- التحكّم الديمقراطي للعمّال - وهمٌ ضارٌ : من غير الممكن تحقيقه في ظّل الرأسماليّة و مُدمّر في ظلّ الإشتراكيّة – نحتاج إلى تغيير ثوريّ للمجتمع و العالم و ليس إلى مواصلة الديمقراطية البرجوازيّة للرأسماليّة أو إعادة تركيز الرأسماليّة


شادي الشماوي
2021 / 11 / 20 - 23:29     

" التحكّم الديمقراطي للعمّال " وهمٌ ضارٌ : من غير الممكن تحقيقه في ظّل الرأسماليّة و مُدمّر في ظلّ الإشتراكيّة – نحتاج إلى تغيير ثوريّ للمجتمع و العالم و ليس إلى مواصلة الديمقراطية البرجوازيّة للرأسماليّة أو إعادة تركيز الرأسماليّة

بوب أفاكيان قائد ثوري و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة – جريدة " الثورة " عدد 725 ، 25 أكتوبر 2021
www.revcom.us/en/bob_avakian/workers-democratic-control-damaging-delusion-impossible-under-capitalism-destructive

في صفوف بعض " الإشتراكيّين – الديمقراطيّين " – برنامهم لا يهدف حقّا إلى إنشاء إشتراكيّة و إنّما يمثّل محاولة واهمة لجعل الرأسماليّة " أكثر ديمقراطيّة " و أقلّ لامساواة – يجرى الترويج لمفهوم " التحكّم الديمقراطي للعمّال " في الاقتصاد و خاصة في مواقع شغلهم . ( و مفهوم مماثل يتقدّم به كذلك بعض الفوضويّين و غيرهم من " اليساريّين " ). و مثلما يُشير إلى ذك عنوان هذا المقال ، هذا غير ممكن التحقيق في ظلّ الرأسماليّة وهو عمليّا يمضى ضد تغيير إشتراكي حقيقيّ لمجتمع – و في نهاية المطاف العالم بأكمله – بإتّجاه هدف القضاء على كافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد مع بلوغ الشيوعيّة عبر العام .
" التحكّم الديمقراطي للعمّال " غير ممكن التحقيق في ظلّ الرأسماليّة : لأنّ الرأسماليّة نظام فيه الوحدات الإقتصاديّة – المؤسّسات و الشركات إلخ – مملوكة فرديّا من قبل الرأسماليّين و تسير وفق المبدأ الرأسمالي لأقصى الربح المراكم من طرف هؤلاء الرأسماليّين بواسطة إستغلال العمّال الذين يشتغلون لديهم . و هؤلاء الرأسماليّين ينخرطون في و تدفعهم المنافسة الشرسة مع بعضهم البعض و ليس في بلد معيّن فحسب بل على الصعيد العالمي . و يملى عليهم هذا أن يبحثوا عن ظروف إنتاج تدرّ عليهم أكبر الأرباح بما في ذلك البحث عن أوضاع لا سيما في البدان الأكثر فقرا لما يسمّى بالعالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ) أين يكون بوسعهم إستغلال الشعوب بلا رحمة .
و سيكون " التحكّم الديمقراطي للعمّال " مدمّرا للإشتراكيّة الحقيقيّة : نّه في مجتمع إشتراكي حقّا ، إجتثاث العناصر المتبقّية ( أو بقايا ) من الإستغلال و اللامساواة و الإضطهاد " الموروثة "عن الرأسماليّة لا يمكن تحقيقه إلاّ بإنجاز تغيير ثوريّ للمجتمع بأسره ، على أساس إقتصاد تكون فيه وسائل الإنتاج ( الأرض و المصانع و مرافق إنتاج أخرى و الآلات و التقنيّة الأخرى ) ملكيّة عامة و ليست خاصة – و الهدف هو جعل وسائل الإنتاج هذه ملكيّة مشتركة للمجتمع بأسره – في تعارض مع ملكيّة تعود إلى مختلف الجماعات من الجماهير المشتغِلة في أنحاء مختفة من المجتمع . و على أساس هذه الملكيّة العامة ، في إنسجام مع مخطّط يشمل المجتمع قاطبة ، يجرى إنتاج الثروة و توزيعها كذلك بشكل ممشرك – و يتجسّد هذا في و تنجزه حكومة تمثّل عمليّا مصاح الجماهير الشعبيّة و تمأسس وسائل و سُبُل إنخراطها النشيط و الوعي بصفة متنامية في تغيير المجتمع . ( و كما سأتحدّث عن ذلك أكثر في ثنايا هذا المقال ، في إقتصاد إشتراكي حقيقي المركزيّة على مستوى المجتمع كلّه هي الأوّليّة – و يجب أن تكون كذلك بينما اللامركزيّة في المستويات الأدنى و المحلّية ثانويّة و تابعة للمركزيّة .)
