ما العمل ؟ افتتاحية العدد 67 من طريق الثورة


حزب الكادحين
2022 / 1 / 28 - 15:39     

‏ تحلّ بيننا هذا العام الذّكرى الحادية ‏عشرة لانتفاضة 17 ديسمبر في ظلّ ‏متغيّرات سياسيّة على السّاحة التّونسيّة لا ‏يمكن لأحد إنكارها. وترتبط هذه ‏المتغيّرات على السّاحة السّياسيّة بما ‏حصل ومازال يحصل منذ يوم 25 جويلية ‏‏2021، وهو اليوم الذي وجّه فيه الشّعب ‏ضربة قاصمة للرّجعيّة الدّينيّة الحاكمة ‏ولحلفائها الذين غنموا من حكمها إمّا ‏الكثير او القليل طيلة عشريّة كاملة. فقد ‏عبّرت الهبّة الشعبيّة والقرارات الرّئاسيّة ‏التي لحقتها في ذلك اليوم عن تطلّع ‏الطّبقات المحرومة إلى تغيير الوضع القائم ‏يبدأ بإسقاط المنظومة التي أنجبها رغما ‏عن الشّعب متآمرو 14 جانفي من الدّاخل ‏والخارج على انتفاضة 17 ديسمبر ‏ومطالبها الوطنية والاجتماعيّة.‏
‏ وقد خلقت هذه الضّربة مشهدا سياسيّا ‏أخذت ملامحه تتوضّح تدريجيّا من خلال ‏الاصطفاف في خندق السيادة الوطنية ‏وتوزيع الثّروة على المنتجين ومحاربة ‏المنقلبين على انتفاضة الشعب من جهة أو ‏الاصطفاف في خندق الرّجعيّة بشكل ‏مكشوف أو مقنّع والاختفاء وراء شعارات ‏مقاومة الانقلاب والشعبويّة والدّفاع عن ‏الديمقراطية والحريّات وحقوق الإنسان من ‏الجهة الثانية والمقابلة. ولئن سارع ‏المصطفّون في الخندق الثاني إلى تجميع ‏أغلب الأطياف الرّجعيّة والانتهازيّة ‏وتشكيل ائتلافات وجبهات سياسيّة وإلى ‏اتّباع أشكال مختلفة من التحرّك دفاعا عن ‏مصالحها المهدّدة مستغلّة علاقاتها ‏الخارجيّة المتينة مع قوى رجعيّة عالمية ‏وإقليميّة ذهبت حدّ طلب التدخّل في ‏الشؤون الوطنية ومستغلّة تغلغلها العميق ‏في مختلف أجهزة الدّولة ومفاصلها ‏ومعتمدة على وسائل الإعلام والدّعاية ‏المأجورة، وبالمقابل، ظلّ المصطفّون في ‏الخندق الأوّل، خندق السيادة الوطنية ‏والعدالة الاجتماعية، مشتّتي القوى ‏ومختلفي البرامج والخطط بالرّغم من ‏ظهور بعض محاولات التّجميع لكنّها تبقى ‏غير كافية في الوقت الذي ترصّ فيه ‏الجبهة المعادية صفوفها وتجمّع قوّاها ‏للانتقال من حالة الدّفاع إلى حالة الهجوم. ‏وقد يعود هذا التشتّت السياسي إلى قصور ‏نظريّ لدى بعض الأطراف التي مازالت ‏إمّا خجولة وإمّا متردّدة في الإفصاح عن ‏موقفها المساند لقرارات 25 جويلية وما ‏بعدها بدعوى أنّ قيس سعيّد هو جزء من ‏نفس المنظومة وهو مشروع دكتاتور ‏وغير ذلك من التبريرات، وهي تحاول ‏عن قصد حجب تلك الضّربة التي وجّهها ‏إلى نفس تلك المنظومة وأهدافها المعلنة ‏والتي أفصح عنها وحقّق بعضها من ذلك ‏إلغاء 14 جانفي وتعويضه بـ17 ديسمبر ‏ودحضه لديمقراطيّتهم الزّائفة ومحاسبة ‏عصابات الفساد بمختلف أصنافه ‏‏(السياسي، المالي، الإداري..) ودفاعه عن ‏السيادة الوطنيّة رغم ما يمثّله ذلك من ‏خطر على مشروعه.. إنّ التردّد ‏والاستكانة في ظلّ هذا التناقض الحادّ بين ‏خندق السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية ‏وبين خندق الرّجعيّة وحلفائها لا يخدم ‏مطالب الشعب التي ضحّى من أجلها طيلة ‏عقود طويلة لأنّ تلك المطالب لا تتحقّق ‏دون وحدة الشّعب ووحدة الشّعب لا تتحقّق ‏دون وحدة ثورييه وقواه الحيّة. فيا أيّها ‏الثّوريّون ويا أيّها الوطنيّون اِتّحدوا من ‏أجل الوطن والشّعب ‏‎!‎

‏-----------------------------------------------------------------------------------‏
طريق الثورة، العدد 67، نوفمبر-ديسمبر 2021