تَجَسُّـس الحُكُومات على المعارضين


عبد الرحمان النوضة
2022 / 2 / 22 - 18:14     

1- كَيف تَـتَـجَسَّــس الحٌكومات على المُعارضين السِياسيّين بِوَاسطة بَرْمَجِيَّات إسرائيلية (الصيغة 6)
في مايو 2019، أعلنت الشركة المالكة لتطبيق "واطساب" (WhatsApp)، المُستعمل في الهواتف المَنقولة، أنه يمكن استغلال ثغرة أمنية موجودة في تطبيق "واطساب"، وذلك بواسطة برنامج تَجَسُّسِي يُسَمَّى "بِيغَاسُوسْ" (Pegasus). وَمنذ أن يَتِمَّ تَثْبِيت هذا البرنامج التَجَسُّـسِي داخل هاتف محمول، يُصبح بإمكان هذا البرنامج التجسّـسي أن يجمع معلومات حول الموقع الجغرافي (للشخص صاحب الهاتف المُتَجَسَّـس عليه)، وخطف مُكالماته الهاتفية، وقراءة رسائله الرقمية، ورسائله عبر البريد الإلكتروني، وَيُرْسِلُ البرنامج المُتَجَسِّـس هذه المعلومات إلى الجهة المُستعملة لبرنامج "بِيغَاسُوس". وَيُتِيح أيضًا هذا البرنامج "بِيغَاسُوس" تشغيل ميكروفون هَاتِـف الشخص المُستهدف، وَكَامِيرَا هَاتِفه (آلته المصوّرة)، دون أن يستطيع الشخص المُتَجَسَّـس عليه أن يعرف ذلك.
وفي أكتوبر 2019، اتهمَ ويل كاثكارت (Will Cathcart)، رئيسُ "واطساب" (WhatsApp)، شركةَ NSO Group Technologies الإسرائيلية بالاسم، وذكر أنها مرتبطة بالمخترقين الذين أجروا مكالمات تهدف لِلتَجَسُّـسِ، عبر تطبيق "واطساب" (WhatsApp)، على حسابات حوالي 1400 شخص مُستهدفين بسبب أنشطتهم السياسية المُعارضة. وقدّم رئيس "واطساب" (WhatsApp) شكوى لدى المحكمة الفيدرالية الأمريكية.
وَوِفْقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، تم استخدام برامج التجسّس (المُنْتَجَة من طرف شركة "إن إس أو" NSO الإسرائيلية) مِنْ قِبَل حكومات معروفة بعدم احترامها لِحُقوق الإنسان. ومنها مثلًا الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والمغرب، والمكسيك. وفي عام 2019، تحدّثت الصحافة على أن السلطات المغربية استخدمت برامج التجسّـس مثلًا ضد الصحفي عمر الراضي، وضدّ المعارض المعطي مُنجب.
وفي عام 2019-2020، راج عبر الصحافة أن "موظفين حكوميين" تجسّـسوا على 36 هاتفًا ذكيًا مملوكًا لموظفين في القناتين التلفزيتين "الجزيرة"، و "العربي تِيفِي".
ومنذ البداية، نفت شركة "NSO Group Technologies"، وُجود أية علاقة لها مع القُرْصَان المُتَسَلِّلِين للهواتف الخُصوصية. وذكرت أن برامج التجسـس المنتجة من طرفها لا تُباع إلَّا لِلمُؤسّـسات الحكومية.
وفي نوفمبر 2019، قدّم موظفون في شركة NSO شكوى في مدينة تل أبيب ضد شركة "فيسبوك" (Facebook)، وذلك بعدما أغلـقت هذه الشركة عدّة حسابات شخصية بطريقة اُعتبرت تَـعَسُّفِيَة.
وفي أبريل 2020، نشرت شركة "إن إس أُو" (NSO) الإسرائيلية وثيقة تزعم فيها أن شركة "فيسبوك" (Facebook) ترغب في شراء، أو امتلاك، أو الاستحواذ على، البرنامج التَجَسُّـسِي "بِيغَاسُوسْ" (Pegasus)(1).
«سَانْدْفِين» (Sandvine)، وَ «بِيغَاسُوسْ» (Pegasus)، وَ «سِيرْكَلْزْ» (Circles)، هي برامج إلكتـرونية إسرائيلية، أَنْشَأَتُهَا شركات إسرائيلية بِهَدَف التَّـجَـسُّـس على سُكّان بَلد بأكمله. وَتَبِيع إسرائيل هذه البَرامج إلى عِدّة أنظمة سياسية اِسْتِبْدَادِيَة في العالم. وَتَبيعها خُصوصًا إلى دوّل نَاطِقَة بِالعربية. وهَدَفُهَا هو التَجَسُّـس على المُعارضين السياسيّـين، وعلى المُناضلين الثوريّين، المتواجدين في البلدان الناطقة بالعربية.
