الأديان تخريب وإنتهاك لإنسانية الإنسان


سامى لبيب
2021 / 12 / 19 - 18:23     

- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (102) .
- لماذا نحن متخلفون (88) .

لا يكون نقدنا ونضالنا ضد الأديان والفكر الديني من منطلق هشاشتها وعدم منطقيتها وتخلفها بل من منطلق أن بقاء الثقافة والإيمان الديني هو إنتهاك لإنسانية الإنسان ووقوعه فى جب التخلف والدونية .
لا معني من إقتباس منظومات ثقافية غربية ولا جدوي من إصلاحات سياسية وإجتماعية وإقتصادية في ظل وجود ثقافة دينية قائمة جاثمة يتم إستحضارها وحضورها دوما فى حياتنا .
هذه بعض التأملات التي تفضح المنهجية الفكرية والسلوكية عند حضور الثقافة الدينية لعلنا ننتبه لخطر وإنتهاك الأديان لحياتنا وإنسانيتنا , فبدون هذا الإنتباه والوعي ستكون أى محاولة للإصلاح كمن يحرث فى البحر .

- الإيمان لا يكون إلا بالتخويف والترهيب فلولا فوبيا الخوف من القادم ما كان هناك إيمان ولك أن تتأمل هذه الآيات :" وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً " الاسراء - " وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ. إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ " المعارج - " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا" الإنسان - وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ " الانعام
الخطورة تكمن بأن الإيمان لا يتم إلا بالخوف والقهر وهذا حدث بالفعل عندما تم إجبار البشر على الإيمان بالإسلام مثلا , ولتأتي الخطورة عندما يصبح الخوف والقهر منهجية حياة فى المجتمع فيتم التخويف والقهر فى تربية الأطفال وللخضوع لأفكار سياسية وأنظمة حكم لنحظي على مجتمعات الخوف .. الخائفون لا يصنعون حضارة .

- تأثير الخوف لا يقف عند هذا الحد , فهناك ما يسمي بــ "متلازمة ستوكهولم" وهي حالة نفسية تصيب الإنسان عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال أو يظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المَخطوف مع المُختطف ومن أهم أسبابها وجود الضحية تحت ضغط نفسي كبير فيبدأ لا إرادياً بصنع آلية نفسية للدفاع عن النفس وذلك بمحاولة الاطمئنان والركون للجاني خاصة إذا أبدى الجاني حركة تنم عن حنان أو توهم الضحية من الجاني بعض الاهتمام حتى لو كان شيئاً صغيرأ جداً فإن الضحية يقوم بتضخيمها و تبدو له كالشيء الكبير جداً. فما بالكم بطفل صغير لا حول له ولا قوة يردد منذ صغره مثل آية :فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُود وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ " الحج . ماذا تسمي حالة إنسان يحب الإله الذي سيعذبه سوي أننا أمام متلازمة ستوكهولم .

- الإيمان الديني حالة مرضية مازوخية فالمؤمن يعشق جلاده ويتماهى فى تقديم كل فروض الطاعة والتمجيد والتسبيح ليصل بالإنسان إلى عشق السلاسل التي تقيده وإفتخاره بقيده وسجنه وعبوديته للسجان وكلما إزداد إيمانا مارس قهر ونبذ الآخرين الذين يرفضون قيود السجان او يتحللون منها ليستشاط غضباً على بجاحتهم بعدم الرضوخ أمام السجان .. حالة مرضية غريبة !!.. فإذا كانت فكرة الإله صحيحة فيكفى أنه سجان وسادي حتى ترفضه .

- الإيمان يكرس الإنتهاك والتعذيب فى المجتمع فعندما تسأل مؤمنا عن مغزي التعذيب فى العالم الآخر سيقول لك لأنه حُكم وعَدل الإله لتسأله عن مغزي التعذيب فألا يكفي حبس وإعتقال الخاطئ والكافر كما نفعل فى منظومتنا القضائية , فستأتيك الإجابة لأن الإله خلق الإنسان أي يحق له تعذيبه ! .. من هنا تولدت منهجية التعذيب فنحن نعذب من تطوله أيدينا ونمتلكه ويقع تحت سطوتنا من بشر وأبناء ونساء وسياسيين .

- خطأ وضرر الأديان أنها تصرف البشر عن الصراع الحقيقي لتشوه بوصلة الصراع نحو صراعات خايبة بلا معني ولا جدوي , فتصرف الأنظار عن الصراع الطبقي لتحول الصراع على الهوية , فالديني في صراع وتضداد مع الكافر وصاحب الدين الآخر منصرفا ً عن الصراع مع من يغتصب لقمته وحريته .

