ألزرزور والغراب بين لبنان وإيران

تمار غوجانسكي
2006 / 9 / 1 - 10:28     

* شمعون بيرس، مبعوث أولمرت إلى نظام جورج بوش، التقى في الأسبوع الماضي، دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي، للتداول في "وضع امني حساس"، مرتبط بإيران وبالممتلكات الأمنية!
متى بدأت الاستعدادات والتحضيرات للحرب العدوانية الثانية على لبنان، التي بدأت في 12/7/2006 وتواصلت حتى وقف اطلاق النار، في الرابع عشر من آب الجاري؟ ان نتف المعلومات الكثيرة التي تجمعت شكلت فسيفساء ذات اهمية، ففي "يديعوت احرونوت" تصف تلك المعلومات في 18/8/2006، "خطة سحق وضغط اسرائيلية"، جرى اعدادها في عام 2000، بعد ان اخرج ايهود براك الجيش من لبنان، بشكل احادي الجانب وتضمنت الخطة وصول وحدات عسكرية من الجيش الى نهر الليطاني، وست سنوات تصرمت والخطة موضوعة في ادراج القيادة حتى حانت الظروف لتنفيذها جزئيا او بشكل كامل!! والشرط المركزي كما يبدو كان ناقصا في البداية، كان الدعم السياسي الدبلوماسي والعسكري من نظام جورج بوش في فترة الحرب على لبنان. ومبدئيا، قدم نظام بوش الدعم للحرب منذ فترة طويلة، فمن ناحية نظام جورج بوش، الذي يشن الحروب ضد العراق وافغانستان، فالحرب على لبنان، او للدقة اكثر، على حزب الله، هي مرحلة في التحضيرات لمعركة عسكرية ضد دولتين اضافيتين في اللائحة وهما: سوريا وايران.
لقد كتب سيمور هرش، وهو محلل امريكي قدير، في اسبوعية "نيويوركر"، الصادرة في 21/8/2006، ان نظام جورج بوش كان متورطا ومطلعا عن كثب على التخطيط للحملة العسكرية، وكان بوش ونائبه ديك تشيني على قناعة، كما كتب هرش، ان غارات سلاح الجو الاسرائيلي، على مواقع محصّنة للقيادة ولصواريخ حزب الله في لبنان، ستقضي على قلق اسرائيل، وكذلك ستخدم كمقدمة لهجوم امريكي مانع هدفه هدم المواقع الذرية الايرانية، ومنها عدد مطمور عميقا داخل الارض!
ويؤكد هيرش في سياق مقاله، ان الخطة للهجوم على حزب الله، عرضت على نظام بوش، بفترة طويلة قبل احداث 12 تموز الماضي، التي جرى خلالها اعتقال وخطف الجنديين الاسرائيليين. وكتب ميتن كلمن، رسول "سان فرنسيسكو كرونيكل"، في اللائحة التي ارسلها من القدس بعد الحرب، في 21/7/2006، انه في جلسة ارشاد عقدت قبل سنة ونيف، عرض قائد عسكري اسرائيلي رفيع المستوى امام الدبلوماسيين والصحفيين من الولايات المتحدة الامريكية، وغيرها، خطة حربية ستستغرق ثلاثة اسابيع في لبنان، وهرش يضيف المعلومات، وحسب ذلك، انه في الربيع هذه السنة، فإن رجال استخبارات امريكيين من رفيعي المستوى، طولبوا بتحضير برنامج من اجل توجيه ضربة حاسمة ضد مواقع الذرة في ايران، بدأوا بمشاورات مع نظرائهم في سلاح الجو الاسرائيلي. وهكذا اندمجت عمليا الخطة الاسرائيلية لتفجير لبنان مع الخطة الامريكية لتفجير ايران، وقد وضع مخطط حقل تجارب جديدة وهدامة وبالذات التي تزودها الولايات المتحدة الامريكية حديثا لاسرائيل والمعدة للاستعمال كذلك في الحرب ضد ايران، وبدأ بمشاورات مع قادة اسرائيليين، خاصة من قادة سلاح الجو.