و علاوة على ذلك ، نظرا لتطوّر الأشياء اللامتكافئ - و خاصة نظرا نضج إمكانيّة ثورة لا يحدث في الوقت نفسه عبر العالم قاطبة – بالضرورة ستحصل الثورات التي تركّز الإشتراكيّة في بلدان مختلفة في أوقات مختلفة . و بينما من الممكن تطوير الإشتراكيّة في بد معيّن لفترة من الزمن ، ليس ممكنا المواصلة إلى ما لا نهاية له لتطوير الإشتراكيّة و التغيير في أيّ بلد معيّن ، بذاته و في حدّ ذاته .
و من كلّ ما تقدّم ، من الحيويّ إدراك أنّ الإشتراكيّة في آن معا نظام إقتصادي و علاقات سياسيّة و الأكثر جوهريّة هي أنّها مرحلة إنتقاليّة – من النظام الإستغلالي و الإضطهادي القديم إلى نظام شيوعيّ ، مع إلغاء كافة الإستغلال و الإضطهاد – و هذا لا يمكن بلوغه تماما و نهائيّا إلاّ على الصعيد العالمي و ليس ضمن أيّ بلد معطى بذاته .
و هذا الفهم خلفيّة حيويّة يجب أن تقود أيّ نقاش و تقييم لأيّ توجّه و مقاربة و سياسة و تحرّك في المجتمع الإشتراكي .


المبادئ الأساسيّة للتطوّر الإشتراكي
مثلما يوضّح ذك " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته : النظام الاقتصادي الإشتراكي الذى تكون فيه وسائل الإنتاج ملكيّة عامة ، يُمثّل أعلى مصاح الجماهير المستغَلّة و المضطهَدَة سابقا و الجماهير الشعبيّة ككلّ و " يمكّن المجتمع من أن يستخدم و يطوّر عن وعي و جماعيّا قوى الإنتاج الإجتماعيّة لأجل تغيير المجتمع و العالم و تمكين الإنسانيّة من أن تُصبح حقيقة راعية للكوكب ." (1)
و يُمكّن هذا النظام من إنجاز التطوّر العام دون الديناميكيّات و التداعيات الكارثيّة و التدميريّة و " غير المتكافئة " المبنيّة في أسس الرأسماليّة . و كجزء مفتاح من هذا ، من الممكن دعم قطاعات الاقتصاد الإشتراكي المهمّة إستراتيجيّا للتطوّر و التغيير الإشتراكيّين العامين كن اللذين قد لا يولّدا الكثير أو حتّى أيّ عائدات إيجابيّة في وقت معطى . كما يمكّن من ( و على التخطيط أن يسعى إلى ) تحقيق المرونة الضروريّة في تطوّر الاقتصاد . و ضمن أشياء أخرى ، يوفّر هذا أساس تحويل الموارد و التمويلات بسرعة للتعاطى مع التطوّرات غير المتوقّعة بما فيها حالات إستعجاليّة ناتجة عن كوارث طبيعيّة ( كالفيضانات و الإعصارات و الحرائق الهائلة ) و هكذا .
لكن هذه الملكيّة العامة على أهمّيتها لن تضمن بذاتها أن يسير التطوّر الاقتصادي عمليّا على الخطّ الإشتراكي ( و ليس على الخطّ الرأسمالي ) . فإقتصاد مطوّر على قاعدة إشتراكيّة حقيقيّة يجب و " يمكّن الجماهير الشعبيّة من كسب سيادة جماعيّة متنامية على السيرورات الإقتصاديّة ". لهذا يشدّد كذلك" دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا" على هذا :
" لأجل تطوير الإقتصاد وفق الخطوط الإشتراكية من الضروري أن ترسم السياسات الثورية فى المصاف القيادي للشؤون الإقتصادية. و لتحقيق الأهداف و معالجة مشاكل الإنتاج، يجب على الدولة أن تستنهض النشاط الواعي للشعب تبعا للمبادئ و الأهداف الواردة هنا و فى أماكن أخرى من هذا الدستور." (2)
و للتالى أهمّية حيويّة : ينبغي توجيه و تأسيس هذا انشاط الواعي أوّلا و قبل كلّ شيء ليس بمعنى المصالح الخاصة للأشخاص أو وحدات أو قطاعات خاصة من الاقتصاد و إنّما في إنسجام مع أوسع مصالح و أهداف تغيير كافة المجتمع و في نهاية المطاف لعالم بأكمله لأجل وضع نهاية لكلّ علاقات الإستغلال و الإضطهاد – و سيمكّن هذا من تحقيق أبعاد جديدة تماما من الحرّية للجماهير الشعبيّة و في نهاية المطاف الإنسانيّة كلّها ، في آن معا جماعيّا و فرديّا .
