غسان كنفاني(أيقونة الأدب المقاوم)


غسان ابو نجم
2022 / 1 / 13 - 08:56     


أن تمسك قلما متمردا على احرف اللغة وتطلق العنان لفكرك الذي لم تتسع له قواميس الجبناء فأنت كتيبة من المقاتلين تقتل الاعداء بالكلمة وتنتج وعيا ثوريا يترجم في فكر مقاوم وتغدو الفكرة اشد فتكا من مخزن عتاد.
لم يكن غسان هذا الشاب اليافع وصاحب الذهن الحاضر والمتوهج يدرك ماذا ستكون نتائج كتاباته على مسيرة الادب العربي المعاصر و ربما لم تسعفه الحياة القصيرة بحسابات السنين أن يرى نتاج وتأثير انتاجه على مسيرة الثورة الفلسطينية والفكر المقاوم ليفرض حالة من الخجل على الاقلام التي تخط مسيرته الزاخرة بعنف الحرف وثورية الفكرة وانسانية الهدف لم يكن ابو العز(وهو الاسم المستعار لبدايات كتاباته في بعض الصحف) رغم حداثة عهده بالعمل الصحفي الذي اكتسبه من والده ليقف عند حدود العمل المهني بالصحافة فالتحق بحركة القوميين العرب نتاج تأثير الدكتور جورج حبش ليوسع افاق عطائه ويكسي الفكرة ثوبا سياسيا تقدميا ويطلق العنان لفكره المتوهج واصبحت فلسطين قضيته الاولى وتأطر فكره المتبعثر نتيجة اللجوء من عكا الى يافا ثم مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان ومن ثم الكويت والعودة الى بيروت وتركز لتصبح الفكرة واقعا عمليا على طريق تحرير فلسطين خلال عمله في تحرير مجلة الهدف الى جانب بعض الصحف اللبنانية كان غسان شعلة من العطاء والتميز كان رشيقا ومتوترا كغزال يبشر بزلزال كما وصفه الشاعر محمود درويش فمن جريدة الحريةالى ادارة تجرير جريدة المحرر اللبنانيه حتى تأسيس مجلة الهدف الناطقة باسم جش لتحرير فلسطين اضافة لموقعه السياسي كعضو مكتب سياسي للجش ورغم انشغاله المهني والسياسي الذي كان يستغرق 10 ساعات يوميا كان يجد الوقت الكافي لعشيقته غاده السمان و لاسرته وكتاباته التي اذهلت ادباء العالم وترجمت الى 17 لغة ونشرت في عشرات بلدان العالم
ربما كان غسان يدرك بحسه الثوري وبصيرته النافذة ان البعض الفلسطيني سيخفي جزء من الحقيقة عن الجماهير فجعل شعار مجلة الهدف كل الحقيقة للجماهير لتثبت الوقائع التاريخية ان العديد من المشاريع المشبوهة قد تم تمريرها بعيدا عن أعين ومصلحة الجماهير واصبحت الهدف لسان ومنبر من لا منبر له ولسان حال المتقف الثوري ولا زالت الناطق الثوري باسم الجماهير الشعبية والمعبر عن رؤيتها ومصالحها.
ربما تعجز احيانا رغم قرائتك لادب غسان كنفاني رواياته قصصه القصيرة ودراساته عن الادب المقاوم ان تعرف به واذكر اثناء دراستي الجامعية 1980 طرحت الجامعة مساقا اختياريا عن الادب الفلسطيني وكان ادب غسان كنفاني انموذجا بادرت للتسجيل في المساق لعشقي لادب غسان ولرفع مستوى العلامات على افتراض انني ادعي انني مطلع على ادبه وكنت حينها اقدم ندوة عن رواية رجال في الشمس ضمن نشاط مجلس طلبة الجامعه دخل الدكتور الغول مدرس المساق والحاصل على الدكتوراه بادب غسان كنفاني وبادر بالتعريف بنفسه والتعرف على الطلاب وكان حاضرا في ندوتي دون معرفتي المسبقة به ووجه سؤلا لكل طلبة المساق وهو من هو غسان كنفاني؟؟ بادر الطلبة بالاجابة كل حسب رؤيته لغسان هو الكاتب المناضل الروائي العاشق الصحفي الانسان الفذ السياسي ووو وعندما جاء دوري لم استطع الاجابة وعجزت عن التعريف بغسان فهو كل هذا الخليط واكثر فضحك الدكتور الغول وقال لي لا عليك لقد مررت بموقف كهذا ابان نقاشي لرسالة الدكتوراه فلا انا او انت نستطيع تعريفه لان غسان كنفاني قضية شعب اختار الموت كي يحقق الحياة.اذهلتني الاجابة وشعرت بمدى جهلي بقضية شعبي وايقونتها الادبية المقاومة.

لم تسعف الحياة غسان كنفاني كي يعيش في معتركها فكان قرار الموساد الصهيوني بتصفيته بعد عملية اختطاف الطائرات وكان ان تم تفجير سيارته ب٩ كيلو غرامات من المتفجرات وتناثرت اشلائه ولطخت دمائه شرف كل من تواطى باغتياله فسقط غسان شهيدا وعاش اديبا وفنانا وانسانا وثائرا وقضيه وظل ارثه نبراسا للاجيال القادمة ومدرسة ثورية خرجت ولا زالت جيلا تربى على مبادى ثورية واستراتيجية نضالية خالدة بخلود روحه.