مائوية الحركة الشيوعية في تونس .. ماركسي مُعترفٌ ومنضبطُ


محمد نجيب وهيبي
2021 / 11 / 8 - 22:28     

ماركسي ... معترف ومنضبطُ ( ما العمل ؟)
كانت هذه المداخلة مُبرمجة للنشر ضمن صفحات " الطريق الجديد " بمناسبة إحياء مائوية الحركة الشيوعية في تونس ، تلكّأت في كتابتها لاسباب ذاتية بحتة تتعلّقُ بغياب التحفيز وثقل التساؤل/الهاجس ، ما العمل ؟ بعد قرن من النضال الفكري والسياسي والاجتماعي الشيوعي في تونس و 120 سنة من إطلاق لينين ( فلاديمير ايلتش) لصرخته/سؤاله الشهير في كتابه الاشهر " ما العمل ؟، المسائل الملحّة لحركتنا " .
تخلّفْتُ عن تقديم مساهمتي ، حتى إستفزّتني اليوم ملاحظة " مازحة" من قيادي نقابي من الصف الأول في قطاع عمومي عمّالي استراتيجي ، يقول فيها " انا لا اقف في حلقة ماركسيين " ؟؟
لَسْتُ في حاجة طبْعًا الى التذكير النظري والتاريخي الكلاسيكي بأن " الماركسية " وهي حجر الزاوية في كل المشروع الشيوعي ، و رأس حربة الطبقة العاملة المُعلنة في كل نضالها السياسي و الاجتماعي الاكثر إنضباطا و سفورا/وضوحا ضدّ كل أشكال إستعبادها وامتهان كرامتها الإنسانية بوصفها طبقة إجتماعية مُظطهدة وثورية بواقع وجودها ذاته كطبقة مُغرّبة قَصْرًا وعنوة عن كل ما تُنتجه من ثروات وحياة وعلاقات اجتماعية ،عبر كل آليات القمع السياسي والايديولوجي الدولاتية التي توضّفها طبقة الرأسماليين ، منذ استيلاء البرجوازية على السلطة السياسية لدولة الاقطاع الارستقراطية بعد خيانتها " الموضوعية " لثورة البروليتاريا في اوروبا و أمريكا و"العالم الصناعي " .
ظهرت الحركة الشيوعية في تونس في عشرينات القرن 19 ( تأسس الحزب الشيوعي التونسي في 1920) ، استجابة لواقع دولي فرض تحرير حركة الرساميل مع استقرار الاستعمار الفرنسي لتونس الذي خلق معه باكورات طبقة عاملة تونسية عبر تهجير الفلاحين و القبائل و " بلترتهم" ، فكان قادتها الاوائل مزيج من المثقفين و " البرجوازية" الصغيرة و العمال التونسيين والفرنسيين والطليان والمالطيين، يهودا ومسيحا ومسلمين ولا دينيين من المؤمنين بأهمية الطبقة العاملة في صناعة تاريخ الاحداث الوطنية و النضال الاجتماعي والنقابي من أجل تحرير العُمّال من نير الاستغلال و الانخراط في النضال العالمي ضد عبودية رأسالمال و الهيمنة الاستعمارية ، موريس رانبو و انريكو كوستا من " الشبيبة الشيوعية" الى " الشبيبة النقابية " وبعث فرع الفيدرالية الاممية الشيوعية بتونس والتحاق عمّال تونسيين من رفاق حسن القلاتي و انتشرت في صفوف العمال و الطبقات الشعبية جرائد عُمالية وماركسية تنشر الدعاية والتحريض الوطني و الاشتراكي باللغة العربية و اللهجة الدارجة ، " حبيب الأمة " ، " حبيب الشعب" ، " المظلوم" ، " النصير " ... الخ اوقفتها كلها سلطات الاستعمار الفرنسي ولاحقت اصحابها طردا من العمل و تهجيرا و " موتا في ظروف غامضة " .
التصقت الحركة الشيوعية بتونس رغم كل خلاف بالحركة النقابية و النضال من أجل التحرر الوطني فكان تأسيس "جامعة عموم العملة التونسيين" ، محمد علي الحامي والطاهر الحدّاد وإطلاق او حركات احتجاج واضرابات عمالية ميدانية في الموانئ التونسية ومنها إلى مختلف شرائح البروليتاريا المهمشة في المدن التونسية و تم رغم كل تضييقات سلطة الاستعمار و المراسيم والملاحقات "البايوية" و والاعتقال والطرد والنفي و التكفير ...الخ مواصلة النشر والتحريض في حلقات ومناشير سريّة في صفوف العمال وعامة الشعب ، للربط بين قضايا التحرر الوطني و الوعي الطبقي ، جورج عدّة ، حسن السعداوي ، علي جراد ، جلبار نقّاش ، جورج شمّام ، اوغست فور ، القناوي ... الخ الخ من أجيال النضال النقابي الوطني التونسي دفاعا عن حق الانسان وكرامته الوطنية الديمقراطية .
ثم كان " تجمع تجمّع الدراسات و العمل الاشتراكي التونسي " ومنه " آفاق العامل التونسي " في منتصف الستينات ، و بعدها " اتحاد النضال - الماركسي اللينيني " ومنها " الشعلة" في اول سبعينات القرن الماضي ثم النقابيون الثوريون و "الاوطاد" بكل تفصيلاتهم وبعدهم حزب العمال الشيوعي التونسي و الحزب الاشتراكي اليساري ، انقسامات وانشقاقات وصراعات فكرية مصيرية بينية و " دامية أحيانا" لا هم لها سوى ضمان حقوق العُمّال التونسيين و نضال دائم ضد إظطهادهم وتمسّك بقضايا الاستقلال الوطني وإنخراطٌ غير مشروط في معركة التحرر الوطني دون خلاف ، مع ايمان تاريخي وطني ونضالي مبدئي بأهمية دور ووحدة النقابات في كل مسار النضال " الماركسي" لتمكين العمال والاجراء من هيئة أركان توحدّ صفوفهم في معركة الانعتاق...
محمد حرمل ، أحمد إبراهيم ، محمد الكيلاني ، حمة الهمامي ، صالح الزغيدي ، مرتضى العبيدي ، طارق الشامخ ... جريدة الطليعة و " التربيون دو بروغري " ...
لم يتخلّف " الماركسيون" التونسيون يوما عن إسناد الحركة النقابية ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل او عن الدفاع عن قضايا التحرر الوطني و رفع لواء معارك الحرية والديمقراطية و التمسّك بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للعمّال والاجراء بمبدئية نضالية وتاريخية ، ولو كان الثمن القائهم خارج صناديق الانتخاب المموّلة ماليًّا وشُعبوِيًّا و دينيًّا ، ويبقى سؤال ما العمل ؟ قائما ومُلِحًّا اليوم امام الحركة الشيوعية التونسية إزاء ما كل الاختراقات السياسية الشُعبويّة التي لا تكتفي بتهديد المكاسب السياسية الحضارية " البرجوازية" بل تتجاوزها الى التأسيس لمشروع حكم ديكتاتوري يُمهّد لذبح كل محاولة نهوض ثوري للطبقة العاملة من الوريد الى الوريد .
"
ماركسي ... معترف ومنضبطُ "