- ضرر الأديان أنها تخدر الفقراء والمعدمين والمهمشين فتصرفهم عن الثورة والنضال من أجل عدالة إجتماعية إلى رضا بالمقسوم من الأرزاق فهكذا رزق الله وتقديره وترتيبه , بل تري بعض المنظومات الدينية أن التذمر على الفقر هو كُفر يستوجب العقاب الإلهي ليتجرع الفقراء الذل ولينعم أصحاب الكروش .

- الأديان لم تكتفي بترسيخ فكرة الأرزاق وما قدره الإله لك لتمارس تحصين الأغنياء من مشاعر الفقراء الخائبة فتنهي عن الحقد والحسد للأثرياء وتعد الحاقدين والحاسدين بالعقاب على تلك المشاعر الخايبة البائسة .

- " إجري جري الوحوش غير رزقك لن تحوش " مثل شعبي مستقاة من فلسفة الفكر الإيماني فلن تنال رزقك بإرادتك وجهدك وخارج ما هو مقدر لك ولا تعليق .

- خطأ وضرر الإيمان أنه يفسر الشر كقوي خارجية مُستقلة عن الإنسان تتمثل فى الشيطان لتدعو المؤمنين الدخول فى تلك المعركة الوهمية ومناطحة طواحين الهواء , بينما الشر هو صراع داخلي إنساني يتمثل في رغباته وطموحه وشططه ووحشيته , ليكون الفكر الديني هو صرف الإنسان عن مواجهة ظروفه الموضوعية , كما لا يكون الشيطان تفسيراً للشر فحسب بقدر ماهو صرف الأنظار عن الحالة المادية الموضوعية المنتجة للشر وتبرأة الإنسان من إنتاجه .

- تعتني الأديان بخلق حالة من التمايز والفوقية كسبيل لخلق الإنتماء من خلال تمايز الهوية وترسيخ شعور زائف بالفوقية كشعب الله المختار وأبناء المسيح المخلص وخير أمة أخرجت للناس بل تزداد الدوائر ضيقاً بحضور المذهبية والطائفية , فبدون هذه الميديا الزائفة لن يكون هناك دين , ولكن هذا يخلق عنصرية وصراعات وعنف بالضرورة .

- لا يكون حضور الدين نتيجة البحث عن هوية جمعية فحسب بل لأنه يعطي شرعنه وأدلجه للعنف والوحشية فيتم ممارسته بلذة وفخار وراحة ضمير .. فلا تتصور أن آيات القرآن والكتاب المقدس تدفع الإنسان للتوحش بمجرد سماعها بل هي تمنح بعض الباحثين عن ممارسة العنف المظلة والأمان النفسي واللذة والسكينة لممارسة العنف والتوحش .

- الدين هو رغبتنا المحمومة فى ممارسة العنف قولا وسلوكا وفعلا .. هو الرغبة فى ممارسة الهيمنة والعنف بشعور تفوق يكللها لذة وراحة الضمير , فلك أن تنظر لتاريخ التراث الديني وممارساته للعنف الهمجي إلى ممارسة المعاصرين , فيكفى أن تقول أن هذا كافر وذاك فاسق وهذا ضال لتمارس وتتلذذ بالعنف وتحس بالتفوق والتمايز فقولك ليس تصنيف فكرى بل نظرة وموقف نافر نابذ محتقر عدائي يمهد لممارسة العنف .

- تجد هناك شعوب كثيرة تؤمن بإله فى السماء يتفقون على سماته وصفاته وقدراته ورغماً عن ذلك ستجد من يكفر إيمان الآخر أو يعتبره ضال كونه لا يؤمن بنفس النسخة التي فى ذهنه ليس لتعصب غبي يعتريه , فالتعصب لا يكون لفكرة لأن الفكرة تُعبر عن حاجة بينما نحن أمام هوية وإنتماء لجماعة بشرية لها إرادة ومصالح كما هى فرصة رائعة لخلق العنف والتمايز والتلذذ بممارساته فكراً وإحساساً وقولاً وفعلاً .

- الإيمان والفكر الديني يخلق حالة من الإعتزاز بالجهل وتقديره بل جعل له مكانة مقدسة وذلك بالتلويح بالجهل وعدم السعي للمعرفة والسؤال كدلالة علي الإيمان , فهكذا هو الإيمان أن تصدق ولا تسأل ,لتصل الأمور إلى التعالي بالجهل فى مواجهة العلم والمعرفة , فلا تسأل هنا عن أسباب التخلف .

