التنافس الإمبريالي يدفع أوكرانيا إلى حافة الحرب

مصطفى عبد الغني
2022 / 2 / 22 - 21:08     

ترجمة مصطفى عبد الغني
قوات روسية على حدود أوكرانيا
وقفت أوكرانيا والدول المجاورة في شرق أوروبا على حافة حرب كارثية بداية الأسبوع الماضي. على جانب حشدت القوات الروسية ما يقارب الـ 130 ألف جندي على حدود أوكرانيا وفي مهمة “تدريبية” في بيلاروسيا المجاورة. وعلى الجانب الآخر تمركزت قوات حلف الناتو الغربي متمثلةً في قوات الرد السريع ومجموعات قتالية في ليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا، وبولندا. وحوطت المدفعية الثقيلة، وحاملات الطائرات، والغواصات، والطائرات المنطقة. قد يقود سوء التقدير من أحد الطرفين إلى صراع يهدد حياة الملايين من أفراد الطبقة العاملة؛ لذلك يعارض الاشتراكيون الاتجاه نحو الحرب.

أعرب بوريس جونسون، يوم الاثنين الماضي، أنه صديقٌ وفيّ لتوجه الولايات المتحدة نحو الحرب. وصرح جونسون في مكالمة هاتفية مع جو بايدن أن بريطانيا على استعداد لفعل أي شيء تقدر عليه للمساعدة. وكان رد بايدن: “لن نذهب إلى أي مكان بدون مرافقتكم”.

يقف هدف حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، لزيادة نطاق سلطتهم ليشمل كل الدول الأوروبية على حدود روسيا، وراء هذه التوترات. إذا انضمت أوكرانيا إلى حلف الناتو، كما يأمل رئيسها، سيكون هذا انتصارًا كبيرًا للغرب. تحتل أوكرانيا موقعًا إستراتيجيًا مهمًا للغاية، كما تحتوي على مصادر واسعة للثروات المعدنية، مثل البترول والغاز والفحم. ويريد بوتين وعصابته الحاكمة تمديد “المنطقة العازلة” حول روسيا ومنع أي توسع غربي مستقبلي.

غزت روسيا، بشكل متكرر، الدول المجاورة التي انقلبت ضدها، وحاولت فرض سلطتها على آخرين بدعم الحركات الانفصالية. ودعمت روسيا مؤخرًا الأنظمة القمعية في بيلاروسيا وكازاخستان، والتي واجهت ثورات وإضرابات شعبية عامة.

ولكن طموحات الولايات المتحدة في شرق أوروبا أكثر تعقيدًا من مجرد تطويق روسيا. يريد بايدن استخدام حلو الناتو لإجبار كل دول أوروبا على التوافق مع سياسة الولايات المتحدة. امتلكت هذه الدول، لبعض الوقت، علاقات اقتصادية قوية مع روسيا، كانت في أغلبها من خلال استيراد الغاز. هذا هو السبب وراء خط “نورد ستريم 2” الذي يكلف 8 مليار جنيه إسترليني لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا. أغضبت اتفاقات مثل هذه واشنطن، وتأمل الولايات المتحدة أن قيادة رد عسكري على روسيا سيجبر أوروبا على إعادة تقييم الموقف. قال بايدن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني الجديد أولاف شولتز أنه “إذا قامت روسيا بالغزو، فلن يكون هناك خط نورد ستريم 2”.

يعني هذا أن رهانات دول الاتحاد الأوروبي المختلفة لتجنب الحرب مع روسيا قائمة على حسابات اقتصادية بشكل حصري تقريبًا، بدلًا من الرغبة الأصيلة في السلام. يوضح خطر الحرب في أوكرانيا إلى أي مدى يبلغ استعداد القادة، في الشرق والغرب، لوضع المصالح الاقتصادية والعسكرية قبل حياة الناس. يجب أن نبدأ بتوجيه نقدنا نحو هؤلاء القادة ونحو الولايات المتحدة، ولكن أن يمتد هذا النقد أيضًا نحو النظام الرأسمالي نفسه الذي ينتج الحرب والعسكرة.

عطش الحكومات للحرب
تحدث بعض أعضاء حزب المحافظين في بريطانيا، حرصًا على المشاركة فيما يحدث، عن احتمالية قيام حرب دموية في أوكرانيا. كشف تصريح بِن والاس، بداية الأسبوع الماضي، عن ازدراء للمحادثات الحالية مع روسيا ورغبة في أن تبدأ الحرب. يرى والاس والمشجعون الآخرون لهجوم الولايات المتحدة أن أزمة أوكرانيا فرصةٌ لتشتيت الانتباه عن أزمة المحافظين في الداخل. ولكن آخرين في الحزب قلقون من أن تؤدي الحرب إلى مشاركة قوات بريطانية في حرب مكلفة لا تحظى بشعبية، حيث صرح توم توجندات، عضو البرلمان البريطاني ورئيس لجنة الشئون الخارجية، أن أوكرانيا لديها “جيش أكبر” من بريطانيا وهي “قادرة بشكل متزايد من الدفاع عن نفسها”. فيما لم يستغل كير ستارمر، زعيم حزب العمال، الانقسام الحالي في حزب المحافظين، ووقف أمام علم المملكة المتحدة وراية حلف الناتو ليعلن أن حزب العمال والحكومة “يقفون معًا ضد العدوان الروسي”.

الخطر يختمر في شرق أوكرانيا
يظهر خطر اندلاع حرب بشكل واضح في مناطق شبه جزيرة القرم ودونباس، اللتين شكلتا حتى وقت قريب جزءًا من أوكرانيا. سيطرت روسيا الاتحادية على شبه جزيرة القرم، ومينائها الإستراتيجي الهام، سيفاستوبول، المطل على البحر الأسود، في 2014. أعطى بوتين الأوامر بالغزو بعدما عزلت المظاهرات المعارضة، التي أرادت التحالف مع الاتحاد الأوروبي، الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش. تحالفت القوات الروسية مع الميليشيات المحلية وسيطرت على مدن مهمة وحكمتها منذ ذلك الوقت. وعلاوة على ذلك، عُزِلَت معظم شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا بسياج أمني منذ 2018.

قد يؤدي أي نزاع إقليمي على حدود أوكرانيا مع روسيا إلى إشعال القتال على هذه المنطقة الحيوية. ففي العام الماضي انطلقت شرارة مواجهة كبيرة بين روسيا وأوكرانيا نتيجة اعتراض سفينة غير مسلحة ولا تحمل علمًا في بحر آزوف بالقرب من القرم. وقبل 3 سنوات فتحت القوات الروسية النار على عدة سفن بحرية أوكرانية ادعت أنها اخترقت مياهها الإقليمية. وحتى منطقة دونباس، والتي تشكل جزء من حدود أوكرانيا الشرقية الطويلة مع روسيا، هي منطقة متوترة للغاية.

تنتشر القوات الأوكرانية على طول 250 ميلًا من المتاريس المكونة من الخنادق والتحصينات التي تندلع فيها بشكل مستمر نيران المدفعية والرشاشات، حيث يواجهون الروس الانفصاليين في المنطقة والمدعومين بالبنادق الروسية. صرح دينيس بوشيلين، رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية، أنه يمكن أن تندلع حرب على نطاق واسع هناك في أي وقت، وأن قواته قد تحتاج للاستعانة بدعم موسكو. ومنذ 2014، قُتل ما يقارب الـ 15 ألف شخص أثناء القتال بين الانفصاليين والجيش الأوكراني، حسب تصريحات الحكومة الأوكرانية.

* المقال بقلم يوري براساد – صحيفة “العامل الاشتراكي” البريطانية