آن الأوان أن ننتزع م.ت.ف من أنياب سلطةدايتون


غسان ابو نجم
2021 / 12 / 28 - 03:52     

لطالما كثر الحديث عن ضرورة إحداث الطلاق البائن بين سلطة أوسلو وتحالفاتها وملحقاتها وبين كافات فصائل العمل الوطني والحراكات الشعبية والشبابية وكافة منظمات العمل المدني والمؤسسات الوطنية والشعبية، ولقد تعرضت وفي أكثر من مقالة ومنذ سنوات؛ عندما بدأت سلطة أوسلو بالتحول من حليف سياسي ضعيف مع الكيان إلى تابع وملحق بأجهزة العدو الأمنية ونفض عنها صفة الشريك السياسي وتحولت إلى أداة للقمع ومخبر رخيص وخائن لرفاق الدرب والبندقية الفلسطينية، وهو ما لم نشهده عبر التجارب التاريخية لحركات التحرر العالمية؛ أن يخون أحد شركاء الكفاح البندقية التي تقاتل الأعداء، لا بل تكون هي من يطارد ويسلم ويقتل المقاومين الذين يدافعون عن حقهم وحق شعبهم بالتحرر والاستقلال.

إن هذا المطلب لم يعد هرطقة سياسية أو مناكفة فصائلية أو ورقة ضغط حتى تعيد سلطة دايتون حساباتها، بل أصبح مطلبًا ملحًا وضرورة تفرضها جملة من المتغيرات السياسية على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، حتى تستعيد الجماهير الشعبية ثقتها بضرورة النضال ضد المحتل؛ عبر استعادة ثقتها بفصائل العمل الوطني لتجاوز حالة اليأس والاحباط الذي تعانيه هذه الجماهير من منحنيات المجرى النضالي والمعيشي.

من منا لا يقتنع حتى اللحظة أن الجماهير الفلسطينية وصلت حد الكفر بكل شيء وتتفاقم أزمتها يومًا بعد يوم وتعاني اضطهادًا مركبًا؛ وطنيًا طبقيًا، بحكم وجود الاحتلال وما يمارسه من اضطهاد وقمع واعتقالات وقتل ومصادرة للأراضي؛ فلا تكاد تخلو مدينة أو قرية من مغتصبة ترزح فوق أراضيها المصادرة، ولا يكاد يخلو شارع من حاجز أمني، ولا يحلو بيت من شهيد أو جريح أو أسير، وبحكم وجود شريحة برجوازية رثة تعمل على تشويه بنية المجتمع الفلسطيني الذي أغرقته بمؤسسات الأنجيوز ووكالات التنمية الغربية الإمبريالية للحفاظ على بنيتها الريعية، وما رافق هذا التشوه من فساد وإفساد وإغراق السوق بالبضائع الصهيونية والعالمية؛ عبر الكمبرادور الاقتصادي الذي فرض وجوده وقوته؛ عبر سلطة أوسلو التي رعت مصالحه وحمت امتيازاته عبر شبكة من المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وأذرعها الأمنية، ودمرت امكانية نهوض برجوازية وطنية قوية قادرة على المنافسة. وسياسيا وقفت أمام أي قوة وطنية تتعارض مع سياسات هذه السلطة وامتيازاتها الاقتصادية والسياسية؛ فوجدت نفسها أمام الجماهير الفلسطينية لتعارض مصالحها معها وانحازت إلى جانب حليفها الاقتصادي والسياسي المحتل الصهيوني ضد الجماهير الفلسطينية والقوى والفصائل الوطنية، ولنكف عن التحليل العاطفي لحالات القمع للتحركات الجماهيرية؛ عبر المطالبة بالحوار الوطني والطلب من أفراد الأجهزة الأمنية العودة إلى وعيهم الوطني؛ لأنهم ينفذون أوامر من اختار الابتعاد عن صف الجماهير لتعارض مصالحه معها، وأن هذه الشريحة لم تعد وكيلًا اقتصاديًا للاحتلال فقط، بل وكيلًا سياسيًا وأمنيًا له؛ فلنسقط القناع الوطني عن هذه السلطة وإعلان الطلاق البائن من كل مؤسساتها ولنختر خط الجماهير الفلسطينية حتى لا تخوننا اللحظة التاريخية.

إن الشواهد على الأرض تظهر وبما لا يدع مجالًا للشك أن هذه السلطة التي قتلت نزار بنات بدم بارد وساهمت في تسليم معتقلي الحرية في جلبوع وتلهث خلف رموز الكيان للتحاور معها؛ كل هذه لا تدلل فقط على أنها سلطة فاسدة، بل هي سلطة خائنة وأحد أذرع الاحتلال الأخطر، وهي مربع لروابط المدن؛ المشروع الأوسع لروابط القرى ووصلت حد نقطة اللاعودة بتعاملها السياسي والأمني مع الاحتلال، بل استغولت على كل مؤسسات العمل الوطني ومؤسسات م.ت.ف بعد شطب الميثاق الوطني وتجميد المجلس المركزي عمليًا وإن قائم ورقيًا واستحوذت على مخصصات الفصائل التي هي حق مشروع لها وليست منة أو منحة.. فماذا ننتظر؟ أنريد عهرا أكثر من هذا؟!!

لقد نادينا ومنذ زمن فصائل العمل الوطني إلى إعادة فهم مفهوم الوحدة الوطنية وإعادة النظر بناءً عليه؛ بعلاقاتها مع السلطة وفصل م.ت.ف كإطار جبهوي سياسي؛ يمثل ارث الشعب الفلسطيني النضالي عن سلطة دايتون، وهذا ليس بالمعضلة العملية كما يروج البعض الذي يقتات على أبواب المقاطعة؛ فالفصل بين السلطة وفتح حققته التعاملات على أرض الواقع وباتت فتح تنظيم الكتبة والمرتزقة بعد تركها شرفائها؛ إما بقرار ذاتي أو عبر الفصل والتجميد والتطفيش وهؤلاء سيكونون جاهزين بتقديري للعمل ضد السلطة والاحتلال وضمن رؤيا ومفاهيم جديدة.

لم تعد فكرة حصار وعزل سلطة دايتون مشروعًا ثانويًا، بل يقع في صلب الصراع الرئيسي مع هذه السلطة؛ بوصفها انتقلت عمليًا إلى الخندق المعادي لطموحات شعبنا وإرادته وأصبح التعامل معها خطأً تاريخيًا وجريمة سيحاسب عليها كل من يقف في وجه تحقيقها، وكخطوة أولية على كافة قوى اليسار؛ تشكيل أوسع جبهة وطنية تضم كافة الفعاليات الشعبية والحراكات الوطنية والشبابية والمؤسسات والشخصيات الوطنية؛ تقود العملية النضالية وتضع في سلم أولوياتها إسقاط سلطة أوسلو.