النضال الطبقي من أجل الديمقراطية الأجتماعية.


حازم كويي
2022 / 3 / 29 - 21:27     

لورين بالهورن*
شهدت الحركة الاشتراكية في الولايات المتحدة انتعاشاً هائلاً في السنوات الأخيرة.
هل يمكن أن تصبح حركة جماهيرية للطبقة العاملة؟
قبل عشر سنوات، تخيل القليل في أوروبا،من أن الولايات المتحدة ستصبح قريباً بؤرة الازدهار الاشتراكي.
في السنوات الماضية، ظهرت في أوربا عدة أحزاب أشتراكية ديمقراطية كبيرة، مثل سيريزا في اليونان أو حزب اليسار في ألمانيا، وحينها عززت التعبئة الكبيرة، لا سيما في جنوب قارة أوربا، الآمال في تصاعد أوسع في الحركات اليسارية، قياساً للولايات المتحدة التي بدت بطيئة،ولم يحقق الأشتراكيون القوة التنظيمية كما في أوربا،رغم حدوث طفرات في كل من التنظيم النقابي والنشاط اليساري في ثلاثينيات وستينيات القرن الماضي .
في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، كان اليسار في الولايات المتحدة يتألف من عدد قليل من مجموعات صغيرة بلا صلات ومجموعات البيئة اليسارية الليبرالية غير الحكومية،الغير مرئية الى حد كبير.
واليوم، بعد عقد من الزمن، تحول المد بشكل كبير. عكس ذلك تراجع اليسار الأوربي. وتكبدت بعض الأحزاب الرئيسية خسائر انتخابية فادحة. أستقال بابلو إغليسياس وجيريمي كوربين، وهما من أشهر الاشتراكيين في أوروبا، بعد هزيمتين ثقيلتين. ربما لا يزال أليكسيس تسيبراس، الذي كان ذات يوم محبوب اليساريين في جميع أنحاء العالم وزعيم الحزب المنتمي الى اليسار الأشتراكي، ولكن إلى أي مدى؟الذي هو محل نقاش.
على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، تم إحراز تقدم ملحوظ. فأن ترشح بيرني ساندرز للانتخابات الرئاسية لعامي 2016 و 2020 لم يؤدي إلى دخوله البيت الأبيض، إلا أنه كان أحد أكثر السياسيين شعبية في البلاد ويمكن القول إنه الاشتراكي الأكثر شهرة في العالم.الذي بدى أنه كان منعزلاً ذات يوم في واشنطن، الآن يكمل مع مجموعة صغيرة، لكنها متنامية من الشباب والأذكياء بقيادة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، بمطالبها الرئيسية - مثل الحد الأدنى للأجور أو الرعاية الصحية الشاملة - المتمتعة بالدعم الشعبي خارج نطاق الحزبين الرئيسيين، جنباً إلى جنب مع عشرات الاشتراكيين المنتخبين لشغل مناصب حكومية ومحلية في السنوات الأخيرة، يضمنون أن الاشتراكية الديمقراطية تمثل قطباً صغيراً، لكنه متزايد داخل التيار السياسي السائد لأول مرة منذ جيلين.
من الناحية التنظيمية ، يمكن رؤية الانتعاش قبل كل شئ في الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا، وهي منظمة تم تشكيلها في عام 1982 من خلال دمج مجموعتين صغيرتين، والتي دعمت حملة ساندرز في وقت مبكر جداً. منذ عام 2015، أزداد عدد الأعضاءالذي كان حوالي 5000 الى مايقرب من عشرين ضعفاً، مع أكثر من 200 ناشطا محلياً و14 مجموعة عمل من خبراء نوعيين، المدعومة والمرتبطة باعضاء البرلمان البارزين مثل ألكسندريا أوكاسيو كورتيز وغوري بوش.
وهي المنظمة الاشتراكية المهيمنة في البلاد، تاركةً منافسيها متخلفين عن الركب.
بناءاً على خبرتها مع ساندرز، يستخدم الأشتراكيون الديمقراطيون أستراتيجية هجينة، تضع مرشحيها من الناحية التكتيكية على أنهم ديمقراطيون لتحريك الحزب إلى اليسار حيثما أمكن.
