الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....43


محمد الحنفي
2021 / 12 / 5 - 06:41     

المغرب في حاجة إلى القضاء على الفساد الجماعي والاجتماعي.....4

ح ـ ومعلوم، أن جماعاتنا الترابية، لا بد أن تعرف تحولا، في اتجاه النهوض بالعمل الجماعي، في الاتجاه الصحيح، إذا تم التخلص من الفساد الجماعي، سواء تعلق الأمر بالفساد الانتخابي، أو بالفساد الجماعي، أو بفساد الإدارة الجماعية. وإذا تم التخلص، كذلك، من الريع السياسي، ومن السعي إلى الحصول على امتيازات الريع المخزني، بالإضافة إلى التخلص من التفكير في ممارسة أشكال الفساد الأخرى، التي لا يمارسها إلا فاسد، له ممارسة أي شكل من أشكال الفساد.

فالتخلص من الفساد، يقتضي وضع برنامج معين، ومرحلي، يمكن من التخلص من كافة أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بالإضافة إلى وضع برنامج للتخلص من أشكال الفساد الجماعي، الذي يقتضي من المسؤولين في المرحلة الأولى، العمل بكل الإمكانيات المعرفية، والإعلامية، والجمعوية، والحزبية، على التخلص من الفساد الانتخابي، ومن المساهمين فيه، ابتداء بالناخبين الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات، ومرورا بسماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، وانتهاء بالعمل على التخلص من المرشحين المراهنين على شراء ضمائر الناخبين، ثم العمل على التخلص من الفساد الجماعي، الذي ينتجه الأعضاء الجماعيون، في علاقتهم بالرئيس، وبالمواطنين، وبأعضاء المكتب الجماعي، وبالإدارة الجماعية، إلى جانب فساد الإدارة الجماعية، الذي تنتجه العاملات، والعمال العاملون في الإدارة الجماعية، بالإضافة إلى الموظفات الجماعيات، والموظفين الجماعيين، في العلاقة مع السكان، ومع الأعضاء الجماعيين، ومع الرئيس.

والجماعات الترابية، عندما يتم التخلص من الفساد، تصبح شيئا آخر مختلفا، ينمو فيه كل ما يمكن أن يطلبه المواطن، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وتصير جماعاتنا الترابية، جماعات نموذجية، على جميع المستويات، الأمر الذي يترتب عنه، أن المغرب، سيعرف وجها آخر، لسبب واحد، وهو أن التخلص من الفساد، وجعل جماعاتنا الترابية في خدمة السكان، وفي خدمة المتعاملين معها من خارج السكان، وجعل المشاريع المخصصة لها، تبرز إلى الوجود، وجعل جميع الخدمات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في متناول المواطنين، والمواطنات، مما يجعل الرؤى العالمية، في اتجاه المغرب، تتغير، ليصبح المغرب مقصدا للسواح، من كل اتجاه، ومن جميع القارات.

غير أن المشكل القائم عندنا، أن السلطة الوصية، التي يعول عليها الشعب، في العمل على التخلص من الفساد، هي سلطة وصية فاسدة، باعتبارها سلطة تنفيذية، بالإضافة إلى فساد السلطة التشريعية، وفساد السلطة القضائية. وهو ما يقتضي وضع برنامج للتخلص من الفساد المستشري في هذه السلطات الثلاث.

ط ـ التخلص من الفساد، بجعل الواقع المغربي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، شيئا آخر، يختلف عن الواقع الذي كان قائما، في ظل سيادة الفساد الجماعي.

ولذلك، نجد أنه من الضروري، أن يصير العمل على استئصال الفساد، مرتبطا بالإرادة السياسية، الهادفة إلى خدمة الوطن، وجعل جماعاتنا الترابية، في خدمة السكان، وفي خدمة الجماعة، وتنمية مواردها، وجلب المشاريع الكبرى إليها، وتحويلها إلى جماعات تنموية رائدة، في خدمة الأجيال الصاعدة، عن طريق جودة التعليم، وجودة العلاج، من مختلف الأمراض، وعن طريق توفير البنيات التحتية، الضرورية، للتجارة، والزراعة، وتربية المواشي، والصناعة العصرية، والتقليدية، ومختلف المؤسسات، الخاصة بالخدمات الإنسانية، حتى تتحول الجماعة إلى مكان مطلوب للتعليم، والعلاج، والخدمات، من مختلف الجهات.