في مثل هذا المجتمع الإشتراكي ، يتمّ توفير مساحة كبيرة لمبادرة المحلّية بما في ذلك لعامين في وحدات و قطاعات مختلفة من الاقتصاد . لكن مرّة أخرى ، هذه المبادرة – و يجب أن تكون – مبادرة على أساس و في إطار الملكيّة الإشتراكيّة لوسائل الإنتاج والملكيّة الممشركة كما يقع إنتاجه و التخطيط المركزيّ في ما يتعلّق بتوجيه و توزيع الثروة الإجتماعيّة: و ذلك ليس بساطة لتوفير الدخل الفردي ( في شكل أجر مقابل العمل ) و إنّما فوق كلّ شيء الأهداف و السيرورات الأساسيّة لمجتمع الإشتراكي التي تشمل توجيه الموارد و الأموال إلى أنحاء مختلفة من المجتمع و قطاعات مختلفة من الاقتصاد إلى ميادين مثل التعليم و العلم و الفنّ و الثقافة و الدفاع و الأمن ، و الرعاية الصحّية و خدمات إجتماعيّة أخرى ، و تجاوز اللامساواة الباقية – و لدعم النضالات الثوريّة عبر العالم ، مسترشدين بالهدف الجوهريّ ألا وهو بلوغ الشيوعيّة . و هذه المشركة التي تكون فيها المركزيّة ذات أولويّة ، تُمكّن من القيام بكلّ هذا و على نحو يخوّل و يشجّع التطوّر المستدام و معالجة الأزمة الحادة للبيئة التي تواجهها انسانيّة .
و في تعارض مع هذا التوجّه و هذه المقاربة ، " التحكّم الديمقراطي للعمّال " في الوحدات الإقتصاديّة الممارس من قبل المشتغلين هناك ، سيمضى عمليّا ضد تغيير المجتمع نحو إجتثاث العناصر الباقية من اللامساواة او الإضطهاد و الإستغلال " الموروثين " من الرأسماليّة . و إلى جانب أيّة مظاهر متواصلة من العلاقات الإضطهاديّة القائمة على القوميّة ( أو " العِرق / الجنس " ) و الإضطهاد الجندريّ ، التي يمكن أن تتواصل بعدُ عند لحظة معيّنة ، هذه العناصر الباقية ( " الموروثة من الرأسماليّة " ) تشمل كذلك التناقضات بين شتّى أنواع العمل و خاصة التناقض بين العمل الذهنيّ و الجسديّ ( الفكريّ و اليدويّ ) ؛ و الإختلافات بين مناطق البلاد ( مدى تطوّرنها إقتصاديّا إلخ . و من الأهمّية الحيويّة في كلّ هذا هو واقع أنّه إعتبارا لهذه الإختلافات المتبقّية ( و وامل أخرى ) ، المبادلات بين مؤسّسات و قطاعات الاقتصاد و ما إلى ذلك ، لفترة زمنيّة يجب أن تتّصل حسابات قيمة ماليّة – سيكون عيهم أن يأخذوا بعين الإعتبار واقع أنّ هذا يشمل مظاهر التبادل السلعيّ و قانون القيمة حتّى مع أنّ هذا يجب أن يقلّص بصورة متصاعدة مع تقدم الاقتصاد و المجتمع على طريق الإشتراكيّة . ( أنظروا الهامش 3 أدناه ).(3)
و إذا كانت كلّ وحدة إقتصاديّة فعلا " مستقلاّ ذاتيا " – إذا كانت القرارات الأهمّ حول كيف تسير مثل هذه الوحدات و كيف تنجز المبادلات مع الوحدات الأخرى ، توضع في المصاف الأوّل و في نهاية المطاف بيد الذين يشتغلون في هذه الوحدات – عندئذ ستحتدّ كلّ هذه التناقضات . إذا لم تجرى الأمور وفق مخطّط عام للمجتمع بأسره يحدّد الإطار الأساسي لكيف يسير الإقتصاد ككلّ و مختلف وحدات الاقتصاد و قطاعاته – بما في ذلك المبادلات بين الوحدات و القطاعات – عندئذ ستضطرّ وحدات و قطاعات معيّنة إلى " السير كما يحلو لها " و للبحث عن تحقيق مصالحها الخاصة . و في هكذا وضع، ما يمكن أن يكون مفيدا وحدة خاصة أو قطاع خاص من الاقتصاد يمكن أن يكون ضارا لأجزاء أخرى من الاقتصاد و المجتمع ككلّ – على أساس إشتراكي .