ريّا ن !


عارف معروف
2022 / 2 / 5 - 19:32     

- هذه ليست قصة جديدة ابدا ، فمذ عقود ونحن نشهد ، عبر شاشات العالم ، وبين فترة واخرى ، جهود انقاذ " قطة " في بالوعة صرف صحي في بلد اوروبي ، او كلبة صغيرة علقت في حفرة في آخر .. ونتعجب من فرط انسانية هذه الدول ومدى رقي تلك المجتمعات ، وكيف انها تحرص على حياة قطة ومشاعر كلبة ، ولربما اشتط بعضنا ، من المتثيقفين العارفين برقي الغرب وانسانيته ، فذهب الى انهم قد يلحقوا هذه القطة ، بعد انقاذها ، بدورة تاهيل سايكولوجي مكثفة لعلاجها من الرضوض النفسية التي المّت بها جراء ذلك والخبرات المريرة التي مرت بها نتيجة له !
2- ولابد ، طبعا ، وكنتاج ضروري ، من عقد المقارنات المحبطة ، بين انسانيتهم ووحشيتنا ، بالمباشر ، عبر الكلمة المسموعة والمكتوبة ، او بشكل غير مباشر حينما تتسرب وتستقر في دواخلنا مشاعر كراهية الذات والاشمئزاز منها واحتقارها ، ونحن نرى ان " ناسنا " لا يعبأون بالبشر فما عساهم يفعلون بازاء قطة ولا بد ان نعرّج باللائمة على دولنا وانظمتنا التي لا تقيم وزنا لكل قيمة انسانية ، وفي كل الاحوال لا تتوجه ردود افعالنا وانعكاساتنا السلبية الى هذه الانظمة وتلك الحكومات باعتبارها صنائع لحرلسة مصالح خارجية ونواطير ضد الشعوب وانما كممثلين وخلاصات لنا ، كتاريخ ودين واخلاق ، باعتبار " كيف تكونوا يول عليكم " ، فتنال هذه المنظومات ، اقصد الدين والتاريخ والقيم المحلية ، حصتها من سبابنا وشتائمنا !
3- لكن المسرحية الانسانية الاكثر اثارة وايلاما جاءتنا هذه المرة من المغرب ، المغرب الذي بزّ الغرب والغربيين الذين كانوا سيرسلون في افضل الاحوال فرقة منقذين بمعداتهم ونحن نراه ، واعيننا لا تقوى على تصديق ما تشاهده ، وقد استنفر جهوداهندسية وادارية جبارة من اجل اخراج الطفل " ريان " من البئر التي علق بها وكيف شُدّ المشاهد العربي وعواطفه ، الى هذا المسلسل المثير ، بحلقاته واخباره على مدار الساعة ، وهو يقترب ، مع جهود المنقذين من " ريان "...
4- لا اعرف كم " ريان " في عمر الشباب وميعة الصبا يتعفن الان في سجون المغرب ولا كم الف طفل وكم مئة الف عائلة تتضور جوعا في المغرب ، ناهيك عن الاف مؤلفة بل الملايين من الاطفال في كل بلاد العرب السعيدة ممن لا يجدون لا تعليم ولا كهرباء ولا شارع معبد ولا سقف يقيهم حرّ الصيف وقرّ الشتاء بل ولا لقمة خبز حتى ، في حين تتكدس كل هذه الحفارات العملاقة ويتدافع كل هؤلاء المهندسين والعمال ، لايام وليال من اجل انقاذ طفل واحد سقط في بئر .... ياعيني !
5- دعك من الجرائم المروعة للنظام العربي كله بحق اطفال اليمن وكيف تتناثر اجساد العشرات منهم في كل قصف ، ولكن قل لي هل يستطيع عقلك ان يهضم هذه " الانسانية " الزائدة عن الحدّ بل ويعقل نسائم اللطف الالهي هذه وهي تهب على حكام بلد عربي عرف بالفقر والجوع والفساد والسجون فيبذل الجهد سخيا من اجل انقاذ طفل ، طفل صغير واحد فقط ! ، ام انه مسلسل اثارة متهافت وغير قابل للتصديق لم يصدر عن النظام المغربي وحده بل وصدر عن كل النظام العربي القائم كانتاج برامجي مشترك ؟!