جوانب من الصراع الأيديولوجي السياسي المتمظهر في صفوف الحركة الشيوعية الأممية


الحزب الشيوعي اليوناني
2022 / 1 / 26 - 11:29     


مقال لقسم العلاقات الأممية للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني عن مؤتمر اﻷحزاب الشيوعية اﻷممي الأخير المنعقد عن بُعد


في ظروف "الموجة" الخامسة للوباء، أقيم مؤخراً عن بُعد مؤتمر استثنائي للقاء اﻷممي للأحزاب الشيوعية والعمالية، تحت مسؤولية الحزب الشيوعي اليوناني والحزب الشيوعي التركي. حيث تؤكد التطورات عدم تمُّكن الحكومات البرجوازية من مواجهة وباء الفيروس التاجي في صالح العمال. و بالإضافة إلى ذلك، فإن القيود المفروضة على السفر من بلد إلى آخر تُصعِّب قيام لقاءات مع حضور فعلي. إن جذور هذا التطور السلبي متواجدة في أوجه القصور الهائلة في أنظمة الصحة العامة، نتيجة للسياسة المناهضة للشعب التي تنتهجها الحكومات المتواجدة في خدمة رأس المال. حيث نشهد سياسة تسليع وخصخصة الصحة، و إسناد ربحية المجموعات الاحتكارية، وكذلك رفض تلبية مطلب الأحزاب الشيوعية لإلغاء براءة الاختراع على اللقاحات والأدوية، و هو ما كان سيسهم في حال تطبيقه في تسريع مسار التطعيم والوقاية من الطفرات الجديدة للفيروس التاجي.

في ظل هذه الظروف، يجب على الأحزاب الشيوعية والعمالية التي تواصل النضال من أجل حياة وحقوق الطبقة العاملة والشرائح الشعبية الأخرى، و أن تتبادل وجهات النظر والخبرات حول نشاطها، عبر وسائل أخرى. و كانت هناك العديد من هذه النشاطات في السنوات الأخيرة. هذا و كان المؤتمر الأممي الاستثنائي المنعقد عن بعد - الذي تطلَّب إنجازه أسلوباً خاصاً ومعالجة بنحو جيد، لكي تتمكن من المشاركة به أحزاب متواجدة في مناطق ذات توقيت مختلف- قد ساعد في تبادل الآراء حول مسائل حاسمة للتطورات.

و لمرة أخرى، كان التعاون الوثيق الذي طوره الحزب الشيوعي اليوناني و الحزب الشيوعي التركي من أجل إنجاح هذه المحاولة، أنموذجاً عملياً آخر على الأممية البروليتارية.

المواضيع الأساسية التي شغلت الاجتماع

أضاءت تموضعات اﻷحزاب جوانب نشاطها وكذلك مقاربة كل حزب للتطورات الدولية والمحلية الأساسية. و تم الإعراب عن التضامن مع الحزب الشيوعي الكوبي،و الشعب الكوبي ككل، و هو الذي يناضل منذ عقود ضد الحصار الإمبريالي. و أُعرِب عن التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل حقوقه.

إن جميع مداخلات الأحزاب منشورة على موقع SOLIDNET الألكتروني، كما و منشور هو نص النشاطات المشتركة الذي أُقرّ في المؤتمر و هو الذي يَنصُّ على قيام نشاطات مشتركة ومتقاربة سيتم تطويرها من قبل الأحزاب الشيوعية عام 2022. و تتعلق هذه النشاطات بالحقوق العمالية الشعبية، وتعزيز أنظمة الصحة العامة، و مجابهة العداء للشيوعية وتشويه العطاء التاريخي للاتحاد السوفييتي والاشتراكية، و بانتهاز فرصة ذكرى مناسبات بارزة، كذكرى تأسيس الاتحاد السوفييتي في 30 كانون اﻷول ديسمبر 1922، كما و إقامة فعاليات تضامنية مع الشيوعيين وغيرهم من المناضلين، ممن يواجهون الملاحقات والحظر، و فعاليات ضد الحروب والتدخلات الإمبريالية، و ضد الناتو والتحالفات العسكرية الإمبريالية الأخرى، و ضد وجود القواعد العسكرية الأجنبية، و من أجل إبراز ضرورة الاشتراكية و راهنيتها و موضوعيتها باعتبارها البديل الوحيد للرأسمالية.

