الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....45


محمد الحنفي
2021 / 12 / 9 - 20:13     

من حقنا أن نحلم بمغرب بدون فساد:.....2

د ـ ومن حق سكان الجماعة، والمتعاملين مع المجلس الجماعي، من السكان، ومن خارج السكان، أن يجدوا أن الفساد صار منعدما، في صفوف الأعضاء الجماعيين، وفي صفوف العاملين في الإدارة الجماعية، وفي صفوف المتعاملين مع الجماعة، ومع إدارتها من السكان، ومن خارج السكان. ذلك، أن أي جماعة، لا تكون صالحة إلا بأعضائها، والعاملين في إدارتها. أما الرئيس، فيصدق عليه الحديث الذي يقول ما معناه: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلح، صلح الجسد كله، وإذا فسد، فسد الجسد كله)؛ لأن الرئيس، هو المقياس الذي نقيس عليه، شئنا ذلك، أم أبينا. فهو الذي يجعل الجماعة صالحة، أو يجعلها فاسدة، حسب المنهج الذي يعتمده في تدبير أمور الجماعة. فإذا كان هذا المنهج مبيدا لكل أشكال الفساد، ويحرص على أن تكون الجماعة في مستوى مواجهة التحديات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

كانت الجماعة، بمجلسها الجماعي، وبإدارتها الجماعية، في مستوى مواجهة التحديات المذكورة.

وإذا كان المنهج المتبع في التدبير الجماعي، غير صالح، فإن الجماعة، بمجلسها الجماعي، وبإدارتها الجماعية، سوف لا تكون في مستوى مواجهة التحديات المذكورة؛ لأن الفساد المسيطر على كل مفاصل الجماعة الترابية، يجعلها غير قادرة على مواجهة مختلف التحديات المطروحة.

ونظرا لأن المتعاملين، في الجماعة، محتاجين إلى جماعة بدون فساد، فإن على المهتمين بالعمل الجماعي، أن يسعوا إلى:

أولا: وضع خطة محكمة، تهدف إلى استئصال الفساد الجماعي، من جذوره الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق جعل الجماعة خالية من الفساد الجماعي، ومن فساد الإدارة الجماعية، حتى تصير في خدمة المتعاملين مع الجماعة، من السكان، ومن خارج السكان.

ثانيا: تشديد الرقابة على ممارسة الأعضاء الجماعيين، وعلى العاملين في الإدارة الجماعية، وتسجيل كل ما يقومون به، مع إخضاع كل ذلك للتقويم، في إطار اللجنة المهتمة بمراقبة تحركات الأعضاء، والعاملين في لإدارة الجماعية. وإذا ثبت أن هناك من يستحق المساءلة، من الأعضاء، أو من العاملين في الإدارة الجماعية، بسبب ممارسة الفساد الجماعي، أو فساد الإدارة الجماعية، تتم إحالته على الجهات المختصة بذلك.

ثالثا: وفي حالة ثبوت القيام بالفساد، على المجلس الجماعي، أن يقوم بإشهار ذلك بين السكان، وبين الموظفين، والعاملين في الإدارة الجماعية، وبين الأعضاء الجماعيين، حتى يصير ممارسو الفساد عبرة لمن يعتبر، ومن أجل أن تصير الجماعة، أي جماعة، بدون فساد.

رابعا: اتخاذ قرار المطالبة الجماعية، بجعل مسألة الفساد الجماعي، بأشكاله المختلفة، معتمدة للتدريس في مدارسنا، وفي جامعاتنا، أملا في إعداد أجيال تدرك إدراكا جيدا:

ما معنى الفساد الجماعي؟

وماذا يترتب عنه؟

وما هي المضار التي يلحقها بالمجتمع؟

وكيف نتخلص من تلك المضار؟

وهل يمكن التخلص منها، بدون التخلص من الفساد الجماعي؟

وذلك في أفق إعداد أجيال تدرك جيدا:

ما معنى أن يصير الفساد الجماعي، مصدرا للتخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؟

وهل يمكن التخلص من الفساد الجماعي، بدون التخلص من الفساد الانتخابي؟

وهل يمكن التخلص من فساد الإدارة الجماعية، بدون التخلص من الفساد الجماعي؟

أليس الفساد واحدا، مهما كان شكله؟

وهذه الأسئلة، إنما نطرحها، سعيا إلى جعل جماعاتنا الترابية، مستقبلا، بدون فساد.

