نظمات الحرب الحديثة و الحرب النووية / محددات الصراع النووي بين منظومة حلف الناتو و روسيا ..


حسام تيمور
2022 / 5 / 8 - 18:06     

في الحرب النووية نتحدث فقط عن الضربة الاولى، و الضربة الأخيرة، او الضربة الانتقامية..
الضربة الاولى هنا تهدد بها روسيا دول فرنسا و بريطانيا و المانيا .. و دول أخرى من قبيل بولندا و فلندا بشكل محدود .
الروس لم يصلوا بعد الى مرحلة اللاعودة، او "لا شيء لخسارته" كما يروج الغرب المهزوم المترنح في مواخيره الاعلامية، و اذياله الرخيصة، تأويلا للاندفاع الروسي، و ليس قادرا كذلك، و كما صرح "بوريس جونسون"، على الوصول الى نفس عتبة الفعل او التلويح و التهديد، و ذلك بحديثه عن أن الروس يفكرون و كأنهم وحدهم من يملكون سلاحا نوويا، و ان "بريطانيا" كذلك تملك ترسانة نووية، و يمكنها استخدامها، و قس عليه باقي دول المنظومة، من فرنسا الى المانيا، قبل أن ينهي كلامه بالقول؛ بان على الروس التفكير في هذا كذلك او التفكير بهذه الطريقة !
مهلا .. هل ما فات الروس هو التفكير بهذه الطريقة ؟ أو ان هذا ما فات الغرب نفسه، ان يفكر بهذه الطريقة ؟ حيث يملك سلاح البحرية البريطاني غواصات نووية عتيدة، لا تضاهيها الا الغواصات الالمانية، و بعدها الفرنسية، مع عشرات او مئات الرؤوس النووية المصرح بها ؟
لكن ما الذي يعنيه فعليا، الرد البريطاني، أو الغربي، على هجوم نووي روسي محتمل جدا كما يحاكيه الاعلام الروسي، و القاضي بمحو باريس و لندن و برلين في دقيقتين ؟

ننطلق من ان ترسانة الهجوم و الردع النووي مملوكة لدى كافة اطراف النزاع و باشكال مفعلة و فعالة، و جاهزة للهجوم او حتى الرد، بعد تلقي الضربة الاولى، التي يفترض ان تكون شاملة الأثر، بمعنى التدمير الكلي للجغرافيا او النطاق الجغرافي الحيوي، و بمعنى محو بلد او عاصمة.
هذا امر مؤكد لدى الدول الثلاث، بحكم امتلاكها لغواصات نووية متقدمة، و قادرة على انجاز الضربة الاخيرة/الانتقامية، بكل فعالية و دقة و تحت اي ظرف !
لكن ما الذي سيمنع هذه الضربة الاخيرة، او ما الذي يجعل من هذه الدول الثلاث، كالايتام في مادبة الدب الروسي اولا، و الضبع الأمريكي ثانيا ؟
بشبه اليقين، ليست قوى الروس و مواردهم العسكرية الدفاعية او الهجومية الهائلة، التي تستطيع كل شيء، إلا تجنب تلك الضربة الاخيرة.
نتحدث هنا عن المنع الذاتي، او الضعف الناجم عن تكتل المصالح و الموارد، و المسمى ب "الناتو" تحت المظلة "الامريكية" !
هنا نجد "الولايات المتحدة" و موقعها من الاعراب وسط كل هذا الحريق !
هل ترد الولايات المتحدة ؟!
نطرح السؤال بطريقة اخرى،
هل تسمح الولايات المتحدة، او القيادة المركزية لحلف الناتو، هل تسمح لبقايا من بقي، من القوات النووية الاستراتيجية، للدول الثلاث هذه او غيرها، بتنفيذ الضربة الاخيرة ؟
الضربة الاخيرة الموجهة نحو الروس هنا، ستوجب كذلك ضربة اخيرة يقوم بها الروس، دون رادع .. باعتبار ان تلك الضربة الاخيرة الغربية، او الانتقامية، ستعتبر هجوما او ضربة هجومية موجهة من قبل باقي دول الحلف، و معها الولايات المتحدة طبعا و في المقدمة !
الضربة الروسية الاخيرة تعني نهاية كل شيئ، محو الولايات المتحدة من الخارطة، و احراق باقي اوروبا !
هل تريد امريكا الوسخة هذا ؟ طبعا لا !
لن تقبل به، و لن تسمح به، و باي طريقة، باعتبار انها تملك ازرار و مفاتيح الردع النووي الاستراتيجي، للدول الاعضاء في حلف الناتو، او ان لديها تحكما مباشرا، في المنظومة العسكرية العميقة لهذه الدول، في اطار بروتوكولات حلف الناتو !
و هذه هي المعادلة التي لا يريد احد الحديث عنها في الغرب !
هذا الغرب المسكين الرخيص رخيص جدا، حتى في نظر الولايات المتحدة التي تستعمله ك "اوكرانيا" ثانية.

هل يمكن سماع الامريكيين يهمسون بينهم، أنه، بامكان الروس احراق برلين و باريس و المملكة المتحدة، و لن نرد عليهم، و لن نسمح بأي رد.

سنكتفي فقط بجني ما يمكن من مكاسب، و ذلك حتى قبل الصلاة على الخراب الشامل، و ليغفر الرب للجميع !