يوميات سورية


نادية خلوف
2021 / 12 / 8 - 05:37     

نحن الذين نعيش في الغرب على الهامش، ونتفاخر بجوائزنا وكتبنا المنشورة ، و أصبحنا أبطالاً نتحدّث عما جرى لنا " نحن العظماء " في سجون النظام بينما كنا جزءاً منه . نحاول أن نقرأ بعمق ، فنقرأ أنفسنا ، وقد أعيتنا الوحدة فشكلنا فريقاً على النت نسجل من خلاله عظمتنا في شتم الأسد.
نحن الذين نعيش على الهامش كثر وبعضنا حصل على الجنسية ، لكننا بعيدون عن الغرب، وعن العرب، وهذا الفراغ القاتل الذي يحيط بنا لاعلاج له .
البارحة دردشت مع صديقتي وسألتها عن أحوالها. قال كل شيء بخير لدينا في السلمية ، فلدينا مؤسسة الآغاخان التي تعطينا حصصاً غذائية دون التفريق في الدين . لذا اشتريت من جارتي حصتها في الطحين كي أصنع الفطائر . لا أطيب من فطائر السلق . صنعت عشرين فطيرة التهمتها العائلة بمتعة شديدة.
أردت أن أعرف المزيد فهاتفت صديقة أخرى ، فقالت لي أنههم يحبون المشاوي ، وقد جمعوا شحاحيط ، وعيدان الشجر ، وشووا كيلوين من البطاطا و اثنين من البصل و اثنين من البندورة . سألتها عن سلّة الآغاخان الغذائية ، فقالت لي: أبيع الثلاثة علب من الزيت و أشتري بثمنهم مواد أخرى .
صديقة ثالثة تواصلت معي فقالت لي أن وجبتهم شوربة كانت لذيذة جداً ، حيث أنهم تمكنوا من الحصول على الليمون الغالي الثمن ، وفتوا فيها الخبز . كانت لذيذة .
صديقاتي الثلاث اللواتي تواصلت معهن لم يشكين من سوء المعيشة . أكملت السهرة في فراغي ، وأنا أعرف لماذا رحلت.
كان الناس يبدون أغنياء فأغار منهم ، و أقول : هل أنا فقط ؟
تبين أن الناس لا يؤمنون في الحقيقة فعندما أوقفنا سيارتنا أمام المنزل لأنه لا نملك ثمن البنزين . كان الناس يقولون أن سورية سوف تتربع على عرش العالم في الاقتصاد، فأهجم على زوجي و أقول له : يالك من تنبل! خلصنا من هذا الفقر . لدينا أولاد وجامعات . . .
وفي يوم من الأيام أتى منتصراً وقد حصل من نقابة المحامين على سمن نباتي ، لم يطل الأمر صنعت منه كعكاً . كان علي أن أكون كما ربعي فأصرّح أن سورية بلد المعجزات ، كنت أستعمل اللحم في الطعام كالبهارات ، وخرجت من الموضوع ، فلم أعد أشكو الفقر ، بل أمشي بعظمة ، بينما يتهامس الأهل عى عظمتي . تم غسل دماغي ، فاعتقدت أن الحياة فقر ، وشقاء ، لكنني غادرت فأصبحت الحياة فراغ . هنا المشاوي تعني اللحوم ن ولدينا تخمة من الطعام لدرجة أننا نفكر أن اللحم ليس غذاء جيداً . ماهو البديل ؟ قد تكون فطائر السّلق .