الأردن والاردنيون امام الخطر الوجودي


ابراهيم حجازين
2022 / 5 / 10 - 19:21     

ما يجب أن يدركه كل أردني واع او غير واع، ساذج او ذكي، إقليمي أو غير إقليمي، منساق وراء وهم الليبرالية او مدرك لدورها الخبيث، انه لم يعد بمخطط "إسرائيل" ولا هي معنية ككل؛ بنية ومجتمع ومؤسسة إدارية وأيديولوجيا وثقافة ووظيفة، الاستمرار ببيعنا ما سوقته قبيل وادي عربة وصدقه المسؤولون حتى مغاوضوا مفاوضوهم من انهم ضمنوا بالتوقيع على وادي عربة اعترافها بالدولة الأردنية في حدودها شرقي النهر، وكذلك ان لا اطماع للحركة الصهيونية بشرق الاردن كما جاءت في مخططاتها وايديولوجيتها واكدتها خلال الخمسة والسبعين سنة الماضية منذ الكارثة التي إنزالها بريطانيا والولايات المتحدة بفلسطين، فقد دخلت هذه المخططات في مرحلة نوعية جديدة بعد ان تهيأت لها الظروف المناسبة بمساعدة الأمريكان منذ عدوانهم على العراق واحتلالهم له وتفجير المنطقة العربية من المحيط الى الخليج، ولم يعد من مصلحة الكيان أن يكون على علاقة مع الأردن بالطريقة السابقة، بعد ان أظهر حقيقة الغاءه الاتفاقيات التي وقعها في أوسلو ووادي عربة من طرفه، والسير بخطوات تتوجت بصفقة القرن على طريق تصفية قضية فلسطين نهائيا بقصف القضايا التي أجلت الى مرحلة الحل النهائي؛ كالقدس والحدود واللاجئين، والآن تهجير آلاف الفلسطينيين من قراهم واحيائهم كما فعلوا ابان التطهير العرقي عام 1948، والتحضير لاخراجهم إلى خارج حدود فلسطين، ولم يعودوا يخفون رفضهم أية علاقة استراتيجية تنطوي على وجود أردن كدولة تبقى بشبه أو بسيادة مستقلة كما تضمنته اتفاقية وادي عربةً. ولعلهم الآن يضعون سيناريوهات المرحلة القادمة والخطوط النهائية لمرحلة ما بعد تصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكانها الى اشعال حرب اهلية في الاردن تكون الذريعة لاحتلاله، والصحراء الشرقية كفيلة بتلقي من يتبقى حيا على هذه الأرض ولا مفر لهم من ذلك، خاصة وان أوروبا ليست معنية باستقبال مزيد من اللاجئين بعد مهجري المنطقة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي العراقيين مرورا بالسوريين وحتى الان المهجرين الاوكرانيون.
وإذا ظن البعض انه من الممكن تأجيل هذا السيناريو بتقديم مزيد من التنازلات "للاسرائليين" والتعاون معهم في بعض جزئيات مطامعهم او التغاضي عن ممارسات مبدئيا مرفوضة، او حتى ترويج اساطيرهم من قبل البعض الذين قد يعتقدون أنهم بذلك ينقذون رؤوسهم، حتى احلام العصافير هذه تعتبر مرفوضة من جانب الغزاة، لأن ما يريدونه يتجاوز أسوء الكوابيس التي يمكن تراود أحد. وهي تنفيذ وظيفتهم التي غرسوا من أجلها بابقاء المنطقة مفتتة وممزقة وحراسة ذلك حتى تحين فرصة الاطباق عليها.
الكيان يسارع في خطواته حتى ولو اوحى انه قد يقدم تنازلات مقابل خدمات محددة على صعيد إجهاض مقاومة الشعب الفلسطيني والقبول بتقسيم زمني مكاني في الاقصى ونفض اليد من القضية الفلسطينية وترك الشعب الفلسطيني إلى مصيره، الكيان يسابق الزمن قبل ان تطبق عليه نتائج التغيرات والتحولات الدولية وتضع المشروع الذي وضعته بريطانيا في بداية القرن العشرين برمته أمام مصيره.
يترتب على الأردن حكما وشعبا للمحافظة على الذات وحتى يخرج سالما من هذه المرحلة، على المستوى الشعبي التصدي وفضح كل اتجاه فردي او جماعي يدعو إلى فصل مستقبل الاردن عن مستقبل المنطقة العربية بروح عروبية وحدوية او إلى شرخ العلاقة المصيرية بين الشعبين الأردني والفلسطيني في مواحهة العدو الواحد والمحافظة على وحدة الاردن والاردنيين وتعرية اية محاولة لبث او بعث التفرقة الجهوية والإقليمية والمناطقية والطائفية او الانسياق خلفها. أما على صعيد الحكم، العودة عن كل الخطوات التي اتخذت منذ عام 1993 منذ قرار الصوت الواحد المجزوء ووادي عربة وبرامج الإصلاح الإقتصادي والإجتماعي، وذلك من خلال لجنة عمل وطني تتشكل من الوطنيين المخلصين لاستعادة الأردن وطن وشعب والتخلص من الفاسدين الذين انكشف او لم ينكشف أمرهم عبر القضاء والقانون، والقيام بانعطافة جريئة على صعيد إقامة العلاقات الدولية المتوازنة لتنقذ الاردن من كابوس مخططات الغرب المستعمر.