وهذه البَرَامِج الإلكتـرونية «سَانْدْفِين» (Sandvine)، و«بِيغَاسُوسْ» (Pegasus)، المُنـتسبة إلى مَجموعة "NSO Group"، تـدخل سوق المنـتجات الرَّقْمِيَة الإسرائيلية للأمن السِّيبِيرَانِي (cybersécurité). وَتَنْضَمُّ «سِيرْكَلْزْ» (Circles) أيضًا إلى هذين المُوَرِّدَيْن الإسرائيليين. وقد تَبَنَّت العديد من الدول الناطقة بالعربية الحلول التـكنولوجية التي تبيعها إسرائيل، بهدف التَجَسُّـس على المعارضين السياسيّين، وعلى الصحفيين، وعلى المُناضِلِين النـقابيّين، والحُقُوقِيِّين، والثوريّين، وغيرهم.
والأنظمة العربية التي تشتـري وتستـعمل هذه البرامج الإلكتـرونية التَـجَـسُّـسِـيَـة، تـفعل ذلك وَلَوْ أن هذا التَـجَـسُّـس الإلكتـروني على المواطنين يُخالـف الدستور، ويتـعارض مع الـقانون القائم. وهذه المعلومات النَاتِجَة عن هذا التَجَـسُّـس الإلكتـروني، لَا تُبْعَثُ فـقط إلى الأنظمة العربية الاستبدادية، بل بإمكانها أن تـذهب، في نـفس الوقت، إلى الأجهزة المُخَابَـرَاتِيَة الإسرائيلية، وَتُعطي هذه البرامج الإلكتـرونية إلى إسرائيل إمكانية الـقـيّام بِـعَمَلِيَّات سِرِّيَة، مُباشرة أو غير مُباشرة، ضدّ المعارضين السياسيّين، أو الثوريّين، المُتواجدين في البلدان الناطقة بالعربية، وذلك سواءً بِـإِتِّـفَاق مع الأنظمة العربية، أم بِدُون موافـقـتـها.
و «سَانِدْفِينْ» ("Sandvine") هي شركة تـعمل في مجال تطوير وتصنيع وتشغيل مُعِدَّات إلكتـرونية، تشتـريها أكثر من دولة نَاطقة بالعربية، لمراقبة "الإنترنت" (Internet)، والتَجَسُّــس على مُستخدميه.
وقد كَشَفَ مَوْقِعُ "المَيَادِين نِتْ" (Mayadeen Net) بعض النشاطات السِرِّيَة التي تـقوم بها هذه الشركة، عندما كشفت قبل أشهر عن نشاطاتها التَجَسُّــسِيَّة على الحدود التُرْكِيَة السُّورية، وعلى الكُرْد (Kurdes)، وفي عدّة مناطق أخرى من العالم.
وتـعمل شركة «سَانْدْفِينْ» ("Sandvine") في أكثر من 50 دولة، وفـقًا للتـقارير الكَنَدِيَة. وهي نَشِطَة بشكل مَلْحُوظ في منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا. وَقَدْ تَمَّ استخدام مُنـتجات هذه الشركة لِحَجْب مواقع إلكتـرونية مُحدّدة في الأردن، وفـقًا لتـقرير "قِيرْيُومْ" (Querium). كما تَمَّ استخدامها في مَصْر خلال سنة 2020 لِاسْتِغْلَال عُمُلَات رَقْمِيَة على نِطاق واسع لا تستطيع سوى الحكومات تَحَمُّلَهَا.
وتَتَطَلَّب مَعرفة تاريخ وجنسية هذه الشركة الرائدة تحقـيـقًا دقيقًا: فـقد تم تسجيل الشركة عند تأسيسها في كَنَدَا، في العام 2001، ثُمَّ وَقَعَ دَمْجُها مع شركة أمريكية مُسجّلة في كَالِيـفُورْنْيَا في الولايات المتّحدة الأمريكية (USA)، تحت اسم "بْرُوسِيرَا" (Procera). ثُمّ اندمجت هذه الشركة الأخيرة بدورها مع شركة يُوجد مقرها في السُّوِيد (Suède).
