العراق والأزمات المتفاقمة


عبد الهادي الشاوي
2022 / 5 / 9 - 00:11     

يعاني العراق من أزمات متعددة منذ عميل امريكا صدام حسين وما جرى من اشعال حرب السنوات الثمانية ( 1980 – 1988 ) مع ايران مقابل استلامه الحكم في تموز 1979 حيث تنازل البكر له عن رئاسة الجمهورية ولم تمضي الاسنة فقط حتى اشعل فتيل الحرب في 1980 التي ازهقت ارواح اكثر من مليون عراقي من القوات المسلحة مضافا اليها ملايين الأيتام والأرامل والثكالى واعداد من الضحايا المدنيين والخسائر المادية الباهظة وكانت مدينة البصرة قد تحملت الكثير منها سواء الخسائر البشرية او المادية .
وبعد وقف القتال بإشارة من امريكا في 8 آب 1988 اتجه صدام الى تصفية القطاع العام الزراعي – الحيواني والنباتي - والقطاع الصناعي حيث تم بيع الأراضي الزراعية والمزارع المنتجة وحقول الدواجن وتربية الأبقار وحقول الأسماك الى المحسوبين على الحزب الحاكم وبعض اقاربه واعضاء حزبه مثل معامل انتاج المواد الغذائية كمعمل معلبات كربلاء ومعملي البناء الجاهز في البصرة وكربلاء بأثمان بخسة كانت حلت مشكلة السكن .
وبتوجيه من امريكا بواسطة السفيرة الأمريكية غامر في غزو الكويت في 2 آب 1990 الذي ادى الى هزيمة الجيش العراقي الذي كان يحسب له ألف حساب بقوته , تلاه تدمير البنى في مدينتي بغداد والبصرة بصورة كاملة كالجسور والاتصالات والمجاري . وقد خرج العراق مدحورا ومكبلا بالديون التي فاقت المائة مليار دولار , ثم اضيفت لها التعويضات التي فرضها مجلس الأمن للكويت التي زادت على الخمسين مليار دولار تم استقطاعها من مبيعات النفط حسب قرار مجلس الأمن ( النفط مقابل الغذاء والدواء ) بنسبة 5 % من ايرادات بيع النفط الخام والتي استمرت حتى الأشهر الأولى من السنة 2022 حيث تم تسديد كافة التعويضات للكويت التي كانت اول الداعمين للحرب مع ايران .
كما تم فرض الحصار الظالم على الشعب العراقي لمدة ثلاثة عشر سنة عن جريمة صدام لغزو الكويت والحقها بتهوره على امتلاك اسلحة الدمار الشامل الذي اعطى الضوء الأخضر لأمريكا لتدمير العراق وهي على علم بعدم وجود تلك الأسلحة , لكنها اتخذتها ذريعة لغزو وتدمير العراق في نيسان 2003 وهي تعلم علم اليقين بعدم امتلاكه تلك الأسلحة لكونها هي الممول الوحيد لتجهيز العراق بتلك الأسلحة المزعومة .
وما بعد الاحتلال الأمريكي تضاعفت الأزمات ومنها :
1- أزمة المياه التي قطعتها تركيا وايران عن نهري دجلة والفرات وكذلك نهر شط العرب بالرغم من وجود اتفاقات دولية بينهما وبين العراق , مع ايران اتفاقية 1927 ومع تركيا 1946 , فتركيا استأثرت بناء السدود والخزانات للاستفادة من المياه العذبة حيث خزنت كميات هائلة للأغراض الزراعية وتوليد الطاقة الكهربائية على حساب حصة العراق منها . وايران حولت مجرى اكثر من اربعين رافد كانت تصب في دجلة , تم تحويلها للأراضي الايرانية , كما قامت بتحويل نهر الكارون الذي كان يصب في شط العرب وتم تحويله الى الأراضي الإيرانية وحرمت العراق من مياهه وما كان فيه من الاسماك . وبسبب ازمة المياه تدهورت الزراعة في العراق وجفت المسطحات المائية ومنها الأهوار , وبدأت الأراضي الصالحة للزراعة تتقلص مساحاتها كما تأثرت بساتين النخيل واشجار الفواكه وتأثرت حتى الخضروات , كما تأثرت البيئة وازداد التصحر في معظم غرب الفرات .
2- ازمة الكهرباء التي عجزت جميع الحكومات المتعاقبة من 2003 وحتى الوقت الحاضر من ايجاد الحلول لها بسبب الفساد المستشري في وزارة الكهرباء التي تركت المهمة الى اصحاب المولدات التي انهكت اسعارها المواطنين بالإضافة الى تلوث البيئة نتيجة الدخان والغازات السامة التي تصاحب تشغيل المولدات , ومن المؤكد ان ازمة الكهرباء ناتجة عن تدخلات خارجية اضافة الى الداخلية والقصد منها ابعاد العراق بعيدا عن الزراعة والصناعة ليصبح سوقا لتصريف المنتجات الزراعية والصناعية لدول الجوار تركيا وايران والاردن الذي يتمتع بمزايا خاصة وتزويده بالنفط مجانا تقريبا واعفاءه من الرسوم الجمركية للمنتجات الصناعية الاردنية والداخلة عن طريقه والبالغة اكثر من 400 منتج , فكيف يتسنى للإنتاج العراقي منافسة المنتج الاردني ؟
3- ازمة الاقتصاد العراقي الذي بني على نظام المحاصصة والفساد الذي وضعه الحاكم المدني الامريكي ( برايمر ) واعتماد اقتصاد وحيد الجانب ( اقتصاد ريعي ) ناتج عن بيع النفط الخام دون انعاش الاقتصاد على القطاعات الانتاجية الاخرى كالزراعة والصناعة والتعدين والاستفادة من الفائض في اسعار النفط التي يجب ان يستفاد منها في تنمية الزراعة والصناعة لا ان تجمد في احتياطي العملة الصعبة ( الدولار ) والذي قد يصاب بالشلل عندما ينهار الاقتصاد الأمريكي لا سيما وان امريكا بدأ اقتصادها ينهار بعد انفضح دورها في تدخلاتها في شؤون الدول الاخرى واعمالها الاجرامية بإنتاج الاسلحة البيولوجية ونشر الامراض المختلفة في دول العالم وما تم الحصول عليه من معلومات خطيرة من المختبرات الجرثومية في اوكرانيا ومن دول اخرى . ان هذه الجرائم ضد البشرية سوف تضعف الاقتصاد الامريكي وبالتالي تهبط اسعار الدولار , علما بأن الدولار هو مجرد ورق وليس لديه غطاء من الذهب فانهياره سريع .
4- الأزمة السياسية , ان العملية في العراق والتي بنيت على نظام المحاصصة والفساد فلابد من تغييرها مهما طال الزمن لأن هذا النظام بحد ذاته يخدم مصالح المتنفذين ودول الجوار وامريكا ومن سار في فلكها على حساب مصلحة الشعب العراقي .
ان الفساد يزداد باستمرار بسبب فساد المتنفذين , ومن الملاحظ في جميع دورات مجالس النواب تأخير انعقاد المجالس وبالتالي تأخير انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة واعداد الموازنة الاتحادية , وهذه جميعها ضد مصلحة الشعب العراقي , فلابد من تغيير نهج المحاصصة السائد ببديل يتبنى مصلحة الشعب وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاسبة الفاسدين والمتحاصصين ومحاكمتهم محاكمات عادلة .