الوجه الاخر لحرب اوكرانيا!


عادل احمد
2022 / 2 / 27 - 11:02     


" ان أول الضحايا من كل الحروب هي دفن الحقيقة " وهذا ما نراه في حرب أوكرانيا. ان حزمة من الأكاذيب والتهاويل سواءً أكانت من قبل أمريكا والحلف الأطلسي أو من قبل روسيا او من قبل أوكرانيا طوال السنوات المنصرمة حول الدفاع عن الديمقراطية والسيادة المستقلة او الدفاع عن الامن القومي، قد ملأ آذاننا بأكاذيب والتصريحات الكاذبة من قبل السياسيين والقنوات الإعلامية البرجوازية… ان كل هذه الأكاذيب كانت تحدث بصورة ممنهجة من اجل طمس الوقائع والاهداف الحقيقية، جراء الصراعات العالمية حول مناطق النفوذ والسيطرة وإعادة تقسيم العالم طبقا للتوازن الجديد بين القوى الامبريالية العالمية.
ان ادعاءات أمريكا وحلفائها حول الدفاع عن الديمقراطية وسيادة الدول هي اكبر كذبة وواضحة للعيان. ان من انتهك ما يسمى بسيادة الدول واستقلالها قبل الكل، هي أمريكا وحلف الناتو وحلفائها سواءً في اليوغسلافيا السابقة او في العراق وسورية ولبنان واليمن وليبيا وتدمير البنية التحتية لهذه الدول كذلك قتل عشرات الالاف من الأبرياء وتدمير البيوت والمدارس والمستشفيات وارجاع كل من هذه الدول الى القرون الماضية. ان العراق وليبيا هما المثل الواضح واللذان لم يتعافيا من جراح الحروب طوال عقدين من الزمن وان الناس يعانون من أزمة الكهرباء والماء الصالح للشرب، وعدم الاستقرار وعدم وجود الأمان الاجتماعي و… وذهبوا الى اسقاط الحكومات بحجج واهية والتي لم تكن سوى البلطجة السياسية وعملوا على تدمير كل ما رأوه عائقاً امام مصالحهم السياسية والاقتصادية. واليوم من اجل الصراع مع روسيا والصين مستعدة أمريكا ان تقلب أوروبا الى معسكر الحرب والعسكرتارية وارسال الصواريخ والجيوش والمعدات العسكرية الهجومية والدفاعية الى أوروبا وإرهاب الناس في أوروبا بوقوع الحرب الشاملة وواسعة في تمام القارة الأوروبية. ان تمدد حلف الناتو شرقا ليس بسبب كذبة خطر هجوم روسيا على أوروبا كما تدعي أمريكا وانما من اجل السيطرة الكاملة على أوروبا والتي فقدت هيبتها وقوتها منذ سنين خلتْ جراء فشل سياساتها في عدة مناطق حول العالم ومنها أفغانستان والعراق وليبيا وسورية وفشل استفزازاتها في أمريكا اللاتينية وخاصة فنزويلا …وكذلك بسبب الازمة الاقتصادية والديون المالية الضخمة والتضخم المالي والتي يعاني منه الاقتصاد الأمريكي وازدياد معاناة المواطنين الأمريكيين وخاصة الطبقة العاملة والجماهير الفقيرة من البطالة والغلاء وتوسيع رقعة الفقر في اكبر مدنها الصناعية وازدادت الاحتجاجات الجماهيرية اليومية … وان كل هذا أدى الى عدم وثوق أكثرية الدول الصناعية الغربية بسياسات أمريكا وان كل من هذه الدول تبحث أيضا عن مصالحها بشكل اخر. اما كذبة روسيا الكبرى بخصوص التطهير العرقي من قبل السلطات الأوكرانية بحق الناطقين بالروسية وخاصة في منطقة دونباس هي الوجه الاخر من تضليل الحقائق التي تقف خلف الأهداف الحقيقية للسياسة الروسية. ان استعادة الاقتصاد الروسي بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وكذلك تطوير أسلحتها العسكرية الفتاكة وتحديث اساطيلها الحربية وقوة الطيران الحربية ، و تداخل الاقتصاد الروسي عالميا جعلت من روسيا ان لا تقبل بمكانتها السابقة بعد فقدان الهيمنة السوفياتية ولذلك تحاول بكل جهدها ان تحتل مكانة عالية في التوازنات العالمية الجديدة بعد ظهور الاقتصاد الصيني المنافس لاقتصاد أمريكا وكل الدول الأوروبية. ان محاولة روسيا من اجل ان تظهر كقطب قوي في مستقبل العالم هي جوهر واهداف السياسة الروسية الحالية ولا علاقة لها لا بأوكرانيا ولا بمناطق دونباس، وانما كل هذه الحجج والاكاذيب هي من اجل تضليل الحقائق ودفنها في مقبرة سياساتهم. هل من المعقول ان تشريد الملايين من الأبرياء وتدمير البيوت وقتل الالاف من الاوكرانيين يأتي بسبب الدفاع عن الناطقين باللغة الروسية ؟ وهل من المقول يأتي كل هذه القتال بسبب اقتراب حلف الناتو على أبواب روسيا اذا دخلت أوكرانيا الى الحلف الأطلسي؟ على الرغم من وجود الناتو في لاتفيا واستونيا وليتوانيا وهي ايضا قريبة من أبواب روسيا! ان كل هذه الحجج والأسباب هي حجج وتعليلات كاذبة لخلق حرب في أوكرانيا وتضليل الهدف الأصلي والذي يكمن في بحث روسيا عن مكانة ونفوذ عالمية في كل صراعاتها …
ولكن هناك حقيقة والتي تظهر دائما وهي الضمير الإنساني بوجه كل الحروب والاقتتال والدمار والتي لا يستطيع جميع الاعلام الطبقة البرجوازية ان تخفيها. ان الاحتجاجات والتظاهرات العالمية هنا وهناك وان كان أقل صدى من طبول الحرب، ولكنها تعبر عن رفض الجماهير من الطبقة العاملة والكادحة والشرفاء والتحرريين بوجه حروب الامبريالية بكبيرها وصغيرها كما راينا في الحرب على العراق وأفغانستان وكوسوفو. ان توسيع رقعة التظاهرات العالمية بوجه الحرب الامبريالية كفيل لوقف وتطاول الدول لحل خلافاتهم وصراعاتهم عن طريق الحروب العسكرية. ان نهوض العالم المتحضر بوجه الحرب وكذلك الاحتجاجات الكبيرة بحق روسيا وامريكا وأوروبا من قبل مواطنيها بتضامن مع مواطني العالم يمكنه التأثير على سير الصراعات وابعادها عن الحروب المدمرة. حان الوقت ان نثبت هذا التضامن سويةً على ارض الواقع من اجل وقف آلة الحرب للطبقة البرجوازية العالمية. لم يكن العالم يحتاج إلى بعضه البعض اكثر من يومنا هذا ولم يكن العالم يحتاج الى حضور الطبقة العاملة سياسيا اكثر من يومنا هذا لوقف نزيف دماء الأبرياء بيد الأغنياء والطبقة الرأسمالية العالمية