هل -الله- يعاقب أهل ريف لتمردهم عن النظام الكولونيالي؟


كوسلا ابشن
2022 / 1 / 6 - 21:50     

عرفت منطقة ريف في الأسبوع الأخير من السنة المنصرمة, هزات أرضية متكررة, أعادت الى الأذهان كارثة زلزال 24 فبراير 2004, بمأسيه و أحزانه و شماتة الأعداء.
حسب دراسات و أبحاث للخبراء الإسبان التابعين للمجلس الأعلى للأبحاث العلمية, أن الزلازل المتكررة في منطقة ريف راجع الى فالق أسفل مياه بحر البوران, الجانب الغربي من بحر المتوسط الفاصل بين مورك و اسبانيا, على الحدود الفاصلة بين الصفحتين الأسيوأوروبية و الإفريقية. وأن هذا الفالق يشكل خطرا جيولوجيا حقيقيا على المنطقة, وهو السبب المباشر في حدوث زلزال مليليا (مريتش), 25 يناير2016, و في حدوث زلزال حسيما 24 فبراير 2004.
الزلازل, ظاهرة طبيعية تحدث في أماكن مختلفة من العالم, إلا أن أعداء الأمازيغ و خصوصا أعداء أمازيغ نريف, لهم تفسير آخر لظاهرة زلازل ريف, ينطلق من مرجعياتهم العنصرية المعادية لأهل ريف, هذا ما ذهب إليه دعاة السلفية الإرهابية المعادية للأمازيغ و لحرية الشعوب و حرية الرأي و التعبير و حرية العبادة.
نكبة نريف الناتجة عن الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة يوم 24 فبراير 2004, قد أجمع السلفيون الإرهابيون, على أن الزلزال عقاب من "الله", فالسلفي الإرهابي السعودي حسن الكتاني حذر أهل ريف و أمرهم بالتوبة بالطاعة ل"أولى الأمر", و ترك العصيان و التمرد, و قبول قدر "الله", و نفس الموقف إتخذه الفيزازي و المدغيري و غيرهم, بربط الزلزال بالعقوبة الإلهية, بسبب تمرد أهل ريف.
السلفي الإرهابي السعودي حسن الكتاني المقيم في بلاد الأمازيغ, و المعروف بنشر الحقد و الكراهية و العداء ضد الأمازيغ, لم يترك فرصة حدث الهزات الأرضية لشهر ديسمبر التي حدثت في ريف, من دون تكرار مزبلته الحقدية لمهاجمة أهل ريف. لتأكيد تخريفته السماوية إلتجأ السعويدي الى ربط صحة قوله برسالة مشكوك في أمرها, من رئيس دولة ن ريف محمد عبد الكريم الخطابي الى جده السلفي السعودي محمد المنتصر الكتاني. الكتاني هذا, كان من رواد الفكر الوهابي المتعصب, يطوف على البلدان لنشر الفكر الظلامي و الإرهاب, و رئيس جمهورية ن ريف, كان معادي للظلامية و التعصب الديني, وكان معجب بالفكر التصحيحي التركي و السياسة الليبرالية الأوروبية, و مؤمن بالتعدد الديني و التعايش السلمي بين الشعوب.
من المستبعد أن يكون الرئيس, هو من كتب الرسالة, من جهة فالرئيس التحرري و الحامل لقيم التعايش السلمي بين الشعوب و قيم حرية التدين, لا تجمعه علاقة برائد الحقد و الكراهية و الداعي الى إنتهاك حقوق الإنسان و إنتهاك حرية التدين, و من جهة آخرى أن الرئيس كان تحت الإقامة الإجبارية, تراقبه المخابرات المصرية و أعضاء الجريمة المنظمة, ما سمي ب"مكتب المغرب العربي" برئاسة المجرم محمد بن عبود. و إن وجدت الرسالة, فقد يكون كاتبها هو رئيس المكتب الإستعماري, ما سمي ب " مكتب المغرب العربي".
كيف ما كان الآمر, فالرسالة لا تؤكد براءة حسن الكتاني السعودي من كراهيته و حقد و عداءه لأهل ريف, ولا علاقة للرسالة بالسلفي حسن الكتاني. و عن الصورة, التي إستغلها لجعل عائلته من قادة حركة التحرر, والمحبة للريف, وهذا الإدعاء مغلوط وكاذب. ففي ذلك الزمن القهري كان السلفيون و القومجيون يتهافتون لأخذ الصور مع رئيس جمهورية ن ريف, لإستغلاله في حروبهم الإيديولوجية والسياسية, ليقدمه الطرف الإسلاموي بأنه حامل الرسالة السلفية, و ليقدمه القومجيون بأنه رائد الفكر القومي العربي.
الحقيقة التاريخية تكذب الإتجاهين, فالرئيس لم يكن لا سلفي وهابي ارهابي و لا قومجي عروبي شوفيني, بل كان أمازيغيا ريفيا, قاتل و ناضل من أجل تحرير بلده من الإستعمار, و هو مؤسس جمهورية ن ريف الأمازيغية.
ربط ظاهرة الزلازل بالعقوبة الإلهية, هو تضليل ايديولوجي ميتافزيقي, يغذي ثقافة الإستلاب و الإغتراب الذاتي لفصل الشعب عن واقعه الطبيعي و ربطه بسخافات و تخمينات ما وراء الطبيعة. فإذا كان هذا "الله" لا يعاقب إلا الأمازيغ, فإنه بالتأكيد اله عرقي, يميز بين الأعراق, فمن المنطق أنه لا يصلح للعبادة, وعلى الأمازيغ أن يبحثوا عن آله يحب جميع الأعراق, لأن "الله" هذا لا يعاقب إلا المقهورين و المظلومين و يزيد من مأساتهم على ما يتعرضون له من إستبداد و إرهاب و إنتهاكات للحقوقهم الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية والثقافية و اللغوية على يد السلطة الكولونيالية.
النسق الفكري المنغمس في الخرافات السماوية, هو مشروع سياسي ثقافوي يكرس لواقع الهيمنة السياسية و الثقافية للنظام الكولونيالي بمرجعيتها الأحادية السلطوية, و تجريد الشعب من أدواته المادية و مرجعيته الواقعية, بالترهيب السيكولوجي, و هذا ما يمارسه خطاب الترهيب و التخويف (العقاب الإلهي) للجماعة السلفية الإرهابية ( أطلق سراح أعضائها بعفو أمير المسلمين, رغم تورطهم في العملية الإرهابية لسنة 2003). الخطاب الإستهلاكي و الإستقطابي يرمي الى إخضاع أهل ريف للسلطة الإستبدادية الكولونيالية من خلال السلطة الرمزية بوظيفتها الأيديولوجية التضليلية المكرسة للتخلف و إستعباد الشعب الأمازيغي, الإيديولوجية المجيشة لعواطف الشعب و تحركاته, لإيهامه بأحقية سيادة النظام الكولونيالي بشرعية آلهية, بمزاعم و أوهام علوية تعاقب المرتد و المقاوم للنظام القائم و ترسانته الإيديولوجية.