رأس المال: IV: شذرات متفرقة (111)


كارل ماركس
2021 / 10 / 23 - 21:08     

[بيع قدرة – العمل والنقابات]




[سيطرة موقتة على](*) قدرة – عمله. وحين يبدأ عمله فعلياً، يكون هذا العمل قد كفّ سلفا عن أن يخص العامل، ونتيجة لذلك لم يعد بالوسع أن يبيعه.
ونتيجة للطبيعة الغريبة لهذه السلعة الخاصة، أي بالتحديد قدرة – العمل، فإن السلعة المباعة تنتقل فعلية إلى يدي الشاري كقيمة – استعمالية بعد إبرام العقد بين الشاري والبائع. وإن قيمتها – التبادلية، شأن قيمة أي سلعة أخرى، تتحدد قبل أن تمضي إلى التداول، ما دامت تُباع كمقدرة، كقوة، وما دام مقدار معین من وقت العمل قد لزم لإنتاج هذه المقدرة، هذه القوة. إن القيمة – التبادلية لهذه السلعة توجد، إذن، قبل بيعها، في حين أن قيمتها – الاستعمالية تقوم في التجلي اللاحق لقدرتها. نقصد القول إن الانفصال (Verausserung) عن هذه القدرة وتجليها الفعلي، أي وجودها المتعین كقيمة – استعمالية، لا يتطابقان من حيث الزمن، وهذا يماثل حال منزل بيع ليّ لاستخدامه لمدة شهر. ففي مثل هذه الحالة لا تنتقل القيمة – الاستعمالية إليّ إلا بعد أن أكون قد سكنتُ فيه مدة شهر. وبالطريقة نفسها، لا تنتقل القيمة – الاستعمالية لـ قدرة – العمل إلا بعد أن أكون قد استهلكتها؛ أي بعد أن أكون قد جعلتها تعمل لأجلي. وعلى أي حال حیثما لا يتوافق الانسلاخ (Entausserung) الشكلي عن السلعة من خلال البيع توافقاً زمنياً مع الانتقال الحقيقي لقيمتها – الاستعمالية إلى الشاري، فإن نقود الشاري تؤدي، كما رأينا في المثال الأول، وظيفة وسيلة دفع. إن قدرة – العمل تُباع لمدة يوم، أسبوع، إلخ، ولكن لا يدفع لها إلا بعد أن تستهلك ليوم أو لأسبوع، إلخ. وفي جميع البلدان التي تكون فيها العلاقات الرأسمالية في مجرى التطور، لا يدفع لقدرة – العمل إلا بعد أن تؤدي وظيفتها. وكقاعدة، فإن العامل يسلف الرأسمالي حق استعمال سلعته. إنه يسمح للشاري باستهلاكها، إنه يقدم له قرضاً، قبل أن يتلقى قيمتها – التبادلية بالمقابل. وفي أوقات الأزمة، بل حتى في حالة إفلاسات فردية، يمكننا أن نرى، بسبب الطبيعة الخاصة للقيمة – الاستعمالية المباعة، أن فكرة أن العامل يقرض الرأسمالي باستمرار ليست وهما فارغا(**)(1).

وعلى أي حال، سواء استخدمت النقود كوسيلة شراء أم كوسيلة دفع، فذلك أمر لا أهمية له بالنسبة إلى طبيعة التبادل السلعي نفسه. إن سعر قدرة – العمل يثبّت تعاقدياً عند الشراء، رغم أنه لا يتحقق إلا فيما بعد. كما لا يؤثر شكل الدفع هذا على حقيقة أن السعر يتعلق بقيمة قدرة – العمل ولا صلة له لا بـ قيمة المنتوج ولا بـ قيمة العمل الذي لا يؤلف، هو ذاته ، سلعة على الإطلاق.

إن القيمة – التبادلية لـ قدرة – العمل دفع، كما بينا، حين يكون السعر المدفوع هو سعر وسائل العيش التي تعتبر، حسب الأعراف، ضرورية، في حالة معينة من المجتمع، لتمكين العامل من ممارسة قدرة – عمله بالدرجة الضرورية من القوة والصحة والحيوية، إلخ، ولتخليد نفسه بإنجاب من يعوض عنه(2).