- الفكر الإيماني يصيب الإنسان بالبلادة والجمود عندما يروج لفكرة أن الإنسان محدود الإمكانيات والقدرات العقلية فى فهم الإله ليتم تمرير فكرة الإله بدون جلبة وجدل عقلي وليؤمن الإنسان بإله لا يعرف ماهيته وكينونته .. تكمن خطورة هذا الإدعاء أنه صار منهجية فكر وسلوك فعندما يواجه الإنسان أي معضلة فلا يجتهد ولا يناضل في حلها , فالإنسان محدود القدرات العقلية , ومن هنا لا تسأل لماذا تتخلف المجتمعات الدينية .

- المؤمنون يمتلكون إزدواجية عقلية ومنطقية غريبة فتجده يؤمن بمن يقوم من الموت ولكن يستصعب قبوله من يتجول فى الفضاء راكبا ً بغلته .. هي القدرة على غلق منافذ العقل حينا ً وفتحها حينا ً أخرى حسب حالة مزاجية تستمد وجودها من هوية إجتماعية جعلت خرافاتنا مقبولة وخرافات الآخرين سخيفة وغبية .. هى المعجزة فى عيوننا وأوهامنا .. الإزدواجية والإنتقائية تجد حضورها كمنهجية تفكير وسلوك لتخلق حالة مزاجية بقبول أشياء ورفض أشياء بدون أى سبب موضوعي .

- التدين عندما يطلب الإعلان والإعلام هو حالة من الزيف والنفاق كمداراة أخطاء وإنحرافات , فالمُتدين يبغي تصدير رسالة للمحيطين أنه صاحب تقوي وورع لنيل الإحترام والتقدير ولمدارة سلوكه المعوج فى داخل نفسه قبل الآخرين فهو لا يخدع الآخرين فقط بل يخدع نفسه أيضا بأنه صالح بينما هو مرتشي مختلس .
هذا الزيف يتأدلج بالتدين ويصير منهجية تعامل وسلوك لينخدع الناس فى كل من يصلي علانية ويردد البسملة والحولقة كثيرا مزينا جبينه بزبيبة والمصيبة أن هذا المنافق يُصدق نفسه .

- لا يكون هناك ديني صادق مع نفسه قادر على تقديم أفكاره بلا خوف ولا إزدواجية فتجد هناك مسلمون مثقفون يرددون كثيرا الحق في حرية الفكر والإعتقاد والتعبير فما أن تصدمه بحد الردة فى الإسلام حتى تجده يصمت أو يتعلثم أو يحول النقد والإشكالية إلى جهة أخري بأن القرآن أقر بمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر , دون أن يعلن صراحة رفضه التام لحد الردة .

- ضرر الأديان أنها لا تنشر الخرافة فحسب بل تكمن خطورتها فى أنها تستدعي منظومات سلوكية وأخلاقية لمجتمعات قديمة ذات علاقات إنتاجية قديمة لتسقطها على واقع معاصر مما ينتج التخلف والجمود , ومن هنا لك ان تسأل عن سر تخلف مجتمعاتنا الدينية لتجد الإجابة بحضور الأديان , فالدين حافظ على علاقات الإنتاج القديمة كما هي لتظل الشرائع والنواميس القديمة على حالها .

- الإيمان والأديان يرسخا فكر شاذ بالترويج لفكرة الثوابت أي الحفاظ على التراث القديم وما أنتجه القدماء من أفكار لتظل الأفكار القديمة باقية بدون تطوير معتمدة على إجتهادات وأراء ومفهوم القدماء ولتقف بذلك عجلة التطور الإنساني .
كل الشروحات والتفسيرات للكتب المقدسة مصدرها الوحيد فكر وتفسير القديم فلا رؤية ولا فهم للمؤمن المعاصر ولتتأكد هذه المنظومة الفكرية بفكرة النقل قبل العقل ليحل الجمود والتخبط مع مستحدثات العصر .
تكمن الخطورة من فكرة الحفاظ على الثوابت أنها تجد حضوراً كمنهجية تفكير فى التعاطي مع تمظهرات الحياة الحديثة فنجد حفاظ على الثوابت عند أصحاب الأيدلوجيات الحديثة كالماركسية والليبرالية !

