قواعد الدستور العراقي في الانتخابات .. تطبق جزافاً بلا قواعد


علي عرمش شوكت
2022 / 3 / 27 - 19:43     

منذ ان تاسس الدستور العراقي الحالي ظل عليلاً. وبدلاً ان تتعزز الثقة به من خلال التطبيق المنصف لمواده التي صنعت مفعمة بالاشكالات لكون منطلقاتها جاءت من لدن مشرّعين تتولاهم النزعات العرقية والاثنية. الامر الذي اوصل مواد الدستور، الى ان تمسي اسيرة الارادات الفأوية المتسترة خلف ما سمي بـ { حق المكونات } الذي من شأنه تقزيم حق المواطنة الاعظم، وتمزيق الوطن الموحد.
هكذا " تورد الابل ".. نقول هذه الكلمة بصيغة الخبر وليس تساؤلاً. كما تقال احياناً، كي نقرب رؤية مجريات حالة البلد، الذي يتم فيه تعليب الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية بغطاء مستورد ممهور بقدسية لا علاقة له فيها. ومن جانب اخر استدامة نهج التوافق والمحاصصة بغية سيادة الاستحواذ بواسطة طغمة الاقلية الاحتكارية الحاكمة.
دعونا نتعامل مع جلسة البرلمان التي عقدت يوم السبت 26 - 3 اذار الجاري، اذ تم فيها الاستناد على رأي" المحكمة الاتحادية " التي حسمت شرعية الجلسة بحصول نصاب يتكون من 220 نائباً، اي ثلثين اعضاء البرلمان، بغية اجازة انتخاب رئيس الجمهورية.. وهنا لابد من الايضاح. ان رئيس الجمهورية لا يمتلك من الصلاحيات سوى الامور البروتكولية، والتمثيل الرمزي للدولة، وهذه الامور بعيدة كل البعد عن المساس بالحياة العامة ومعيشة الناس، في حين تتركز كافة الصلاحيات التنفيذية التي تخص حياة المجتمع العراقي والسياسة للبلد لدى رئيس الوزراء. وعند انتخابه نجدها محددة بنصاب لايتجاوز نصف عدد نواب البرلمان زائداً واحد. اي 165 نائباً حاضراً داخل القاعة. او حتى الاكتفاء بمن حضر!!. هكذا يحددها المشرّع العراقي بشروط مخففة جداً اذا ما قورنت بالشروط التي تجيز انتخاب رئيس الجمهورية. الذي لا يمتلك غير الصلاحيات الشكلية الرمزية.
هذه صفحة من التطبيقات وغيرها التي تتم الجزاف لمواد الدستور. ولكن لابد من معرفة اسباب لجوء المشرّع العراقي اوغيره ممن اشترك في عملية اعداد الدستور عام 2005 ..حيث اسست " العملية السياسية " على اساس عرقي واثني وليس على اساس وطني عام .. ولهذا كان اعداد مواد الدستور ملزمة بتحقيق مصالح الاطراف المشاركة حصراً، وفرضها عبر وضعها وحمايتها دستورياً .. لهذا كانت مرسومة وفقاً لحصص ما سمي بـحقوق " المكونات " كما قيدت باشتراط الحصول على عدد معين من الاصوات لكي تقيد تحكم صاحب حصة رئيس الجمهورية { الكرد } تحديداً ، بمصير رئيس الوزراء الذي من حصة مذهب واحد عرفاً وليس دستورياً، مع انه لابد ان يمر عبر حق التكليف الذي هو حصرياً لرئيس الجمهورية .. لذا وضع شرط الحصول على ثلثي اصوات البرلمان التي لا يتمكن هذا الطرف الصغير نسبياً ، بفرض شروطه، الا عبر ارادة الطرف الاكبر.
ان اختيار رئيس الوزراء بات مضموناً لكونه من حصة الكتلة الاكثر عدداً، والجهة التي تمتلك هذه القدرة هي التي تتمكن من التحكم بمصير البلاد والعباد، وعليه لا اشتراطات صعبة في طريقه. بيد ان تغير المزاج الشعبي العراقي العام، على اثر تفجرت عناقيد الغضب التي تجسدت بـ { انتفاضة تشرين } كنتيجة حتمية بفعل الفشل والفساد والدمار الذي حل بالبلد وحصول عزوف %80 عن المشاركة بالعملية الانتخابية، التي ولدت هي الاخرى فشلاً ذريعاً لجل الكتل المتنفذة، حيث غدت تلك الاشترطات والتطبيقات الجزاف لمواد الدستور بحكم المغادرة.
من هنا جاء الرعب الذي تلبس الاوساط المتنفذة. فراحت تصطنع وتفبرك تفسيرات ما انزلت من مشرّع قانوني منصف، كما جرى في جلسة يوم السبت الماض لانتخاب رئيس الجمهورية.. ان العتب والغضب والمسؤولية التاريخية تقع على عاتق الذين لم يحضروا الجلسة البرلمانية، سواء حصل ذلك خوفاً او اغراءً او حتى قناعة .. ان التاريخ سوف يكشف ذلك لا محال وانه لن يرحم..