إستقلالية ريف شأن أمازيغي و ليس مطلب كولونيالي


كوسلا ابشن
2022 / 5 / 16 - 23:18     

"لا أرى في هذا الوجود إلا الحرية, وكل ما سواها باطل", محمد بن عبد الكريم الخطابي.

بدأت المدرسة الكولونيالية في بلاد دزاير منذ فترة, تتدخل في شؤون ريف, لإستغلال مآساة شعب ريف, في حربها الإعلامية ضد النظام الكولونيالي آل علوي. حرب إستعمارية من كلا الجهتين لإستعباد الأمة الأمازيغية و طمس هويتها و نهب خيراتها.
نشر المدعو زكرياء حبيبي في موقع "الجزائر اليوم" مقال بعنوان "الريف يطالب باستقلاله والمغرب على أبواب الجمهورية", يحذر فيه النظام آل علوي بعدم التدخل في شؤون القضية لقبايلية, و كما أشار الى المثل المصري" إن كان بيتك من زجاج فلا تقذف بيوت الآخرين بالحجارة", و المثل ليس في محله, لأن ( البيتين بنيا من زجاج).
شعب ريف لا ينتظر مساندة و لا تضامن من القوى الكولونيالية الإجرامية التي آبادة إمازيغن ندزاير في الحرب العرقية التي شنتها جبهة الخيانة التابعة للنظام الناصري العرقي, في النصف الأول من ستينات القرن الماضي, حملة الآبادة الجماعية و التهجير القسري و الإعتقالات العشوائية و كذا المستهدفة لعشرات من قادة المقاومة الأمازيغية للإحتلال الفرنسي, بالقتل و الإعتقال, و من بينهم آيت حمد.
يقول حبيبي :"أن الأمازيغ في الجزائر، هم أسياد، ودورهم في تاريخ الثورة الجزائرية كان حاسما ...", الإعتراف بحقيقة تاريخية لأهداف إستعمارية لا يؤخذ بها, فإستعمال إمازيغن المضطهدون في كلا البلدين, ورقة في حرب التوسع الإستعماري, هو نفاق. بالفعل دور إمازيغن ندزير في تفجير المقاومة المسلحة, كان فعالا و حاسما في تحرير البلد من الإستعمار الفرنسي, في الوقت الذي كان فيه الإنتهازيون من إلتجأوا الى مصر يتسولون أمام بلاط الناصرية. لكنه للأسف إستغلت حفنة المتسولين الشوفينيون العروبيون ظروف المقاومة لمصادرة نجاحاتها و مساومة الإمبريالية الفرنسية بهدف الانسحاب العسكري وتشكيل الدولة العرقية الإصطناعية كما خطط لها الإستعمار الفرنسي, و حقق التحالف الجديد أهدافه في "إفيان" سنة 1962, على حساب إمازيغن أصحاب الشرعية الجغرافية و شرعية البندقية. خرج الفرنسيس من الباب و دخلت العروبة الإستعمارية من النافذة. فتحت جبهة الخيانة العروبية على الشعب الأمازيغي نار العرقية المقيتة ( عرق واحد, لغة واحد و دين واحد), سلطة العرق العربي و اللغة العربية و الدين الإسلامي, والرفض تام الإعتراف بالهوية المحلية الثقافية و اللغوية الأمازيغيتين, وهكذا أصبح الأسياد إمازيغن المقاومون و المحررون الحقيقيون لبلدهم و الذين ذكرهم حبيبي, هم الأصل المغضوب عليهم, بإنتهاج سياسة الآبادة الجماعية الى درجة المحرقة (ما إقترفه مؤخرا, النظام العسكري الكولونيالي بمنطقة لقبايل من إحراق الغابات و المحاصل الزراعية و القرى السكنية), و تبني النظام الجديد سياسة التمييز العرقي, بالتهميش و الإقصاء و الإستبداد. مئات المعتقلين إمازيغن حاليا في سجون النظام الكولونيالي العرقي بدزاير و خاصة لقبايليين و لقبايليات, منهم من قضى حتفه بالتعذيب و سوء المعاملة و سوء التغذية و منع التطبيب و الأدوية عنهم, مثل ما حصل مع المناضل الأمازيغي الآباضي, المعتقل السياسي كمال فخار, الذي أستشهد داخل معتقل للنظام الفاشي العسكري, بسبب حرمانه من التطبيب و الأدوية, ونفس المصير يهدد حاليا حياة المعتقلة السياسية الأمازيغية لقبايلية كاميرا نايت سيد, من سوء المعاملة و الحرمان من حق التطبيب و الحصول على الأدوية.