ومن المُثير للاهتمام أن شركة "سَانْدْفِين" استخدمت الهند وإسرائيل كمقر رئيسي، قبل إعلان إغلاق مقرها في فلسطين المحتلة. لكن تحقـيـقًا أجرته المِنَصَّة المصرية "مسار" (Masar)، يكشف أن عنوان الشركة الكَنَدِيَة يُؤدي إلى شركة إسرائيلية تبيع أنظمة المُراقبة والتَجَسّــس لِصَالح الأنظمة السياسية الـقائمة في البلدان الناطقة بالعربية.
وَقَـادَ التحقـيق أيضًا إلى عِمْلَاق تِـقني يمتلك في الوقت نـفسه حصصًا في شركتي "سَانْدْفِين" (Sandvine)، ومَجموعة "إِنْ إِسْ أُو" (Groupe NSO)، جنـبًا إلى جنـب مع شركة التـكنولوجيا الإسرائيلية الشهيرة «بِيغَاسُوسْ» (Pegasus). بالإضافة إلى ذلك، فإن شركة "بْرُوسِيرَا (Procera) التي اندمجت مع شركة "سَانْدْفِين" (Sandvine) تَـعمل أيضًا وَبِـنَشَاط لِصَالح تُركيا.
فالأمر يَتَـعَلَّـق إِذَنْ بِـتِـكْنُولُوجْيَا يُوجد فيها تـعاون فيما بين إسرائيل، وتُركيا، والمملكة العربية السعودية، والأردن، بِغَرَض تَمْوِيل أنشطتها، وذلك بغض النظر عن العقـول التي تَـقف وراءها.
وتجدر الإشارة إلى أن أنشطة هذه التـكنولوجيا الإلكتـرونية، كما هو الحال مع «بِيغَاسُوسْ» (Pegasus)، لها أيضًا بَصَمَاتُها في لبـنان، وسوريا، والعراق، وإيران، وفـقًا لِتَـقارير كَنَدِيَة مُتخصّصة. وَتُوجد حَالِيًّا لَدَى شركة "سَانْدْفِين" (Sandvine) مكاتب عُمُومية تُمَثِّلُها في بلد الإمارات العربية المتحدة، وقَطَر، ولديها اتـفاقيات تَمْثِيل (Representation) مع شركات في المملكة العربية السعودية.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن "مُختبر الأبحاث" الكَنَدِي (Citizen Lab) قد نشر قائمة الزُّبَنَاء المُحتملين لِشَركة «سِيرْكَلْزْ» (Circles). وهي شركة إسرائيلية تُزَوِّدُ الحُـكومات بأدوات لِاعْتِرَاض المُـكَالَمَات الهاتـفية، والرسائل النَصِّيَة. وتُوجد من بينها بَلْجِيكَا، والدَّنْمَارْك، وَإِسْتُونْيَا، وَصِرْبْيَا.
وتـعتمد تِـقنية هذه البرمجيّات التجسّـسية ​​على مَنظومة "س س 7" (SS7)، وهو بْرُوتُوكُول يستخدمه المُشَغِّلُون لتبادل المعلومات حول الاتصالات الهاتـفية. وَيَتِمُّ استخدامه بشكل خاص على شبكات 2G و 3G. و تستـغلُّ هذه الشركة الإسرائيلية العديدَ من العُيُوب الموجودة في هذا البْرُوتُوكُول SS7.
وبالتالي، قام "مُختبر الأبحاث" الكَنَدِي (Citizen Lab) بِعَمَلِيَة "مَسْح" (scan) مُجمل شَبَكَة الأنتـرنيت الموجودة في العالم بأسره لِتَحديد مَا هي البلدان التي تستخدم هذا البروتوكول "س س 7" (SS7)، والتي تُوجد فيها نُقَط ضُعف أمنية. ثُمَّ نَشَر قائمة الزُّبَـنَاء المُحتملين. واكتشف بلدانًا أخرى غير البلدان الأربعة الموجودة في أوروبا، وهي أُسْتْرَالْيَا، والمِكْسِيكْ، والمَغرب، و الإمارات العربية المتحدة، وأيضا إِنْـدُونِيسْيَا …
ويقـول "مُختبر الأبحاث" الكَنَدِي (Citizen Lab) إن إِسَاءَة استخدام نظام المراقبة هذا مُنـتشر على نطاق واسع. لكنه من الصّعب فَحْصُهُ، أو التَأَكُّد من وُجوده. حيث أنه، «عندما يكون حَاسُوب، أو هَاتِف، مُتَجَسَّـسًا عليه، وأن رَسَائِلَه، أو مُـكَالَمَاتِه، مُلْتَـقَطَة، أو مَخْطُوفَة، فَإنه لَا تُوجد عَلَامَات، ولَا حُجَج، تَدُلُّ على وُجود هذا التَجَسُّــس. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من الصّعب بَل مِن المُكَلِّف، لِمُشَغِّلِي الاتصالات (Opérateurs de Télécom) التمييز بين حركة تَبَادُل مَعْلُومات ضَارَّة، وحركة تبادل معلومات عادية، الشيء الذي يجعل مَنْعَ هذه الهجمات أمرًا صعبًا».
