القاص صبحي دسوقي.
عايد سعيد السراج
2022 / 4 / 26 - 01:41
صبحي دسوقي ، وعالم القص .
المرحوم القاص والروائي .صبحي دسوقي - كتب القصة منذ أوائل
السبعينيات في الصحف والمجلات السورية والعربية - وهو عضو في
اتحاد الكتاب العرب السوريين – سابقا ًونشط في مجال الأدب والثقافة -
يكتب القصة القصيرة مركزا على الحدث وعمق الموضوع ويهتم بالتفاصيل
الصغيرة في عالم الحياة ، ويجعلك تذهب معه في عالم السرد الجميل
ليدخلك في عالم التفاصيل الدقيقة للجغرافيا (جغرافيا المكان ) الذي
يجعلك الكاتب ، تتعامل معه بحميمية خاصة ، فالسرد عنده هادئ وبسيط
ودافئ ومتجذر في عمق الحياة ،انسيابية ، جملة رشيقة ، وعالم
متوازن بين ذات ،الكاتب ،والموضوع ،فالخصوصية لديه تتحول الى
حالة عامة ،ويحس القارئ ان الموضوع يهمه ، وكأن شخوص ،
صبحي دسوقي، هم شخوص الحياة بل هم شخوص الواقع المتخم
بالخيبات ، والانكسارات ، والهموم الحياتية التي تخنق الأبطال في
عوالم قصص الكاتب ، الذي خبر عوالم شخوصه وراح حرفه يخط لهم
حياة رسمها الكاتب بدراية عميقة ، في عوالم الشخوص العفوية ،والتي
تبدو للقارئ انها مرسومة باتقان ، لانها مكتوبة بيد قاص خبر
الكتابة وفنها ، وعرف كيف يوظف الشخوص والأحداث ، والزمان
والمكان ‘ وهنا نحن بصدد إلقاء الضوء على قصة ( من مذكرات رجل
مهم ) التي يأخذنا بها الكاتب الى عالم الانذال حيث يسلط الضوء على
بطل القصة ، الذي كل همه الوصول الى غايته ،في السلطة ،والمال
والجاه ، مستغلا اهله وخاصة (زوجه ) التي تملك الجمال الفائق واخته
التي يجعلها تفعل كل شيئ من اجل غاياته، وانتهازيته ، في الوصول
الى عالم المال والشهرة الزائف ، دون أي وازع من ضميراو قيم إنسانية
لنأخذ مقطع من قصة ( من مذكرات رجل مهم ) مثالاً
{ أنا مضطر دائما إلى توجيه الشتائم إلى من دفعني لتعود هذه العادة التي
بدأت تسيء إلي ّ بعد أن وصلت إلى ما وصلت إليه من مجد ومال ، كان
المعلم يحرضنا على كتابة مذكراتنا وتسجيل انطباعاتنا حول ما يجري في
حياتنا البسيطة ، وكنت من الذين يحصلون على علامات متميزة ، لأنني
كنت أسجل كل ما تراه عيناي ، وما أحسه تجاه الموجودات ، وكانت
تشغلني بعض الأفكار الساذجة التي بدأت أكرهها وأتذمر من مجرد
تذكرها ، كالطير والربيع والأغاني وحب الآخرين والتضحية من أجل
إسعادهم ، هذه السخافات بدأت تنحسر من الذاكرة لتحل محلها الأمور
العملية التي تحقق تفوق الإنسان } وفي مقطع آخر
{ لماذا لا يضحي الجميع بكل إمكانياتهم من أجل اسعادي ، حتى تذكري
لأعمالي السابقة كبيع أوراق اليانصيب ، ثم عملي كمستخدم ، فقد اشتريت
ومنذ فترة شهادة كبيرة ، زينت فيها غرفتي }
( من يملك قرشا ً يساوي قرشا ً )
وهكذا سوف نرى كيف يستمر القاص والأديب – صبحي دسوقي – مع
هذه الشخصية المريضة والمتزامنة مع واقع مريض يُبرر لهولاء
الشخوص فعل أي ّ شيئ وكل شيئ خارج كل الأعراف والقيم
الإنسانية ،فالقـصة هي بصقة في وجه علاقات مريضة ،عنوانها الجنس
الرخيص المترابط مع سلطة رَخّصت كل أسباب وجود الأمراض
الاجتماعية لاستمرارها ، وتَكَوّن أهم أسباب بقائها على أساس المصلحة
المشتركة بين الحاكم والمحكوم ، على حساب القيم الأخلاقية المجتمعية ،
وهنا يستطيع القاص :صبحي دسوقي - ان ينير لنا جانبا مهما ً من
واقعنا المعاش بقصة قصيرة لاتتجاوز الصفحتين ،بأسلوب جذاب ولغة
مفهومة وسلسة وبسيطة وجذابة ومتقنة وذات مضامين عميقة ،
فيها الحدث هو مركز الْـجَذْب ، مُعَرِياً شخصية معقدة ومتناقضة
وتبريرية ، بشفافية الكاتب الداري بمضامينها واسرارها
24 /4 /20015 م