و تم نشر كل هذا بالتفصيل، على موقع SOLIDNET و باللغة اليونانية في صحيفة "ريزوسباستيس" و بوابة 902 اﻹعلامية، بالإضافة إلى الكلمتين الاستهلاليتين للرفيقين اﻷمينين العامين للحزبين الشيوعيين: اليوناني و التركي، ذيميتريس كوتسوباس و كمال أوكويان.

تصوير الصراع الأيديولوجي السياسي الجاري داخل الحركة الشيوعية الأممية

بالتأكيد، لا تزال المسائل الأيديولوجية والسياسية الجادة تعصف بالحركة الشيوعية الأممية. و في كل حال، تشارك في اللقاء اﻷممي أحزاب كالحزب الشيوعي الفرنسي أو الحزب الشيوعي الإسباني، كانت قد لعبت دوراً قيادياً في التيار الانتهازي لما يسمى بـ "الشيوعية الأوروبية"، وكذلك، أحزاب أخرى تشارك في "عِمادِ" المركز الانتهازي الأوروبي الحالي المسمى "حزب اليسار الأوروبي"ومجموعة "اليسار" في البرلمان الأوروبي GUE/NGLالتي كُنَّا قد قدرنا سابقاً أنها انزلقت إلى ضرب من تمثيل ﻠ"حزب اليسار الأوروبي" في البرلمان الأوروبي. حتى و تشارك في اللقاء أحزاب كانت قد رفضت الماركسية اللينينية و رمز المطرقة والمنجل و ألقت اللوم على بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي.

الصراع حول مسألة المشاركة في الحكومات البرجوازية

لا تزال مسألة مشاركة أو دعم الأحزاب الشيوعية لحكومات "يسارية" و "تقدمية"تظهر فوق أرضية إدارة الرأسمالية، تشكِّل نقطة محورية في المواجهات الأيديولوجية-السياسية الجارية. و ذلك في المقام اﻷول، نظراً لأن الأحزاب التي تتبع هذا الموقف السياسي مع تبني بدع مختلفة ﻛ"أنسنة" الرأسمالية و "دمقرطة" الاتحاد الأوروبي، أو "المراحل نحو الاشتراكية" و ما يسمى ﺑ"القطيعة مع السياسة اليمينية"، هي أحزاب تقوم بزرع أوهام إدارية و "تغسل" الدور القذر للاشتراكية الديمقراطية و تركز نقدها على أحد صيغ الإدارة البرجوازية، أي الليبرالية الجديدة. حيث تتجاهل مثل هذه القوى وتقلل من شأن القوانين التي تحكم الاقتصاد الرأسمالي والطابع المعطى والرجعي الذي لا رجعة فيه للدولة البرجوازية، و هو الطابع الذي لا يُنقض عبر أي مزيج للإدارة البرجوازية. حيث تشير هذه القوى إلى الصراع من أجل الاشتراكية في "منظور طويل الأمد" وتتحمل في الممارسة مسؤوليات جسيمة تجاه الشعوب، ما دامت تتخلى عن العمل اليومي المجهد من أجل حشد القوى الاجتماعية، التي لها مصلحة في الصدام مع الاحتكارات والرأسمالية.

و بهذا النحو، نرى تركيز هذه اﻷحزاب على حلول إدارة حكومية، حتى مع تصويتها في صالح الإنفاق العسكري لاحتياجات الناتو، والبعثات الإمبريالية، المخصصة على سبيل المثال لتُرسل نحو منطقة الساحل، أو تركيزها على استبدال المطالبة بفك ارتباط بلادها عن الناتو بالمطالبة الغير المحددة و المجردة ﺑ"تفكيك" هذا الحلف. هذا و يتكشف ما تصل إليه هذه السياسة في إسبانيا، حيث يشارك الحزب الشيوعي الإسباني في حكومة تدير الوباء بنحو بربري ومناهض للشعب، وتتخذ تدابير جديدة مناهضة للعمال على أساس توجيهات الاتحاد الأوروبي، بينما تصل حتى اتخاذ تدابير لتقويض كوبا، و ذلك بالتأكيد إلى جانب مشاركتها الثابتة في مخططات حلف شمال الأطلسي.