وإذا كانت كل الجماعات، تهتم بما ذكرنا، فإن المغرب، يتحول إلى بلد متقدم، ومتطور، ليصير نموذجا ناجحا للتنمية الجماعية، التي تعتبر تنمية للوطن بصفة عامة، مما يجعلنا نحرص على أن نعتز بانتمائنا إلى هذه الأرض، وإلى هذا الوطن، وإلى إحدى جماعاته الترابية، التي لا وجود فيها لأي شكل من أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.

غير أن جماعاتنا الترابية، التي يتربى ناخبوها، على بيع ضمائرهم إلى الفاسدين، بمساهمتهم بما سميناه، في مناقشتنا لفقرات هذا الموضوع، بالفساد الانتخابي، الذي يساهم فيه الناخبون، الذين يحرصون على عرض ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات، وسماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، والمرشحون الذين يراهنون على شراء ضمائر الناخبين، ليفوز، بعد ذلك، بعضوية مجلس فاسد، لممارسة كافة أشكال الفساد الجماعي، في الدورة الجماعية، التي تلي الانتخابات الجماعية، لتصير الجماعة، بكل أعضائها، فاسدة، وليصير الفساد، الأساس الذي تقوم عليه جماعاتنا الترابية، ولتصير الإدارة الجماعية، بكل الموظفات، والموظفين، والعاملات، والعمال الجماعيين، فاسدين، ليصير الفساد، هو الذي تناضل من أجله الأحزاب المختلفة، التي تبرهن عن ممارستها للفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وكأن الجماعات الترابية، لم توجد إلا لممارسة كافة اشكال الفساد الجماعي، وكأن الانتخابات الجماعية، لا تكون إلا فاسدة، وكأن التواجد في هذه الجماعة، أو تلك، من أجل أن تصير العضوية في المجلس الجماعي، وسيلة للإثراء السريع، لتعرف الجماعة إفقارا سريعا، لتظل جماعاتنا الترابية، في خدمته، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وليعرف المغرب، على المستوى الدولي بالفساد، ليستمر تخلفه، الذي يقف وراءه بالدرجة الأولى، مسؤولو الجماعات الترابية، ومسؤولو السلطات الوصية، على الجماعات الترابية. والسياسة المتبعة، من أجل رعاية كافة أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والحرص على مضاعفة إنتاجه، وجعل المواطنين يتقبلون الفساد الجماعي، ويعتبرونه شيئا عاديا، مع العلم، أن منطق الفساد الجماعي، ومنطق فساد الإدارة الوصية، يؤدي، بالضرورة، إلى تخلف الإنسان المغربي، وتخلف الجماعات الترابية، وتخلف المجتمع المغربي، وتخلف الدولة المغربية. والتخلف، لا ينتج إلا التخلف. والحكم الطبقي، هو حكم قائم على تسييد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال. وثراء الأثرياء، لم يصر قط، في خدمة السكان، ولم يعرف عنه أنه صار في خدمة أي شعب، بقدر ما تصير الشعوب خدمته.

ي ـ وحياة المغاربة، في ظل التخلص من الفساد، بصفة عامة، وفي ظل التخلص من الفساد الجماعي، بصفة خاصة، ومن انتشار كل أشكال الفساد، في المجتمع، تصير حياة كريمة، يتمتع فيها جميع المغاربة بحقوقهم الإنسانية، والشغلية، مما يشجعهم على القيام بواجبهم، في عملهم، وتجاه المجتمع، الذي ينتمون إليه، مما يحول المجتمع، بدوره، إلى مجتمع خال من الفساد، بأشكاله المختلفة، التي يسود فيها التعاون الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الأمر الذي يترتب عنه: مساهمة المغاربة، في بناء الحضارة الإنسانية، بعطاءات متعددة، في المجال الأدبي، وفي المجال العلمي / الرياضي، وفي المجال الفني، وعلى مستوى المعمار، الذي يعبر عن طبيعة الحضارة السائدة، التي تمكن الإنسان، أي إنسان، من الشعب المغربي، من المساهمة في البناء الحضاري، في المجال الذي يتقنه.