ه ـ ويمكن أن نعتبر، أن انتفاء الفساد، دليل على أن الانتخابات، كانت حرة، ونزيهة. وهو ما يعني انتفاء الفساد الانتخابي، الذي يترتب عنه: صعود الفاسدين، الذين يشترون ضمائر الناخبين، إلى أي مجلس جماعي. وعندما يوضع حد للفساد الانتخابي، فإن إمكانية صعود الفاسدين، إلى أي مجلس جماعي، تتراجع إلى الوراء. والتراجع إلى الوراء، معناه: اندحار الفساد، وانتصار اللا فساد، وانتصار إرادة الحرية، والنزاهة، في الانتخابات. والأعضاء الذين يتم تصعيدهم، إلى أي مجلس جماعي، يكونون من اختيار الناخبين. والناخبون عندما يعرفون: أن الفساد اختفى، في اختيار الأعضاء، وأن الحرية والنزاهة هي التي تحكمت في اختيار الأعضاء، فإن الناخبين، ومعهم السكان، يصيرون مهتمين بالعمل الجماعي، وسيسجلون إيجابيات الأعضاء، وسلبياتهم، سعيا إلى الحكم عليهم، إذا ترشحوا من جديد، في أي انتخابات جماعية قادمة، والتي قد تعرف تطور الناخبين، وتطور الممارسة الانتخابية، التي قد تصير خالية من الفساد، في صيغته الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو السياسية، وسيصير التصويت قائما على دراسة البرنامج الحزبي، والاقتناع به، وبالشخص الذي يقدم ذلك البرنامج الحزبي، حتى إذا حل يوم التصويت، كان صاحب البرنامج المقنع، الذي يخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، هو الفائز.

أما إذا بقي الفساد هو المتحكم في مسار الانتخابات، ولا يعتمد المرشحون إلا على شراء الضمائر، وأن الناخبين يتهافتون على بيع ضمائرهم إلى المرشحين، بطريقة مباشرة، أو عن طريق سماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين. فإن الانتخابات، لا يمكن أن تكون حرة، ونزيهة، وأن مسار الفساد الانتخابي، هو المتحكم في العملية الانتخابية، من أولها، إلى آخرها، وأن المجلس الجماعي، لا يتكون إلا من الفاسدين، وأن الفاسدين، لا يمكن أن ينتجوا في إطار المجلس الجماعي، إلا الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما لا يستفيد منه إلا الفاسدون من الأعضاء الجماعيين، وليذهب السكان، والمتعاملون مع الجماعة، ومع الإدارة الجماعية، من السكان، ومن خارج السكان، إلى الجحيم. خاصة، وأن الفاسد لا يهتم إلا بنفسه، ولا يرى في المتعاملين مع الجماعة، من السكان، ومن خارج السكان، إلا ما في جيوبهم، من أجل أن يعوض ما خسره، من أجل أن يصير عضوا في أي مجلس جماعي، أو يزيد على ذلك كثيرا، بل أضعافا، مضاعفة. وعلى المستوى الوطني، خاصة، وأن انتخابات أي عضو من الأعضاء الجماعيين، ليس حرا، وليس نزيها، حتى نطمئن على مستقبل الجماعة، وحتى يقف الأعضاء وراء تقدمها، وتطورها.

فالتقدم، والتطور، في الجماعات الترابية، لا يتحقق إلا إذا كانت حرة، ونزيهة؛ لأن الحرية، والنزاهة، في الانتخابات الجماعية، أو البرلمانية، تعبير عن تقدم المغرب، وتطوره.