عن الالتباس القائم حول مفهوم الإمبريالية

إن هذه اﻷحزاب هي في الأساس ذات القوى التي تواجه الإمبريالية لا وفق المعايير اللينينية، كرأسمالية في مرحلتها الاحتكارية، بل باعتبارها ببساطة سياسة خارجية عدوانية. و على هذا النحو، فهي تتغاضى عن واقعة اصطدام الاحتكارات والدول الرأسمالية في عصرنا، و اصطدام اتحاداتها الجاري حول السيطرة على المواد الأولية والطاقة والثروة الباطنية وطرق شحن البضائع وحصص الأسواق. و بنحو أسوأ من ذلك، ترفض بعض اﻷحزاب القبول بأن المزاحمة الجارية بين الاحتكارات تشكِّل الخلفية لاحتدام التناقضات دولياً.

حيث تتركز المسألة بالنسبة لهذه الأحزاب على السياسة الخارجية العدوانية للولايات المتحدة أو الناتو أو لبعض القوى الأخرى العاتية، والتي تفسر"العدوانية الإمبريالية" من جانب واحد وتقترح قيام ما يسمى بـ "العالم متعدد الأقطاب" باعتباره حلاً. ومع ذلك، فإن الموقف الذي يَحصُرُ الإمبريالية بالولايات المتحدة، وكذلك الموقف القائل بأن وجود العديد من "الأقطاب" الدولية التي يتحكم أحدها بالآخر سيُنتج "عالماً سلمياً"، هو موقف مضلل تماماً للشعوب. هو موقف يخفي الواقع و يزرع أوهاماً قائلة بإمكانية وجود إمبريالية "غير عدوانية" و وجود رأسمالية مزعومة "مؤيدة للسلم".

لقد مارس الحزب الشيوعي اليوناني وأحزاب أخرى النقد تجاه وجهات نظر مماثلة، تم تطويرها في القرن الماضي و على حد السواء من قبل القوى الانتهازية في أوروبا و الحزب الشيوعي السوفييتي، خاصة بعد انعطافه الانتهازي المسجَّل في مؤتمره العشرين، عندما سيطر خط "المباراة السلمية" بين النظامين الاجتماعيين- السياسيين.

عن التعاون "المناهض للفاشية" مع القوى البرجوازية

ينشأ التباس لدى بعد اﻷحزاب من واقعة استدعاء النظام الرأسمالي ﻠ"كلب حراسة زريبته" في حالات مختلفة، و هو المتمثل في مختلف القوى الفاشية التي يستخدمها للترويج لمختلف مخططات الطبقات البرجوازية، كما حدث في أوكرانيا. حتى أن بعض القوى التي تعترف أن الفاشية هي "نسل الرأسمالية و ربيبتها"، تميل إلى فصل هذه المسألة عن الصراع ضد الرأسمالية، وتنقاد نحو رؤية لتعاون "مناهض للفاشية" مع القوى البرجوازية أو لدعمها.

و فيما يخص التطورات الدولية الحالية، يبرز اليوم التقييم ذي اﻷهمية المحورية الذي خَلُص إليه الحزب الشيوعي اليوناني من خلال دراسة تاريخ الحرب العالمية الثانية. و هو أن تلك الحرب كانت إمبريالية وغير عادلة على حد السواء لكلا القوى الفاشية الرأسمالية والبلدان الرأسمالية "الديمقراطية"، التي ارتكبت أيضاً جرائم كبيرة ضد الإنسانية، كما كان القصف النووي لهيروشيما وناغازاكي. و أن الحرب كانت عادلة فقط لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية و لحركات حرب الأنصار وحركات التحرير الشعبية في البلدان المحتلة، حيث لعب الشيوعيون دوراً قيادياً.