أما إذا كان الفساد، الذي نحاربه، لا زال مستمرا في جماعاتنا الترابية، فإن حياة المغاربة، لا تعرف أي تحول اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو سياسي. خاصة، وأن واقع الحال، يفرض ذلك، من منطلق أن الناخبين، لا زالوا يبيعون ضمائرهم، على رصيف الانتخابات، لأن سماسرة الاتجار في ضمائر الناخبين، لا زالوا ينشطون في سمسرتهم، أو تجارتهم، في الضمائر الانتخابية، وأن الإدارة الوصية، على الجماعات الترابية، لا زالت تغمض عينيها، عن ممارسة الفساد الجماعي، بأشكاله المختلفة، من منطلق: أن هذه السلطة الوصية، هي نفسها ممارسة للفساد الإداري، وأن وصايتها على الجماعات الترابية، تجعلها مستفيدة من ذلك الفساد. فكأنها شريكة، وشراكتها تجعل منها راعية للفساد الجماعي، من أول انتخابات، إلى يومنا هذا.

اي ـ وعندما تصير جماعاتنا الترابية، بدون فساد، فإن السكان سيحتضنون الأعضاء الجماعيين، وسيتمسكون بهم، وستصير الخدمة الجماعية، في مستوى تطلعات السكان، وستحرص الإدارة الجماعية المركزية، تحت إشراف الوزارة الوصية، على إيجاد الجماعات الترابية، المجهزة بمختلف أشكال البنيات التحتية، الضرورية للجماعات الترابية، وسيتم مد الطرقات، وتعبيدها، وستعمل الجماعات الترابية، على إيجاد وسائل النقل المختلفة، حتى يتأتى لجميع سكان أي جماعة ترابية، والمتعاملين معها، من خارج السكان، استسهال الارتباط بها، ويتمسكون بالتعامل معها، على جميع المستويات، لكونها خالية من الفساد الجماعي، ولا يهمها، إلا خدمة المتعاملين معها، من السكان، ومن خارج السكان.

فالفساد إذن، هو أساس تخلفنا، وانعدام الفساد، هو أساس تقدمنا، لا على مستوى جماعاتنا الرابية فقط، ولا على مستوى الإقليم، أي إقليم، ولا على المستوى الوطني، واستئصال الفساد بأنواعه المختلفة من المجتمع، والعمل على التخلص من الفاسدين، الذين نهبوا خيرات المغرب: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، يهدف إلى جعل المغرب، بجهاته، وبأقاليمه، وبجماعاته الترابية، مجرد ضيعات للفاسدين، الذين ينهبون كل شيء، يجعلون الشعب المغربي، يعاني من نهبهم، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. ولا أحد يعمل على التخفيف من معاناته، التي لا تدوم، شئنا ذلك، أم أبينا، مادام الأمر بيد الفاسدين، الذين يستغلون الجماعات الترابية، والأقاليم، والجهات، التي تمكنهم من الوصول إلى ما هو وطني، فإنه يمارس نهب خيرات الوطن، سواء من موقعه كبرلماني، أو من موقعه كعضو في الحكومة.

ولذلك، فأي تقدم، أو تطور، نسعى إلى تحقيقه، من العمل على محاربة الفساد، مهما كان، وكيفما كان؛ لأنه بالانخراط في محاربة الفساد، نعبر عن رأينا الفعلي، في أشكال الفساد، وعن موقفنا من تلك الأشكال المختلفة، والتي تعوق تقدمنا، وتطورنا في عملنا، من أجل التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

وعندما يتم استئصال الفساد، من المجتمع، بقطاعاته المختلفة، وبجماعاته المختلفة، ومن أقاليمه، وجهاته، ستتعافى جماعاتنا الترابية، وأقاليمنا، وجهاتنا، ووطننا، من أمراض التخلف، وكيفما كان هذا التخلف، ومهما كان مصدره، وسيجد الفاسدون أنفسهم، في المكان، أو في الأمكنة التي ليست مخصصة لهم، ليتخلص منهم المغرب، وإلى الأبد.

