هل يتوفر الأمن الغذائي في العراق ؟


عادل عبد الزهرة شبيب
2022 / 4 / 6 - 19:37     

يعني الأمن الغذائي , توفير الغذاء لجميع افراد المجتمع لتأمين احتياجاتهم بصورة دائمة ومستمرة ودون اي نقص , ويعتبر بأن الأمن الغذائي قد تحقق فعلا عندما لا يخشى الفرد الجوع او انه لا يتعرض له . وتقوم الدولة عادة بإنتاج الغذاء داخل اراضيها بمستوى يتساوى مع الطلب المحلي ومعدلاته او قد يفوقها احيانا , اي بمعنى اخر تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل. فالدولة تقوم بإنتاج او استيراد ما يحتاجه الشعب من سلع وغذاء بشكل كلي او جزئي .
اذن مفهوم الأمن الغذائي يشير الى ضرورة توفير ما يحتاجه الأفراد من منتجات غذائية سواء عن طريق الانتاج الداخلي او الاستيراد من الدول الاخرى , ولابد من توفير المواد الغذائية بشكل مستمر وبأسعار مناسبة للمستهلك .
لقد شهد العالم في الآونة الأخيرة تدهورا في الأمن الغذائي حيث يعاني اكثر من ( 950 ) مليون فرد من الجوع حول العالم , وما زاد من الأمر صعوبة هو عدم القدرة على رفع مستوى الاستغلال للأراضي الزراعية , والتغير المناخي اضافة الى ندرة المياه وعدم الاستقرار السياسي والحروب .
وفيما يتعلق بأبعاد الأمن الغذائي , فلابد من توفر الأبعاد التالية :-
1) التوفر : اي ضرورة توفر الغذاء بكميات تكفي عدد الأفراد في المجتمع وزيادة وان يكون ذلك من ضمن المخزون الاستراتيجي للدولة .
2) مأمونية الغذاء : وتعني ضمان صحة الغذاء وسلامته وصلاحيته للاستهلاك البشري .
3) امكانية الحصول عليه : وهو ان تكون اسعار السلع والمنتجات في متناول يد الأفراد او امكانية تقديمه للأفراد على شكل معونة للطبقات الاكثر فقرا في المجتمع .
4) الاستقرار : وتعني هذه الفقرة ضرورة الحفاظ على اوضاع الغذاء وضرورة توفر الأبعاد الثلاثة السابقة مع بعضها البعض دون ان يحدث عليها اي تغيير .
وبخصوص تحديات الأمن الغذائي :
1) المعاناة من ازمة المياه العالمية .
2) عدم الاهتمام بالأراضي الزراعية واهمالها تماما .
3) تقلبات المناخ وتغيره .
4) اصابة النباتات بالأمراض وعدم مكافحتها .
5) تفشي الفساد والظلم بين افراد المجتمع .
6) التضخم السكاني الكبير .
وفيما يتعلق بالأمن الغذائي في العراق فإنه يواجه خطر انعدام الأمن الغذائي وهذا ما دعا رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي الى عقد اجتماع لمجلس الوزراء للتداول في موضوع الأمن الغذائي في العراق حيث وجه بتأمين الخزين الاستراتيجي للمواد الغذائية الأساسية , وناقش الاجتماع ضمان تحقيق الأمن الغذائي وجهوزية الوزارات لتحقيق ذلك في ظل ازمة الحرب الروسية – الاوكرانية , اضافة الى مناقشة وضع المياه في العراق والتوجيه بتأمين الحصص المائية المطلوبة لزراعة المحاصيل الزراعية ولا سيما الأساسية منها .
