-أحبك يا شعب-.. إحياء ذكرى المناضل النقابي التونسي فرحات حشاد


جهاد عقل
2021 / 12 / 11 - 01:03     


تجمع الألاف العمال والنقابيين، يوم السبت الرابع من كانون أول / ديسمبر الحالي، بساحة القصبة استجابة لدعوة الاتحاد العام التونسي للشغل لإحياء الذكرى الـ 69 لاستشهاد النقابي فرحات حشاد تحت شعار: "أحبك يا شعب".

وألقى الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، وهو يتقلد الكوفية الفلسطينية، خطابا بالمناسبة، ورفع النقابيون شعارات تدعو إلى الوحدة الوطنية حول مشروع مجتمعي جامع مؤكدين الفخر والانتماء إلى منظمة الشغيلة.

وجاء في الشعارات التي رفعها العمال والنقابيون الدعوة إلى الحرية والشغل والكرامة الوطنية وشعار الدفاع عن استقلالية اتحاد الشغل " منظومتنا خط أحمر" و "تضحيات الرواد لحماية استقلالية الاتحاد" و"لا مساومة على استقلالية الاتحاد" و"البناء الديمقراطي مكسب لا تنازل عنه".


باقون على درب حشاد وأوفياء لدم الشهداء

وفي كلمته الشاملة والقوية قال المناضل النقابي نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل إن الزعامات الوطنية التاريخية تصنعها المعارك الكبرى خدمة لشعوبها على غرار المعارك التي قادها بورقيبة ضد الاستعمار الفرنسي وقادها بن بلّة ورفاقه خلال الثورة الجزائرية، وقادها عبد الناصر في معركة قناة السويس وضد العدوان الثلاثي على مصر وقادها تشي جيفارا ضد الاستعمار والإمبريالية في أمريكا الجنوبية وقادها نلسون مانديلا ضد التمييز العنصري ويقودها الفلسطينيون ضد الصهيونية.

واعتبر ان لقاء اليوم هو مناسبة لتجديد العهد مع ما دأَبَوا عليه بجعل هذه المناسبة محطّةً لشحذ الذاكرة باستحضار الملاحم النضالية لروّاد الحركة النقابية التونسية الأصلية، وبالنهل من مآثر هؤلاء وما جُبِلوا عليه من آيات التضحية والتبصّر والوفاء للمبادئ والقيم النقابية والإنسانية السامية، ومن حنكة في إدارة الشأن الوطني والاجتماعي.

وقال إن أعضاء الاتحاد التونسي للشغل ومؤيديهم باقون على درب حشّاد ولن يحيدوا، ومؤمنون بدور منظمة الشغيلة كقوّةِ اقتراح وتوازن ونضال وضغط وكفاعل أساسي في مسار الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، منوهًا إلى الاعتزاز بالانتماء لمنظّمة حشّاد العظيم وبالوفاء للعهد ولدماء الشهداء ولاستحقاقات الشغالين وفق مفهوم العمل اللائق وكما حدّدتها معايير العمل الدولية.



لا للمساومة وتحويل البلاد إلى غنيمة

وأضاف الطبوبي في كلمته: نستغرب ويستغرب معنا مناضلات ومناضلو الاتحاد من الانفلات العام الذي أصبحت عليه البلاد، والمساعي المحمومة لِوَأْدِ الاستحقاقات الاجتماعية، وما تتعرّض له منظّمتهم العريقة من حملات تشويه وشيطنة وتطاول على رموزها من طرف بعض الحاقدين الجاحدين الذين استكثروا عليهم حبّهم لوطنهم ولشعبهم وإيمانهم بدورهم في الذّود عن قيم الجمهورية المدنية، وغاظهم شغفهم بالحرية وحبّهم للحياة وانحيازهم لسلطان العقل والقانون وتشبّثهم باستقلالية قرارهم وانتصارهم لمبادئ العمل النقابي المستقلّ ولحقوق الإنسان. وإزاء ما يحدث نبه الأمين العام وحذر من خطورة مثل هذه الممارسات اليائسة.

وحذر من توظيف الوضع الاستثنائي لتحويل البلاد إلى غنيمة يستبيحها الجشعون وسماسرة الموت ممن يسبّقون الأرباح على الأرواح، ومن حشر الإدارة في التجاذبات السياسية والتوظيفات الحزبية وإخضاعها لولاءات تمنعها من تقديم خدماتها العمومية في كنف الحياد والشفافية واحترام القانون.

كما حذر من التهاون في الضرب على أيدي المحتكرين والمهرّبين والمتهرّبين من الواجب الجبائي والاجتماعي، والتنكّر للاتفاقيات المبرمة ومن التذرّع بجائحة كورونا للالتفاف على حقوق العمّال.

