هذا الكنغر ليس مصريًا


محمد ليلو كريم
2021 / 12 / 13 - 00:26     

وأنا اتابع عبر اليوتيوب حلقة قديمة ممتعة قدمتها قناة الفيحاء؛ ألتفتُ الى مواقع التواصل الإجتماعي وهي تعرض فقرة غنائية للجمهور العراقي بطلها محمد رمضان، وقد شعرت بوجع وإحباط، فقد استضافت الفيحاء المطرب يونس العبودي المُشبّع بثقافة أطوار الجنوب الغنائية والمُتقِن لتنوعاتها والمؤدي لها بصوته الرخيم وجودة التطريب، أما محمد رمضان فهو مغني مصري واجه الجمهور بصدره العاري وبطنه الأسمر وراح يتقافز على المنصة كأنه كنغر دخل وبأعجوبة الى عالم الغناء، وفي المنطق يجوز أن نقول للرجل الشجاع إنك أسد، وللسياسي الماكر إنك ثعلب، ولمحمد رمضان إنك كنغر، وهذا الإستعمال يصح من باب المجاز المنطقي.
بخصوص حفلة محمد رمضان في بغداد:
إن هذه الطقوس الكنغرية لا تُقدِّم ثقافة فنية ولا تُغذي النفوس بالجمال وهي تُهين ذلك المسرى الطربي المصري الفخم الذي ارتقى حتى بمن ينزع للتصوف وأضاف للشعور تربية أرتقت بالقلوب فكانت ليالي العشاق تتسامى بصوت أم كلثوم وعبد الحليم ونجاة، فعذرًا لأم كلثوم ولسيد سالم الذي أبهر كوكب الشرق في تلك الثانية الخاطفة التي خرج بها عن النوتة الموسيقية فأسكر الجمهور وأذهل السيدة فتساءلت بعد أن استدارت نحوه" أيه ده " وأنتفض الجمهور المصري إذ كان قد فهم ما جرى من تلاعب عجيب بالنغم، وهو فهم سريع، بل خاطف، فذاك الجمهور تربى جيدًا على سماع الموسيقى الفاخرة والأصوات الساحرة.
مصر؛ التي قدِمَ منها يوسف زيدان الى بغداد وتسمّر لمحاضرته الجمهور العراقي وفُتِنَ، الدكتور العالِم بتخصصه، وعالَم المخطوطات والكتب والأدب، الفاخر بنتاجه المكتوب، ومازلت أستطعِم هيبا وهيباتيا وعزازيل ورحلة الراهب العجيبة بعمقها وبلغة السرد.
بدل أن تدعو وزارة الثقافة والجهة المُنظِمة للحفل الغنائي في بغداد مطربين يُسمعِون الجمهور طرب أصيل وتنوع موسيقي تراثي وصوت مثقف فنيًا؛ وجِهَت الدعوة لشاب بسيط وغير كفؤ لقامة من يستحق أن يقف على منصات بغداد الفنية، وبفعل هذه الدعوة احتشد جمهور تفاعل مع واحدة من سقطات المؤسسات المختصة بالفن والثقافة والحضارة العريقة، ويا للأسف.
كان بودي أن استرسل أكثر لكني سأتوقف مكتفيًا بما كتبت، وقبل إنهاء المقال اتساءل: هل من صرخات اسغاثة وإنتقاد أطلقها الفنانون والمثقفون؟.