والقوانين القائمة في معظم بلدان العالم تمنع التجسّـس على المواطنين، وخطف معلوماتهم الخصوصية، والاتجار بها. وهذا التجسّـس يخرق حُرمَة شخصية المواطن، ويتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان، ومع مبادئ دولة الحق والقانون.
ويقول بعض الخبراء في "الإعلاميات" أن تطبيق "واطساب" (WhatsApp) هو سَهْل الاختراق من طرف بَرْمَجِيَّات شركة "إِنْ إِسْ أُو" (NSO) الإسرائيلية. بينما تطبيق "سِينْيَالْ" (Signal) هو أكثر أمانًا بالمقارنة مع تطبيق "واطساب". والمنهندسون الإعلاميون الذين خَلَقُوا تطبيق "واطساب"، هم نفس الأشخاص الذين وضعوا تطبيق "سِينْيَالْ". وقد اختلفوا مع قيادة شركة "فيسبوك" (Facebook) فيما يخص سياستها التي تسمح بالتقاط المُعطيات، وجمع المعلومات، عن مستعملي تطبيق "واطساب"، وبيعها لأطراف ثالثة. فوضع هؤلاء المهندسون تطبيقا جديدا خاصا بهم، هو تطبيق "سِينْيَالْ" (Signal). ويمكن تنزيله، واستعماله، بالمجّان، في الهاتف المحمول، من موقع "Google Play Sore".
رأينا فيما سبق تجسّـس الحكّام على المعارضين السياسيين، وعلى الصحافيّين الناقدين، وعلى المناضلين الثوريين. فلا يمكن للقوى السياسية الثورية أن تُوجد، ولا أن تتنامى، ولا أن تنجح، إذا لم تُطَوِّر أساليب فعّالة في مجال مقاومة تجسـس بوليس الدولة الاستبدادية القائمة، وإذا لم تستعمل تجسّـسًا مُضادًا (counter espionage) لِلأجهزة المُخابراتية.

[تَرجم رحمان النوضة هذا المقال من الـفرنسية إلى العربية، عن لمياء محفوظ، عن الموقع الإخباري المغربي: " https://www.perspectivesmed.com/"، وقد نُشِرَ في يوم 4 ديسمبر 2020. وأضاف رحمان النوضة بعض المعلومات الأخرى المُكَمِّلَة إلى هذا المقال، وهي مَعلومات مأخوذة من الموسوعة الرقمية العالمية "فيكيبيديا" (Wikipedia)].

***■*******■***

2- ”فَضِيحَة بِيغَاسُوسْ“ : المغرب تَجَسَّـسَ على هَوَاتِف 38 صَحَافِيًّا، بِمَا فِيهم صَحَفِيُّون أَجَانِب
بَعْدَ قُرابة سَبعة أشهر على نشر المقال السّابق مِن طرف رحمان النوضة، اِنْفَضَحَت قضية تَجَسّـس المغرب على عدد من الشخصيات في فرنسا، وفي المغرب، وَنَشَرَ مَوْقِع لكم في يوم الإثنين 19 يوليوز 2021، 09:12، هذا المقال التالي :
كشفت تسريبات جديدة في إطار تحقيق صحافي دولي تنشره 17 مؤسسة إعلامية دولية بتعاون مع مؤسسة ” Forbidden Stories” حول استخدام برمجيات NSO الاسرائيلية للتجسس “بيغاسوس” (Pegasus) أن المغرب حاول التنصت على 10 آلاف رقم هاتفي مُستعينًا بـ”مشغل” تابع للدولة.
وبحسب تسريبات حصلت عليها مؤسسة Forbidden Stories وشاركتها مع 17 مؤسسة إعلامية، على رأسهم “الغارديان” البريطانية، و”واشنطن بوست” الأمريكية، و”لوموند” الفرنسية ومؤسسة “درج” الناطقة بالعربية، فإن أكثر من 10 آلاف رقم حاول التنصّت عليهم مشغّل تابع لدولة المغرب التي اشترت برنامج التجسّس الشهير “بيغاسوس” من شركة NSO الإسرائيليّة.
ويُشارك في هذا المشروع الاستقصائي، الذي أصبح يعرف بـ “فضيحة بيغاسوس”، أكثر من 80 صحافيًا من 17 مؤسسة صحافيّة في 10 دول حول العالم، تقوم بتنسيقه منظّمة Forbidden Stories بمساعدة تقنيّة من Amnesty International’s Security Lab.