و ـ وخلو الأعضاء الجماعيين، من ممارسة الفساد الجماعي، دليل على أن الجماعة، تسلمت مفتاح الولوج إلى مجال التقدم، والتطور. والتقدم، والتطور، ليس خاصا بخلو الأعضاء الجماعيين من الفساد، بل يشمل مجمل ما يقوم به المجلس الجماعي، ومجمل ما تقوم به الإدارة الجماعية، ومجمل السلوك، ومجمل العلاقات الإنسانية في المجلس الجماعي مع السكان، وفي الإدارة الجماعية مع المتعاملين معها من السكان، ومن خارج السكان، ومجمل العلاقات بين السكان، في أي جماعة متقدمة، ومتطورة، وفي العلاقات بين السكان، وبين سكان باقي الجماعات الترابية، وفي مظاهر الجماعات الترابية، وفي إنتاج كل جماعة على حدة، حتى تصير جماعاتنا الترابية، متميزة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، أملا في الرفع من قيمة جماعاتنا الترابية، المتقدمة، والمتطورة، والساعية إلى بث الكرامة الإنسانية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حاضرة في الفكر، وفي الممارسة، حتى يتأتى جعل التطور، والتقدم، حاضرين في بنية الإنسان، أنى كان هذا الإنسان، وفي بنية السكان المتعاملين فيما بينهم، على أساس الحق، والقانون، وفي بنية الجماعة، أي جماعة، وصل أعضاء مجلسهان على أساس الحرية، والنزاهة، وفي بنية الإدارة الجماعية، التي يبني العاملون، بها، سلوكهم على أساس التحلي بالقيم النبيلة المتطورة، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

فالجماعات المتقدمة، والمتطورة، تشق طريقها، في أفق إيجاد الإنسان البديل، الذي يشرف الجماعة، وما يأتي منها، ويشرف التاريخ، ويشرف الجغرافية، قبل أن يشرف الإنسان، في كل مراحل الحياة، التي يعيشها.

ولذلك، كان خلو الأعضاء الجماعيين من ممارسة الفساد، قبل الانتخابات، وبعد وصولهم إلى الجماعات الترابية، كأعضاء جماعيين، مدخلا لتقدم جماعاتنا الترابية، وتطورها، وبداية لزرع الأمل في عملية التحول العميق، التي تعرفها الجماعة الترابية، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، أملا في جعل الجماعات تساهم في التقدم، والتطور، الذي يعرفه المغرب، على المستوى الداخلي، وعلى المستوى الخارجي، حتى يصير المغرب مساهما في بناء الحضارة الإنسانية، تلك المساهمة التي تشرف المغرب، والمغاربة، في الحاضر، وفي المستقبل.

ز ـ ومن حق سكان الجماعة، المتعاملين مع الإدارة الجماعية، أن تكون لهم إدارة جماعية، بدون فساد؛ لأن الإدارة الجماعية الفاسدة، تسيء إلى نفسها، وإلى الجماعة الترابية، وإلى السكان الجماعيين، وإلى المتعاملين مع الإدارة الجماعية، من سكان الجماعة الترابية، ومن خارج السكان، وإلى المغرب، وإلى الشعب المغربي، الذي يضطر إلى قبول ممارسة الفساد، الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بفعل فساد الإدارة الجماعية.

أما إذا كانت الإدارة الجماعية، خالية من الفساد، ومن الفاسدين، فإن السكان، والمتعاملين مع الإدارة الجماعية، يرتاحون إليها، ويعتبرونها حريصة على تقدم الخدمات، في إطار الحق، والقانون، وفي إطار الاحترام المتبادل بين الإدارة، والسكان، وبين الإدارة، والمتعاملين معها، من خارج السكان، لتصبح، بذلك، رافعة راية الإدارة الجماعية، الملتزمة بالحق، والقانون، ومحترمة لقواعد العمل معها، من سكان الجماعة الترابية، ومن خارج سكان الجماعة الترابية. وهو ما يعني: أن الإدارة الجماعية، تلتزم بقواعد التعامل الحقوقية، والقانونية، ودون أي تخلف، أو ارتباك، في صفوف السكان، وفي صفوف المتعاملين مع الإدارة الجماعية، من خارج السكان.

