الشرطة الروسية ونضال البلاشفة الثورى - فيكتور سيرج


سعيد العليمى
2022 / 2 / 24 - 15:00     

مقدمة المؤلف
للطبعة الفرنسية عام 1926
مع انتصار الثورة في روسيا ، سقطت في أيدي الثوار الآلية الكاملة لعمل الشرطة السياسية الأكثر حداثة والأكثر قوة والأكثر صرامة في المعركة ، والتي تشكلت خلال أكثر من خمسين عامًا من النضالات المريرة ضد قيادات شعب عظيم.

والتعرف على أساليب وإجراءات قوة الشرطة هذه له أهمية عملية فورية لكل ثوري ؛ حيث تستخدم نفس الأدوات للدفاع عن الرأسمالية في كل مكان ؛ علاوة على ذلك ، تعمل جميع قوات الشرطة معًا وتتشابه مع بعضها البعض .

ان علم النضال الثوري الذي اكتسبه الروس خلال أكثر من نصف قرن من الجهد والتضحيات الهائلة ، يجب أن يكتسبه الثوار في فترة زمنية أقصر بكثير في البلدان التي يتطور فيها العمل اليوم ، في الظروف التي أوجدتها الحرب ، وبانتصار البروليتاريا الروسية وهزائم البروليتاريا العالمية – مع أزمة الرأسمالية العالمية ، وولادة الأممية الشيوعية ، والتطور الملحوظ للوعي الطبقي بين البرجوازية ، مع الفاشية ، والديكتاتورية العسكرية ، والإرهاب الأبيض وقوانين معاداة الطبقة العاملة . فإن الثوار بحاجة إلى هذه المعرفة اليوم. إذا تم تحذيرهم جيدًا من الوسائل التي يمتلكها العدو تحت تصرفه ، فربما يتكبدون خسائر أقل ... هناك سبب وجيه إذن ، وغرض عملي ، لدراسة الأداة الرئيسية لكل رجعية وكل قمع ، أي جهاز خنق كل تمرد صحي وهى المعروفة باسم الشرطة. نحن قادرون على القيام بذلك ، لأن السلاح الذي أتقنته الأوتوقراطية الروسية للدفاع عن وجودها الأوخرانا - Okhrana (الدفاعية) ، شرطة الأمن العام للإمبراطورية الروسية - قد وقعت في أيدينا.

إن إجراء الدراسة الأكثر شمولاً ، والتي ستكون مفيدة للغاية ، يتطلب وقتًا لا يمتلكه مؤلف هذه السطور. والصفحات التي توشك على قراءتها لا تدعى انها تنجز هذه المهمة. آمل أن تكون هذه الصفحات كافية لتحذير الرفاق وتمكينهم من رؤية حقيقة مهمة صدمتني في زيارتي الأولى لأرشيف الشرطة الروسية ؛ وهى أنه لا توجد قوة في العالم يمكنها كبح المد الثوري عندما يرتفع ، وأن جميع قوات الشرطة ، مهما كانت ميكافيلية ، علمية أو جنائية ، عاجزة فعليًا ضدها.

أتممت هذا العمل بعناية ، وقد نشرته النشرة الشيوعية لأول مرة في نوفمبر 1921. وجرى تناول الأسئلة العملية والنظرية التي لا يمكن الا أن تثيرها دراسة طريقة عمل قوة الشرطة هذه في طرحها في ذهن العامل الذي يقرأها ، في قسمين جديدين. في قسم نصيحة بسيطة للثوريين ، وهو على الرغم من بساطته الواضحة ، تبين أنه مفيد للغاية ، فقد حدد القواعد الأساسية لدفاع العمال ضد المراقبة والوشاية والاستفزاز.

منذ الحرب وثورة أكتوبر ، لم يعد بإمكان الطبقة العاملة الاكتفاء بتنفيذ المهام السلبية والمدمرة فقط. لقد بدأ عهد الحروب الأهلية. سواء تم طرحها في الواقع اليوم أم بعد "بضع سنوات" ، فإن العديد من الأسئلة المتعلقة بالاستيلاء على السلطة لا تزال مطروحة اليوم على معظم الأحزاب الشيوعية. في بداية عام 1923 ، ربما بدا النظام الرأسمالي في أوروبا مستقرًا بدرجة كافية لتثبيط نافدى الصبر. لكن بحلول نهاية العام ، كان الاحتلال "السلمي" للدمار هو من رفع شبح الثورة الحقيقي القوي على ألمانيا.


الآن ، يجب استكمال كل عمل يهدف إلى تدمير المؤسسات الرأسمالية من خلال الإستعداد ، على الأقل من الناحية النظرية ، للعمل الإبداعي في الغد. اعتاد باكونين أن يقول إن "الرغبة في التدمير هي أيضًا الدافع الإبداعي". هذه الفكرة العميقة ، التى إذا ماأخذت حرفيا ضللت العديد من الثوار ، قدأصبحت حقيقة عملية. تقود نفس النظرة إلى الصراع الطبقي اليوم الشيوعيين إلى التدمير والخلق في نفس الوقت. مثلما تحتاج مناهضة العسكرة اليوم إلى استكمالها بتجهيز الجيش الأحمر ، فإن مشكلة القمع التي تفرضها الشرطة والعدالة البرجوازية لها جانب إيجابي ذو أهمية كبيرة. أعتقد أنه من الضروري تحديد الخطوط الرئيسية لها. يجب أن نتعرف على الوسائل التي يمتلكها العدو تحت تصرفه ؛ يجب أن نتعرف أيضًا على المدى الكامل لمهامنا.
العنوان الأصلى للكتاب : ما يجب أن يعرفه كل مناضل عن القمع
فيكتور سيرج

مارس 1925