( مثلا ، مصنع يحص على آلاته من مصنع آخر سيضطرّ إلى البحث عن سعر أدنى مقابل هذه الآلات ؛ و بدوره سيسعى إلى الحصول على أفضل سعر ممكن لمنتوجاته التي يبيعها إلى جزء آخر من الاقتصاد . و في هكذا وضع ، إن لم يفعل ذلك ، سيواجه هذا المصنع المعنيّ خطر " الغرق " – " يتعرّض للإعتصار من الجهتين " – أسعار عالية جدّا لمواد التي يحتاج إليها و متدنّية جدّا بالنسبة لمنتوجاته ). و نظرا لأصناف الإختلافات الماديّة الباقية في المجتمع التي مرّ بنا الحديث عنها ، و كذلك التأثيرات المستمرّة للإيديولوجيا الرأسماليّة و منها مفهوم " البحث عن المصلحة الخاصة " أرقى من المصلحة الإجتماعيّة الأشمل ، في وضع أين تكون وحدات الاقتصاد " مستقلّة ذاتيّا " ، قد تنجم مشاكل أساسيّة عن رفع أجور العمّال في وحدة خاصة أو قطاع خاص من الاقتصاد بمبادرة من العمّال هناك بدلا من تحديد هذه الأجور عبر مخطّط عام لكام المجتمع و صنع قرار مركزيّ . و لذات الأسباب الأساسيّة ، اللامساواة في صفوف أولئك المشتغلين صلب الوحدات الخاصة للإقتصاد – على سبيل المثال ، الإختلافات بين أولئك المنخرطين في الإدارة و أولئك الذين ينجزون فعليّا العمل المنتج و إختلافات أخرى في صنف العمل – ستنحو هي الأخرى إلى التفاقم في هذا الوضع أين كانت وحدات الاقتصاد فعلا " تسير بصفة مستقلّة " في غياب أو في معارضة مخطّط عام إشتراكي يشمل المجتمع قاطبة .
و لتلخيص هذا بكلمات أساسيّة : في هذا الوضع من " التحكّم الديمقراطي للعمّال " سيكون على وحدات و قطاعات الاقتصاد أن تسير على ما تعدّ قاعدة أساسيّة للرأسماليّة . و الإختلافات المتجسّدة في اللامساواة – في الاقتصاد و في المجتمع ككلّ – ستتفاقم بدلا من تقليصها و في نهاية المطاف تجاوزها. و هذا يقوّض أسس الإشتراكيّة و يدفع الأشياء بإتّجاه إعادة تركيز الرأسماليّة في المجتمع ككلّ .
و إضافة إلى هذا ، كما جرى التشديد على ذلك في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " ، ينبغي أن يكون توجّه المجتمع الإشتراكي توجّها أمميّا – و كتعبير عن هذا :
" بينما نشدّد كما ينبغى على تلبية الحاجيات المادية و الفكرية و الثقافية و على تشجيع مزيد تغيير هذا المجتمع لمواصلة إجتثاث اللامساواة الإجتماعية و المظاهر الباقية للإستغلال و الإضطهاد، فإنّه على الدولة الإشتراكية أن تولي الأولويّة المركزية لتقدّم النضال الثوري و للهدف النهائي للشيوعية ، عبر العالم ، و ينبغى أن تتبنّى و تكرّس سياسات و تحرّكات تكون متناسقة مع هذا التوجّه الأممي و تفعّله." (4)
و لذات الأسباب الأساسيّة التي نوقشت هنا ، هذا التوجّه الأمميّ سيقَوّض كذلك جدّيا متى جرت محاولة تطبيق " التحكّم الديمقراطي " في وحدات الاقتصاد من قبل المشتغلين هناك .
أمثلة ملموسة عن هذه الحقائق الأساسيّة
التوجّه و المقاربة و السياسات الأساسيّة لإقتصاد إشتراكي حقيقي – السير على أساس المبادئ التي أنف الحديث عنها بما فيها المعالجة الصحيحة للتناقض بين المركزيّة و اللامركزيّة – معروضة في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " ، في الفصل 1 من القسم 2 أ ، و وقع تفصي القول فيها بصورة أشمل في الفصل الرابع .
