-المسامح كريم-


نادية خلوف
2021 / 10 / 28 - 12:24     

في هذا الوطن العربي الكبير يصادفنا عقول نقية ، ونسأل لماذا لم تتقدم تلك العقول ؟يأتي الجواب بعد عناء من البحث: لأنّها نقيّة .
لا أتحدّث جزافاً ، بل إن صديقتي كانت فنانة حقيقية ، وهي الآن طبيبة كانت تنوي دخول كليّة الفنون الجميلة، لم تقبل في الاختبار . سألت أحدهم وكان قد قبل على أي أساس تمّ قبوله أجابني بنكتة . من شروط القبول: أن لا تجيد الرسم ، و النحت ، و أي فنّ آخر ، فأنت أتيت هنا لتأخذ لقب " فنان عالمي" مثلاً ثم أجابني ببساطة : كان واسطتي ضابط في القصر، لكن البعض نجح بالدفع و الآخر على اسمه الحزبي والعائلي .
أجريت مقابلة عمل في دبي ، وكنت مضطرة للعمل ، و أسعى أن أعمل بالصحافة ، فطلب مقابلتي رجل أعمال مصري ، التقينا في مقهى . جلسنا ، سألني : ماذا تعرفين عن علب الليل؟ وصراحة كان المصطلح غريباً عليّ، وشرح لي أنّ الخبر الحقيقي سوف يكون من تلك العلب التي تغصّ بكبار القوم و العاهرات على حد تعبيره ، ثم عقّب على حديثه وقال: هنا أبحث عن حمار لديه مال ، وألبسه بدلة رسمية ، و ألمّعه ، لكنني أظلّ أعتبره حمار ، رغم أنني أفتح له الباب . الحقيقة كنت غير مناسبة لتلك الوظيفة ، ولم يرد علي الرجل بالسلب ، أو الإيجاب . عملت بعدها في مكتب شيخة لديها مجموعة شركات ، وقد كانت تقول لي: أشرب قهوتي على مقالك الصّباحي ، وكان لدينا محام مصري لم يمارس المهنة وزور شهادة دكتوراه لكنه يقبض مرتباً عالياً . سألتها مرّة : هل تثقين ب" الدكتور" ؟ أجابت هل هو دكتور؟ وهل نحن أغبياء كي لا نكتشف أن شهادته مزوّرة ؟ دهشت من الجواب ، سألتها : لماذا إذاً مرتبه أضعاف مرتباتنا ، أجابت : هو يجيد العواء ، فيكون هناك كلب في مكان ما أرسله يعوي ، أقدم له المرتب مقابل العواء!
في إحدى حلقات المسامح كريم التافهة قال مقدم البرنامج " جورج قرداحي" في رسالته للمرأة الضحية التي جلبها كي تسامح زوجها، و الرسائل يكتبها المقدم فقد كان يأخذ علامة جيدة في مادة الإنشاء في الابتدائية . قال الرجل في الرسالة بما معناه وباختصار : حبيبتي أنا مشتاق لك ، صحيح أنني كنت عرصه فهل تسامحينني ؟ ورقّ قلب المرأة التي كانت ترغب في العودة ضمناً إلى العرصة على أن تبقى في بيت عائلتها ، فسامحت، وصفق الجمهور، ونزلت دمعة من عين مقدم البرنامج.
نحن بسطاء لم نتمرّس بالكلام ، ففي برنامج في قناة الجزيرة استهان الرّجل بدماء السّوريين، لكن كان همّهم أنّه شتم السّعودية ، وبدأت وسائل التواصل تحاربه فقط من أجل هذا.
عندما كان هناك حمى في الدول الخليجية لتوظيف اللبنانيين ، وكانت رواتب اللبنانيين في دبي من أعلى الرواتب ، فقد كانوا يتحدثون باللغة اللبنانية ويجيدون بعض المفردات الإنكليزية ، أو الفرنسية، وكما نعلم فإن اللغة اللبنانية متفوّقة بين العرب ، و الدليل مهرجان الجونة السينمائي . لبنان بخير مادام فيها جونة!
السعودية هي من صنعت جورج قرداحي وسوقته ببرنامج من سوف يربح المليون الذي تابعناه جميعاً بخفة ، وحصد للمحطة الملايين ، ليس بقدرات جورج الرهيبة ، لكن من خلال سطحيتنا الزائدة ، فجورج كان ولا زال صديق الأمنيين السوريين يرافقهم في رحلات الصيد في البادية السورية ، ولم يكن يوماً إلا كما ظهر في البرنامج، لكن يومها كانت السعودية تموّل الدولة اللبنانية ، وتتعاون مع حزب الله، وربما كان جوجو في ذلك الوقت سفير فوق العادة للأسدية في السّعودية، و السعودية تعرف ذلك، لكنها اليوم لن تقبل بذلك ، وسوف تقول له: من هنا طريق النزول أيها الوزير. إلا إذا استطاع الأسد أن يقدم له بركته ، وكما نعلم أن في قلب الأسد سرّ الإله ، لهذا لا يخاف جوجو ، فالرب معه.