- الأديان هي منظومات وفكر إفتراضي غير قابل للمعاينة والتجربة والفحص فلك أن تعتمد وتصدق هذه الفرضيات فهكذا هو الإيمان لتعتمد الفرضيات والخرافات دون سؤال بل يُحظر السؤال فهو تشكيك في الفرضيات مما يصيب الإنسان بالبلادة والسطحية ولتسقط هذه المنهجية على كفة مجالات الحياة .

- يعتني الإيمان بإعتماد الكليات والإنصراف عن التفاصيل , فلتعتمد الفكرة والفرضية بأكملها ولا تبحث فى الجزيئات والتفاصيل ويتأكد هذا فى التنفير بقولهم بأن الشيطان يكمن فى التفاصيل , فالبحث فى التفاصيل سيأتي بنتائج لا يُحمد عقباها , ومن هنا تتأسس الشمولية والسطحية بعدم التدقيق في التفاصيل , وليسقط هذا النهج فى التعليم العلمي التجريبيي بمنهجية الكتاتيب بإعتماد المعلومات دون الخوض فى تفاصيلها , ومن هنا لا تتوقع منهج علمي فى التفكير ولا تنتظر أي تقدم أو إبداع .

- الأديان والحالة الإيمانية تعتني بالشكل وليس المضمون فأنت مُكلف بأداء الصلوات والصيام والطقوس رغماً عن أنفك , فلا إعتبار لما يعتريك من شرود وملل وعدم تركيز , ولا مكان للعزوف عنها كونك لا تتعايش معها وجدانياً فلتؤديها فهكذا هي فروض إيمانية للإله واجبة النفاذ , لتتأسس منهجية الببغائية وعدم مصداقية ونفاق ولتجد صداها في ممارسات دينية شكلية ولتمتد فى ممارسات إجتماعية مزيفة .

- الطاعة هي آقة تربية النشأ فى الأديان ورغم ذلك يعتبرونها أفضل الفضائل بينما هي سحق ومسخ العقل والإرادة , فلنا مقال فى كتاب إسلامي عن تربية الطفل المسلم حيث يوصي الوالدين بأسس تربية الطفل وعلى رأسها يجب أن تربي إبنك على طاعة العلماء!..لاحظ أنه لم يقل إحترام العلماء أو التعلم من العلماء ولكنه كان صريح بتوجيه الطفل لطاعة مؤلفي الدين .. فالكاتب الديني يحرص على إستمرار جعل عقول الأطفال تابعة لفكر مؤلفيه..تابعة وليس لديها أي إستقلالية بالتفكير الحر والإستنتاج وتكوين رأي منطقي خاص به مبني على حسب قناعته.. إن إحترام علم الآخرين شئ والطاعة شئ آخر , فالطاعة تعني التسليم والرضوخ لأوامر وفكر الآخر بينما العقل يطلب الحوار والإقتناع .

- العقول الدينية هي تابعة ولهذا تجدها دائما تبدأ التفكير بطرح سؤال (من قال هذا؟)..فالعقول الدينية عاشت طوال حياتها ومنذ الطفولة على برمجة التبعية , بمعنى آخر أن الديني منذ الطفولة يتم ترويض عقله بطاعة عقول أخرى تفكر له وتستنتج له وتقدم له القرارات ليتبعها ليكون مصدر الثقة فى قائلها الذي هو معتمد قبل قوله , لهذا السبب نرى أن العقل الديني أو عقل التابع أو عقل من قال هذا فاقد القدرة على الإستنتاج والتفكير لوحده مما ينتج هذا سطحية وتهافت .

- الحالة الإيمانية الدينية تحتمي بتناسل الخرافة فتغرق فى الفرضيات الجديدة فمثلا نقرأ عن هذا الشيطان الذي يتبول فى أذنك أو يشاركك النكاح فتنصرف عن مصداقية فكرة الشيطان نفسها , وهكذا تجد أن الفرضيات والخرافات المتناسلة تجعلك تعتمد الخرافة الأولي وتمررها بكل حمولتها ليصير هذا منهجية حياة بالتشبث بأي فرضية متناسلة والإنصراف عن الخرافة الأم .. إنها شبيهة بفين السنيورة فى ألعاب الكوتشينة .

- بالرغم انهم يقرون بأن الإيمان ليس بالأدلة والبراهين المنطقية وإنما نور يلقيه الإله بالقلب ليرشده للطريق الصحيح فلماذا لا يقبلون بما يؤمن به الناس بحرية وبدون تسلط عليهم , وما الذي يجعل من فرضياتك وخرافاتك صحيحة وفرضيات وخرافات الآخرين خاطئة , لا إجابة على هذا الهراء سوي أن الإيمان يجلب معه التعنت والتصلد والتعصب والعنف وعدم قبول التنوع ليجد هذا النهج مكان فى السلوك مع الآخرين ومن هنا يجد حضوره في المجتمع بنشأة التعصب للأفكار السياسية والإجتماعية من هذا النهج .