و لتقديم المزيد من الأمثلة الملموسة عن ما عُرض بشكل عام و وقع التشديد عليه إلى هذا الحدّ ، يجدر بنا العودة إى مقال هام تحدّث عن التجربة الرأئدة للصين زمن الثورة الثقافيّة هناك ( من أواسط ستّينات القرن العشرين إلى 1976) لمّا كانت الصين بلدا إشتراكيّا بقيادة ماو تسى تونغ . ( بُعيد وفاة ماو سنة 1976 ، جرت الإطاحة بالإشتراكيّة و أُعيد تركيز الرأسماليّة بواسطة إنقلاب معاديّ للثورة بقيادة دنك سياوبينغ وهو كادر من الكوادر العليا لوقت صلب الحزب الشيوعي الصيني كان مع ذلك – كما وضع ذك ماو بدقّة – من الأشخاص في السلطة " أتباع الطريق الرأسمالي " .) و هذا المقال يدحض الهجمات على التجربة الثوريّة للصين الإشتراكيّة من قبل آلان باديو ، ناقد ديمقراطي – برجوازي للثورة الثقافيّة في الصين . و يتركّز هذا على مدينة كبرى من مدن الصين ، على وجه الضبط ، شنغاي ، معقل الثورة أثناء الثورة الثقافيّة ، و علاقاتها بالمناطق الريفيّة المجاورة ها و بالبلاد ككلّ .
و إليكم فقرات مفيدة جدّا من هذا المقال مع ملاحظة حيويّة بأنّ " المصالح الخاصة و المصالح العليا في تناقض موضوعيّ و على الدولة الإشتراكيّة أن تقود التشخيص الصحيح لهذا التناقض و أن تعالجه معالجة صحيحة ". ( التشديد مضاف ) و يُتبع ذلك بهذا النقاش الهام :
" لنضرب مثالا على ذلك من الاقتصاد الإشتراك بوجه خاص الاقتصاد الإشتراكي الصينيّ في الفترة الممتدّة بين 1973 و 1976.
في خضمّ الثورة الثقافيّة ، وضع الاقتصاد الإشتراكي الصينيّ السياسة الثوريّة في مصاف قيادة التطوّر الاقتصادي و بُذلت جهود واعية لتجاوز البون بين العمّال و الفلاّحين . و قد تطلّب هذا تنسيقا على نطاق المجتمع بأسره و إقتصاد مخطّط يسترشد بالأولويّات الإيديولوجيّة – السياسيّة و التسيير بإقتدار لصناعة القرارات و منح الموارد .
و هكذا ، مع بدايات سبعينات القرن العشرين ، كان ثلث الفرق الطبّية في المدن الكبرى الصينيّة مثل شنغاي في وقت معيّن على طريق توفير خدمات طبّية متنقّلة ، أساسا في الأرياف . و قد أرسلت شنغاي أيضا نصف مليون من العمّال المحنّكين إى مناطق البلاد الداخليّة و الأفقر – لتقاسم التجارب و التعلّم من أقسام و قطاعات أخرى من المجتمع . و فضلا عن ذلك، إبّان سنوات الثورة الثقافيّة ، كانت شنغاي لا تحتفظ إلاّ ب 10 بالمائة من مداخيلها المنتجة محلّيا و البقيّة كانت توجّه إلى الميزانيّة الوطنيّة تساعد في تمويل النفقات اللازمة للمناطق الأفقر على غرار كسنجيانغ و التيبت .
لكن ماذا لو كانت هذه المجموعة المركزيّة من السياسات و الأولويّات باسم السياسات المساواتيّة المحدّدة ذاتيّا ، موضوع صناعة قرارات محلّية و توافقات محلّية أو فيتو تستخدمه كمونة شنغاي ؟ لئن كان عمّال شنغاي " القرار الأخير " ، أكان عليهم القتال للإبقاء على و بالفعل تنمية موقعهم الخاص ( المتميّز ) نسبة لجماهير الريف الصينيّ أم رؤية دورهم كقوّة متقدّمة تساعد في تغيير كامل البلاد و تساهم في التضييق التدريجي لهوّة الإختلافات بين المدينة و الريف؟
في مجتمع لا يزال يتميّز بإنقسامات ذات دلالة و بعديد الطرق عميقة طبقيّة و إجتماعيّة و ما يتناسب معها من تأثيرات إيديولوجيّة – و هذا واقع المجتمع الإشتراكي كما يظهر من رحم المجتمع القديم و لفترة طويلة من مرحلة الإنتقال الإشتراكي – المعالجة الصحيحة لأنواع التناقضات و صناعة القرار الضروريّة المتحدّث عنها هنا لن تنجم و ليس بوسعها أن تنجم عن التعويل على عفويّة الجماهير ( التي هي مرّة أخرى منقسمة إلى طبقات ، إلى متقدّمين و متوسّطى التقدّم و متخلّفين في أيّ زمن معطى ). و هذا صلة بالحاجة المستمرّة إلى حزب طليعيّ و إلى دوره و بالخطّ القائد له و تأثيره في صناعة القرار و في النقاش صلب الجماهير . ( بهذا الصدد ، تجدر بنا ملاحظة أنّه عقب الإنقلاب المعادي للثورة سنة 1976 ، سياسات " الإصلاح " التي أطلقها دنك سياو بينغ كانت تشتمل على إنقلاب على سياسة الميزانيّة . فسُمح لشنغاي و مناطق ساحليّة أخرى و جرى تشجيعها على الإحتفاظ بقدر أكبر من مداخيلها المحلّية حتّى يمكن بناؤها ك " معارض " للتطوّر الرأسماليّ. و قد وقع إقتراح هذا كتدخّل تصحيحي من فوق إلى أسفل و بيروقراطي من قبل المخطّطين المركزيّين ! ).