إن لهذا الموقف ارتباط مباشر باليوم، حيث تتجلى التناقضات الإمبريالية البينية في أوكرانيا، عند استخدام الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي القوى الفاشية في أوكرانيا من أجل قيام ترتيباتهم الجيوسياسية، ومن ناحية أخرى، تضع روسيا الرأسمالية أولوية لمصالح احتكاراتها الخاصة. حيث من الجلي هو تحمُّل الولايات المتحدة و حلفي الناتو والاتحاد الأوروبي، اﻹمبرياليين وكذلك الطبقات البرجوازية المشكِّلة لهما، مسؤوليات جسيمة فيما يتعلق بالتطورات. و في الوقت نفسه، تتحمل الطبقة البرجوازية الروسية مسؤوليات هائلة عن الوضع الحالي. هذا و كان جميع أولئك الذين يشكلون الطبقة البرجوازية الروسية قد لعبوا دوراً قيادياً في تفكيك الاتحاد السوفيتي. الذي انقضت مؤخراً ذكرى مرور 30 عاماً على تفكيكه.و حينها كانت الرغبة الجامحة ليلتسين والقوى الاجتماعية والسياسية التي تبعته متمثلة في هدم الاتحاد السوفييتي، و هو الذي لم يكن مهتماً على الإطلاق، على سبيل المثال، بمآل القرم كما و مآل ملايين الروس والناطقين بالروسية بعد تواجدهم خارج روسيا، و بمصير هؤلاء البشر. و لذلك، فمن الاستفزازي الآن أن نرى سياسيين دعموا حينها يلتسين في هدم الاتحاد السوفييتي، يقومون باتهام لينين و بنحو متواصل بتهمة تفكيك الاتحاد السوفييتي، و هم ذاتهم الذين يدعوننا إلى "النضال ضد الفاشية" في أوكرانيا.

مقاربة الصين الحالية

و بالإضافة إلى ذلك، فإن مسألة المواجهة الأيديولوجية السياسية حول ماهية الاشتراكية هو أمر حاسم الأهمية. حيث ليست بالقليلة هي اﻷحزاب التي "تُعمِّد اللحوم و تعتبرها سمكاً". فقبل بضع سنوات، كانت هناك نظريات مختلفة حول "اشتراكية القرن الحادي والعشرين" أو "اشتراكية الحياة الكريمة"، كما سميت العديد من الحكومات الاشتراكية الديمقراطية في أمريكا اللاتينية، التي حاولت إدارة النظام الرأسمالي، باستخدام شعارات تم الترويج لها على أنها "جذرية" مع تدابير التخفيف من الإفقار الشديد للشعب. هذا و يتركز الانتباه اليوم على الصين، التي تدَّعي أنها تبني "اشتراكية بخصائص صينية"، لكن ما يُبنى هناك لا علاقة له بالاشتراكية، و لا بمبادئ و حتميات البناء الاشتراكي. إن الاشتراكية تعني التملُّك الاجتماعي لوسائل الإنتاج، و تطبيق السلطة العمالية والتخطيط المركزي. التي ما من وجود لأي منها في الصين اليوم، حيث تحدد الاحتكارات الصينية التطورات، وتروِّج من خلال الحزب الشيوعي الصيني لخياراتها، التي تؤدي في جملة أمور أخرى إلى قيام تفاوتات اجتماعية هائلة وظلم اجتماعي جسيم.

هذا و ليس للموضوع بُعدُهُ النظري فقط، بل و بُعدُهُ السياسي المباشر، و هو المرتبط بالصراع الجاري بين الولايات المتحدة والصين على الصدارة في النظام الإمبريالي.

مسألة الصراع على صدارة النظام الإمبريالي

ليس هذه المسألة ببسيطة، لأن الحياة أظهرت أننا في وقت التشكيك بمُتصدِّر النظام الإمبريالي أُوصِلنا في أوضاع مماثلة إلى مواجهات حربية كبيرة و شاملة، مع تورط عشرات البلدان و وقوع تضحيات بشرية ضخمة من أجل أرباح الرأسماليين المتصادمين.

هذا و لا تزال اليوم الولايات المتحدة أعتى قوة سياسية -اقتصادية وعسكرية للإمبريالية على هذا الكوكب، و هي تشعر "بنفس الصين الساخن خلف رقبتها". و بفضل مفعول قانون التطور الرأسمالي غير المتكافئ للرأسمالية، فإننا نرى اكتساب الاحتكارات الصينية لمواقع مهمة في السوق الرأسمالية العالمية في مجال تصدير السلع ورؤوس المال.

