دور التمويل في تحقيق الأمن الغذائي في العراق


عبد الهادي الشاوي
2021 / 12 / 18 - 09:45     

ان ظاهرة الفقر والجوع في العراق متلازمتان نتيجة غياب العدالة الاجتماعية , وان القضاء عليها يعتبر تحديا للنظام الاقتصادي المحلي حيث يتطلب اتخاذ اجراءات علمية متكاملة لتوفير الغذاء الكافي وذلك ببذل الجهود المضاعفة من التخطيط والبحث العلمي والتشريع الذي لا زال قاصرا عن مواكبة تطور الحياة العامة .
مفهوم الأمن الغذائي :
ان مفهوم الأمن الغذائي يعني توفير مخزون احتياطي عالي من المواد الغذائية الأساسية يكون ضامنا للاطمئنان الى استمرار توفير المواد الغذائية اللازمة للاستهلاك البشري وضمان الحد الأدنى من تلك الاحتياطيات بشكل منظم تلافيا للأزمات .
ان قضية الامن الغذائي التي يواجهها العراق هي اخطر القضايا واكثرها تعقيدا وحساسية واذا استمرت الحال على ما هي عليه الان فان ذلك ينذر بوقوع ازمة غذائية .ومن الضروري ايجاد نوع من التوازن في قطاعات الاقتصاد الوطني وعناصره المختلفة . اما في العراق وعلى الرغم من انه يمتلك موارد وقطاعات طبيعية وبشرية كاملة لم تستغل على الوجه الأكمل في توفير الغذاء من المصادر المحلية التي هي من اهم مرتكزات الاستقرار والامان , اذ لا امن ولا استقرار في البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بدون غذاء يمكن انتاجه ضمن حدود الرقعة الجغرافية .
ان الاستغلال الامثل للأراضي الزراعية وموارد المياه لو احسن استغلالها لتوفير الغذاء اللازم للشعب العراقي والاستفادة من الفائض للتصدير .
ان العراق بلد زراعي منذ القدم الا ان الأرض الزراعية تعرضت للإهمال وعدم الحفاظ على خصوبتها الذي ادى الى انخفاض المساحات الزراعية الى حدود مخيفة بحيث اصبح العراق يستورد سلة غذائه وابسط المنتجات الغذائية مع الاسف .
يمتلك العراق الأموال الطائلة والقدرات البشرية الهائلة لو توفرت لها الظروف الملائمة واستثمرت لصالح الشعب العراقي لكنا بخير وسلام . الا ان القوى المتنفذة والتي استحوذت على خيرات العراق ومنذ الاحتلال الامريكي البغيض في نيسان 2003 وانتهاد نظام المحاصصة والفساد والذي اوصل الطفيليين والفاسدين الذين باعوا الوطن وخيراته من المكاسب الشخصية وجعلوا للعراق موردا واحدا الا وهو بيع النفط الخام وتقاسم الموارد الاخرى التي تفوق ما يوفره بيع النفط الخام .
ان العراق بلد نفطي ولكنه لا يصنع المنتجات النفطية وانما يستورد المشتقات النفطية من وقود وزيت الغاز وانواع الزيوت بعد تدمير المصافي التي كانت تسد حاجة العراق من المنتجات النفطية , فالعراق يحرق الغاز المصاحب لاستخرج النفط ويستورد الغاز من ايران بمبالغ كبيرة .
ان النظام القائم ومنذ الاحتلال الامريكي ولحد الان اصبح نظام ازمات متواصلة اوصل العراق الى بلد متخلف زراعيا وصناعيا وسياحيا وثقافيا وعلميا , اذ لا خدمات ولا تعليم ولا صحة ولا امان حيث عم الجهل والتجهيل واللامبالاة بعد غياب الهوية الوطنية والتوجه نحو الهويات الفرعية التي مزقت الشعب واوصلت البلاد الى حالة التخلف في كافة الميادين .
ان الحل الوحيد لاستعادة العراق مكانته كونه بلدا متحضرا ينمو كما تنمو الدول ذات الانظمة المخلصة الى شعوبها , لا يمكن ان يصل الى مصاف تلك الدول الا بإجراء التغيير الشامل سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وعلميا وذلك بإزاحة نظام الفاسدين والمفسدين وبلا رجعة .
وبهذا الصدد أكد الحزب الشيوعي العراقي في برنامجه ضمن محور الزراعة وحتى يحقق هذا القطاع الاساسي اهدافه ويضمن الأمن الغذائي للبلاد لا بد من اعادة النظر في قوانين الزراعة والاصلاح الزراعي ووضع مصالح صغار الفلاحين والعمال الزراعيين في صدارة الاهتمام ومكافحة المساعي الرامية الى اعادة العلاقات شبه الاقطاعية او الى الخصخصة الشاملة في القطاع الزراعي , والعمل على تمليك الأراضي التي وزعت على الفلاحين وفق القانون رقم 30 لسنة 1958 والقانون رقم 117 لسنة 1970 مع تشريع قانون جديد لايجار الأراضي الزراعية على ان لا تزيد مساحة التعاقد عن ضعفي مثيلتها في القانون رقم 117 , اضافة الى تمكين الفلاحين من زراعة اراضيهم والاهتمام بها وتطوير انتاجيتها كما ونوعا واستعمال المكننة المتطورة والبذور عالية الرتب والاسمدة الكيمياوية والعضوية والمبيدات وغيرها واستخدام الاساليب العلمية الحديثة في الزراعة والري . كما اكد الحزب في برنامجه ايضا على بحث اسباب مشكلة هجرة الفلاحين وآثارها والعمل على معالجتها وتفعيل دور الجمعيات الفلاحية والتعاونية القائمة وحث الفلاحين على الانخراط فيها ودعم الحركة التعاونية وتشجيع عملها على اسس ديمقراطية في مجالات الانتاج والتوزيع والتسويق , مؤكدا على توفير التمويل بشروط ميسرة للفلاحين وخاصة لصغارهم , وتطوير القوى المنتجة في الريفعن طريق تشجيع الاستثمارات المحلية الصغيرة والمتوسطة , الخاصة والمختلطة والحكومية والاجنبية مع حماية العمال الزراعيين وحماية المنتج المحلي النباتي والحيواني الى جانب العناية بالنخل وزراعته والعمل على تنمية هذه الثروة الوطنية . كما اكد على الاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية والسمكية وتحديث اساليب ووسائل الارشاد الزراعي وادخال التعليم الزراعي ضمن مناهد المدارس المتوسطة والثانوية في المناطق الريفية وتفعيل دور معهد التدريب والتأهيل في وزارة الزراعة .مع تشجيع البحوث التي تساهم في تطوير الانتاج الزراعي في المجالات المختلفة ومعالجة التدني في انتاجية الارض واستصلاح الاراضي والاهتمام بالاراضي الزراعية وحمايتها من زحف المدن غير المبرمج وتشجيع استثمار المياه الجوفية وادخال منظومات الري الحديثة ومكافحة التصحر ومعالجة ملوحة التربة واستصلاح الاراضي الزراعية, والعمل على تثبيت حقوق المغارسين والفلاحين العاملين في البساتين وتخصيص الاستثمارات المناسبة لإقامة البنى التحتية وبناء المرافق الحديثة والقرى العصرية في الريف والاهتمام بالتنمية البشرية المتكاملة ومكافحة التخلف والامية في الريف .