و هذه أمثلة من بعض المسائ الحيويّة اتى بطبيعتها ذاتها لا يمكن معالجتها على أساس محلّي ضيّق . العفويّة متروكة لنفسها بما في ذلك في شكل صناعة قرار ديمقراطي ستؤدّى إلى إعادة ظهولر اللامساواة و التأثير المتصاعد للعلاقات السلعيّة – و في نهاية المطاف ستؤدّى إلى العودة إلى الرأسماليّة .
و ذات المبادئ تنطبق على المسؤوليّة الأمميّة للمجتمع و الاقتصاد الإشتراكيّين في بذل قصارى الجهد لدعم الثورة العالميّة. و هذا سبب آخر للماذا هناك حاجة إلى قيادة طليعيّة لها بُعد نظر . مثلا ، كانت الصين الثوريّة ترسل الغذاء و مساعدات أخرى ماديّة إلى النضالات الثوريّة في أنحاء عدّة من العالم . و يجب على الدولة الإشتراكيّة فوق كلّ شيء أن تكون قاعدة إرتكاز للثورة العالميّة . و ينبغي أن يكون ذلك العصب الأساسي للمجتمع الإشتراكي – في هياكله الإقتصاديّة و في النظام المخطّط و أولويّاته و في قدرة الدولة الإشتراكيّة على إرسال الناس إلى أنحاء مختلفة من العالم لإنجاز مهام و الإضطلاع بمسؤوليّات أممّية متنوّعة . و يتطلّب كلّ هذا آليّات تنسيق الموارد و توجيهها على نطاق المجتمع . يجب تشجيع هذه النظرة في المجتمع . و يجب أن يكون ذلك جبهة أساسيّة من جبهات الصراع الإيديولوجي .
لنكون واضحين ، سياسات ماو شدّدت على المبادرة المحلّية أكثر ممّا كان عليه الحال بالنسبة إلى الإتّحاد السوفياتي لمّا كان إشتراكيّا و وُزّعت مسؤوليّات هامة للمنطق و المحلّيات و الكمونات الريفيّة . فجاءت المبادرات لتيسّر الإدارة المركزيّة الوزاريّة و هياكل التخطيط بما في ذلك إنسياب و تنقّل مجموع العمّال . و مع ذلك هذا " التوزيع " للمسؤوليّات كان مُمكنا فقط على أساس القيادة المركزيّة لخطّ ثوريّ .
و من الناحية الأخرى ، يبلغ آلان باديو الإستنتاج التالى : " في النهاية ، رغبة في دعم التجارب الأكثر راديكاليّة في لامركزة الدولة ( " كمونة شنغاي " في أوائل 1967) ، وقعت إعادة تركيز النظام القديم في أسوء الظروف ".
و مثلما بيّننا ، في أبعاد عديدة مختلف ، تأكيد باديو هذا هو بالفعل في تعارض مباشر مع – و دحضته بقوّة – التجربة العميّة للثورة الثقافيّة في شنغاي و في الصين ككّن و الدروس التي يجب عمليّا إستخلاصها من الخلاصة – العلميّة و الماديّة – لتلك التجربة " (5).
هذه التجربة الثوريّة في الصين وقع التعلّم منها بعمق – بينما جرى دمج الدروس في مزيد التطوير العام للشيوعيّة مع الشيوعيّة الجديدة – بمعنى مبادئ تطوير الاقتصاد و المقاربة العامة للتغيير الإشتراكي للمجتمع و للغاية الأسمى : عالم شيوعي .
هوامش المقال :
1. The Constitution for the New Socialist Republic in North America, Article IV. The Economy and Economic Development in the New Socialist Republic in North America, Section 5. This Constitution is available at revcom.us.
