تعريف : النائب المجاهد سعيد إسحق , مذكرات - 2


مريم نجمه
2022 / 5 / 13 - 02:41     

تعريف : من النضال الوطني في سورية النائب سعيد إسحق -2 -15

7 -
بعد عودتي إلى عاموده باشرتُ بالعمل التجاري , وهوجلبْ بضاعة من الأقمشة من ماردين وبيعها بالمفرّق للأهلين , وقد أقرضني بعض الأصدقاء من عاموده مبلغاً من النقود لأستعين به على مضاعفة كمية البضاعة والمتاجرة بها , وهكذا استمررت بالعمل ووفقني الله , وتكاثرت الأرباح , لأنه لم يكن هناك بائع أقمشة غيري في عاموده وقراها , ومرت الأيام بالتوفيق المطرد , فاشتريت داراً كبيرة فيها بيت سكن ودكان وغرفة مضافة . وثابرت على هذا العمل , فصرت أسافر إلى ماردين لجلب البضائع وإيجاد شريك للتجارة بالصوف والسمن , حتى وفقني الله بالتعرف على التاجر الكبير الحاج شيخموس القلاو , فوافق على العمل معي , وكلفني بشراء صوف وسمن كافة منطقة عاموده وزودني بمبلغ كبير من المال لإعطائه سلفة على مربّي الأغنام , وتم ذلك فاشتريت صوف وسمن المنطقة كلها , إلى جانب بيع الأقمشة , كما أسست فداناً في قرية سنجق خليل , وزوّدت بعض الفلاحين بالبذار , لأنني كنت أتشوّق لمهنة الزراعة .

8 -
إنتهت الحرب العالمية الأولى في تشرين الثاني سنة 1918 بهزيمة تركيا وألمانيا ووقعت الهدنة , وعمّ الأمن والسلام في البلاد فانتعشت التجارة وفتحت الأسواق مع الموصل وحلب . وتم تقسيم الإمبراطورية العثمانية إلى دويلات عربية , فقررت هيئة الأمم المتحدة انتداب فرنسا على سوريا ولبنان وبريطانيا على فلسطين وشرقي الأردن والعراق , لكن سورية كانت محتلة من الجيوش العربية بقيادة الأمير فيصل بن الشريف حسين الذي توّج ملكاً عليها , إلا أن الجيوش الفرنسية احتلت لبنان وأنذرت الملك فيصل بقبول الإنتداب الفرنسي , فلما رفض زحفت إلى سوريا وجرت معركة ميسلون بين الفرنسيين الغزاة والجيش العربي بقيادة وزير الحربية يوسف العظمة . فالتقى الجيشان في ضاحية ميسلون غربي دمشق , واستشهد البطل يوسف العظمة ودخل الفرنسيون سورية , فغادرها الملك فيصل , وهكذا أصبحت تحت الإنتداب الفرنسي , ورسمت حدودها مع تركيا في الشمال فصارت تمتد على طريق سكة حديد قطار الشرق السريع من جوبان بك إلى نهر دجلة الفاصل بين سورية والعراق . واصبحت عامودة تابعة إلى سورية فغادرتها المفرزة التركية إلى شمال سكة الحديد , كما أصبحت الجزيرة سورية مرتبطة بمحافظة دير الزور , وشكل فيها قضاءان هما الحسكة , وتتبعه ناحيتا رأس العين والشدّادة وقضاء بياندور وتتبعه ناحيتا عاموده والقرمانية , ولم يكن في الجزيرة وقتئذٍ بلدة سوى عاموده . أما مركز القضاء في بياندور وقتئذِ فكان قرية صغيرة , وهكذا صارت عاموده مركزاً تجارياً هاماً تردها البضائع من تركيا كالأخشاب والأعمدة والحلويات والفواكه , وتصدر لها الأقمشة والسكر والكاز والبضائع التي لا تتوافر فيها , وتاسست فيها بلدية , حتى تحولت إلى مدينة تجارية ممتازة .

9 -

انتهت مدة المجلس البلدي في عاموده عام 1928 فانتخب مجلس بلدي جديد على الوجه التالي :
سعيد إسحق رئيساً , والحاج محمد حنّي , والحاج محمود وتّي , وملاّ حمزة , ويوسف الشيخي أعضاء . وباشر المجلس البلدي أعماله , فقام بالعمران وبناء دار جميلة للبلدية .
ثم صدر أمر بنقل مركز القضاء من بياندور إلى القامشلي التي كانت أرضاً فارغة تقريباً , فبنت الحكومة داراً لها , كما بنى الجيش ثكنة وموقعاً للدرك , وتوافد الناس على مركز القضاء الجديد , فعمرت القامشلي بصورة سريعة حتى أصبحت مدينة نموذجية , وأسس فيها قضاء ديريك الذي تتبعه ناحية تل كوجك , وانتشر العمران في كافة أنحاء الجزيرة , وشيدت قرى جديدة وتوسعت الزراعة فيها , وأقبل الناس على إحياء الأراضي الصحراوية , وإعمار القرى , فأسست محافظة الحسكة , وانفصلت الجزيرة عن محافظة دير الزور ) . 10 - .يتبع .................مع التحيات