استهداف قائمة جديدة من الصحافيين المغاربة
وفقًا لصحيفة “لوموند” الشريكة لـ Forbidden Stories ، فإن عدة آلاف من الأرقام الفرنسية كانت على قائمة الأهداف، وتمت إضافة أرقام أخرى للقائمة من طرف المغرب الذي حصلَ على التكنولوجيا (وطبعَ علاقاته مع إسرائيل في نوفمبر 2020).
وقالت الصحيفة إن الرباط استخدمت برنامج التجسس الإسرائيلي بشكل محموم، إذ وفقًا للبيانات التي حصلت عليها المنظمة، أضاف المغرب حوالي 10000 هدف من أصل 50000 هدف.
وكانت قضية الصحفي المغربي عمر الراضي قد وثقتها منظمة العفو الدولية، وتشير معلومات جديدة إلى أن البرنامج استهداف عدد من زملائه وهمَا: توفيق بوعشرين، مدير جريدة أخبار اليوم، مؤسس موقع “لوديسك” علي عمار، ومدير موقع “بديل” حميد المهداوي، ومراسل وكالة فرانس برس السابق عمر بروكسي.
المغرب استهدف صحافيين أجانب
وقال المصدر ذاته إن المغرب استهدف صحفيين فرنسيين، بما فيهم إيدوي بلينيل، مؤسس موقع “ميديا بارت” (MediaPart) (أكد الفحص المتعمق لهاتفه اختراقه) والصحفية السابقة في جريدة Le Canard Enchaîné، دومينيك سيمونو التي أصبحت منذ ذلك الحين “المراقب العام للسجون الفرنسية” في فرنسا.
ومنذ أن كشفت منظمة العفو الدولية عام 2020 أن هاتف الصحفي الاستقصائي المغربي عمر الراضي مستهدف من طرف ببرامج التجسـس بيغاسوس، اشتبه صحفيون مغاربة مستقلون في أنهم أيضا يمكن أن يستهدفوا من قبل برنامج المراقبة القوي هذا الذي تقوم بتسويقه شركة NSO Group الإسرائيلية.
وتؤكد قوائم أرقام الهواتف التي تم اختيار أصحابها كأهداف لبرنامج محتملة للتجسس ، والتي شاركتها منظمة Forbidden Stories مع منظمة العفو الدولية و سبعة عشر هيئة تحرير صحفية، بما في ذلك صحيفة لوموند، أن جهاز أمن مغربي استخدم بيغاسوس لاستهداف الصحفيين الذين ينتقدون الحكومة بشكل ممنهج، بالإضافة إلى رؤساء التحرير الرئيسيين في البلاد.
وهكذا فإن رقم توفيق بوعشرين، مدير صحيفة "أخبار اليوم"، الذي يقضي حاليا حكما بالسجن لمدة خمسة عشر عاما بتهمة الاغتصاب، بعد محاكمة أدانها مؤيدوه باعتبارها ذات طبيعة سياسية، قد أصبح هدفا محتملا لبرامج التجسس التابع لشركة NSO فضلا عن رقم زوجته. كما أن أرقام خمسة على الأقل من المشتكيات اللواتي استخدمت شهاداتهن ضده أثناء محاكمته كانت هي أيضا من بين الأهداف المحتملة لبرنامج بيغاسوس. وكانت بعض النساء شاهدات الادعاء الخمسة عشر في الملف قد تراجعن قبل المحاكمة، زاعمات أن الشرطة أجبرتهن على الإدلاء بشهادات زور. وتوجد أرقام اثنتين على الأقل من المشتكيات ضمن الهواتف التي تجسس عليها البرنامج.
وإلى جانب الحالات المحددة لعمر راضي وتوفيق بوعشرين، يبدو أن جميع رؤساء وسائل الإعلام المستقلة تقريبا قد أثاروا اهتمام أجهزة الاستخبارات المغربية. ومن بين أهدافها المحتملة، نجد مؤسس جريدة "لوديسك" (LeDesk)، علي عمار، ومؤسس موقع بديل، حميد المهداوي، الذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات في عام 2018 بسبب “مشاركته” في الحراك الاجتماعي للريف، الذي قمعته السلطة بشدة.
كما اختار الجواسيس المغاربة للمراقبة المحتملة هاتفا يستخدمه عمر بروكسي، المراسل السابق لوكالة الأنباء الفرنسية ومؤلف كتابين نقديين عن الملك محمد السادس والعلاقات الفرنسية المغربية، وكلاهما ممنوع من البيع في المغرب.