وعندما تكون الإدارة الجماعية، فاسدة، نجد أنها لا تحترم السكان، ولا المتعاملين معها، من السكان، ومن خارج السكان، نظر للدور الذي يلعبه الفساد، في جعل الموظفين، والعاملين في الإدارة الجماعية، فاسدين، وفي جعل علاقتهما بالسكان، وبالمتعاملين مع الإدارة الجماعية، من السكان، ومن خارج السكان، فاسدة. الأمر الذي يترتب عنه: قيام أي تعامل مع الإدارة، على أساس الفساد، والذي يتخلله الإرشاء، أو الارتشاء، حتى وإن كان بسيطا، لا يسمن، ولا يغني من جوع.

وأي إدارة جماعية فاسدة، لا يمكن أن تنتج إلا الفساد. والإدارة عندما تتحول إلى مفرخة للفساد، تصير قيمتها منحطة بين السكان، وتصير قيمة الجماعة نفسها منحطة، ويصير الإقليم الذي تنتمي إليه، منحطا، وتصير الجهة، التي يوجد فيها ذلك الإقليم، منحطة، ويصير المغرب، بين الدول، منحطا، بسبب فساد الإدارة الجماعية، التي عم فسادها الشرق، والغرب، والشمال، والجنوب، من الكرة الأرضية، مما يجعل قيمة إنتاج الفساد، تتجاوز القيم الأخرى، غير الفاسدة، التي يحرص الناس على التحلي بها، في الظروف العادية. ولكن عندما تدعو الظروف إلى التعامل بالفساد، مع الجماعة، فإن المتعاملين مع الإدارة الجماعية، من السكان، ومن خارج السكان، يعتبرون أن الوسيلة التي يتعاملون بها، مع الإدارة الفاسدة، هي الفساد، الذي يفتح الأبواب المغلقة، ويسرع بتقديم الخدمات، ويجعل التعامل مع الإدارة، ساريا، وبدون عرقلة، أما إذا كانت الإدارة الجماعية، غير فاسدة، والعاملون فيها، لا ينتجون الفساد، وعرض السكان على التعامل مع الإدارة، بعيدا عن الفساد، وعلى أساس الحق، والقانون. فإن التواصل بين العاملين في الإدارة الجماعية، وبين المتعاملين معها، من السكان، ومن خارج السكان، يصير غير متوقف، ومنتج للاحترام المتبادل، بين العاملين في الإدارة الجماعية، وبين المتعاملين مع الإدارة الجماعية، من السكان، ومن خارج السكان.

وإذا كان العاملون في الإدارة الجماعية، مصرون على ممارسة الفساد، مع المتعاملين معهم، فإن على السكان، أن يثيروا هذه المشكلة، مع رئيس الجماعة الترابية، ومع السلطات الوصية، على الجماعات الترابية، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا. فإذا قام المسؤولون بواجبهم، في جعل الموظفين الجماعيين، والعاملين في الإدارة الجماعية، يمتنعون عن فرض التعامل بالفساد، على الوافدين عليهم، من أجل تلقي خدمة معينة. وإلا، فإن السكان، والمتعاملين مع الجماعة، من السكان، من خارج السكان، ينظمون وقفات احتجاجية، ضد الفاسدين، الذين أفسدوا الجماعة الترابية، وأفسدوا العلاقة مع الجماعة الترابية، أي جماعة ترابية، حتى تتدخل مختلف الجهات، التي تعمل على منع، ومعاقبة الموظفين، والعاملين في الإدارة الجماعية، مع الفاسدين، وصولا إلى تطهير الإدارة منهم، ومن الفساد الذي يمارسونه.