والتخصيص، فيما يحل بالفاسدين، المنحشرين في الأمكنة المخصصة لهم، يطمئن المغاربة الأحرار، على مستقبلهم، وعلى مستقبل أبنائهم، وبناتهم، وعلى مستقبل الإنسان، الذي لا زال يعيش على وجه الأرض. وسيكون من الواجب عليه، وعلى كل المغاربة الأحرار، أن يحرصوا على جعل المغرب، يرفع رأسه بين الأوطان، وعلى جعل الدولة المغربية، ترفع رأسها بين الدول. فبوضع حد للفساد، كيفما كان، ومهما كان، وبتطهير صفوف المغاربة من الفاسدين، حتى يحافظ الأحرار الحقيقيون، في كل جماعة، وفي كل إقليم، وفي كل جهة، وعلى المستوى الوطني، على هويتهم الإنسانية، التي تعتبر المحافظة عليها واجبا إنسانيا، حرصا على أن يصير المغرب بلدا متحررا من الفساد، وديمقراطيا، واشتراكيا، أملا في الانعتاق من التخلف الناجم عن انتشار الفساد، وعن استئصال الفاسدين.

بي ـ وسكان جماعاتنا الترابية، عندما يتحررون من الفساد، ومن الفاسدين، على المستوى العام، وعلى المستوى الجماعي، فإن السكان يصيرون، باستقامتهم، وبنبذهم للفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، على أساس التخلص من الفساد، ومن الفاسدين، وعلى أساس التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، والحرص على عدم إنتاج أي شكل من أشكال الفساد، حتى لا يستنبت، من جديد، في واقعنا، أي عامل من عوامل تخلفنا، حتى نتمكن من المحافظة على هوية المغرب التحررية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمونها المذكور، في أفق الاشتراكية.

وانطلاقا من تحليلنا لفقرة: (العمل على التخلص من الفساد، ومن الفاسدين)، في أفق إحداث تقدم، وتطور اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، في جماعاتنا الترابية، فإننا نرى: أنه يمكن للسلطات الوصية، على الجماعات الترابية، القائمة في كل جماعة، أن تعمل على دوس الفساد البشري، في هذه القطعة، من أراضي الدولة المغربية، وأن تحرص على التخلص من الفاسدين، مهما كانوا، وكيفما كانوا، في أفق أن يتم التخلص من الفاسدين، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من أجل أن يتم العمل على جعل الإعداد للانتخابات، خاليا من الفساد، الذي يمارسه الناخبون، وسماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، كما يمارسه المرشحون، الذين يراهنون على شراء ضمائر الناخبين. ومن الواجب أن تعمل السلطات الوصية، على الجماعات الترابية، على التخلص من الفاسدين، في الإدارة الجماعية، سواء كانوا موظفين، أو عمالا جماعيين، في الإجارة الجماعية. والتخلص من الفاسدين، يترتب عنه مصادرة الثروات، التي تكونت عند الفاسدين، من ممارسة الفساد العام، والفساد الانتخابي، أو الفساد الجماعي، أو فساد الإدارة الجماعية، لصالح خزينة الشعب المغربي، أو خزينة الدولة المغربية، التي هي نفسها خزينة الشعب، حتى تصير في خدمة الشعب المغربي. وفي هذا الإطار، فقد أصبح من الواجب، وضع حد للريع المخزني، بالإضافة إلى أن جماعاتنا الترابية، ستعرف تحولا معينا، إذا تم التخلص من الفساد، ومن الفاسدين، في إطار أي جماعة ترابية.

والواقع المغربي، إذا تم إقبار الفساد بصفة عامة، والفساد الجماعي بصفة خاصة، سيصير شيئا آخر، يتمثل في الازدهار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. الأمر الذي يترتب عنه، أن حياة المغاربة، ستصير شيئا آخر، مختلفا، عما هو عليه اليوم، وستتحول، بناء على ذلك، بدون فساد جماعي، وبدون فساد الإدارة الجماعية، وسيصير المجلس الجماعي، والإدارة الجماعية، في خدمة السكان، وفي خدمة الوافدين على الجماعة من خارج السكان.

وانطلاقا من التخلص من مختلف أشكال الفساد الجماعي، فإن سكان جماعاتنا الترابية، بدون فساد جماعي، سيطمئنون على واقعهم، وعلى مستقبل أبنائهم، وبناتهم، وعلى مستقبل جماعتهم الترابية، أي جماعة ترابية. وهو ما يفضي إلى أن المغاربة الذين يعيشون خارج الوطن، سيعودون إلى الاستقرار في حضن الوطن، بعد الوصول إلى مرحلة التقاعد، لضمان الارتباط بالوطن، ولجعل أجيال الغربة، يشدون الرحال إلى وطنهم الأم.