و لسوء الحظ، تحاول بعض الأحزاب الشيوعية بنحو خاطئ استرجاع أشكال من الماضي، وتتحدث عن "حرب باردة" جديدة، مع تمايز عنها في استبدالها الاتحاد السوفييتي بالصين في مواجهة الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي لا يمت بصلة للمواجهة التي كانت قائمة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، حيث لدينا اليوم مواجهة جارية فوق أرضية صدام الاحتكارات، أي أننا بصدد مواجهة إمبريالية بينية. هذا و خلال المؤتمر المنعقد عن بُعد، أبرز الحزب الشيوعي اليوناني عبر تموضعه هذا الاختلاف، بينما سلطت أحزاب أخرى، كالحزب الشيوعي المكسيكي والحزب الشيوعي الباكستاني، الضوء على الطابع الرأسمالي الحالي للصين، في حين تحدث الحزب الشيوعي الفلبيني -1930، علانية عن هيمنة الصين التوسعية ضد دول المحيط الهادئ المجاورة لها، و هي التي يجري استغلالها أيضاً كذريعة من قبل الولايات المتحدة للتدخل في هذه المنطقة.

و بأي حال من الأحوال لسنا بصدد مسألة صراع قائم بين الرأسمالية والاشتراكية، كما زعمت بنحو خاطئ بعض الأحزاب، كالحزب الشيوعي البرازيلي. هذا و منفصل عن الواقع هو اتخاذ الشيوعيين لزمام اللمبادرة في حملات سياسية، كتلك التي أعلمَنا عنها الحزب الشيوعي الكندي من أجل إطلاق سراح المديرة العامة لاحتكار Huawei Meng Wanzhou، ابنة رئيس هذا الاحتكار الصيني، الذي تتجاوز ثروته الشخصية 3.4 مليار دولار. وهي التي كانت قد احتجزت لبعض الوقت بسبب الصدام العنيف الجاري بين احتكارات التقنية العالية. حيث لا يليق بحزب شيوعي أن ينظم تحركاً من أجل سيدة أعمال، وصل حجم الضمان المالي للإفراج عنها 7.5 مليون دولار، و ذلك في وقت يُجرُّ فيه الشيوعيون في عشرات البلدان في عالمنا الحالي إلى المحاكم (على سبيل المثال: في أوكرانيا و بولندا) و يُسجنون(كمثال سوازيلاند و غيرها) و يُلاحقون(كمثال كازاخستان) و يُقتلون بدم بارد (كمثالي: باكستان و الهند) و هم المتواجدون في حاجة إلى تضامننا اﻷممي.

و بين "قوسين" علينا أن نسجِّل أن الحزب الشيوعي اليوناني كان قد أرسل نواباً له وأعضاء في البرلمان الأوروبي و غيرهم من كوادره، ليقفوا حضوراً في محاكمات الشيوعيين والأحزاب المتعرضة للملاحقات، في أوكرانيا و بولندا، و سابقاً في بلدان البلطيق، و استنكر جرائم القتل والاضطهاد الممارس بحق الشيوعيين في بلدان أخرى، كباكستان وكازاخستان والسودان والهند وفنزويلا و بلدان أخرى، مع إثارته لقضايا كهذه من منبر البرلمان الأوروبي.

عن مسألة "الوحدة"

من غير الممكن وجود "وحدة" مصطنعة مع القوى التي تشكك ﺒ"أسس" الماركسية اللينينية و تعيد النظر بها، كما هي مبادئ الثورة والبناء الاشتراكيين باسم "البقاء في الوقت الحاضر على ما يوحدنا". إن"وحدة" كهذه هي خطِرة، و ذلك بمعزل عن الصورة الزائفة والمضللة التي ستعطيها للشيوعيين حول العالم، و ذلك لأن "نِصف الحقيقة دائما هو كذب". و هي تُخفي بالإضافة إلى ذلك، الخلافات الموجودة في الحركة الشيوعية و تمنع النقاش من أجل تجاوزها. و إذا لم تكن أمام الشيوعيين الصورة الكاملة للعالم الإمبريالي المعاصر، و إذا ركزوا فقط على الولايات المتحدة - الناتو، أو على الليبرالية الجديدة، أو الفاشية، مع فصل كل ما ذُكر عن "رَحمِِ" الرأسمالية الذي يلدها و عن ضرورة إسقاطها، فإنهم سينقادون إلى خيارات مأساوية.

