وحدانية التطور الرأسمالي والتناقضات الدولية


لطفي حاتم
2022 / 4 / 13 - 15:19     

لا يمكن للرأسمالية ان تتطور دون توسعها وتتلازم سمة التوسع بخصائص جوهرية أهمها روح المنافسة الرأسمالية وما تشترطه من بنية عسكرية قادرة على الامتداد الخارجي وصولا الى الهيمنة الدولية.
- شرعية التوصيف المشار اليه تستمد واقعيتها من وحدانية التطور الرأسمالي وروحه الحربية المرتبطة بالتدخلات العسكرية.
استنادا الى ذلك التوصيف العام نحاول التوقف عند بنية التشكيلة الرأسمالية العالمية وتأشير مكانة مستواها الثالث المتمثل بالدول الوطنية ومواقعه في السياسية الدولية معتمداً على المنهجية التالية --
أولا – التوسع الرأسمالي والتناقضات الدولية.
ثانيا – التوسع الرأسمالي والدول الوطنية.
ثالثا – الدولة الوطنية وبنائها الديمقراطي.
استناداً الى المفاصل المعتمدة نحاول ملامسة مضامينها بموضوعات عامة مكثفة--
أولا – التوسع الرأسمالي والتناقضات الدولية
- افضى انهيار نهج التطور الاشتراكي والسيادة الدولية لوحدانية التطور الرأسمالي الى كثرة من التبدلات أهمها -
1- السيادة الدولية لوحدانية التطور الرأسمالي وما انتجته من ترابط طوابق التشكيلية الرأسمالية العالمية المتمثلة ب- دول الرأسمالية المعولمة - الدول الرأسمالية المتطورة ومستوى ثالث متمثلا بالدول الوطنية.
2- ترابط العوالم الثلاث افضت الى تركز المنافسة الدولية بين الدول الرأسمالية الكبرى حول الاستحواذ على الاسواق الوطنية وثرواتها الوطنية.
3- تتركز النزاعات الدولية بين الدول الوطنية وبين الدول الرأسمالية المتطورة حول صيانة الاستقلال الوطني والتطور الديمقراطي ومناهضة نهوج التبعية والتهميش والالحاق.
ان التناقضات المشار اليها تشترط المنافسة بين الدول الرأسمالية وما تنتجه من صدامات دولية وحروب أهلية والحفاظ على النظم الإرهابية.
أخيرا تقود وحدانية التطور الرأسمالي الى التوسع بهدف الهيمنة على تطور مستويات التشكيلة الرأسمالية العالمية وما يفرزه ذلك من نزاعات دولية.
ثانيا – التوسع الرأسمالي والدول الوطنية.
- انتقال التناقضات الرئيسية من مرحلة ازدواجية خيار التطور الرأسمالي الى تناقضات وحدانية التطور الرأسمالي المتسم بالهيمنة والتفرد بصياغة التطور الرأسمالي المتسم بالهيمنة والتسلط.
- احتدام التناقضات الدولية بين التطور المنبثق من سيادة الدول وحرية بنائها الديمقراطي وبين سياسة الهيمنة والالحاق يشكل المحتوى الأبرز للعلاقات الدولية.
- سيادة المنافسة بين دول الرأسمالية المعولمة العابرة للحدود الوطنية تساهم في إنعاش النزعات القومية المتشحة بالوطنية للدفاع عن المصالح الأساسية لتطور البلاد الوطنية.
-- بهذا السياق تزدهر نزعات التطرف اليميني المتشح بالإرهاب في الدول الوطنية والهادف الى بناء دول مناهضة للديمقراطية السياسية وما يشكله ذلك من تجاوب والمساعي الرأسمالية الهادفة الى السيطرة الدولية.
- ان تلازم الارهاب في الدول الرأسمالية وانحسار البناء الديمقراطي للدولة الرأسمالية وتواصل النظم السياسية الإرهابية في الدول الوطنية ينبعان من ذات المنبع السياسي الذي تنتجه الرأسمالية المعولمة المتسم بالتبعية والالحاق.
ان انتقال التناقضات من العالم الاشتراكي المنهار الى المنافسة بين الدول الرأسمالية الكبرى حول الهيمنة والتسلط تأخذ ابعاد سياسية دولية تتجلى ب--
ا- التناقضات الأساسية بين الدول الرأسمالية الكبرى وبين دول العالم الثالث تتجلى عبر سياسية التدخل في الشؤن الوطنية.
ب- التدخلات الدولية في الشؤن الوطنية تتجلى بالحروب الاهلية وسيادة النظم السياسية الديكتاتورية.
ج- تهدف التناقضات الأساسية الى تقسيم البلاد الى أقاليم طائفية بهدف السيطرة على الثروات الوطنية واجهاض وحدة القوى الديمقراطية.
د- تسعى التدخلات الدولية الى منع وحدة البلاد الوطنية المناهضة للرأسمالية المعولمة ونتائجها التخريبية.
ان النزاعات الدولية والحروب الاهلية متلازمة والتطور الرأسمالي ولا يمكن تحجيمها الا بالكفاح الوطني الديمقراطي المناهض للعولمة الرأسمالية ووحدانية التطور الرأسمالي.