In the Preamble to this Constitution, the principle of “solid core, with a lot of elasticity” is set forth as the guiding principle for the governance and the development of society overall. As applied to the economy:
The principle of “solid core, with a lot of elasticity” informs the system of economic planning. The planning system operates through mechanisms of centralization and decentralization. Centralization involves overall leadership in drawing up plans and in coordinating the economy establishment of key economic, social, and environmental priorities attention to major input-output requirements and technological, sectoral, regional, and ecological balances centrally set prices and financial policy unified management attention to overall coherence and -dir-ection of economic development and the needs of the world revolution. Decentralization involves local management and initiative, maximizing to the greatest degree possible collective participation and decision-making at the basic levels of society, and giving wide scope to experimentation and adaptation within the overall framework of the plan.
Individual units and enterprises of the socialist economy are integrated into the overall plan and must operate within a sense of larger social and global responsibility.
(Article IV. The Economy and Economic Development in the New Socialist Republic in North America. Section 6. “The Socialist Economy Practices Comprehensive and Unified Planning,” Sub-sections 5 and 6.)
[" دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " متوفّر باللغة العربيّة ترجمة شادي الشماوي ، ضمن كتاب " الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية – تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية " . و في مدخل هذا الدستور ، يقدّم مبدأ " اللبّ اصلب مع الكثير من المرونة " كمبدأ مرشد لحكم المجتمع ككلّ و تطوّره . و مطبّقا على الاقتصاد :
" يرشد مبدأ " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " نظام التخطيط الإقتصادي. و يعمل نظام التخطيط من خلال آليات المركزية و اللامركزية. و المركزية تعنى القيادة العامة فى رسم المخططات و فى تنسيق الإقتصاد، و تحديد الأولويات المفاتيح الإقتصادية و الإجتماعية و البيئية ؛ و إعارة الإنتباه إلى متطلبات الإستثمار الكبرى و التوازنات التقنية و القطاعية و الجهوية و البيئية ؛ و تحديد مركزي للأسعار و السياسة المالية ، ومبادئ موحّدة للإدارة ؛ و إعارة الإنتباه إلى التناسق و التوجه العامين لتطوّر الإقتصاد و حاجيات الثورة العالمية. و تعنى اللامركزية الإدارة و المبادرة المحلّيين، و أقصى و أكبر درجة من المشاركة الجماعية و أخذ القرار فى المستويات الأساسية للمجتمع، و توفير مجال واسع للتجريب و التأقلم ضمن الإطار العام للمخطّط.
تدمج الوحدات و المؤسسات الخاصة للإقتصاد الإشتراكي فى المخطّط الشامل و يجب ان تعمل بشعور بمسؤولية إجتماعية اوسع و أعمّ." ]
2. Constitution for the New Socialist Republic in North America, Article IV, Section 3.
3. As explained in the article Commodities & Capitalism—And The Terrible Consequences Of This System, A Basic Explanation:
A commodity is anything that is produced to be exchanged (sold). This is different than when someone produces something for their own use (and doesn’t exchange it with someone else). Understood in this way, a commodity can be either a good (such as clothes)´-or-a service (such as health care). Under capitalism, goods and services are commodities.
Commodities have a basic contradiction built into them: the contradiction between use value and exchange value. Use value relates to the fact that, in order for a commodity to be exchanged for something else (sold), there must be someone (or numbers of people) who find this particular commodity useful (something they need´-or-desire). Exchange value refers to the fact that the value of anything, as a commodity to be exchanged, is equal to the amount of socially necessary labor time that is required for the production of that thing. In illustrating this, I have used the example of a candy bar and an airplane. The reason that an airplane is much more valuable—contains much more exchange value—than a candy bar is fundamentally because the amount of socially necessary labor time that goes into producing an airplane is much greater than that required to produce a candy bar.
This article by Bob Avakian is available at revcom.us.
The law of value refers to the fact that (as discussed in “Commodities & Capitalism”) the value of commodities is determined by the amount of socially necessary labor time that goes into the production of those commodities. This law of value is what fundamentally regulates the exchange of commodities and ultimately the operation of the capitalist economic system as a whole. A more extensive explanation of this is contained in a number of works by Bob Avakian, including Breakthroughs: The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary, which is published as an ebook by Insight Press (insight-press.com), is available online at Amazon, Apple Books, Barnes & Noble, Kobo and other major retailers (EPUB, MOBI, PDF). It can also be accessed at revcom.us.
