الرأسمالية المعولمة وتجديد رؤية اليسار الفكرية


لطفي حاتم
2021 / 12 / 10 - 15:41     

-أدى انهيار خيار التطور الاشتراكي الى سيادة أسلوب الانتاج الرأسمالي باعتباره نهج وحيد للتطور الاجتماعي وأثارت تلك الوحدانية كثرة من الأسئلة المنهجية تتصدرها – هل تسعى أحزاب اليسار الاشتراكي الى تجديد برامجها الفكرية - السياسية؟ هل مازالت عدتها الفكرية الملائمة لمرحلة المعسكرين قادرة على تطوير كفاحها الوطني؟ هل لا زال استلام السلطة السياسية والاحتفاظ بها مهمة كفاحية؟
- هذه الأسئلة المنهجية وغيرها تحفز اليسار الاشتراكي على إعادة بناء عدته الفكرية في مرحلة وحدانية التطور الرأسمالي.
- اعتمادا على ذلك أتوقف عند رؤية فكرية قابلة للنقد والحوار هادفة الى تطوير البرامج الفكرية – السياسية لكفاح اليسار الاشتراكي عبر محاور أساسية –
أولا - انهيار النموذج الاشتراكي للتطور والتغيرات الدولية.
ثانيا – وحدانية التطور الرأسمالي وبرامج اليسار الوطنية.
ثالثاً – التحالف اليساري الديمقراطي والدولة الوطنية.
أولا - انهيار النموذج الاشتراكي للتطور والتغيرات الدولية
- بات معروفاً ان نهوج الأحزاب الاشتراكية السياسية في مرحلة ازدواجية التطور الاجتماعي تلخصت في استلام السلطة السياسية وإحداث تحولات اقتصادية - اجتماعية عبر سيادة الحزب الاشتراكي في منظومة البلاد السياسية.
- اعتماداً على تلك الأهداف الكفاحية قامت دول اشتراكية وأنجزت كثرة من القضايا السياسية الاقتصادية لصالح الطبقات الكادحة وتطوير قواها المنتجة.
- رغم تنوع وكثرة الانجازات الاجتماعية السياسية التي انتجتها سلطة الدول الاشتراكية الا انها لم تكن قادرة على النمو والتواصل لفترات تاريخية طويلة.
- انتجت الدول الاشتراكية شرائح بيروقراطية تحكمت في أبنيتها الاقتصادية -السياسية وأدت الى ركود سياسي في منظومة الدول الاشتراكية شكلت عوائق فعلية أمام التطور اللاحق للتشكيلة الاجتماعية الاشتراكية.
-- أدى ركود البنية الاقتصادية - السياسية للدول الاشتراكية الى نمو طبقة اجتماعية بيروقراطية ساهمت في عودة التطور الرأسمالي في سياسة الدولة الاقتصادية.
- انطلاقا من تلك التبدلات يواجه اليسار الاشتراكي أسئلة منهجية أبرزها- ماهي أسباب الانهيار المدوي لنموذج التطور الاشتراكي؟ هل النموذج الاشتراكي شكلاً وحيداً للتطور الاجتماعي المتوازن؟ ما هي النماذج الجديدة التي يمكن اعتمادها للتطور الاقتصادي الاجتماعي؟ ما هي الوسائل الكفاحية القادرة على تلبية المصالح الأساسية للطبقات الاجتماعية في الدولة الوطنية؟
ثانيا – وحدانية التطور الرأسمالي وبرامج اليسار الوطنية.
- أدى انهيار النموذج الاشتراكي وسيادة النمط الرأسمالي الى تغيرات فكرية -سياسية في برامج الأحزاب الاشتراكية تتماشى وهيمنة التطور الرأسمالي.
- التغيرات الجديدة في برامج الأحزاب الاشتراكية تثير كثرة من الاسئلة الفكرية منها - ما هي طبيعة دولة العدالة الاجتماعية المزمع انشاءها؟ هل تشكل مضامين الثورة الاجتماعية دعوة لاستلام سلطة الدولة والاحتفاظ بها؟ ما هي الأساليب الكفاحية التي يمكن اعتمادها لاستلام السلطة السياسية؟ هل ما زالت قيادة الحزب الاشتراكي للدولة فاعلة في الطور الرأسمالي المعولم؟ هل هناك أدوات كفاحية تشترطها وحدانية التطور الرأسمالي؟
هذه الأسئلة وغيرها يعاد طرحها بهدف بناء نهوج وأساليب كفاحية لليسار الاشتراكي تتماشى ووحدانية التطور الرأسمالي.
