شخصية بوتين المخابراتية وأعباء الحرب المنظورة على شعبه


رضي السماك
2022 / 3 / 21 - 00:03     

إذا كانت الميكيافيلية في السياسة تعني الغابة تبرر الوسيلة حتى لوكانت الأخيرة لا أخلاقية فليس سراً أن أجهزة الاستخبارات، وخصوصاً التابعة للدول الشمولية وحتى العظمى، هي أكثر مؤسسات هذه الدول أنتهاجاً لها، وذلك بغية تحقيق غاياتها من العدو، أكان داخلياً أم خارجياً، حتى لو تطلب الأمر أرتكاب الجريمة أوالقتل والتعذيب والاخفاء القسري ، وبهذا المعنى لعلنا نفهم كيف قُبل ضابط الأستخبارات السوفييتي السابق ،الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين، في جهاز الكي جي بي السوفييتي،فالأرحج إلى جانب لمسوه عنده من شغف كبير لممارسة هذه المهنة أنهم أطلعوا على ما تخللته مراهقته المصطربة من مصاحبة الأشرار، ومن ثم لا يتطلب من المتقدم سوى أنضمامه للحزب الشيوعي الحاكم ، والقسم بالتضحية من أجله والدولة السوفييتية،حتى لو كانت ثقافته ضحلة أو متوسطة في أحسن الأحوال ، لكن في المقابل هل يصلح رجلاً مخابراتياً كان ناجحاً في عمله لقيادة دولة عظمى؟
إن من يتمحص جيداً في شخصية بوتين القيادية سيخلص حتماً إلى أن سماتها-كرجل مخابرات- لم تتغير في الحكم، بل ظلت تلازمه بما في ذلك تبنيه مزيجاً من "الميكيافيلية" والبراجماتية في السياسيتين الخارجية والداخلية،و حتى لو تتطلب الأمر أرتكاب أغتيالات بحق خصومه في المعارضة أينما ثقفهم في الداخل أو الخارج. وليس غريباً أن ظل بعد وصوله للكريملين مفتوناً باستعراض عضلاته متعرياً من نصف جسمه العلوي وإظهار مقدراته الخارقة في ممارسة عدد من اللعبات الرياضية والهوايات المختلفة، ويظهر ولعه هذا أكثر من أفتتانه باستعراض قدراته الفكرية والثقافية،وهو لا يتوانى بين كل رؤساء دول العالم عن خرق مراسم البروتكول لأزدراء من يستهدفه من ضيوفه، أو يوجه أيحاءات ودية إلى من يخصه وبخاصة النساء منهم. وأنت لا تتعجب إذا ما أعتز بأمجاد الامبراطورية الروسية بحقبتيها الملكية والسوفييتية على السواء.
لكن شخصية كهذه إذ تجذب فئة من الشباب الغرر والملياريرية المقربين منه ليست بالضرورة أن تحظى بإعجاب ورضىا عامة الشعب ونخبته السياسية والمثقفة لما تحمله من صفات دكتاتورية،فلطالما تظهر ثغرات هذا النمط من الشخصيات القيادية عند الأزمات المصيرية كالحروب، وعلى سبيل المثال فهو عندما وضع القوة النووية في حالة تأهب في بدايات الحرب على أوكرانيا محاكياً في ذلك أزمة الصواريخ الكوبية 1962 للحصول على تنارلات من الجانب الأميركي فاته أنه ليس على رأس تلك الدولة السوفييتية الجبارة في عهد خروشوف وما كانت تمتلكه من نفوذ عالمي بين عدد كبير من دول وحركات العالم وشعوبها. والراجح أن شخصية بهذه السمات حتى لو كسبت الحرب الحالية فإن شعبيتها داخلياً ستتلاشى مع أحتدام الأزمات المعيشية والاقتصادية جراء ما ستتكبده روسيا من دفع فواتير باهظة بمئات المليارات من الدولارات حربها على الجارة أوكرانيا .