انتصار لليسار في تشيلي.. إلى أي مدى يمكن أن يحدث تغيير الآن؟

مصطفى عبد الغني
2021 / 12 / 23 - 00:46     

ترجمة مصطفى عبد الغني

خرج مئات الآلاف من الناس إلى شوارع تشيلي، يوم الأحد، للاحتفال بفوز المرشح الرئاسي اليساري جابرييل بوريتش وهزيمة اليميني المتطرف أنطونيو كاست. فاز بوريتش بنسبة 56% من الأصوات مقابل 44%. صعد اسم بوريتش بقيادته للاحتجاجات المعارضة لخصخصة التعليم في 2011، وأصبح ثاني رئيس في تاريخ تشيلي يحصل على أكثر من 4 ملايين صوت.

جاءت هذه الانتخابات بعد احتجاجات جماهيرية قوية في 2019 ضد السياسات النيوليبرالية واللامساواة. وكانت إعادة كتابة الدستور الذي يعود لحقبة الديكتاتور بينوشيه، منذ عام 1973، هي أحد أهم المطالب الرئيسية التي فرضتها الاحتجاجات على السلطة.

كان فوز كاست سيعطي دفعةً كبيرةً لليمين المتطرف. كان والده جنديًا نازيًا هرب إلى تشيلي بعد الحرب العالمية الثانية بهويةٍ مزيفة. ويعارض أنطونيو كاست حق الإجهاض وزواج المثليين وأراد إلغاء وزارة المرأة والمساواة بين الجنسين. واعتبر كاست الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو من مؤيديه، وصرَّح بتأييده لـ “الإرث الاقتصادي” لبينوشيه.

صوَّت لصالح بوريتش العديد من غير المتحمسين له من أجل التخلص من كاست بسبب برنامجه. ووعد بوريتش بإعادة هيكلة اقتصاد السوق الحر، وتغييرات في نظام التقاعد، علاوة على حماية حقوق الإنسان للسكان الأصليين ومجتمع الميم.

يتوقع الكثير من العمال والفقراء أن يحدث تغيير الآن، ولكن هناك حدود لراديكالية بوريتش. كان بوريتش حريصًا أثناء حملته الانتخابية على كسب تأييد الجناح اليميني، ولذلك طالب باتخاذ إجراءات ضد المتهمين بـ “الحرق والنهب” أثناء احتجاجات أكتوبر 2019، مع تجاهل الطريقة التي وجهت بها الشرطة الاتهامات وتعاملها الوحشي مع المتظاهرين. ويرفض بوريتش المطالبة بالعفو عن المسجونين بموجب قانون “منع المتاريس”، والذي رفع عقوبة السجن على من ينصب المتاريس. وكان دور بوريتش محوريًا في “اتفاق السلام” في نوفمبر 2019 والذي أنقذ الرئيس السابق سيباستيان بينيرا ومنع اتخاذ أي إجراءات ضد من قادوا قمع الاحتجاجات. وأعلن التزامه باتباع المعايير التقشفية في ميزانية 2022 وتنفيذ “المسئولية المالية”.

يتزعَّم بوريتش تحالفًا سياسيًا يشمل حركة الجبهة الواسعة والحزب الشيوعي التشيلي، ولكن اليمين واليسار يملكون عدد مقاعد متقارب في البرلمان، مما يزيد من الصعوبات التي ستواجهه لإحداث تغييرات بالطرق الشائعة.

خذلت حكوماتٌ متعاقبة، من اليمين واليسار، العمال منذ سقوط ديكتاتورية بينوشيه في 1990. كان هذا سبب الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019 ضد الفقر واللامساواة، ولكن القوى اليسارية التقليدية خذلتهم بتحويل ثورة متفجرة إلى انتخابات فقط. سيتطلَّب الأمر حركة في الشوارع ومواقع العمل، وليس البرلمان، لإجبار بوريتش على الوفاء بتعهداته والذهاب أبعد من ذلك.

* المقال بقلم صوفي سكواير – صحيفة “العامل الاشتراكي” البريطانية