- وحدة اليسار الاشتراكي- الديمقراطي.
-- افرزت ازدواجية خيار التطور الاجتماعي كثرة من الأحزاب والتجمعات الاشتراكية التي تسعى الى استلام سلطة البلاد السياسية عليه بات ضرورياً تشكيل وحدة يسارية اشتراكية –ديمقراطية قادرة على تحقيق برامجها السياسية وتحديد أساليب كفاحها الوطنية.
- استناداً الى ذلك لابد من تشكيل كتلة اشتراكية -ديمقراطية قادرة على صياغة برنامج وطني- ديمقراطي يسعى الى بناء دول ديمقراطية قادرة على مكافحة التبعية والتهميش.
– اعتماد الشرعية الديمقراطية.
- يسعى الرأسمالي المعولم الى التبعية والالحاق وتشترط القوانين الرأسمالية تهميش الدول الوطنية وتفتيت تشكيلاتها الاجتماعية وبالضد من ذلك تتيح وحدانية التطور الرأسمالي إمكانية استخدام الشرعية الديمقراطية للوصول الى السلطة السياسية والبحث عن الأساليب الوطنية الضاغطة على الطبقات الفرعية والقوى الدولية المتحالفة معها وايقاف الإرهاب المتواصل ضد القوى الوطنية.
ثالثاً – الدولة الوطنية والتحالف الاشتراكي - الديمقراطي.
- وصول التحالف الاشتراكي - الديمقراطي الى السلطة السياسية عبر الشرعية الديمقراطية يتطلب بناء رؤية وطنية تستمد شرعيتها من الركائز الفكرية - السياسية التالية-
1- تعذر وحدانية قيادة الحزب الاشتراكي لسلطة البلاد السياسية والاحتفاظ بها تتطلب وحدة اليسار الاشتراكي -الديمقراطي.
2- وحدة اليسار الاشتراكي – الديمقراطي تستند على أساس صيانة الدولة الوطنية الديمقراطية ومكافحة التبعية والالحاق.
3- وحدة اليسار الاشتراكي -الديمقراطي تسعى الى تطوير دور الدولة في الاقتصاد الوطني بما يمنع هيمنة الطبقات الفرعية على الاقتصاد الوطني.
4-- مناهضة قوانين الرأسمالية المعولمة الهادفة الى تخريب الدول الوطنية وتشكيلاتها الاجتماعية.
5 –بناء دولة وطنية ديمقراطية ترتكز على موازنة المصالح الطبقية وتلبية حاجاتها الاقتصادية المتزايدة.
6- بناء اقتصادات وطنية على قاعدة تعدد أنماط الملكية وقيادة القطاع العام لمنظومتها الإنتاجية.
7- إقامة تحالفات إقليمية على أساس مكافحة التبعية والتهميش وموازنة المصالح الدولية – الوطنية.
8- إقامة علاقات وطنية - دولية على أساس احترام السيادة الوطنية ومصالح طبقات تشكيلاتها الاجتماعية.
- الموضوعات الفكرية - السياسية المشار اليها تستمد مشروعيتها السياسية من فاعلية قوانين الرأسمالية المعلومة الهادفة الى تفكيك الدول الوطنية وتهميش تشكيلاتها الاجتماعية عبر تدخلاتها العسكرية – الدبلوماسية في شئون الدول الوطنية.
تلخيصاً لما جرى استعراضه لابد من ايراد الاستنتاجات التالية --
أولا –وحدانية التطور الرأسمالي تشترط إعادة بناء البرامج الفكرية - السياسية لأحزب اليسار الاشتراكي بهدف تفعيل قدرتها الكفاحية على مواجهة الطور الجديد من التوسع الرأسمالي.
ثانياً – تتطلب وحدانية التطور الرأسمالي بناء تحالفات اشتراكية - ديمقراطية لقيادة سلطة البلاد السياسية بدلا من هيمنة الحزب السياسي الواحد.
ثالثاً –قيادة اليسار الاشتراكي – الديمقراطي للتحالفات الوطنية تنبثق من كونه القوى السياسية -الطبقية القادرة على حماية البلاد من قوانين الرأسمالية المعولمة الحاملة لنهوج التبعية والالحاق والتهميش.