تونس: معارك أخرى فاشلة لمنظومة ما قبل 25 جويلية


حزب الكادحين
2022 / 3 / 29 - 18:48     

‏ تحاول منظومة ما قبل 25 جويلية ‏تنويع معاركها مستغلّة ما يحدث هنا ‏وهناك وكلّ إمكانياتها وطاقاتها، غير انّها ‏في كلّ مرّة لا تسجّل إلاّ أصفارًا في نتائج ‏معاركها تلك، فلا القوى الخارجيّة التي ‏عوّلت عليها تلك المنظومة استجابت ‏لدعواتها المتكرّرة ولا أصدقاؤها ‏الإقليميّون أصغوا لتضرّعها واستجدائها ‏ولا نفع مالها ولا إعلامها..‏
‏ *المعركة الأولى تمثّلت في محاولة ‏الرّكوب على حادثة استقالة مديرة الدّيوان ‏الرّئاسي لقيس سعيّد، نادية عكاشة، ‏وتحويلها إلى دلالة على انشقاق حادّ في ‏مؤسسة الرّئاسة بغاية التدليل على انّ ‏قيس سعيد بقي وحيدا وبالتالي أصبح ‏محاصرا وأصبحت أيّامه معدودة ولا دليل ‏لهذه المنظومة غير ما خطّته نادية عكاشة ‏في تدوينتها التي اعلنت فيها عن استقالتها ‏والتي علّلت فيها سبب الاستقالة وهي ‏‏"وجود اختلافات جوهريّة" تتعلّق ‏بـ"مصلحة الوطن"، فقد تللقفت رموز هذه ‏المنظومة تلك العبارات لتهلّل لنصرها ‏القريب ولتحلّل الحادثة وفق رغبتها ‏متجاهلة أنّ مثل هذه المسائل هي مسائل ‏موضوعيّة تقع داخل المؤسسات السياسية ‏بما فيها مؤسسات الدولة والاحزاب ‏السياسيّة.. والغريب في الامر أنّ هذه ‏الحادثة ليست الاولى التي تقع في مؤسسة ‏رئاسة الدّولة في عهد سعيّد ام انّ ما ‏حدث سابقا لم تكن له أهميّة لانّ هذه ‏المنظومة كانت آنذاك ممسكة بالسلطة ! ‏
‏ إن أكثر درجات الغرابة في ما أتته ‏رموز هذه المنظومة المهزومة والتي لا ‏تثير سوى السّخرية والشفقة على ‏أصحابها هو ما ذهب إليه عبد اللطيف ‏المكي، أحد قيادات حركة النّهضة، من أنّ ‏اتصال عكاشة بالغنوشي ورفض سعيّد ‏لذلك هو السبب في استقالتها حيث كذّب ‏مكتب الغنوشي شيخ النّهضة، ادّعاء ‏المكّي وبالتالي تلقّت هذه المنظومة هذه ‏المرّة قصفا من داخلها فخسرت المعركة ‏التي حاولت افتعالها دون قتال‎.‎
‏ *المعركة الثّانية، هو ما أتاه حزب ‏الشابي (الاشتراكي ثم التقدمي ‏والديمقراطي والجمهوري وقريبا...) الذي ‏عبّر عن مساندته ودعمه لمجلس القضاء ‏باعتباره يمثل "القضاء المستقلّ" حسب ‏ما ورد في بيانه ليوم الأحد 23 جانفي ‏كما يحيّي صموده‎.‎
‏ هذا الحزب يقدّم خدمات جليلة لأعداء ‏القضاء المرتبط بدوائر الفساد وعصابات ‏المصالح الطبقية والفئوية والحزبية ‏والشخصيّة الضيقة والمعادية لمصالح ‏الشّعب والوطن. وهو يقف في نفس صفّ ‏الرّجعيّة تحت شعار "الدفاع عن ‏الديمقراطية والحريات" حفاظا على ‏تقاليده عبر تاريخه حيث كان حضنا دافئا ‏دوما لمن يعتبرهم متضرّرين من ‏الدكتاتوريّة مهما كانت ألوانهم السياسيّة ‏وتعبيراتهم الطّبقيّة‎.‎
‏ ما أتاه الشابي وحزبه لا يرقى في حقيقة ‏الأمر إلى مستوى المعركة، بل هو مجرّد ‏أنّة من أنّات من يحتضر في واد سحيق.‏
‏ *المعركة الثّالثة، هي تلك التي كان ‏بطلها نائب مجمّد مازال يعتقد أنّ ‏الإمبرياليّة الأمريكيّة التي يستنجد بها ‏عبر توجيه الرّسائل إلى مؤسساتها ‏‏"المدافعة عن الديمقراطية" ستصغي إليه ‏وتسارع إلى إنقاذه. لكن هذا النّائب الذي ‏تمّ تجميده وتعطيله سيضطرّ إلى الانتظار ‏كثيرا من أجل تحقيق نصر لن يأتي لا ‏من أمريكا الإمبرياليّة ولا من غيرها.‏
‏ سيظلّ ينتظر.. لأنّه شرب حليب ‏العمالة منذ انخراطه في تجمّع بن علي ثمّ ‏أكل شوكوطوم النّهضة لاحقا فقد حافظ ‏على موقعه كمخبر يزوّد من يعتبرهم ‏أصدقاءه في الولايات المتّحدة الأمريكيّة ‏من داخل مجلس الشيوخ، المجلس الذي ‏تحت سقفه يخطّطون لمزيد توسيع ‏استعمارهم الجديد تحت شعار نشر ‏الديمقراطيّة، تلك الديمقراطية التي يؤمن ‏بها هذا المخبر الصّغير.‏
-------------------------------------------
طريق الثورة، العدد 68، جانفي-فيفري 2022