المنظمة لديها الآن خمسة أعضاء في مجالس مدينة شيكاغو ونيويورك، وفي ولاية نيفادا،وقد تمكن الأشتراكيون في الدورة الإنتخابية الأخيرة من الفوز بثلثي الأصوات.
وتظهر تجربة السنوات الست الماضية،أنه من دون المشاركة في الإنتخابات ضمن هيكل الحزب الديمقراطي،فإن أصواتهم تذهب هباءاً،وهذا ما أدى الى تحول الأنتباه لمعظم الناخبين اليساريين المحتملين،عدا ذلك كان من المستحيل أيصال هذه الرسالة الأشتراكية
في مثل هذا الوقت القصير. ومع ذلك لا يزال المكان الذي ستؤدي إليه الرحلة مثيراً للجدل في نهاية المطاف.فيما إذا كان يجب على المنظمة محاولة إنشاء حزب اشتراكي مستقل على المدى الطويل، وهو موضوع نقاش ساخن بين الأعضاء،والحملتان اللتان تناصرهما المنظمة حالياً هما الكفاح من أجل صفقة خضراء جديدة والرعاية الصحية العامة للجميع.
هذه مطالب أولية تتناول مصاعب وإحتياجات الغالبية العظمى لتحويلها إلى مطالب سياسية،ويجري ترجمة هذا المنظور بتشجيع الأعضاء على الانضمام بنشاط إلى النقابات أو تشكيلها في أماكن عملهم.
وفقاً لماريا سفارت، عضوة اللجنة التنفيذية الوطنية للإشتراكيين الديمقراطيين الأميركي، فإن الاستراتيجية هي "لبناء ثقتنا الجماعية وقدراتنا في عالم،يريد أقناع الطبقة العاملة أننا وحدنا وعاجزون. وهذا يعني أيضاً أننا نطبق ونتعلم معاً، ما هي الاستراتيجيات التي تعمل على بناء القوة، وبأننا قادرون على التعبئة في الفرص المتاحة أو التي يتوجب علينا القيام بها."
يطلق بعض المفكرين الملتفين حول المنظمة على هذا النهج " نضال طبقي للديمقراطية الأجتماعية" – وهي صياغة صعبة الفهم لحد ما.
ومع ذلك، فإن الصياغة التي تلخص جيداً ما يعنيه النضال من أجل الاشتراكية في بلد مثل الولايات المتحدة، رغم أنها أغنى دولة في العالم، إلا أنها أيضاً واحدة من أكثر الدول تفاوتاً،بعدم المساواة بين معظم الناس، فالأجور راكدة لعقود من الزمن، بينما في المقابل أرتفعت تكاليف المعيشة وزادت ديون الفرد حد قمة الرأس. السلع الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية تُركت للسوق الحرة. وهذا يقود الى الإفلاس وتدمير حياة الناس.
في مثل هذا السياق، فإن الدعوات لإجراء إصلاحات إقتصادية مطلوبة والتي قد يسميها البعض بأنها ديمقراطية اجتماعية يتطلب فيها مواجهة مباشرة مع النخب السياسية والاقتصادية من أجل التنفيذ. الفوز في عدة إنتخابات لا يكفي. سيتطلب الأمر أيضاً ضغطاً مادياً ، وبالتالي الحاجة القوية المنظمة لنقابات مُعارضة لفرض إرادة هذه النخب - الصراع الطبقي.
من المسلم به أن هذه ليست بالمهمة السهلة، لا سيما أن نسبة النقابات في هذا البلد أنخفضت في هذه الأثناء إلى أقل من 10 في المائة. لكن الخبر السار، أن الولايات المتحدة على وجه التحديد بلد غير متكافئ للغاية، هناك أغلبية محتملة لمثل هذا البرنامج عبر الخطوط الحزبية، كما أثبت ذلك صعود ساندرز.
مع ذلك لن تتحقق الأشتراكية لفترة طويلة من هذا المنظور،وسيتعين على الأشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين للسنوات القادمة الحفاظ على الأقل،على الجسور التي ناضلت من أجلها، والتعلم من الخبرات التي تراكمت منذ عام 2016 ووضع أستراتيجيات لبناء المزيد، لتقوية الطبقة العاملة.

لورين بالهورن* كاتب ألماني