرفة بنحث مفاهيم جديدة دون الارتكان إلى قواعد أكاديمية صرفة.
الشهيد مهدي عامل، المثقف العضوي والرسولي، كما وصفه صديقه في النضال المفكر الفلسطيني فيصل دراج، أكد في أكثر من مرة بل يمكن القول أنه كتب نظرية في ذلك أن الكتابة المناضلة هي نقد السلاح أي الصراع ضد الإستبداد الذي يفرضه العدو الطبقي.
في المغرب، المثقف المناضل، إما أنه تحول إلى مرتزق أو أنه يتفرج على العبث الذي اقترفه المثقف المبتذل أو المثقف الإعلامي المزيف. لا سبيل أمام طاحونة الاستبداد إلا نكران الذات ومواصلة النضال دون ملل، كما قام بذلك مهدي عامل حتى سقط شهيدا في ساحة الشرف. هذا الموقف النضالي الشجاع يجعل العدو الطبقي يغير مواقفه ويتراجع وتدفع المناضل الصادق ليفتح مرحلة جديدة في المسار النضالي الجمعي معلنا الانتصار و إنصاف التاريخ، رغم سخرية التاريخ أحيانا، كما قام بذلك مهدي عامل بشجاعة وجرأة سياسية قل نظيرها.
مهدي عامل تصدى للمعارك الفكرية والسياسية، وقد نجح في إنتاج الفكر التحرري لمحاورة الواقع وتغييره.

لروح الشهيد مهدي عامل السلام.