مقولة -لا طلاق إلا لعلة الزنى-


كمال غبريال
2022 / 4 / 15 - 21:13     

تلك التي يتمسك بها أسيادنا أصحاب القداسة الأقباط الأرثوذكس،
وحولوا بها الزواج المسيحي إلي سجن وأشغال شاقة مدى الحياة.
وتتحول بها حياة الزوجين المختلفين في الشخصية وأنجالهما إلى جحيم.
كما يدفع الإصرار عليها قيام بعض نساء الأقباط هروباً من جحيم رباط الزوجية، بالإقدام على مغامرات، تثير الفتن، وتهدد السلام الاجتماعي، لشعب يعيش مرحلة انتكاس وانكفاء حضاري.

لا أهدف بهذه المقاربة أن أستخلص من نص مقدس نتيجة تفيد الناس.
فيقيني أن صالح البشر هو في إعمال عقولهم في سائر مناحي الحياة، متسلحين بالمنهج العلمي في التفكير.
وليس باللجوء للتراث مقدساً كان أم غير مقدس.
وبالاستعانة بأبحاث العلماء في سائر المجالات،
وليس بحملة المباخر أصحاب اللحى والعمائم المقدسة.
أردت هذه المقاربة العقلانية، التي أتحدى بها أصحاب العمائم المقدسة، أن يستطيعوا دحضها بالمنطق والعقل.
لأفضح لهم وللناس فشلهم في فهم النصوص الدينية،
سواء كان هذا الفشل لقصور إدراكهم،
أم كان فشلاً متعمداً،
ليستخرجوا بالكذب من النص المقدس ما يتحكمون به في رقاب ومصائر البشر.
وإليكم رؤيتي لكلام يسوع كما ورد في الأناجيل عن مسألة الطلاق:

أولاً يسوع قال السبت من أجل الإنسان، وليس الإنسان من أجل السبت.
يعني الشريعة من أجل الإنسان، وليس الإنسان من أجل الشريعة.
صالح الإنسان هو ما يقصده يسوع، لأنه جاء كما قال لتكون لنا حياة ويكون لنا أفضل.
لهذا كسر يسوع شريعة موسى في تقديس يوم السبت، والتي كان عقابها الموت، لكي يشفي الأعمى.
كان يقصد كسر الشريعة من أجل الإنسان،
وإلا كان يمكن أن ينتظر ليشفيه بعد السبت.
صالح الإنسان متغير بتغير الظروف.
قديماً كان طلاق الزوجة بمثابة إعدام معنوي لها، لقطع مورد إعالتها.
الآن مع عمل المرأة اختلف الوضع.
كان يسوع يهدف لحماية المرأة،
وليس تحويل رابطة الزواج لسجن أبدي.
ثم أن يسوع لم يكن مشرع شرائع كما يدعون.
كان داعية مبادئ أخلاقية سامية،
والسمو لا تقام عليه قوانين وشرائع،
هو مؤشر للإنسان لكي يسعى للسمو، وليس أمراً قانونياً ملزماً.
فأقواله عمن نظر لإمرأة ليشتهيها أو من أعثرته عينه أو يده ليست شرائع بل وصايا سامية، وجاءت في نفس عظة موضوع الطلاق.
وهذا ينطبق أيضاً على قول يسوع أن من تزوج بمطلقة يزني.
كلها تعبيرات مجازية تشير لسمو أخلاقي. وليست شرائع أو قوانين ملزمة.
أخيراً: لم يقل يسوع "لا طلاق". بل قال "من طلق". وهذا يعني وجود طلاق، لكنه يوصي الناس ألا تطلق.

ليس ما ورد أعلاء تأويلاً يكسر عنق النص، ليستخرج منه ما نريد فرضه عليه من أفكار مسبقة.
فالخبرة بأسلوب يسوع في عظاته،
وكلامه بأمثال كثيراً ما تكون غامضة على الجمهور. وتعبيراته المجازية مستحيلة التطبيق العملي في الواقع.
هذا يجعل المنهج الذي اتبعناه في هذه المقاربة،
هو المنهج الوحيد لفهم يسوع وفكره ووصاياه.