وبعد أن أخبرته صحيفة لوموند بأن هاتفه كان هدفا محتملا، أوضح الصحفي الإسباني إغناسيو سامبرير أنه “للأسف لم يفاجأ”. ويقول إنه في شهر يونيو نشرت صحيفة مغربية معلومات مقتطفة من محادثة على واتساب أجراها مع شخصين ولم يخبر أحدا عنها.
وعندما سئلت سلطات المغرب عن ذلك، قالت إنها “تنفي نفيا قاطعا” “الادعاءات التي لا أساس لها” حول استخدامها برنامج بيغاسوس. وتنفي المملكة أن تكون من بين زبناء شركة NSO، ومن جانبها تؤكد شركة NSO أنها لا تعرف بالضبط، أو لا تتحكم في الاستخدام الذي يستخدمه زبناؤها للبرنامج: “لا تدير NSO الأنظمة التي تبيعها لزبنائها الحكوميين، وليس لديها إمكانية الوصول إلى بيانات أهداف زبنائها”. وعلى نطاق أوسع، طعنت مجموعة NSO في نتائج تحقيقات “مشروع بيغاسوس”، واصفة إياها بأنها “نظريات لا أساس لها من الصحة”.
الصحفيون المغاربة ليسوا الوحيدين الذين يحظون باهتمام أجهزة الاستخبارات في المملكة المغربية بل يوجد نحو ثلاثين صحفيا ورؤساء تحرير فرنسيين على قائمة أهداف بيغاسوس، من بينهم من يعملون في Le Monde، و Le Canard enchaîné، و le Figaro، أو وكالة الصحافة الفرنسية AFP، وFrance Télévisions. وفي عدة مناسبات، تمكن اتحاد Forbidden Stories ومختبر Security Lab التابع لمنظمة العفو الدولية من تحديد نجاح الاستهداف بفيروس بيغاسوس من الناحية التقنية.
وهذا هو الحال على وجه الخصوص بالنسبة لهاتف الصحفي Edwy Plenel مؤسس موقع ميديابارت، وهاتف Dominique Simonnot، الصحفية الاستقصائية السابقة في صحيفة لو كانار أونشينيه، والتي أصبحت فيما بعد مراقبة عامة حول أماكن الاحتجاز، ولكن أيضا هاتف صحفية من جريدة لوموند، لم ترغب في الإعلان عن استهداف هاتفها.
وفي بعض الحالات، يبدو سبب الهجوم واضحا: فقد استهدف إدوي بلينل بعد وقت قصير من انتقاده العلني لحملة الشرطة على احتجاجات الريف، كما أكد تحليل أجراه مختبر الأمن Security Lab التابع لمنظمة العفو الدولية. في يونيو2019، وبينما كان السيد بلينل يشارك في مائدة مستديرة في مهرجان ثقافي في الصويرة، يتذكر أنه “تدخل لإثبات أنه لن يفرض رقابة على نفسه بمجرد وجوده في المغرب؛ وتحدث عن مصير حراك الريف، والقمع الذي تعرضت له المظاهرات الشعبية”.
بالنسبة لمؤسس ميديابارت، ربما كان هذا التدخل بمثابة المحفز لجهاز الاستخبارات للتجسس عليه، ولكن قبل كل شيء “إن المستهدفين هم زملائنا المغاربة، وعلى الخصوص استقلالية جريدة لوديسك [التي كانت شريكا لميديابارت]” . وهو ينوي التقدم بشكاية للقضاء.
كما أصيب هاتف صحفية أخرى من ميديابارت، هي لينايغ بريدو Lenaïg Bredoux. وكانت السيدة بريدو، المتخصصة في ملفات العنف الجنسي، وهو موضوع يستخدم أحيانا في المغرب ضد الأصوات الناقدة للسلطة، قد كتبت أيضا في عام 2015 سلسلة من المقالات عن مدير المديرية المغربية لمراقبة التراب الوطني، السيد عبد اللطيف الحموشي. في ذلك الوقت، كان رئيس جهاز الاستخبارات الرئيسي في المغرب موضوع شكاية في فرنسا بتهمة التواطؤ في التعذيب، ومرشحا في نفس الوقت للحصول على وسام من الجمهورية الفرنسية كاعتراف بتعاونه في مكافحة الإرهاب.
كما كشفت التحاليل استهداف برنامج بيغاسوس في صيغته المغربية لهاتف برونو ديلبورت Bruno Delport رئيس إذاعة TSF Jazz (مجموعة Combat ، التي يملكها Matthieu Pigasse ماتيو بيغاس، وهو مساهم فردي في صحيفة لوموند)، والسيد دلبورت هذا هو أيضا رئيس مجلس إدارة منظمة Solidarité Sida ، وهي منظمة غير حكومية تشتغل على برامج وقائية لعاملات الجنس في المغرب.
