ثورة أكتوبر البلشفية لا تموت


فؤاد النمري
2022 / 3 / 20 - 21:05     

ثورة أكتوبرالبلشفية لا تموت

في مثل هذا اليوم قيل مائة وأربعة أعوام قام البلاشفة الروس بأعظم وآخر ثورة في تاريخ البشرية، ثورة لا تموت وما زالت تنبض بقواها الخارقة وتؤكد على أنها نهاية تاريخ البشرية .
في السادس عشر من أكتوبر 1917 (بالتقويم الشرقي) إجتمعت القيادة البلشفية وقررت القيام بانتفاضة لمساعدة البورجوازية الروسية على استكمال ثورتها في شباط 1917 تطبيقاً لقرار اتخذته الأممية الثانية في العام 1912 يقضي بقيام الإشتراكيين الروس بمساعدة البورجوازية الروسية الهشّة في نجاح ثورتها . سمت القيادة خمسة أعضاء لقيادة الإنتفاضة أبرزهم يعقوب سفرديلوف ويوسف ستالين وفليكس دزرسسكي .
في صباح 7 نوفمبر (25 أكتوبر شرقي) أعلن لينين من قصر سمولني في بتروغراد نجاح الإنتفاضة البلشفية ودعا جميع الأحزاب في روسيا بغض النظر عن توجهاتها للإشتراك في حكومته . رفضت البورجوازية الروسية أن يقود البلاشفة ثورتها وشكلت تحالفاً واسعاً رفع السلاح بوجه البلاشفة تحت شعار "الموت للبلاشفة" . إلتف الفلاحون الفقراء حول البلاشفة وكانت نتيجة الحرب الأهلية (مارس 1918 – مارس 1919) أن سدت جميع السبل أمام تطوير الثورة البورجوازية . وهكذا غدت الثورة الإشتراكية أمراً لازباً لا محيد عنه . بادر لينين إلى دعوة جميع الأحزاب الإشتراكية في العالم للإجتماع في موسكو لإعلان الثورة الإشتراكية العالمية الدائمة التي نادى بها ماركس وإنجلز في البيان الشيوعي "المانيفيستو" عام 1848 .
في الثاني من مارس آذار 1919 إجتمع في موسكو ممثلو 36 حزباً ومنظمة إشتراكية من القارات الخمسة وافتتح لينين الإجنماع معلناً تأسيس الأممية الشيوعية (الكومنتيرن) المسؤولة عن إنجاز الثورة الإشتراكية العالمية . وفي ختام المؤتمر أكد لينين أن الإتحاد السوفياتي قد بات مركز الثورة الإشتراكية العالمية الذي توقعه ماركس في غرب أوروبا – الحرب التي ظلت تجرجر أذيالها لخمس سنوات تسببت بانحطاط قوى الرأسمالية الإمبريالية المتحاربة ولولا خيانة الأممية الثانية يرئاسة كاوتسكي لنجحت الثورة الإشتراكية في العالم كله قبل قرن – كما أكد لينين أيضاً على أن البروليتاريا السوفياتية هي التي ستقرر مصائر الشعوب في العالم كله .

الإشكال الذي يُضيّع الشيوعيين اليوم هو إيمانهم في أن الثورة الشيوعية إنتهت إلى غير رجعة وباتوا يتعللون بآراء بليخانوف وكاوتسكي التي كانت تقول بأن ثورة البلاشفة جاءت بغير مكانها وغير زمانها ولذلك هي ليست أكثر من مغامرة من تخطيط لينين وستنتهي دون أن تترك أثراً يذكر ؛ ومنهم من جنح للقول بأن اشتراكية البلاشفة ليست إلا رأسمالية الدولة .
نحن لن نحاسب هؤلاء المفلسين على قصورهم الفكري فقط بل نحاسبهم أيضا على سوء قراءة التاريخ ؛ فلولا الثورة البلشفية ما كان بمقدور العالم أن يتغلب على هتلر والحؤول دون احتلاله لكل أوروبا والشؤق الأوسط واحتلال اليابان للولايات المتحدة .

للناريخ فرائده الخاصة ؛ فريدة الحرب العالمية الأولى كانت الثورة الإشتراكية البلشفية في العام 1917، وفريدة الحرب العالمية الثانية كانت تعطيل الثورة الإشتراكية منذ العام 53 لا بل منذ العام 38 .
ترتب على الإتحاد السوفياتي لمواجهة المؤامرة الكبرى على الإتحاد السوفياتي التي طلت نذرها في مؤتمر ميونخ 1938 الذي ضم قوى الإمبريالية والقوى الفاشية، ترتب أن يتحول إلى دولة حرب تشرع في التسلح وتعطل الصراع الطبقي البناء الوحيد للإشتراكية . كان الإتحاد السوفياتي دولة الحرب الأولى في العالم بعد احتلال برلين في ابريل 45 والقضاء على اليابان خلال ثلاثة أسابيع فقط (10 – 20) سبتمبر . في السنوات الخمس التالية 1946 – 51 إنشغل الإتحاد السوفيلتي في إعادة الإعمار وفي العام 1951 فقط طرح ستالين على الدولة والحزب تحويل دولة الحرب السوفياتية إلى الدولة الإشتراكية كما كانت في العام 1938 وتقدم ستالين لهذا الغرض باقتراحين لمؤتمر الحزب التاسع عشر في أكتوبر 52 ؛ إقترح تحويل الصناهات الثقيلة إلى الصناعات الخفيفة وهو ما يعني وقف الصناعات الحربية وتحويلها إلى صناعات مدنية تلبي احتياجات الشعب المعاشية وقد وافق المؤتمر على هذا الإقتراح ومتنه الخطة الخمسية الخامسة التي كانت ستحعل من الإتحاد السوفياتي أغنى دولة في العالم في العام 55 .
الإقتراح الثاني كان يقضي بإعفاء كامل قيادة الحزب وانتخاب قيادة جديدة من الشباب المتحمسين لفكرة الشيوعية والمؤتمر رفض هذا الإقترح لسوء حظ البشرية جمعاء إذ لو قبل الإقتراح لكان للعالم تاريخ محتلف .

بقي أن يعلم الذين لم يقرأوا ماركس ولينين كما يجب أن ثورة أكتوبر لا تموت فقد نقلت العالم إلى مسار جديد هو مسار الإشتراكية والبورجوازية الوضيعة الروسية التي انقلبت على الثورة وشكلت عائقاً قوياً على طريق الثورة لن تستطيع بحال من الأحوال تبديل مسار الإشتراكية إلى مسار آخر مختلف طالما أنها لا تمتلك وسيلة إنتاج حيوية وليس أدل على ذلك من أن أي دولة في العالم لا تمتلك نظاما إجتماعياً ثابتاً ومستقراً منذ انهيار النظام الرأسمالي في سبعينيات القرن الماضي .