- المؤمنون والدينيون يتغافلون عن مغزي الإيمان فيتوهمون أن الإيمان بوجود إله هو القضية الجوهرية الأساسية بينما الأديان لا يعنيها هذا الإيمان , فالإيمان يكون بخصوصية هذا الإله الذي يعبر عن طموحات وهوية جماعة بشرية محددة ومشروعها السياسي الإجتماعي , فالإله هو إله موسي وسابقيه أصحاب مشروع الأرض الموعودة , والإله هو المسيح صاحب مشروع تحدي الفقراء والمعدمين والتراث العبراني القديم , والإله هو إله محمد صاحب مشروع الجهاد والغزو وخير امة أخرجت للناس .

- الحالة والفكر الديني شديد الإفلاس والتهافت فالمؤمن لا يمتلك قناعات كاملة متماسكة بمعتقداته لينهج أسلوب نقد وتقليل وسخرية من إيمان الآخرين فليس معقولا إله البقرة والإله الثالوث إلخ كمحاولة ساذجة لتمرير إيمانه .. يصير هذا النهج منهجية تفكير فى شتي تمظهرات الحياة فهو لا يقدم فكر منطقي متماسك على أى مفردة يعتنقها ليكون سبيله النقد والسخرية من فرضيات أخري .

- معظم الأديان إذا كانت تعلن أنها منظومة أخلاقية للإقتداء بها فهي مقصورة في الغالب على مَن يشاركك نفس الإيمان والدين فيكون التعاون والمحبة والأخوة والتكافل مقصوراً عليه دون الآخر , ولا تكتفي بعض المعتقدات بخصوصية الود ليكون البراء والكراهية من نصيب الآخر فى المقابل ومن هنا نحن أمام منظومة عنصرية ترسخ الفرقة واالكراهية .

- الحالة الإيمانية صنمية تعتني بتمجيد وتعظيم الصنم الإله قبل القيم الأخلاقية والتي تأتي على الهامش بل تُعفي الإنسان من أن يكون على خلق فلتنظر لهذا الحديث للبخاري عن أبو ذر الغفاري :
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض ، وهو نائم ، ثم أتيته وقد استيقظ ، فقال : ( ما من عبد قال : لا إله إلا الله ، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ) . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنى وإن سرق ) . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنى وإن سرق ) . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبي ذر ) . فالمهم ترديد المقولة الصنمية " لا إله إلا الله " التى لا تفيد الإنسان لتأتي الأخلاق على الهامش وهذا تجده فى المسيحية أيضا بأن تعترف بالمسيح المخلص لتأتي غفران الخطايا بعد ذلك ومن هنا تظهر الصنمية كمنهجية تفكير لتري إسقاطات لها عديدة فى الحياة الإجتماعية .

- الدين قائم على خلق ساحة دائمة من التحفز وتنفيس الغضب والتجييش الدائم مما ينزع السلم الإجتماعي ويقيم التناحر والبغضاء ,لنرى في القرآن مثلاً مجهود دؤوب لزرع الفرقة والبغضاء وعدم الثقة بين الناس وهذا هو حال المسلمين اليوم من كره للآخر وعدم ثقة بالمختلف وسيطرة فكرة المؤامرة على وعيهم وتفكيرهم وهده بعض الامثلة البسيطة :
كدابين فلا تصدقوهم - مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مّنْ خَيْرٍ مّن رَّبّكُمْ - يحسدونكم على أي نعمة - وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء - يحاولون اضلالكم - إن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوء- حتى ادا خاطبوكم بالحسنى اياكم ان تثقوا بهم .

- ترسخ الأديان منظومة القهر والوصاية فلا يكفي أن تؤمن وتمتثل للأخلاق الحميدة فأنت مُكلف أن تدعو وتبشر بهذا الإيمان والأخلاق ولا تكون الأمور بشكل سلمي حضاري بل لتقهرهم وتستعمل يدك في تحقيق ذلك لتتولد منهجية الوصاية وقهر البشر لتحقيق إيمانك ويصير هذا الأمر ثقافة ومنهجية في الحياة .

- دمتم بخير .
ما لم نراجع ونغير من ثقافتنا ونهجنا الفكري فلا أمل فى إصلاح وتطور وسنظل نتمرغ في مستنقع التخلف والدونية .