تعليق على جريمة (11) سبتمبر ؟


احمد مصارع
2006 / 9 / 11 - 10:19     


لا أحب التنظير السياسي والأخلاقي للعداوات بين البشر , لأنني أريد لها أصلا أن لاتكون , فالقوة الأخلاقية الإنسانية للضعيف تصلح أبدا , لتكون معادلا للقوة الغاشمة المؤقتة , والأمثلة معروفة ..
آلاف الضحايا التي عانت الألم والرعب الشديد , ومعظمهم مات بشكل مأساوي رهيب الى درجة الغموض , ومضت أرواحهم مخلفة لعنة الموت بغير أي وجه حق , لكل واحد منهم , فشكلت هما موجعا للضمير الإنساني , الذي طالما اهتز من هول الجرائم ضد البشرية الآمنة , لقد كان بحق اتجاه العمل الإجرامي خاطئا , في استهداف أرواحا بشرية آمنة , لاذ نب لها بل ولاحول لها أو قوة , لمجرد كونها تتواجد لحظتها لحظة غفلة , في أبنية تمثل رمز التجارة العالمية , التي طالما عملت على إنقاذ الأرواح البشرية من كافة أنحاء العالم , وبخاصة أثناء الكوارث الطبيعية , وكانت رمزا للعولمة الهادفة الى تطوير وتحسين الشروط المعيشية للعالم الفقير والمضطرب , ودون الخوض في تفاصيل العلاقة بين السبب والنتيجة , ومن هو المسئول عن اضطراب وخلل الوضع الدولي , إلا أن استهداف أبراج التجارة العالمية , هكذا بشكل فظيع , ليس له أي مبرر على الإطلاق .
كان العمل بحد ذاته , بغض النظر عن الجهة الفاعلة , بمثابة اعتداء على أحد مراكز التطور والتقدم , على الحضارة المدنية , بطريقة عقلية مبتكرة وبحس وحشي بدائي , معاد للعصر , بطريقة فاقت كل التصورات ..
رب قائل : يداك أوكتا وفوك نفخ , لتحميل العقل السياسي الأمريكي كامل المسؤولية عن مثل تلك الأعمال الإجرامية ,التي تدور رحاها في مختلف أصقاع العالم , ومن نوع القول : هذا الكعك الجهنمي من تلك العجينة , أو وفقا للدعاء الشمشوني : علي وعلى أعدائي يارب , ويسوق البعض بكل جلافة ذرائع من مثل , المحافظون الجدد , وحتى إساءة استخدام تعابير مركزية هادفة , من مثل الإمبريالية الجديدة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية , وهو حق يراد به تبرير أعمال باطلة , فالاعتداء على مركز تجارة عالمي , كمثل الاعتداء على أطفال مدرسة بيسلان في روسيا , وغيره من جرائم الجميع بدون استثناء أي طرف كان يتعدى بوحشية على البشرية الآمنة , تحت أي شعار كان , فلا شيء يبرر مطلقا استهداف المدنيين الآمنين .
للشعوب بشكل مجرد حقوق , ولكنها ليست كذلك تمر بدون مبادئ تنظم الإرادة حتى لوكانت انتحارية جلفة وعشوائية , تفضل الموت على الحياة , بل و تهدف الى إبراز نقاط ضعف خصمها بطريقة وحشية ولاانسانية , فتظهر من خلال الوحشية المنتقمة , أغنية تمجد الغزو العتيق وروح الثأر بل و الانتقام لمجرد الانتقام ..؟.
الضمير الدولي حكم ضعيف , وهو العدالة العرجاء , التي ستصل يوما ما وأخيرا , ومن يرتكب جرما لاانسانيا وغير مبرر , سيعطي الذريعة لسيادة روح القسوة الوحشية , والقتل لمجرد القتل ,وذلك على المستوى الدولي , وسيظل الأقوى المدجج بكل أسلحة الفتك هو المستفيد الأول والأخير , مما سيساهم في تأخير الحكم الإنساني الدولي , في لعب دوره الصحيح , في لجم كل التعديات , أينما كان وكيفما كان , وتحديد أضرارها , وبالمقابل , سيحدث في هذا العالم لعب خطير من نوع ,مباريات الصدام حتى الموت والفناء , أي لعبة خطيرة للفناء بدون شروط ولا قواعد , وهذا ما سيؤدي بنا الى تحجيم دور كل الحكام الذين نفترض نزاهتهم , والذين لاغنى عنهم لكل متعة لعب عالمية كانت أو محلية .
صفة من لا يجيد اللعب , لا يعرف يغني , ولا وجه حسن , تكشف النقاب أخيرا عن الوجوه البشعة في هذا العالم , بحيث لا يبقى أي مكان لبيئة نظيفة , بل قل سيتسمم كل شيء , وعلى الضعفاء سيتضاعف الفتك الشرس , بل وتوجيه أقوى حملات الابادة الشرسة نحوهم , من نوع التهديد ( سنجعلهم يعرفون الغي من الرشد وبالغي نفسه , بل وبأقوى أشكال الاعتداء , الى درجة الابادة الشاملة , ومن نوع هم أضرموا النار فاجعلهم لها حطبا .. ) , والأولى على المستضعفين في هذا العالم أن لا يكبروا بأيديهم زوم زوالهم , وحتف شعوبهم الغافلة ..من القوى الدولية الغاشمة , ولا داع لسرد الأمثلة الحية الجارية في واقعنا ..
العقل السياسي الذي أطلق العنان للوحشية الدولية , يعتمد على مبدأ تجريدي ساذج , وعدواني بما يفوق الحد , يتلخص على النحو الآتي : دعونا نكشف لشعوبنا الوجه الوحشي ( للعدو الافتراضي ؟) , وعند ذلك سينقض علينا بوحشية , وسينتقم من شعوبنا الآمنة , والتي بدورها ستنقم عليه وتمدنا بكل أشكال القوة على مواجهة خصومنا , لننتصر عليه , تماما كما يفكر بعض البلهاء , أنه لتغيير وضع سياسي معين , يكفي أن نتسبب في جعل النظام يسجن ويعذب أكبر قدر من أبناء الشعب , فعند ذاك , سيلتف الشعب من حولنا , فنسقط النظام , سذاجة ليست بريئة أبدا بل مجرمة بحق الإنسانية ..
لقد كان الهنود الحمر , اشد فروسية , وعنفا , وقدرة على التضحية والمقاومة, بل وأشد حماسة لذاتهم من صانعي أمريكا القوية , وما يملكونه من تراث يفوق غيرهم من الأمم العريقة , فماذا كانت النتيجة ؟.
لقد كنت أتمنى أن تظهر التحقيقات في جريمة انهيار أبراج حضارية وقبلها أناسا مدنيين لآمنين , لقوى تمرد داخلية أمريكية , أو قوى منافسة لأمريكا يمكن لها أن تكون إمبريالية أجد من جديدة , ومع الأسف , فان معظم الإعلام , يحاول تثبيت الصورة السائدة بأن (11) سبتمبر هومن نوع حرب الكابوي , ضد الخارجين على القانون , وترك العالم الضعيف , مسرحا لإعلانات : مطلوب حيا أو ميتا , مطلوب للعدالة ؟!.
والجميع يدرك حتما , ما معنى اختلال مفهوم العدالة على المستوى المحلي والدولي ..