ميشيل فوكو واركيتيكتورا البشر ..


قاسم حسن محاجنة
2021 / 11 / 29 - 12:56     

تحدث فوكو في طروحاته عن "عسكرة" كثير من المؤسسات الرسمية ، وتحديدا التعليمية، فمبنى المدرسة ونظامها اشبه بثكنة عسكرية ، مجموعة غرف متلاصقة ، تُسمى صفوفا، يقف في كل طابق حارس "استاذ" يُراقب "الطلاب" ، وكأنه آمر عسكري ، لا يسمح بالخروج من الغرفة إلَا بإذن مسبق ، وعلى رأس هرمية هذه المؤسسة يقف القائد "المدير" ، الذي يؤدي دور قائد الثكنة أو المعسكر ...
تغير هذا كثيرا في ايامنا ، فهناك المدارس الديموقراطية ، التي تُعطي للطالب الحق في الإختيار والحق في التعبير خارج السرب، بل و"التمرد" على العسكرة ..
لكن عودتي الى موقعي في الحوار المتمدن، بعد غياب طويل قارب السنة، لم يتسائل فيها أحد من الزملاء عن سبب غيابي الطويل ... تأتي بعد وعكة صحية شديدة ... ما زلت اعاني من أثارها ..
والقصة انني كنت اعاني من نزيف في الامعاء الدقيقة ، وذهبتُ الى القدس لإجراء تدخل جراحي بسيط لسويعات من نهار ومن ثم قضاء وقت ممتع في مدينة القدس رفقة شريكة الحياة...
لكن حدث ما لم يكن بالحسبان، إذ انفجر احد المصارين الرئيسية اثناء التدخل ، ودخلتُ في متاهة كبيرة ...
- كنتَ بين الحياة والموت ...!!! قالت لي ،بعد ان استعدت وعيي، طبيبة شاركت في العملية الجراحية والتي استمرت ساعات طويلة ..
ما علينا ، تذكرتُ فوكو ، حينما تحولتُ اثناء البقاء في المستشفى الى شيء ، يحركونه ، يُبعدونه ، يقلبونه ، وانا لا رأي لي ولا مراعاة لمشاعري ..
- أريد ان اجلس على كرسي ، فهذا السرير ، أشبه بالسجن وبالمكان المغلق ، احس بإختناق.. قلتها للطبيب .
- استطيع ان اتحرك واتقلب على الفراش ... لماذا تعاملونني وكأني غرض ؟؟ قلتها للممرضين!!!
يتضح بأن الاركيتيكتورا ، و"الأوامر الصارمة" ، ليست من نصيب المدارس والمؤسسات بل اصبحت من نصيب المستشفيات ...
فالطبيب يعرف كل شيء وما عليك سوى الإنصياع ...
الممرض يعرف متى يجب عليك ان تتقلب على الفراش، متى تأكل وكيف تشعر..
وهذا لا ينفي بأن من "تسبب" لي بالمشكلة ، هو الذي انقذني في النهاية ...
لكنني ما زلتُ أعاني من تبعات "الخطأ" الطبي والذي حرمني الكتابة مثلا...
اتمنى ان اعود الى كامل طاقتي ...