وفي حين يبدو أن المخابرات المغربية استهدفت بشكل رئيسي الصحفيين العاملين في الصحف التي لها ميولات يسارية، أو نحو وسط الطيف السياسي. إلا أن وسائل الإعلام اليمينية لم تسلم منها. لقد أدخل الجهاز المغربي في برنامج NSO رقم هاتف تم تعطيله الآن ولكنه نسب سابقا إلى الصحفي المثير للجدل Eric Zemmour إريك زمور، الذي كان في فبراير 2019، وخلا استضافته من طرف قناة LCI، قد هاجم المهاجرين المغاربة بسخرية عنيفة، دون أن يكون من المؤكد أن الحدثين مرتبطان.
وفي حالات أخرى، يبدو منطق الجواسيس المغاربة ضبابيا: فالصحفية من صحيفة لوموند التي استهدف هاتفها لا تشتغل على أي ملف يتعلق بالمغرب، تماما مثل الصحفيين الآخرين الذين تم اختيار أرقامهم من قبل المستعمل المغربي لبرنامج NSO. ومن الممكن أن تكون قد استهدفت في المقام الأول للوصول إلى لائحة عناوينها carnet d’adresses المسجلة في هاتفها، وبالتالي الحصول على أرقام أهداف أخرى.
استهداف صحافيي مؤسسات كبرى
ووفقًا لسلسلة التسريبات التي تتناوب على نشرها 17 مؤسسة إعلامية، كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، أن الصحفيين الذين تم استهدافهم عبر برنامج التجسس الإسرائيلي يعملون لدى بعض المؤسسات الإعلامية الأكثر شهرة في العالم، وهي تشمل وول ستريت جورنال، وسي إن إن، ونيويورك تايمز، والجزيرة، وفرانس 24، وراديو أوروبا الحرة، وميديابارت، وإل بايس، وأسوشيتد برس، ولوموند، وبلومبرج، ووكالة فرانس برس، والإيكونوميست، ورويترز، وصوت أمريكا.
وقال سيدهارث فاراداراجان لـ”الغارديان”، وهوَ المؤسس المشارك للموقع الإخباري الهندي The Wire عن قرصنة جهازه واختيار زملائه للاستهداف: “ تَشْعُر أنك مُنتهك”، “هذا تدخُّل لا يُصدق، ولا ينبغي على الصحفيين التعامل معه. لا ينبغي لأحد أن يتعامل مع هذا، ولكن على وجه الخصوص الصحفيين، وأولئك الذين يعملون بطريقة ما من أجل المصلحة العامة “.
وقالت “الغارديان” إن عمر الراضي، الصحفي المغربي المستقل والناشط في مجال حقوق الإنسان، الذي نشر تقارير متكررة عن الفساد الحكومي، تعرض هاتفه للقرصنة من قبل عميل NSO طوال عامي 2018 و 2019.
ومنذ ذلك الحين، اتهمته الحكومة المغربية بأنه جاسوس بريطاني، في مزاعم وصفتها هيومن رايتس ووتش بأنها “تسيء إلى نظام العدالة لإسكات أحد الأصوات الناقدة القليلة المتبقية في وسائل الإعلام المغربية”.
ورفض سعد بندورو، نائب رئيس البعثة في سفارة المغرب في فرنسا، النتائج التي توصلت إليها التحقيقات.
وقال: “نذكركم بأن المزاعم، التي لا أساس لها، والتي نشرتها بالفعل منظمة العفو الدولية، ونقلتها وسائل الإعلام، كانت بالفعل موضع رد رسمي من قبل السلطات المغربية، التي أنكرت بشكل قاطع مثل هذه المزاعم.
(اِنْتَهَى مقال موقع لكم2 ).