ما يعانيه إمازيغن لقبايل أو غرداية أو عامة الأمازيغ في كل جهات بلاد ديهيا من معانات و مآسي و إضطهاد قومي و إجماعي, ليس أقل, مما يقاسيه إخوانهم إمازيغن نريف من إضطهاد و تهميش و إقصاء و إستبداد. قد يكون حبيبي لم يسمع عن مذبحة الأمازيغ في الستينات و سياسة تهجيرهم الى الخارج, و ربما قد تناسى الربيع الأمازيغي (1980) و تجاهل الربيع الأسود (2001), و تجاهل سياسة التمييز العرقي التي يمارسها و ينتهجها النظام العسكري العربي, لكن أيعقل أن يتجاهل كذلك محرقة لقبايل ( 2021), التي حصلت بهدف الضغط على الشعب في لقبايل لوقف الحراك الشعبي الذي كانت تيزي وزو قبلته و عاصمته. محرقة لقبايل لم يكن حدث عابر, فقد إنتشر لهيبها في كل العالم. المحرقة ليست في حجم و وزن محرقة اليهود, لكنها تعد شكل من أشكال الإستبداد العرقي في التخلص من أصوات أحرار لقبايل المطالبة بتقرير مصيرها, و المنددة بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الأمازيغ.
في الصراع على الزعامة السياسة و الروحية و نهب خيرات بلاد إمازيغن, أصبح الأمازيغ عموما, الورقة الرابحة في تصادم الفاشيات الكولونيالية العروبية في حروبها الإعلامية, و خاصة ورقة أمازيغ لقبايل و أمازيغ ريف, لما عرفا عنهما من رفض الوصايا الإستعمارية و المقاومة و النضال من أجل الإستقلال و تقرير المصير, وكذا التواجد الضخم للمهجرين الأمازيغ من لقبايل و ريف في أوروبا و تحركاتهما النضالية بالتنديد في المحافل الدولية بسياسات التمييز العرقي و الإستبداد السياسي للأنظمة الكولونيالية في بلادهما الأصلية, و إيصال مآسي و معانات شعبيهما للمجتمع الدولي و للمنظمات الحقوقية الدولية.
الإنتهاكات الجسيمة لحقوق إمازيغن هنا و هناك, لا تخفيها مناورات نقل المعركة الى الملعب آل علوي. السياسة العرقية الإستبدادية للنظام الكولونيالي آل علوي, في ريف, لا تختلف عن سياسة التمييز العرقي للنظام العسكري الكولونيالي في لقبايل, فالنظامين (وجهان لعملة واحدة) يتغذيان من مصدر واحدة و إيديولوجية واحدة, وهي العروإسلام, عقيدة الحقد و الكراهية و سياسة التمييز العرقي و العداء لحرية الرأي و التعبير.
النظام الكولونيالي الشوفيني الإستبدادي المعادي للأمازيغ في بلادهم دزاير, يتآمر ضد أمازيغ بلاد مورك لتقسيم أرضهم, بهدف خلق كيان عروبي ورقي, لزيادة الكيانات العروبية الفوقية الى العدد السادس, بخلق ما يسمى ب"الجمهورية الصحراوية العربية" الممتدة الى أصول جماعة قليلة من الأشخاص (بني حسان) المستوطنين في بلاد إمازيغن (الخاضعين حاليا للعروبة الإستعمارية), لقد أشار ابن خلدون الى أن بني معقل لم يتعدى عددهم 200 فرد, يتوزعون بين أربعة بطون (أسر) و من بينهم أسرة بني حسان. أعوان العروبة الإستعمارية يدافعون عن أطروحة تقسيم بلاد الأمازيغ, لكنهم في نفس الوقت يرفضون أطروحة إستقلال شعب لقبايل الأصيل, المختلف في أصوله الإثنو- ثقافية و اللغوية الممتدة في التاريخ الى الأسلاف الأوائل في هذه البلاد (إنسان إيغود), الى ما قبل 300 ألف سنة.
قضية ريف و قضية لقبايل قضيتين عادلتين و يسري فيهما, قرار الجمعية العامة الصادر في سبتمبر 2007 ( اعلان الامم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الاصلية ), المادة 4 " للشعوب الاصلية الحق في ممارسة حقها في تقرير المصير ".
قضية ريف عادلة لها أحرارها يدافعون عنها و لها أحرار العالم يساندونها و يتضامنون معها, و لا تنتظر القضية العادلة من أعوان الأنظمة الإستعمارية تناولها في المزيدات الإنتهازية و النفاقية.