أقوال - ناظم الحصري- عن الحكاية وأصل الحكاية


بشير الحامدي
2021 / 12 / 12 - 18:40     

قالت "يحدث أن يصبح الوطن أمّيا "وكان أجدر بها أن تقول يحدث أن يقود الأميون
الناس حين تنغلق كل المسالك وتنسدّ كل المعابر نحو الشّمس ولا يتبقى سوى محطة للنزول. ياسمينة خضرا بدوره كتب في رواية ليلة الرئيس الأخيرة: " في يوم تكون معبوداً وفي يوم آخر تكون منبوذاً، في يوم تكون أنت الصياد، وفي يوم آخر الطريدة"
وقال الريفي المصري المثقف المثقل بأوجاع الحزن والثورة والثأر أمل دنقل:
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
...
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
"... ما بنا طاقة لامتشاق الحسام..."
...
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر بين يديك بقلب مُنكَّس؟
...
لست قدرا لا فكاك منه أيها الرجل الذي باع نفسه لشيطان المُلك
لست أفضل ممن سبقوك من سلالة كافور الإخشيدي
لست المتنبي أيضا فأنا أكرهه كما أكره بيته الكريه
" لا تشتري العبد إلا والعصا معه..."
لست من كان يلقب بـ "النفس الزكية" * أو علي ابن محمد** أو حتى قواده حتى وإن كانت هناك صلات بينك وبينه فهو أيضا بدأ حياته تماما مثلك "قوالا" في بلاط الخليفة العباسي بسامراء.
أصل الحكاية أيها الرجل أن الثورات تأكل مفجريها إذا توقفوا. وحين يتوقفون يبدأ الدود في التناسل والخروج من تحت الأرض للالتهام الجثث المتعفنة. وتخرج الغربان أسرابا من أوكارها التي خبأتها عن الأعين زمن المحن تفاخر بنعيقها وتعلن وجودها ومباشرتها المعترك الجديد. ويحدث ولقلة تجربتها وخبرتها بالكواسر الأخرى أن تسرق النار فتحترق بها وتحرق من معها من الحمام الغرّ الذي حاول السير معها وتقليدها والتدثر بريشها فنسي مشيته وخسر ريشه وبقى بين المنزلتين لا هو صعد ولا هو نزل لا حكمة له غير أن يعيد تجربة السير مع الكواسر وهو يعلم أنه لقمتها القادمة ولا يعلم أن الكواسر لا تغيّر من طبائعها فهي على دين أجدادها تقتل وتفترس وتبني أوكارها بالجماجم ولا تموت إلا بالباردود أو السهام.
أصل الحكاية أن الكواسر لا تغير من طبائعها
الصيادون هم الذين يغيرون من طبائعهم وكثير منهم لوهم يستبدلون الباردود بالحيلة وفي زعمهم أنه بمقدورهم تدجين الكواسر فيسقطون ويتحولون لطرائد ولا تغير الكواسر من طبائعها وذلك ما كان يقصده ياسمنة خضرا في رواية ليلة الرئيس الأخيرة حينما تحدث عن الطرائد السهلة.
فاستعد إذا من الآن أيها الرجل ليوم المحن.
...

*أحد الذين ثاروا على العباسيين
** قائد ثورة الزنج

12 ديسمبر 2021