وحسب تسريبات حصلت عليها مؤسسة Forbidden Stories، وحسب مَا كشفت صحيفة ”لوموند”، يُوجد ضمن الأشخاص المغاربة المستهدفين بِتَجسّـس برمجية بِيغَاسُوس : رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية ، سعد الدين العثماني؛ وعبد الله بوانو، برلماني؛ وعبد العالي حامي الدين، وهما قياديين في الحزب؛ وَسمير عبد المولى، عضو في حزب العدالة والتنمية ؛ وغسان بن الشيهب، المكلف السابق بالتواصل الرقمي لحزب “المصباح”؛ وحماد القباج، وهو دَاعِيَة إسلامي أصولي؛ وأمينة ماء العينين؛ وَحسن بناجح من جماعة العدل والإحسان ؛ وَعمر بالفريج، النائب البرلماني عن “فيدرالية اليسار” داخل مجلس النواب؛ والذي أعلنَ اعتزاله السياسة وعدم الترشح للانتخابات المقبلة؛ وَمحمد زِيَّان من الحزب الليبرالي المغربي ، ومساعده قبل أن ينشق عليه إسحاق شارية؛ وَمحمد منير الماجدي، السكرتير الخاص للملك محمد السادس، ورقم حاجبه محمد العلوي؛ وَالجنرال محمد حرامو، قائد الدرك الملكي؛ وأفراد من الأسرة الملكية؛ والأمير هشام العلوي، ورقم زوجته، وبنتيه، وشقيقه الأمير إسماعيل؛ ورقم رجل الأعمال فؤاد الفيلالي طليق الأميرة مريم؛ ورقم محمد الدويري، الحارس الشخصي للملك الراحل الحسن الثاني؛ والأميرة سلمى بناني؛
***■*******■***
3- ”مُنَظَّمة العفو الدولية“ تُطَالِب بِوَقْف بَيْع تِقْنِيَّات التَجَسُّـس بَعْدَ فَضيحة ”بِيغَاسُوسْ“
نَشَرَ موقع لكم2 في يوم السبت 24 يوليو. 2021 | 17:41 :
دعت منظمة العفو الدولية إلى فرض وقف مؤقت على بيع واستخدام تقنيات التجسس، قائلة إن المزاعم عن استخدام الحكومات برنامجاً زودتها به شركة إسرائيلية للتجسس على صحافيين ونشطاء ورؤساء دول “كشفت أزمة حقوق إنسان عالمية”.
وحذرت المنظمة غير الحكومية في بيان نشرته الجمعة، من “التأثير المدمر لصناعة برامج التجسس غير المنظمة على حقوق الإنسان في العالم”.
وأصبح برنامج بيغاسوس التابع لمجموعة “إن إس أو” والقادر على تشغيل كاميرا الهاتف أو الميكروفون وجمع بياناتهما في صلب فضيحة كبرى بعد تسريب قائمة تضم أسماء نحو 50 ألف هدف مراقبة محتمل لمنظمات حقوقية.
وتعاونت منظمتا “العفو الدولية” و”فوربيدن ستوريز” الفرنسية مع مجموعة من المؤسسات الإعلامية بينها “واشنطن بوست” و”غارديان” و”لوموند” لتحليل القائمة ونشرها. واضطر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان على قائمة الأهداف المفترضة إلى تغيير رقمه وجهاز الهاتف الذي كان يستخدمه.
وقالت أغنيس كالامارد الأمينة العامة لمنظمة العفو في البيان، إن هذه التقنيات “لا تعرض الأشخاص المستهدفين بشكل غير قانوني للأذى والضرر فحسب، بل لها أيضاً عواقب مزعزعة للاستقرار على حقوق الإنسان العالمية وأمن البيئة الرقمية بشكل عام”.
وأضافت أن مجموعة “أن أس أو” الإسرائيلية “هي مجرد شركة واحدة فقط”، ولفتت إلى أن “هذه صناعة خطيرة عملت على حدود المشروعية القانونية لفترة طويلة، ولا يمكن السماح لها بالاستمرار”، وتابعت “الآن نحن بحاجة بشكل عاجل إلى تنظيم أكبر لصناعة المراقبة الإلكترونية، والمحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان، ومزيد من الإشراف على هذه الصناعة الغامضة”.
ودعت منظمة العفو إلى الوقف الفوري لأي تصدير أو بيع أو نقل أو استخدام لتقنيات المراقبة “حتى يتم وضع إطار تنظيمي لها يتوافق مع حقوق الإنسان”. وقالت كالامارد: “حقيقة أن قادة سياسيين من العالم وغيرهم كانوا ضحية تقنيات برامج التجسس، يؤمل منه أن يكون بالنسبة إليهم ولدولهم بمثابة دعوة طال انتظارها للتيقظ للإسراع بتنظيم هذه الصناعة”.
وتشمل قائمة الأهداف المفترضة 180 صحافياً على الأقل و600 سياسي و85 ناشطاً في مجال حقوق الإنسان و65 رجل أعمال. وتشدد “إن إس أو” على أن برنامجها التجسسي مخصص للاستخدام فقط في مجال مكافحة الإرهاب وجرائم أخرى، وأنها تصدر تقنيتها إلى 45 دولة بموافقة الحكومة الإسرائيلية.
(اِنتهى مقال موقع لكم ).
#عبد_الرحمان_النوضة