لماذا انهارت حكومة الحزب الاشتراكي في البرتغال؟

سعيد حسن
2021 / 11 / 15 - 21:52     

ترجمة سعيد حسن

البرتغال على مشارف إجراء انتخابات عامة جديدة، بعد أن قوبلت الموازنة العامة التي قدمها رئيس الوزراء، من الحزب الاشتراكي، أنتويو كوستا لعام 2022 بالرفض من شركائه في البرلمان.

يتمثل هؤلاء الشركاء في حزب الكتلة اليسارية المعادي للرأسمالية، والتحالف الديمقراطي الوحدوي، المكون من الحزب الشيوعي والخضر. واتهم هؤلاء كوستا بالتحول نحو اليمين حتى يرضي متطلبات المفوضية الأوروبية.

أشاد بعض اليساريين بحكومة كوستا باعتبارها نموذجًا إيجابيًا مقارنةً بإخفاقات سيريزا في اليونان وبوديموس في إسبانيا وجيريمي كوربن في المملكة المتحدة. حتى صحيفة فايناشال تايمز البريطانية خصصت تحليلًا عميقًا وشاملًا للبرتغال في قسم “القراءات الكبيرة”، تحت عنوان “البرتغال: مسار أوروبي للخروج من التقشف؟”، وأشادت بقدرة الحكومة على تنظيف الحسابات المالية الحكومية والحفاظ على التماسك الاجتماعي.

ولكن التحالف اليساري كان قد بدأ بالانهيار بالفعل. أظهرت دراسة في عام 2019 عن قرارات التصويت داخل البرلمان أن الحزب الاشتراكي عادة ما شارك في قراراته التصويتية مع أحزاب اليمين أكثر مما شارك مع شركائه المفترضين.

تولى كوستا رئاسة الحكومة في نهاية عام 2015، ووعد بإلغاء الإجراءات التقشفية التي فرضتها الحكومات اليمينية السابقة بناءً على طلب ثلاثي المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. ولكن خلال السنوات منذ توليه المنصب، لم يمس كوستا إصلاحات قانون العمل التي أُجرِيَت في فترة سيادة هذا الثلاثي، مما سهَّل تسريح العمال وزاد من انعدام الأمان الوظيفي.

يبلغ متوسط المرتبات في البرتغال حوالي 700 جنيه إسترليني في الشهر للوظائف الثابتة، وتقترب لـ 630 جنيه إسترليني للعقود المؤقتة، الأكثر انتشارًا بطبيعة الحال. ومن الناحية العملية، يساوي هذا المبلغ قيمة الإيجار الشهري لشقة بغرفة واحدة في لشبونة أو بورتو.

أصبحت الإضرابات والاحتجاجات شيئًا معتادًا في المشهد البرتغالي منذ عام 2018، وفي بعض الحالات –كحال المدارس والمستشفيات– أصبحت الإضرابات عنصرًا دائمًا في الحياة في البلاد. وترفع هذه الإضرابات نفس المطالب، وهي زيادة المرتبات وتعيين المزيد من الموظفين.

تزايدت الإضرابات في قطاعات المواصلات والمترو وخطوط الطيران وناقلات الوقود والفرق الطبية في أقسام الطوارئ. في بعض الحالات، كان رد فعل الحكومة هو إرسال الجيش لفض الإضرابات، في حالات أخرى تدخلت الحكومة مباشرة لتعطيل الحق في الإضراب.

وبينما يشارف عام 2021 على الانتهاء، فقد انضم 72 ألف برتغالي آخرون إلى صفوف العاطلين بعد جائحة كورونا، أغلبهم قد فُصلوا أثناء تسريح العمال في شركات كبرى مثل شركة الطيران تاب برتغال وشركة Efacec الهندسية وبنك سانتاندر.

إذًا، لم يكن الأمر مفاجئًا عندما جلبت الانتخابات المحلية في سبتمبر الفائت خسائر أعظم مما كان متوقعًا للحزب الاشتراكي، بل وعقابًا شديدًا لليسار –المتمثل في الحزب الشيوعي والكتلة اليسارية– الذي دعم الحزب الاشتراكي طوال السنوات الست السابقة.

ورغم فوز الحزب الاشتراكي بالانتخابات بشكل عام، فقد تناقصت قوته في المدن الأكبر مثل لشبونة وقلمرية وفونشال وبورتو وبراجا، حيث فقد 250 ألف صوت مقارنةً بعام 2017. وشهد الشيوعيون إحدى أسوأ النتائج الانتخابية في تاريخهم، بينما فقدت الكتلة اليسارية نسبة 20% من أصواتها مقارنةً بعام 2017.

وفي أعقاب النتائج الانتخابية السيئة، ومن أجل التهدئة من حدة استياء أعضاء الحزب، قررت قيادة الحزب الشيوعي أن تحذو حذو الكتلة اليسارية وأعلنت فورًا نهاية دعمها لحكومة الحزب الاشتراكي، حتى تعود مرة أخرى إلى صفوف المعارضة. ولكن ما يبرز في هذا المشهد هو أن الحزب الشيوعي والكتلة اليسارية، اللذين شدَّدا على الخطر القادم من اليمين كحجةٍ لتبرير دعمهما للموازنات العامة الست السابقة التي قدمها الحزب الاشتراكي، يقفان اليوم لينتقدا موازنة عام 2022، والتي لا تختلف عن سابقاتها في شيء.

والآن، بعد أن قرر الحزب الشيوعي والكتلة اليسارية قطع علاقتهما بحكومة الحزب الاشتراكي، فقد حان الوقت المناسب لأن يذكِّرا نفسيهما بالمعنى الحقيقي لسنوات التعاون مع الحزب الاشتراكي. لقد كانت سنواتٍ اكتفى فيها اليسار بمجرد اقتراح التعديلات على السياسات الحكومية.

حان الوقت إذًا لليسار المناهض للرأسمالية أن يشق طريقه الخاص. إذا كان بإمكان هذين الحزبين التعاون في الحفاظ على حكومة الحزب الاشتراكي، فيجب أن يكونا قادرين أيضًا على العمل معًا لتقديم بديل يساري قائم على التعبئة الجماهيرية.. بديل يكافح من أجل تغيير هيكلي في البلاد.

* المقال بقلم: شوان فازكيز – صحيفة العامل الاشتراكي البريطانية