104 سنوات على ثورة أكتوبر: تاريخ أحد الأعياد المركزية في الاتحاد السوفييتي|

عيدان سلوتسكر
2021 / 11 / 13 - 10:05     





في 7 نوفمبر 1917، اندلعت ثورة في روسيا. لم تغيّر هذه الثورة النظام الحاكم في البلاد ولم تشكل وجه القرن العشرين فحسب، بل أدّت أيضًا لأوّل مرّة في التاريخ إلى تأسيس حكم الطبقة العاملة.

اعتبر "يوم الثورة" في 7 نوفمبر في الاتحاد السوفييتي كعيد رسمي سنوي، حيث تقام خلاله المسيرات والاحتفالات الجماهيرية تكريمًا للثورة. بالطبع كان هذا اليوم أيضًا يوم عطلة وعيد احتفل به في جهاز التعليم. لكن الوضع في روسيا اليوم مختلف تمامًا.

بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، قررت حكومة بوريس يلتسين الإبقاء على مكانة 7 نوفمبر كيوم عطلة، لكنها عملت على تغيير معناه. في البداية، أعلن عن اليوم على أنه "يوم المصالحة"، أي المصالحة بين الأيديولوجيات والطبقات. سعت حكومة يلتسين إلى محو معنى ثورة أكتوبر، لذلك أقيمت في نفس الموعد "مراسم مصالحة"، اتهمت الثورة - بشكل مباشر وغير مباشر - بإحداث "شرخ بين الشعب" ومنع روسيا من التطور "لصالح جميع الطبقات". هذه المحاولة لم تنجح. في أوائل التسعينيات كانت القوى اليسارية المنظمة واحترام الإرث السوفييتي متينَين.

قاد حزب العمال الشيوعي الروسي نضالات عمالية مثابرة، وصلت إلى قيادة محاولة انتفاضة العمال عام 1993. بعد هذه المحاولة تم سجن معظم قادته، وضعف الحزب بشكل كبير. احتل مكانه "الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية"، الذي تفضله الحكومة أكثر.

بعد فشل محاولة المحو، تم إلغاء "يوم المصالحة". حتى عام 2005، ظلّ السابع من نوفمبر يوم عطلة، ولكن من دون اعتباره عيدًا رسميًا. في عام 2005، أعيد تحديد يوم الثورة، هذه المرة كيوم ذكرى. بعد عام من بدء الولاية الثانية لفلاديمير بوتين كرئيس، قررت حكومته إعادة صياغة يوم ثورة أكتوبر كمناسبة للتحريض على الشيوعية. تم تعريف اليوم كـ "يوم ذكرى الفظائع التي أحدثتها الثورة"، بالإضافة إلى ذلك، تم تحديد 4 نوفمبر "يوم الوحدة الوطنية".

ومن أجل طمس معنى يوم الثورة أكثر، قررت الحكومة إضفاء لمسة من البطولة العسكرية على السابع من تشرين الثاني (نوفمبر). كان السبب في ذلك أنه في هذا التاريخ من عام 1941 بدأت معركة موسكو - وهي معركة مركزية كانت بمثابة نقطة تحوّل في الحرب العالمية الثانية.

في عام 1941، شارك المجندون في موكب يوم الثورة بالأسلحة والعتاد الكامل، وانتقلوا منه إلى ساحة المعركة مباشرة. لذلك، منذ عام 2003، يقام عرض عسكري سنوي في موسكو في ذكرى المعركة عام 1941.

لكن على عكس الجنود الذين شاركوا في استعراض يوم الثورة قبل 80 عامًا وخاضوا المعركة للدفاع عنها، في المسيرات التي أقيمت في السنوات الأخيرة، تم محو كل المحتوى الاشتراكي والثوري واستبداله بالدعاية العسكرية والقومجية.

وهذه فقط الاحتفالات الرسمية. التلفزيون الروسي، على سبيل المثال، يبث البرامج على شرف 7 نوفمبر التي تظهر الثورة كجريمة ولينين كإرهابي. مقابل ذلك، يتم تصوير الجيش الأبيض والقوى الرجعية على أنهم أبطال.

إن محو ثورة أكتوبر من الذاكرة التاريخية الرسمية، أو تشويهها في الأفلام الدعائية بروح اليمين المتطرف، هو جزء من عملية فشستة (فاشية) طويلة التي تجري في روسيا. كل عام يتم تصوير المزيد من العملاء المتعاونين مع النازيين كأبطال، وتجري رعاية الجنرالات البيض من أيام الحرب الأهلية كموضع إعجاب رجالات السلطة، وحتى أن نسل سلالة رومانوف (القياصرة) يعتبرون من المشاهير في روسيا. قبل شهر واحد فقط، أقيم حفل زفاف لأحد أفراد العائلة في أهم كنيسة في روسيا، بمشاركة ممثلين حكوميين وعسكريين بمرافقة أوركسترا الجيش.

مؤخرًا، في 21 أكتوبر، أعلن بوتين في مؤتمر هام في سوتشي أن "الرأسمالية الليبرالية ماتت"، وأنه يجب على روسيا أن تحذو حذو المُنظِّر إيفان إيليين. إييلين هو أحد مؤسسي الفاشية الروسية، معروف بانتقاده اليميني للنظام القيصري ودعوته إلى إقامة دكتاتورية فاشية في روسيا. خلال الحرب الأهلية هرب إلى ألمانيا، حيث شارك في أنشطة منظمة إرهابية يمينية لمنفيين روس. حتى أنه أرسل رسالة إلى هتلر يناقش فيها مزايا وعيوب الأيديولوجية النازية.

وبالتالي، فإن قصة 7 نوفمبر هي إلى حد كبير قصة روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفييتي: تنامي الفاشية والقومجية والنخبوية ومعاداة الشيوعية والتحفظ الاجتماعي، مع إنكار إنجازات الماضي السوفييتي.

ربما يمكن للإنسان أن يسعد بحقيقة فشل النظام بإلغاء السابع من تشرين الثاني (نوفمبر) تمامًا، ولا يزال التاريخ يحمل أهمية اشتراكية لملايين الروس الذين حظي بعضهم بالاحتفال بـ "يوم الثورة" كعيد وعطلة رسمية.