ثالثا – الدولة الوطنية وبنائها الديمقراطي.
-إزاء وحدانية التطور الرأسمالي وسيادة قوانين المنافسة الدولية تنبع أهمية بناء عدة فكرية – سياسية جديدة تستمد واقعيتها من مواجهة السياسات التي تفرزها قوانين الرأسمالية المعولمة.
- انطلاقا من ذلك لابد من دراسة لوحة المصالح الدولية المتناقضة واستنباط الوسائل القادرة على مكافحة قوانين التبعية والالحاق عبر رؤى فكرية سياسية يتصدرها اعتماد برنامج وطني ديمقراطي يستمد معطياته من المنطلقات الفكرية - السياسية التالية-
أولاً -- تحديد طبيعة العصر وتأثير الرأسمالية المتسمة بالهيمنة والالحاق على الدول الوطنية.
ثانياً-- بناء تحالفات وطنية وتسمية قواها الاجتماعية وتحديد قيادتها السياسة – الطبقية وقدرتها على مناهضة الهيمنة الرأسمالية وتحجيم سياسة الطبقات الفرعية.
ثالثاً- صياغة برنامج وطني – ديمقراطي يعتمد كما أرى على الموضوعات التالية -
أ- إعادة بناء الدولة الوطنية على أسس الشرعية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة السياسية.
ب- بناء نهج التوازنات الاجتماعية عبر توازن مصالح الطبقات الاجتماعية الفاعلة في الإنتاج الوطني والعاملة على حفظ سيادة البلاد الوطنية.
ج- مناهضة النهوج السياسية الهادفة الى التحالفات مع القوى الخارجية والساعية الى تقسيم البلاد الى أقاليم طائفية.
د- مناهضة التدخلات الدولية في الشؤن الوطنية ومعارضة الانضمام الى التحالفات العسكرية.
ه- اقامة تحالفات دولية تستند على احترام السيادة الوطنية ومناهضة الهيمنة الدولية.
- ان الموضوعات الفكرية – السياسية المشار اليها تشكل دالات قادرة حسب ما أرى على صيانة الدولة الوطنية من التبعية والالحاق فضلاً عن تمتين وحدتها الوطنية المبنية على التحالف الديمقراطي والبناء الفدرالي للدولة الهادف الى صيانة المصالح الوطنية والقومية للطبقات والقوميات المتآخية في التشكيلة الاجتماعية الوطنية.
ان الدالات الواردة يمكن اعتبارها رؤى لبرنامج وطني ديمقراطي بديلا عن البرامج المثالية التي وسمت النشاط السياسي للأحزاب لثورية وبذات الوقت تتمكن الطبقات الاجتماعية من الدفاع عن مصالحها الطبقية التي تتجاوب ومصالح البلاد الوطنية.
أخيرا لابد من القول ان الرؤى الفكرية والسياسية المشار اليها تشكل دالات قابلة للتغيير والتبديل والتعديل وفقا لما هو منسجما لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية المناهضة للهيمنة الرأسمالية وقوانيني التبعية والالحاق.