عصبية الغرب وعدوانيته رد فعل دفاعي جراء الخوف


مشعل يسار
2022 / 4 / 2 - 20:21     

======
كتب المحلل الروسي الكسندر خلديه تعليقا على تصريحات بايدن "العصبية" خلال زيارته لبولندا حول شخص بوتين ودعوته إلى إسقاطه إن البيت الأبيض اعتذر عمليا بالقول إن هذا لا يعكس الموقف الرسمي للإدارة الأميركية الحالية. وإن تصريحات كل من ماكرون وشولز وأوربان المتأرجحة على الحافة بين العواطف والعقل، وإن كان شولز قد ذهب بعيدًا أكثر من اللازم مرة واحدة – وقال إن ألمانيا لم تعد تشعر بالذنب جراء الحرب العالمية الثانية، هي رد فعل دفاعي مرده إلى الخوف، الخوف ثم الخوف.

إن انفعال زعيمي الولايات المتحدة وبريطانيا، بايدن وجونسون، ليتناقض وهدوء بوتين. فالأخير لم يسمح لنفسه بانهيار عصبي ولو مرة واحدة. لم ينزعج، لم يحاول العقص، لم يسمح لنفسه بالإساءة الشخصية، لم يلجأ إلى التخويف أو السباب أو المناداة بالاسم أو الإذلال والتهديد. هو يتفاعل بالضبط بقدر ما تتطلبه نسبة الخطر. لا شيء أكثر من اللازم.
لقد فهم الغرب حقًا أنه خسر أوكرانيا عسكرياً. وإن هذا لانهيارٌ وفشلٌ ذريع بعد ثلاثين عاما من الجهد والنفقات. لكن هناك إمكانية للانتقام تتمثل في شن صراع فدائي طويل الأمد. وسيتم دفع كل القوى والوسائل لدعمه. الغرب ليس من النوع الذي يعترف بالهزيمة ويشد الرحال للرحيل. هو سينقل الحرب إلى ساحة أخرى وسيستغل كل فرصة متاحة للقيام بذلك.
يمكن للمرء استخدام أي مصطلح لوصف العملية في أوكرانيا، لكن الغرب يرى جوهرها بالضبط في أنها اختراق نحو استعادة الإمبراطورية الروسية. لا اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، بل الإمبراطورية الروسية إياها. قد يطلق عليها اسم آخر. والطريق إلى ذلك سيكون مقسماً على مراحل، لكن التوجه الأساسي سيكون استعادة حدود الإمبراطورية عبر طرد الغرب والعودة إلى الحدود السابقة. أسوأ شيء بالنسبة للغرب هو أنه لا يعرف أين ستتوقف روسيا - وما إذا كانت ستتوقف أصلاً. ماذا سيحدث مثلا لدول البلطيق وبولندا وفنلندا.
يدرك الغرب أن التوسع في نطاق فنلندا ودول الناتو غير مستحسن بالنسبة لروسيا. لكن هذا صحيح الآن وفي المستقبل المنظور. أما ماذا سيحدث في خلال الـ20-30 سنة المقبلة، عندما تبني روسيا نظام سيطرة إمبراطورية، وتستجمع قوتها وتخلق تحالفات في آسيا والشرق؟
لهذا السبب يبدي بايدن وجونسون ودودا (رئيس بولندا) هذه الهستيريا. الآخرون يصرخون وهم يرتجفون من الخوف. هم لا يعرفون أي نبرة يختارون، وكيف يمكنهم التخلص من التهديدات والخضوع، وكيف يسعهم التحدث إلى روسيا بحيث لا يظهر عليهم الخوف ولا يبالغون في الوقاحة والفظاظة. من الواضح أنه سيتعين عليهم قريبًا الاتفاق على وضع جديد.
أوروبا لا تخشى أن تهزمها روسيا. أوروبا تخشى أن تجلدها روسيا وتعمل لها "فلقاً" مدوياً. لم تكن هناك عقوبات مضادة من جانبها حتى الآن. في الحقيقة، لم يكن هناك أي شيء. وها هي أوروبا ترتعد فرائصها من جراء الجو البارد وتخشى الجوع والغلاء وينتابها الخوف.
إن عصبية الغرب وعدوانيته هي رد فعل دفاعي جراء الخوف، وهي لا تجد في ذاتها القوة للتعامل معه. لقد اتضح فجأة أن وزن روسيا في الاقتصاد العالمي حاسم. أين صارت تسميتهم لروسيا بأنها "محطة للوقود" ودولة ذات اقتصاد مدمر؟ أين وصفهم لها بأنها "فولتا العليا" ولكن تمتلك صواريخ؟ تتنافس الصين والولايات المتحدة على أن تكونا أكبر اقتصاد في العالم. ولكن كيف سيكون الأمر حين تقطع روسيا عنهما غدًا المحروقات والقمح والأسمدة والمواد الخام للإلكترونيات الدقيقة ؟ أين ستكونون جميعًا، أيها الكبار الجُمَلاء؟
غداً ستتوقف عن النمو الصين والولايات المتحدة، وسترتجف أوروبا من جراء موجة اللاجئين الأفارقة. سيصرخ الغرب والشرق معاً من تحت الأنقاض: "حسنًا، يكفي! لقد أدركنا خطيئتنا! لن نعيدها! أعيدوا بربكم تشغيل الصنبور! " لهذا السبب ينهار بايدن حنقاً، ويصرخ دودا هلعاً، ولا يستطيع جونسون التغلب على الرعب الذي يداخله. إنهم يفهمون كل ما في الأمر.