من اغتال العقل الثقافي الفلسطيني ؟


احمد صالح سلوم
2022 / 4 / 1 - 10:03     

من المفترض أن تكون الفصائل الفلسطينية قد أرشفت مجلاتها ونشراتها وملصقاتها إلكترونيا لتكون وثيقة معممة للجمهور ولأن هناك ملفات مهمة تناولتها اقلام بعضها رحل وبعضا منها مازال على قيد الحياة أو على مشارف الموت ..فمثلا القاص الفلسطيني الراحل احمد السرساوي الغريب أننا لا نجد أثرا لا لقصصه ولا لكتاباته الأدبية وكأنه نكرة وهو القلم المؤثر وصاحب اللغة الانسيابية الشفافة والدافئة فقط هناك خبر صغير بعدة اسطر لرفع العتب من ما يسمى وزارة ثقافة دايتون الفلسطينية برام الله..الأرشفة الإلكترونية ليست مهمة شاقة الا إذا طبعا اذا كانت جميع هذه الفصائل ملتزم ببنود أوسلو وملحقاتها باريس وغيرها اي أن لا يتم التحريض على العدو الوجودي للشعب الفلسطيني ممثلا بالكيان النازي الاسرائيلي ..فبدلا من الأرشفة قامت مثلا ما يسمى مفوضية فلسطين في بروكسل بالتخلص من مجلات شؤون فلسطينية وبعضها ممهور بتوقيع الشهيد نعيم خضر الذي اغتاله الموساد في بلدية سكاربيك ببروكسل..
شيء محير ..جميع من احترم مقاومته ورغم أن إمكانياته شبه صفرية كدار الاداب لمديرها الشهيد سماح ادريس انجزوا بشكل انيق الكثير من هذه المهمة حتى انك إذا أردت عددا معينا من مجلة الاداب هناك سبل بسيطة للوصول إليه ومبتكرة بآن..
يوفر الفضاء الإلكتروني مجالا خصبا للعمل الإعلامي ولكن حين متابعة الاسماء الفصائلية بهذه المنصات نكاد لا نجد لهم أثرا ..رغم أن ذلك لم يعد يكلف شيئا في مجالات الانترنيت واغلبهم لديه رواتب كبيرة أو متقاعد براتب تقاعدي بألفي دولار..
حيث تقوم مكتبات ضخمة كالاسكندرية و الأسد بارشفةما تملكه رفوفها رغم تنوعه وكثرته إذا ما قورن بالعمل الإعلامي الادبي للفصائل..
ربما نكتشف أن أوسلو لم يتم من خلالها تكريس المشروع الصهيوني في الضفة المحتلة وغزة المحاصرة فقط بل إن داء السرطان الاغتصابي الذي التهم الأرض الفلسطينية في أراضي عام ١٩٦٧ لم يسلم العقل منه في مجال الثقافة والإعلام فقد أصيب بمرض عضال اسمه أوسلو فتك بحيويته وحول كتابه إلى كائنات محنطة تنتظر الراتب والحيط الحيط ويا رب الاحتلال دايتون وتميم و ال سعود ونهيان السترة..
قد نجد كتابات فولكلوريةوهنا وهناك وتشبه اليوم هذه الكتابات مافعلته جريدة الحياة البترودولارية الذي كانت تديرها إمبراطورية ال الحريري الإعلامية لخدمة أجندة ال سعود الصهيو أمريكية ما فعلته بالكتاب التقدميين السابقين من العراقيين ثم الفلسطينيين أو ما فعلوه بأنفسهم رغم أن أوروبا توفر لهم دخلا للعيش والكفاف فتجدهم يكتبون عن شخصيات تاريخية هامشية ومغرقة بالتجريد وفقدت أقلامهم حرارة التعابير عن القضايا الوجودية العربية ضد الإمبريالية وربيبتها الصهيونية والرجعية العربية البترودولارية ومن لف لفهم ..وباتت تنتظر عدة مئات من الدولارات لقاء النشر في وسائل إعلام ال ثاني وسعود الفاشيين مثلا وباجنداتهم وعناوينهم فتراهم يشنون حملة ضد ولي عهد مملكة الظلمات السعودية بسبب مدير مكتب دراكولا للمخابرات السعودية تركي الفيصل وهو المفطوس الخاشقجي ويمدحون مقاول السي اي ايه أردوغان ثم لا يلبثوا أن يغطوا في سبات القبور حين تصبح العلاقة بين تركيا وقطر والسعودية ومصر مفتوحة لتقاسم ادوار أمريكية صهيونية في المنطقة ..
الخراب الأوسلوي بالاستسلام للحركة الصهيونية كان جزء اكمل صورة الخراب البترودولاري لمحميات ال ثاني وسعود ونهيان وجر الفاشية القروسطية..ورغم أن هناك مقاومة اليوم ومسلحة ضد الاحتلال فإنك تجد خطابها ضحل على مستوى الوعي الاجتماعي والثقافي وهو ما يهدد المشروع الوطني التقدمي أن يلقى المصير المشترك لسلم العبودية الذي وصلت إليه الأنظمة العربية رغم استقلالها السياسي الشكلي كالمغرب ومصر والعراق و لبنان و محميات الخليج للمراكز الاستعمارية التي تقيم بها بكل وقاحة مستوطنات ضخمة تسميها سفارات..
لا أعتقد أن شيئا سيتغير ..وسيظل كتاب الثقافة والامبريالية لادوارد سعيد مجرد اجتهاد نظري اكاديمي رغم أن بعض الفصائل كانت قد قدمت إسهامات لابأس بها في حقبة بيروت ودمشق وتونس قبل أوسلو في مجال الثقافة التقدمية..