الشعب يريد اسقاط الانقلاب وبيرتس يبحث مع البرهان عن مخرج


محمود محمد ياسين
2022 / 4 / 5 - 19:39     

على خلفية تهديد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بطرد فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان” يونتامس“، عقد الرجلان اجتماعا (4 أبريل) أعقبه تصريح لمجلس السيادة السوداني جاء فيه إن فولكر بيرتس” أبدى استعداده لمراجعة أية معلومات غير دقيقة وردت في التقرير الذي قدمه لمجلس الأمن الدولي“. وفى نفس الوقت صرح بيرتس انه ناقش مع البرهان” سبل الخروج من الأزمة السياسية، وتحقيق الانتقال الديمقراطي، وتهيئة بيئة مواتية للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والإيقاد“، مضيفا انه ناقش مع البرهان “سبل الخروج من الأزمة السياسية، وتحقيق الانتقال الديمقراطي، وتهيئة بيئة مواتية للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والإيقاد. “

ان التزام بيرتس للبرهان بانه مستعد لمراجعة بعض ما ورد في احالته التي قدمها لمجلس الامن (على حسب تصريح مجلس السيادة)، وتصريحه هو نفسه بانه على استعداد للتفاوض مع العسكريين حول إيجاد حل لازمة البلاد، وبالتحديد تحقيق الانتقال الديمقراطي، ينم عن أن رئيس بعثة يونتامس يمارس أسلوبا مخادعا. فبعد تحميله في إحالته لمجلس الأمن مسؤولية تردى الأوضاع في السودان لسلطة الانقلاب، يبدى بيرتس استعداده لمراجعة المعلومات التي أوردها عنها ومناقشة قادتها حول احراز للديمفراطية.

ذكرنا في مقال سابق ان الانقلابين يسعون الى أن تكون أي هيكلة قادمة للحكم يجب أن تلتزم بالحفاظ على سياسة حكومة حمدوك المقالة التي وضعت القرار السيادي في يد القوى الخارجية، وهو، بالطبع، موقف يتطابق مع ما تسعى اليه "قحت".

إن التجاذب بين البرهان وبين بيرتس ليس أكثر من مناوشة مضللة. فالتصريحات الأخيرة لبيرتس المسايرة للبرهان واحالته لمجلس الامن التي كشفت تماهيه مع "حقت" تبين أن حقيقة ما يقوم به هو العمل على إعادة صيغة الشراكة السابقة بين العسكريين وبين "قحت" (ربما في نسخة معدلة في الشكل فقط).

ولكن ما يهم من تصريحات بيرتس الأخيرة الخاصة باستعداده التفاوض مع الانقلابيين هو تعارضها مع ارادة اغلبية بنات وأبناء الشعب السوداني المصطف بكل قطاعاته حول عدم جدوي التفاوض مع العسكريين وإمكانية القبول باستمرار سلطتهم العسكرية او اعادة حكم شراكتهم مع "قحت".

وأكثر أهمية، هو ان التصريحات المختلفة حول يونتماس يجب ان لا تصرف الأنظار عن الموقف المبدئ من البعثة. فمثلا، إن الاستجابة لاستطلاعات فولكر بيرتس، حول الدولة المناسبة للسودان، من قبل بعض الاحزاب وأطراف أخرى والتعاون معه عموما يعطي وجود بعثته شرعية لا تستحقها؛ فالبعثة تم استدعاؤها في يناير 2020 بمبادرة من دولتين اوربيتين (إنجلترا وألمانيا) وبمساعدة رئيس الوزراء آنذاك عبد الله حمدوك في غياب تام لمؤسسات الدولة. ومن السذاجة التعويل على الأمم المتحدة في حل ازمة البلاد بشكل يتوافق مع مصالحها وان مساعي المؤسسة الدولية لا تخرج عن ما يريده الكبار، الذين يتسيدون الساحة السياسية في العالم، وهو الحفاظ على الحالة الراهنة (status quo) المتسمة بسيادة وطنية مهدرة تجعل البلاد خاضعة تماما لمشيئتهم؛ وهو الوضع الذي تسببت فيه الحكومة الانتقالية المنقلب عليها. ويكفينا أن نأخذ الدروس حول أداء الأمم المتحدة من أدوارها الراهنة في سوريا وليبيا واليمن!
---------------
وكلمة لا بد منها حول محمد الحسن ولد لبات، مبعوث الاتحاد الأفريقي للسودان، الذي التحق ببعثة يونتامس في إطار قرار اتخذ للتنسيق بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي من أجل حل الأزمة السودانية؛ وجدير ان قرار الحاق ولد لبات بالبعثة حظي حينها بترحيب كبير من قوى الحرية والتغيير التي أصدرت بيانا بالمناسبة في مطلع مارس 2022.

محمد الحسن ولد لبات شخصية ذات علاقات قوية بدوائر المخابرات الغربية، ثم ما هي قدراته ومداركه ليحدد مصير دولة غنية بسياسيها ومثقفيها وعلمائها كالسودان. سياسيون ومثقفون وعلماء لا يمكن أن يكون ود لبات الا تلميذا لهم!! ولماذا ود لبات مرة أخرى وهو أحد واضعي صيغة المشاركة التي تمت في 2019 بين الجيش السوداني والجنجويد وقحت وتمخضت عن حكومة مقيته أذاقت الشعب السوداني شتى ألوان العذاب والويلات واهدرت سيادة السودان كما لم يحدث من قبل.... حكومة تطاولت على المال العام بصورة لا مثيل لها في تاريخ السودان الا في نهب أموال البترول على يد نظام الإنقاذ المباد. وبجانب علاقاته المشبوه تلك، فان ولد لبات لا يسعى الا لتحقيق مكاسبه الشخصية، ففي خطوة للتربح من اشتراكه في المفوضات بين المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير في السودان في 2019 ، ألف ولد لبات وصدر له كتابا (السودان على طريق المصالحة) يكشف فيه، بلا أدنى وازع أخلاقي ، اسرار تلك المفاوضات؛ وكانت تلك خطوة تدل على عدم أمانته وفيها استخفاف بالسيادة السودانية (و افشاء اسرار البلاد).