عالم ما بعد حرب اوكرانيا!


عادل احمد
2022 / 3 / 28 - 00:15     

قبل سنتين ذكرنا في مقال (عالم ما بعد فايروس كورونا ): " إن المخاطر التي تراها الطبقة البرجوازية ليس فقط تفشي كورونا بسرعة وعدم قدرة نظامها الصحي على مواجهتها، وانما أوضاع ما بعد كورونا والتي تتسم بالفوضوية وعدم اليقين من إيجاد الحلول المناسبة لعملية الرأسمال والأرباح والتي خطورتها لا تقل عن الأزمة والكساد الكبير قبل مئة سنة، والذي تسبب في انهيار كثير من الدول والأنظمة وفي النهاية اندلعت على اثره الحرب العالمية الثانية من اجل تقاسم الأسواق عن طريق الحروب والدمار ونهب الموارد والمصانع والتكنولوجيا بعضهم لبعض.." وهكذا نحن نعيش هذه الأيام بعد الانحسار النسبي من مخاطر كورونا وهذه الأيام التي اندلعت خلالها الحرب في أوكرانيا والتي شُنت من قبل روسيا كطرف وامريكا والغرب والحكومة الأوكرانية في طرف اخر. وان تداعيات هذه الحرب معروفة كما عبّر عنها وزير خارجية للاتحاد الروسي بان زمن عالم الأحادي القطب قد ولى وان اية محاولة لإيقافه ضربا من الأوهام … أي ان تحاول أمريكا بكل الطرق الممكنة للحفاظ على مكانتها السياسية والاقتصادية حتى وإن خسرتْ الشركات والمؤسسات المالية الغربية جزءا كبيرا من أموالها ومصالحها في مواجهة روسيا والصين، وتحاول ان تمنع ظهور اقطاب عالمية جديدة في رسم خريطة العالم في القرن الواحد والعشرين.
وقد قال لينين أيضا قبل مئة سنة بان الامبريالية هي اعلى مراحل الرأسمالية والتي تمهد الطريق الى الاشتراكية؛ وان لم يتحول العالم الى الاشتراكية فستسود البربرية… وكما نرى اليوم الذي اصبح النظام الرأسمالي نظاما وحشيًا وبربريا وان الطبقة البورجوازية برمتها قد غدتْ من اقذر الفئات وأكثرها كذبا ونفاقا وازدواجية في المعايير واكثر سفكا دماء الأبرياء في جميع انحاء العالم سواءً بطرق قتالية او عن طرق الفقر والجوع والغلاء …
ان عالم الأحادي القطب أو ظهور الأقطاب المتنافسة لا يغير شيئا في جوهر الطبقة البرجوازية الوحشي، واستغلالها للطبقة العاملة وانما يحتاج الى تغيير سياسات مختلفة في كل مرحلة للنضال الطبقي. في حرب أوكرانيا نحتاج الى توجيه سلاحنا أي سلاح النضال الطبقي العمالي بوجه كل من البورجوازية الروسية والاوكرانية والغربية والأمريكية بنفس القدر وان يتحد العمال في كل هذه البلدان مع بعض وتفعّل وتيرة نضال الطبقة العاملة في كل بلد ضد برجوازيتها … ان الطبقة العاملة الروسية من مصلحتها ان لا تشارك في حرب حكومة الروسية في أوكرانيا بل ان تقف بالضد منها. وان العمال الاوكرانيين أيضا لا مصلحة لهم في الوقوف بجانب حكومة زيلنسكي والطبقة البورجوازية الأوكرانية المدعومة من الغرب ضد روسيا وانما من مصلحتها ان تقف بوجه كلا الطرفين بصف مستقل وان تتحرك مع الطبقة العاملة الروسية بالضد من هذا الحرب الدموية وايقافها. ان الطبقة العاملة الروسية بإمكانها ان تضغط على البورجوازية الروسية لإيقاف الحرب والقتال وان توسع نشاطها النضالي في جميع المرافق الاقتصادية لإيقاف تمويل الحرب وتحويل المعارك الى معارك داخلية بين الأغنياء وفقراء المجتمع الروسي. وان العمال الاوكرانيين بإمكانهم اسقاط حكومة زيلنيسكي وخاصة في هذه الظروف والتي تظهر في غاية الضعف وان تختار الحياد بين الغرب وروسيا وان يتشكلوا حكومتهم بأنفسهم عن طريق انتخاب الممثلين في كل مكان. وان الطبقة العاملة في أوروبا من مصلحتها ان تقف بوجه الحرب وصراعاتها وان تضغط على الطبقة البورجوازية الأوروبية ان لا يكن طرفا في اشعال الحرب وتمويلها وتحول الصراع الى صراع داخلي مع البورجوازية الأوروبية للاستجابة الى مطالبها من ارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة والفقر والتي تزداد يوم بعد يوم وخاصة بعد زمن كورونا … ان كل هذا يحتاج قبل كل شيءٍ ان تدرك الطبقة العاملة مخاطر المرحلة الحالية وعدم قدرة الطبقة الرأسمالية العالمية على الإجابة عن حلول حول الرفاه والامن والعيش الكريم ولذلك ليس امامها طريقا اخر الا الاتحاد الطبقي مع عمال بلدان العالم بوجه بربرية النظام الرأسمالي الحالي.
ونحن في العراق سوف نتأثر كثيرا جراء هذه الصراعات العالمية. أولا لان مسالة السلطة السياسية لم تحسم حتى الان وان الصراع من اجل تكليف السلطة واتجاها السياسي والاقتصادي غير محسومة ، فان كل الأطراف السياسية تحاول بطرق واخر ان تجر المجتمع العراقي الى احد الأقطاب العالمية وان هذا يشكل خطرا على مستقبل المجتمع العراقي. وان من مصلحة الطبقة العاملة العراقية ان تحسم السلطة السياسية بنفسها وان يكسح أدران كل الطبقة البورجوازية العراقية الفاسدة في الطائفية والقومية ونهب الأموال لبناء مليشيات المجرمة لقتل وقمع الناس. ان التظاهرات والاحتجاجات اليومية بإمكانها ان تحسم السلطة السياسية اذا امكن تأمين قيادة موحدة وقادرة على تعبئة الجماهير الفقراء. وان هذا بدوره سوف يؤثر على مسار الحرب سواءً في أوكرانيا او أي مكان اخر. ان الأممية العمالية ليس جملا واقوالا او تعهدا وانما هي عبارة عن اعمال وتوزيع الأدوار بين العمال في كل دولة. ان حصة نضال العمال في العراق هي التخندق مع العمال الروس والاوكرانيين والأوروبيين والامريكيين والافريقيين والاسيويين في جبهة عالمية وفي فضح سياسات البورجوازية المحلية والعالمية وان تقف بوجه الحرب في أوكرانيا بنبرة واحدة كما فعل الاشتراكيون في فضح الحرب العالمية الأولى لتعبئة العمال العالمي بوجه الحرب.
ان الوقوف او التعاطف مع أي طرف من أطراف الصراع بين البورجوازية الروسية والغربية والأمريكية والاوكرانية هي سياسة بالضد من الطبقة العاملة العالمية. ان صراعاتهم هي من اجل تقسيم العالم بينهما وعلينا نحن العمال ان نقف بالضد من كل هذه الصراعات وان نحاول قلبها صراع بين الأغنياء والفقراء أي بين العمال والكادحين و الطبقة البورجوازية العالمية.