إن الحزب الشيوعي اليوناني، إذ يدرك هذا الوضع ويعمل على تنوير الشعب بصدده، يقود اليوم الحركة المناهضة للإمبريالية في بلدنا ضد القواعد الأمريكية - الأطلسية، و ضد ما يسمى بـ "اتفاقيات دفاعية" مزعومة لليونان مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، و ضد تورط القوات المسلحة اليونانية في عمليات بالخارج، و من أجل فك الارتباط عن حلفي شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، اﻹمبرياليين، مع الشعب في موقع السلطة. و مع أخذه في الاعتبار لكل ما سبق، يبذل الحزب الشيوعي اليوناني قواه ضد السياسات المناهضة للشعب المتبعة من قبل حكومة حزب الجمهورية الجديدة و سيريزا و ضد الأحزاب البرجوازية الأخرى، كما و يخوض المعركة ضد التشكيلات الإجرامية الفاشية، سعياً إلى صياغة مقدمات قيام التحالف الاجتماعي، من أجل إسقاط الرأسمالية، من أجل إنهاء "الحلقة المفرغة" للاستغلال الطبقي والحروب الإمبريالية.

عن مسيرة إعادة التنظيم الثوري للحركة الشيوعية الأممية

هناك ضرورة لمواصلة المواجهة الأيديولوجية السياسية و جعلها أكثر انفتاحا من أجل توضيح المسائل. إننا لا نتفق مع تبادل النعوت العدوانية بين الأحزاب، لكننا نسعى إلى نقاش جوهري. كما و نبحث عن نشاطات مشتركة ومتقاربة حيثما يمكن تحقيقها، وخاصة في التعبير عن التضامن الأممي.

و ندعم الصيغ الحالية لتبادل وجهات النظر والتعاون بين الأحزاب الشيوعية، كاللقاءات اﻷممية والإقليمية و المواضيعية للأحزاب الشيوعية.

و نعزز أشكال التعاون اﻷكثر تقدماً للحركة الشيوعية اﻷممية، ﻛ"المبادرة الشيوعية الأوروبية" و"المجلة الشيوعية الأممية"، من أجل خلق قطب شيوعي من شأنه الكفاح من أجل إعادة التشكيل الثوري و وحدة الحركة الشيوعية مع استعانتنا بمَدَدِ نظريتنا الكونية، الماركسية اللينينية.

لقد وضع المؤتمر الحادي والعشرون الأخير لحزبنا معايير مهمة لتعاوننا الوثيق مع الأحزاب الشيوعية التي: أ) تدافع عن الماركسية اللينينية والأممية البروليتارية و عن ضرورة تشكيل قطب شيوعي أممياً. ب) تناهض الانتهازية والإصلاحية و ترفض إدارة يسار الوسط و كافة تلاوين استراتيجية المراحل. ج) تدافع عن حتميات الثورة الاشتراكية. و تحكم على مسار البناء الاشتراكي وفق هذه الحتميات، مع سعيها إلى البحث واستخلاص الدروس من المشاكل والأخطاء. د) تمتلك جبهة أيديولوجية ضد الرؤى الخاطئة عن الإمبريالية، وخاصة ضد تلك التي تفصل عدوانيتها العسكرية الحربية عن محتواها الاقتصادي، و تمتلك جبهة ضد أي تحالف إمبريالي. ه) تطوِّر روابط مع الطبقة العاملة، و تحاول العمل في الحركة النقابية و في حركات القطاعات الشعبية من الشرائح الوسطى، و تسعى إلى دمج الصراع اليومي من أجل الحقوق العمالية الشعبية في استراتيجية ثورية عصرية من أجل السلطة العمالية.

هذا و يُساعد المؤتمر اﻷممي المنعقد عن بعد و مثيلاته من مؤتمرات المبادرة الشيوعية اﻷوروبية و المجلة الشيوعية اﻷممية، التي أقيمت أيضاً خلال هذه الفترة، حزبنا على القيام بدراسة أفضل لوضع الحركة الشيوعية الأممية بنحو دقيق و وضع جميع صيغ التعاون وفق تراتبية مبنية على المعايير المذكورة أعلاه، و وفق الأولويات و النشاطات المشتركة مع الأحزاب الأخرى.