وقال: حذار من غضب الشارع وخطر توظيفه لإحلال الفوضى لتحقيق مآرب حزبية أو فئوية أو شخصية غير معلومة، أو لتغذية النعرات البدائية كالجهوية والعشائرية لبث الفتنة والتفرقة. حذار من خطاب الكراهية ومن الشحن والتجييش وبثّ الإشاعات وزرع بذور الفتنة ونشر ثقافة العنف والتخوين. حذار من المسّ من تاريخنا الوطني وكتابته على المقاس أو لتصفية الحسابات.. رحم الله شهداء تونس.. شهداء الاستقلال.. ضحايا الاستبداد.. شهداء 5 آب 1947 شهداء النفيضة 21 نوفمبر 1951 شهداء يناير 1978.. شهداء انتفاضة الخبز 1984.. شهداء الحوض المنجمي 2008.. شهداء ثورة 17 ديسمبر 14 يناير وتحيّة لكلّ المناضلين الصادقين عبر كلّ مراحل تاريخنا المجيد والذين عبّدوا لثورة الحرية والكرامة".

وأَضاف: "حذار من الاستخفاف بما يجري في مؤسّساتنا التربوية من تسيّب وعنف طال المربي والتلميذ وحوّلها إلى فضاءات لإنتاج البطالة وتبليد الفكر والتسويق لسلعنة التعليم حتى يكون في خدمة السوق عوض توظيفه لخدمة المجتمع وتنوير الفكر. كما حذر من تدمير المرفق العمومي وترذيل خدماته وزرع العداوة تجاهه لغاية التسويق لخوصصته".

وحذر من "الاستقواء بالأجنبي والتحريض ضدّ بلادنا بما يهدّد سيادة قرارنا الوطني ويستنزف مقدراتنا ويرتهن استقلالية خياراتنا، والاصطفاف وراء المحاور الإقليمية والجيوسياسية وحشر بلادنا في معارك خاسرة لا مصلحة لنا فيها. ومن فشل تجربة 25 يوليو من تعطيل تحوّلها إلى مسار تصحيحي فبذلك نعبّد الطريق لعودة المنظومة الفاشلة ولانتشار الفوضى".

واكد الأمين العام انهم لن يخضعوا للابتزاز ولن يساوموا في استقلالية قرارهم وسيظلون أوفياء لأصحاب الحقّ، أنصارا للديمقراطية ودعاةً للحوار مهما بلغ الاختلاف، مستطردًا بأنه لن تربكهم حملات الشيطنة ولا معاول التخريب والتشكيك ولن تُثْنِيهم عن الإيفاء بتعهّداتهم تجاه العاملات والعمال وتجاه الشعب.

وأضاف انه لن يهدأ لهم بال حتّى يتحققوا من تطبيق جميع الاتفاقيات المبرمة ومن الرفع في الأجر الادنى المضمون وإيجاد آلية دورية ودائمة لتعديله ولن يتنازلوا عن حقهم في فتح المفاوضات الاجتماعية في جانبيها المادي والترتيبي وفي آجالها ووفق ما تمّ عليه الاتفاق في اجتماع المكتب التنفيذي الوطني مع الحكومة من أجل الزيادة في الأجور حفاظا على المقدرة الشرائية والحق في تحسين شروط وظروف العمل.

واختتم بالدعوة إلى حوار وطني بما يلبي استحقاقات الشعب في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

فلسطين كانت حاضرة

ولم يفت الأمين العام خلال احياء في ذكرى استشهاد فرحات حشاد يوم السبت، التطرق إلى ما يواجهه الشعب الفلسطيني من تصعيد صهيونيّ أدّى إلى سقوط العديد من الشهداء، فضلًا عن تصاعد الاعتقالات التي طالت الشيوخ والنساء والأطفال، وحوّل السجون إلى مشرحة للتعذيب والتنكيل والقتل البطيء للأسرى الفلسطينيين.

وعبر الأمين العام عن تضامن عمال تونس واتحادهم مع الأشقاء في فلسطين وحيا صمودهم وإصرارهم البطولي على المقاومة واستنكر ما يقوم به الكيان الصهيوني من هدم وتخريب للحقول والبيوت والأحياء بغاية تهويدها، وناشد المجتمع الدولي والعربي الخروج عن صمته أمام هذه المظالم لتقديم الدعم والمؤازرة للشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله من أجل الاستقلال والتحرّر وبناء دولته على أرضه وعاصمتها القدس الشريف. كما جدّد الموقف المبدئي من رفض الاتحاد لكلّ أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.