مقال" السلع و الرأسماليّة – و التبعات الفظيعة لهذا النظام – شرح أساسي "
[" السلعة هي أيّ شيء يتمّ إنتاجه من أجل التبادل ( البيع ) . و هذا يختلف عن حال إتاج شخص لشيء من أجل الإستعمال الخاص ( و لا يقوم بتبادله مع شخص آخر ). مفهومة عل هذا النحو ، السلعة يمكن أن تكون إمّا بضاعة ( كالملابس ) أو خدمة ( كالرعاية الصحّية ). فى ظّل الرأسماليّة، البضائع و الخدمات سلع .
و تنطوى السلع على تناقض أساسي مبنيّ صلبها : التناقض بين القيمة الإستعماليّة و القيمة التبادليّة . و القيمة الإستعماليّة تعكس واقع أنّه من اجل تبادل سلعة بشيء آخر (بيعها ) ، يجب أن يكون هناك شخص ( أو عدّة أشخاص ) يعتبرون هذه السلعة الخاصة مفيدة ( شيئا يحتاجون إليه و يرغبون فيه ). و تحيل القيمة التبادليّة على واقع أنّ قيمة أيّ شيء ، كسلعة يرجى تبادلها ، تساوى كمّية العمل الضروريّ إجتماعيّا اللازم لإنتاج هذا الشيء . و لجل تقديم أمثلة على ذلك ، إستخدمت مثال قطعة الحلوى و طائرة . و مردّ أنّ قيمة الطائرة أكبر بكثير – تتضمّن قدرا أكبر من القيمة التبادليّة – من قطعة الحلوى هو بالأساس أنّ كمّية العمل الضروريّ إجتماعيّا الذى إستغرقه إنتاج طائرة اكبر بكثير ممّا يتطلّبه إنتاج قطعة حلوى. "
.revcom.us و هذا المقال لبوب أفاكيان متوفّر على موقع أنترنت
و يحيل " قانون القيمة " على واقع أنّ ( كما وقع نقاشه في مقال " السلع و الرأسماليّة ..." ) قيمة السلعة تتحدّد بكمّية زمن العمل الاجتماعي الضروريّ لإنتاجها . و قانون القيمة هذا هو الذى ينظّم تبادل السلع و في نهاية المطاف سير النظام الاقتصادي الرأسمالي ككلّ . و المزيد من الشرح متضمّن في عدد من أعمال بوب أفاكيان بما فيها " إختراقات – الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق مع الشيوعيّة الجديدة . فهم أساسيّ " [ متوفّر باللغة العربيّة ترجمة شادي الشماوي ، ).insight-press.com نُشر ككتاب ألكتروني من قبل إنسايت براس() بمكتبة الحوار المتمدّن ]
وهو متوفّر كنسخة ورقيّة تُقتنى من الأنترنت بأمازون، و كتب آبل ، و برنس و نوبل ، و كوبو ، و بمواقع باعة كبار . ]revcom.us آخرين . كما يمكن الحصول عليه من موقع
4. The Preamble of the Constitution for the New Socialist Republic in North America.
5. Alain Badiou s "Politics of Emancipation": A Communism Locked Within the Confines of the Bourgeois World, by Raymond Lotta, Nayi Duniya, and K. J. A., Chapter IV, “Rereading The Cultural Revolution In Order To Bury The Cultural Revolution,” Part II. “The Shanghai Commune of 1967,” in particular 4. “Badiou s ‘Egalitarian Maxim’ Conceals Class Contradictions and Cannot Rise Above Particular Interest,” in Demarcations, Issue Number 1, Summer-Fall 2009. Demarcations is available through revcom.us. -
[ " سياسة التحرير " لألان باديو شيوعية أسيرة حدود العالم البرجوازي" ، لريموند لوتا و نايي دونيا و ك.ج .أ؛ الفصل الرابع ، " إعادة قراءة الثورة الثقافيّة من أجل دفن الثورة الثقافيّة " الجزء الثاني " كمونة شنغاي سنة 1969 " و بالأخصّ النقطة الرابعة ." " مَثَل المساواة " لدي باديو يوفّق بين التناقضات الطبقيّة و لا يستطيع أن يتخطّى المصلحة الخاصة "؛ مجلّة " تمايزات " عدد 1 ، صيف- نهاية 2009. جزء من هذا البحث ترجمه شادي الشماوي و نشره ضمن كتاب " دفاعا عن الشيوعية الثوريّة و تطويرها ضد مايكل هاردت ، أنطونيو نغرى، ألان باديو، سلافوج تزتزاك و برنار دى مالوو".
يمكن الإطّلاع على مضامين هذه المجلّة من خلال موقع
www.revcom.us
ورابطها المباشر على الأنترنت هو :
] https://www.thisiscommunism.org