وهكذا اندمجت عمليا وفعلا الخطة الاسرائيلية بتفجير لبنان، مع الخطة الامريكية لتفجير ايران، وقد تقرر ان يكون لبنان بمثابة حقل تجارب للقذائف الجديدة والهدامة خاصة التي تزود بها الولايات المتحدة الامريكية، اسرائيل، والمخطط استعمالها كذلك في الحرب ضد ايران، ولذلك يضيف هرش، ان مستشارا امريكيا قال له، ان الاسرائيليين وعدوا نظام جورج بوش، ان الحرب ضد لبنان، ستكون" رخيصة وكثيرة الفائدة" وقدر نظام بوش، ان الحرب ستكون بالفعل "نموذجا لما سيجري في ايران"!
ان المعلومات المفصلة بشأن العلاقات مع نظام بوش، وعلى مستوى التحضيرات والتخطيط للحرب على لبنان، وربطها ايرانيا، حصلت على امر ساري المفعول، عندما اتضح من مقال هرش، ان رئيس هيئة الاركان العامة للجيش، دان حالوتس، عمل عندما كان قائد سلاح الجو "على تخطيط حرب جوية ضد ايران".
يمكن الاستنتاج من تصريحات جورج بوش، بعد اتخاذ القرار لوقف اطلاق النار في لبنان، ان من ناحيته كانت الحرب على لبنان ناجحة، وبما ان الضحايا اللبنانيين والاسرائيليين الذين سقطوا خلال الحرب والهدم الكبير الناجم عن القصف الاسرائيلي، والحصار الاسرائيلي المتواصل، لا يقلق بوش بالذات، فلا يمكن تجاهل والغاء الامكانية، ان نظام جورج بوش – تشيني - رامسفيلد، سيواصل تنفيذ خطة الهجوم على ايران.
من الواضح لكل قارئي صحف، انه لتنفيذ الخطة لمهاجمة ايران، من المتوقع انعكاسات بعيدة المدى وتأثيرات على اسرائيل، فقد اوضح قادة ايران، انه في حال هجوم على بلادهم فانهم لن يترددوا في اطلاق صواريخ بعيدة المدى على اسرائيل. ولكن حكومة اولمرت بيرتس، التي وبلهفة ضحت بمواطني اسرائيل ولبنان، في الوقت الذي تتوجه فيه الولايات المتحدة الامريكية لضرب ايران، لا تهتم ولا تبالي بالاخطار الكبيرة المتوقعة لاسرائيل من الحرب المخطط لها.
ان الخبر في "يديعوت احرونوت" في 18/8/2006، وبموجبه ان شمعون بيرس، القائم باعمال رئيس الحكومة، ودونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الامريكي، التقيا في الاسبوع الماضي، وتداولا في التهديد الايراني وهذا من شأنه ان يؤكد استمرارية تورط حكومة اولمرت في الاستعدادات الامريكية للحرب ضد ايران.
وتضغط قوى اليمين المتطرف في اسرائيل علانية من اجل المشاركة الاسرائيلية في الحرب ضد ايران، وفي ايام الحرب على لبنان نشر بنيامين نتنياهو مقالا، دعا فيه الى توسيع الحرب ضد لبنان، والى ضرب ايران، وهو ليس وحده في هذه الدعوة، ولكن على الرغم من ان بوش مصرّ في قراره وموقفه على مواصلة تنفيذ خطة الحرب الامريكية الاسرائيلية، وعليه الاخذ بعين الاعتبار ايضا العديد من الاوساط الأخرى، وكان من الواضح على سبيل المثال، ان قرار مجلس الامن حول وقف اطلاق النار اتخذ على الرغم من جورج بوش، وعليه كذلك الاخذ بعين الاعتبار، الفشل السياسي للحرب العدوانية على لبنان الثانية، أي فشل خطة عزل حزب الله وإضعاف موقعه في الموقع السياسي الحزبي في لبنان.
وكذلك، للخطة المتجسدة في اقامة محور امريكي من دول غربية سنية، كالعربية السعودية ومصر والاردن، للضغط على ايران لقبول الاملاءات الامريكية، لا توجد حاليا اية آمال للتحقق، كما اشار الى ذلك هيرش في مقاله، وان المستشار الامريكي الذي زوده بالمعلومات حول ذلك اشار، الى انه لم تنوجد الظروف لاقامة ذلك المحور. وان هزيمة حزب الله عسكريا، ورؤساء الدول الثلاث وبضغط الجماهير فيها، سيضطرون بالذات الى تجنب الغارات والتفجيرات الاسرائيلية.
ان الزرزور الاسرائيلي والغراب الامريكي يصران على مواصلة مغامرتهما الهدامة، لكنهما ليسا وحدهما في الساحة!!