وبشأن ارتفاع اسعار المواد الغذائية في السوق العراقية , ترى وزارة التجارة العراقية ان السبب الرئيسي لارتفاع اسعار المواد الغذائية هو الحرب بين روسيا واوكرانيا حيث انهما من اكبر المنتجين للحنطة وللمواد الغذائية الأساسية في العالم اذ تسيطران على ما نسبته 30 % من انتاج الحنطة والمواد الغذائية العالمي . وان بعض الدول ونتيجة التخوف من استمرار الحرب لفترة طويلة منعت تصدير المواد الأساسية . وفي ظل الطلب العالمي المتزايد وقلة المعروض ارتفعت الأسعار , وهذا الأمر اثر على العراق ايضا .
يتطلب مواجهة ارتفاع الأسعار في العراق اجراءات حكومية فاعلة لدعم مواد السلة الغذائية : الطحين , الزيت , السكر , الرز , البقوليات , وبقية المواد الاخرى . وضرورة اصلاح المؤسسات الحكومية عموما حيث تعاني من غياب الكفاءات ومن المحاصصة والتعقيدات بسبب البيروقراطية , ولذلك تحتاج الحكومة العراقية الى اصلاح سريع على مستوى المؤسسات والسياسات .
يتميز العراق اليوم بزيادة عدد سكانه مما يتطلب الاهتمام والتركيز على الأمن الغذائي حيث زاد عدد السكان من ( 23,5 ) مليون نسمة في عام 2000 إلى نحو ( 39 ) مليون نسمة في عام 2019 , ما يعني زيادة بنسبة 66 % في غضون 20 عاما . وتبقى الامدادات الغذائية المنتجة محليا والمستوردة دون القدرة على مواكبة النمو السكاني , وتزداد هذه المشكلة تفاقما بسبب الاضطرابات السياسية وغياب الاستقرار واستمرار النزاعات حيث لم تتشكل الحكومة لحد الان بسببها , اضافة الى سوء ادارة موارد الدولة لاعتماد نهج المحاصصة الطائفية وغياب الرؤى الاستراتيجية .
لقد ازدادت الامدادات الغذائية في العراق من ( 13,8 ) مليون طن في عام 2000 إلى 20 مليون طن في عام 2019 بحسب التقديرات اي بنسبة 44% . وفي الوقت نفسه ازدادت اعداد السكان في المدن العراقية بمعدل الضعف تقريبا خلال العقدين المنصرمين بسبب النزوح من الأرياف لسوء اوضاعها وتدهور الزراعة فهاجر , كما كان للتغير المناخي اثر سلبي على المجتمعات الزراعية سكان الريف الى المدن بحثا عن عمل . وادى تراجع الامدادات المائية في نهري دجلة والفرات بسبب السياسة المائية لإيران وتركيا , وارتفاع نسبة الملوحة في سطح الماء الجوفي الى ازدياد التصحر والتأثير على الزراعة . هذا وبسبب سوء الاوضاع الاقتصادية والسياسية في العراق جعلت نحو عشرة ملايين شخص يعيشون تحت خط الفقر حسب دراسة للبنك الدولي ووزارة التخطيط العراقية. كما لا يمكن فصل انعدام الأمن الغذائي في العراق عن تحكم قوى سياسية وميليشيات مسلحة مرتبطة بإيران , ولا يبدو ان هذه الميليشيات تكترث بما جلبته على الشعب العراقي من كوارث .
ان مسألة توفير الأمن الغذائي للعراق باتت مسألة ملحة وضرورية ولابد من الاهتمام بها وحماية الشعب العراقي من نقص الغذاء في الوقت الراهن مع تأمن الغذاء للمستقبل ايضا . ولابد من اتخاذ الاجراءات العملية العاجلة والفاعلة وحث دول الجوار ايران وتركيا على الالتزام بالمواثيق الدولية الخاصة بالدول المتشاطئه واتخاذ الاجراءات اللازمة تجاه ايران وتركيا بشأن سياستها المائية خاصة وان معظم تجارتنا مع ايران ف( ساخت ايران ) تغزو السوق العراقية وكذلك الحال بالنسبة الى تركيا.