قسمة فنيخ


قحطان محمد صالح الهيتي
2021 / 10 / 26 - 02:45     

يحكى ان شخصا أسمه فنيخ، كان رئيس عشيرة في إحدى قرى العراق، وكان متزوجا ثلاثة نساء، وله من الأولاد ثلاثة. في عهده وقع خصام بين أفراد عشيرته حول ملكية أرض يملكوها. وبعد أن وجدوا أن حلّ مشكلتهم وأن العدالة عند شيخهم فنيخ قرروا الاحتكام عنده، واتفقوا وحلفوا اليمين على قبول ما سيقرره فنيخ مهما كان قراره.
وفي ديوان فنيخ عرضوا مشكلتهم، وقال لهم بأنه وجد الحل الذي يرضيهم؛ فبدأ بتوزيع الأرض، فقال: القطعة الاولى من هذا المرد الى هذا المرد (المرد نقطه دالة) الى زوجتي الأولى، والقطعة الثانية من هذا المرد الى هذا المرد الى زوجتي الثانية.
واستمر فنيخ بالتوزيع وسط حيرة المتخاصمين وورطتهم، ليعلن لهم أن القطعة الثالثة من هذا المرد الى هذا المرد الى زوجتي الثالثة، والقطعة الرابعة لابني الأكبر، ولم تبقَ من القطع المتنازع عليها سوى قطعتين فقط؛ فقال: اما القطعة قبل الأخيرة ،فهي لفنيخ وما تبقى اذهبوا وتقاسموه.
في عراقنا اليوم أكثر من فنيخ، فهناك فنيخ الشيعي، وفنيخ السني، وفنيخ الكردي، وأن كل واحد من هؤلاء (الفنانيخ) يتبع مبدأ جده فنيخ في توزيع المناصب والوظائف والمزايا والهبات دون أن يحتكم الناس له، فهم الحكام، وهم القضاة، وهم الشيوخ، ولهم الأمر وعلى الكافة الطاعة.
وجرت القسمة وما زالت، فلفنيخ الشيعي رئاسة مجلس الوزراء، ولفنيخ السني رئاسة مجلس النواب، ولفنيخ الكردي رئاسة الجمهورية، ولحواشيهم الوزارات والهيئات والمديريات العامة. وبعد أن باعوا واشتروا وزايدوا وادعوا بالديمقراطية والوطنية والالتزام بالقيم الدينية لم يبقوا للعراقيين قطعة واحدة كالتي تركها فنيخ لمن احتكم عنده، فلا عدالة في التوظيف، ولا مساواة في الحقوق، ولا احترام للعراقيين الذين مازال أكثرهم يصفق لهم.
وآخر دعوانا أن يزلزل الله الأرض تحت أقدام (الفنانيخ)، وأن ينصرنا عليهم، ويسدد على طريق الخير خطى المخلصين.