- دكتور جَرح الأول عوفه -


امين يونس
2021 / 11 / 17 - 20:21     

" … أثناء قيامه ببعض التصليحات في المنزل ، إرتطمَ رأسه بحافة الباب ، فأصيب بخدشٍ بسيط ، أخذَتْهُ زوجته للطبيب ، الذي قال بعد المُعاينة الأولية ، بأن الأمر ليسَ خطيراً ، لكنه للإطمئنان سيجري المزيد من الفحوصات . فجلستْ زوجتهُ في صالة الإنتظار . بعد لحظات ، فتح الطبيب الباب وقال لموظفة الإستعلامات : إجلبي لي " مَفَكاً " ، فسارعتْ لتلبية طلبه . إستغربتْ الزوجة قليلاً ، وسرعان ماظهرَ الطبيب ثانية وطلبَ " سبانة " صغيرة . إزدادتْ علامات التعجب على مُحيا الزوجة . ومما زادَ الطين بّلة ، خروج الطبيب طالباً هذه المرّة " مطرقة " ، فنهضَتْ الزوجة وسألتْ الطبيب بصوتٍ مُرتعِش : طّمِني يادكتور .. ماهي حالة زوجي .. ولماذا كُل هذه الأدوات مفكات وسبانات ومطارِق ؟ . أجابَ الطبيب بهدوء : لا تقلقي سيدتي ، ضيعتُ مفتاح الدولاب الذي فيه أجهزة الفحص ، وأنا الآن أحاول أن أفتحهُ ! " .
……………………
قيلَ لنا قبل سنوات ، بأن دولارات النفط ، ستنهال علينا مدراراً … قيلَ لنا بأن الكهرباء ستفيض عن حاجتنا وسيكون علينا تصديرها لدول الجوار المسكينة … وأن ميناء الفاو الكبير سيجعل من بلدنا بُؤرة التجارة في الشرق الأوسط … وأن أربيل ستتجاوز دُبي في تقدمها التكنولوجي والعمراني والإستثماري … وأن مُدننا ستتحول الى جُنينات ، ستجعل العراقيين المهاجرين الى أنحاء الدُنيا ، يُسارِعون في العودة … وأن وأن وأن … الخ .
ثُم أفقنا من أحلامنا اللذيذة ، بعد أن أرتطمتْ رؤوسنا بالواقع التعيس والحقائق المُرّة ، فأصبنا بخدوش وجروح بدنية وكدمات نفسية … وَصَفَ لنا أطباءنا ، حبوباً مُهّدِئة وإكسيراً مُخدِراً … أدويتهم لا تُعالِج حالتنا الصعبة ، أنما تُخّفِف من آلامنا لفترةٍ قصيرة فقط . والمُفارَقة ان أطباءنا يظهرون بين الحين والحين ويطلبون من مُساعديهم منشاراً ومقصاً وسكيناً حاداً … ليس لإجراء عمليةٍ قد تُشفينا … لكن لتخويفنا وتهديدنا بِقَص لسان كُل مَنْ يتطاول … بِقَطع كُل يَدٍ ترتفع مُطالِبةً بحقوق … ببتر رِجل كُل مَنْ يُفكِر بالإبتعاد عن القطيع ! .
……………….
الطبيب في الطُرفةِ أعلاه ، سّبَبَ قَلقاً للزوجة ، التي تصورتْ أنهُ سيفتح جمجمة زوجها ، بينما الطبيب كان بِصَدَد فتح دولاب آلات الفحص ، الذي ضّيَع مفتاحه .
بينما " طبيبنا " يوغل في إختلاق أزمات متلاحقة ، لنا ، وحفر مطبات وفرض أنواع عجيبة من الضرائب علينا… طبيبنا لم يُضّيع المفتاح فقط ، بل ضّيَع وأهدرَ دولاب الآلات والعلاجات أيضاً . طبيبنا ، نفسه … بحاجة الى علاجٍ نفسي ! .