يتميز الإنسان عن سائر الحيوانات بالطبيعة المرنة، اللامحدودة، لحاجاته. ولكن من الصحيح أيضا أنه ما من حيوان مثله قادر على حد حاجاته إلى هذه الدرجة نفسها التي لا تصدق، وعلى خفض شروط حياته إلى الحد الأدنى المطلق. وبكلمة، ليس هناك من حيوان يملك موهبة مماثلة في أن “يؤرلند”(***) (ver- Irlandern) نفسه. إن مثل هذا الاختزال إلى الحد الأدنى الجسدي العاري للوجود ليس مطروحا عندما نقوم ببحث قيمة قدرة – العمل. وما يصح على كل سلعة يصح على قدرة – العمل، وهو أن سعرها يمكن أن يرتفع فوق قيمتها أو يهبط دون هذه القيمة، أي أن قيمتها يمكن أن تنحرف في كلا الاتجاهين، عن السعر، الذي لا يزيد عن كونه التعبير النقدي عن قيمتها. إن مستوی ضروریات الحياة، التي تؤلف قيمها الكلية قيمة قدرة – العمل، يمكن نفسه أن يرتفع أو ينخفض. إن تحليل هذه التقلبات، على أي حال، لا ينتمي إلى هذا الموضع بل إلى نظرية الأجور. وسيغدو جلياً، في مجرى هذه الأبحاث، أنه أمر لا أهمية له البتة بالنسبة إلى تحليل رأس المال أن نفترض مستوى حاجات العامل عالية او واطئة. فنقطة الانطلاق، في الممارسة، كما في النظرية، هي قيمة قدرة – العمل منظوراً إليها ككمية معينة. وهكذا، على سبيل المثال، فإن مالك النقد الذي يرغب في تحويل نقوده إلى رأسمال، وليكن ذلك إلى رأسمال صناعي لمحلج قطن، سوف يستقصي قبل كل شيء عن متوسط الأجور المدفوعة في الجوار حيث يعتزم إقامة مصنعه. إنه يعرف تمام المعرفة أن الأجور، شأن القطن، تنحرف باستمرار عن ذلك المعدل الوسطي، لكنه يعرف أيضا أن هذه التغيرات تلغي بعضها بعضا. ولهذا السبب تدخل الأجور في حساباته كمقدار من قيمة معينة. من جهة ثانية، تؤلف قيمة قدرة العمل الأساس الواعي، الصريح للنقابات العمالية (Trades ‘ Unions)، التي قلما تمكن المغالاة في تقدير أهميتها بالنسبة إلى الطبقة العاملة الإنكليزية. لا تهدف النقابات إلى أقل من منع خفض الأجور دون المستوى القائم تقليدياً في مختلف فروع الصناعة. نقصد القول، إنها ترغب في منع سعر قدرة – العمل من الهبوط دون قيمتها. وهي مدركة، بالطبع، إنه إذا ما حصل تغير في تناسب العرض والطلب، فإن ذلك سيفضي إلى إحداث تغيير في سعر السوق. لكن هذا التغير هو، من جهة أولى، شيء مختلف تماما عن الادعاء الأحادي من جانب الشاري، أي الرأسمالي في هذه الحالة، بأن مثل هذا التغير قد حصل. وهناك، من جهة أخرى، تمایز كبير بين مستوى الأجور الذي يحدده العرض والطلب، أي المستوى المتولد عن الفعل العادل (fair) للتبادل السلعي الذي يقوم حين يتفاوض الشاري والبائع على قدم المساواة، وبين مستوى الأجور الذي يجب على البائع، العامل، أن يتحمله عندما يتفاوض الرأسمالي مع كل عامل على انفراد، ويفرض تخفيضاً باستغلال الحاجة الطارئة لعمال فرادى (وهي تقوم بصورة مستقلة عن العلاقات العامة للعرض والطلب). إن العمال يتوحدون بغية الحصول على نوع من المساواة مع الرأسمالي في تعاقدهم بخصوص بيع عملهم. هذا هو المبدأ العقلي (الأساس المنطقي) لنقابات العمال(3). إن ما تهدف إليه هو «أن العوز المباشر، الطارئ، لعامل ما، ينبغي ألا يرغمه على أن يرتضي بأجر أصغر مما ثبته العرض والطلب سلفا في فرع معين من العمل»(4) فيخفض بذلك قيمة قدرة – العمل في ميادين معينة دون مستواها المعتاد. إن قيمة قدرة – العمل إنما “يعتبرها العمال أنفسهم أجور الحد الأدنى بينما يعتبرها الرأسماليون السعر النظامي لأجور سائر العمال في المهنة نفسها”(5). لهذا السبب لا تسمح النقابات لإعضائها، إطلاقا أن يعملوا لقاء ما يقل عن هذا الحد الأدنى (6)، إنها شركات تأمين شكّلها العمال أنفسهم. وهناك مثال قد يفسر غرض هذه الاتحادات التي يشكلها العمال لحماية قيمة قدرة – عملهم. ففي جميع فروع الصناعة في لندن هناك ما يسمى المعرّقين (Sweaters). إن المُعرّق هو شخص يتعهد بتقديم كمية معينة من العمل بأسعار اعتيادية إلى رب عمل ما، ولكنه يستأجر آخرین لأدائه بسعر أدنى. والفارق، الذي يؤلف ربحه ، عنصر من عرق العمال الذين يقومون بأداء العمل فعلياً (7)، ولا يمثل هذا شيئا سوى الفارق بين قيمة قدرة – العمل التي يدفعها رب العمل الأول، والسعر الذي يعادل ما يقل عن قيمة قدرة – العمل تلك، والذي يدفعه المعرق إلى العمال الفعليين (8).

وبالمناسبة، فإن من المميزات البارزة (*4)….





* * *
إن شكل الأجور بالقطعة يستخدم على سبيل المثال في صناعات الخزف الإنكليزية لزجّ فتيان متمرنين (apprentices) (في سن الثالثة عشرة) بسعر أدنى بحيث يجهدون أنفسهم بعمل مفرط لما فيه منفعة عظمى لسادتهم، وذلك خلال فترة نموهم الجسدي بالذات. ويقدم ذلك رسميا كواحد من أسباب انحطاط السكان في مصانع الخزف (9).

إن رفع الأجر الإجمالي (الأجر الأسبوعي مثلا) غالبا ما يحصل في فروع الصناعة التي دخلها نظام العمل بالقطعة task work حديثاً. ولكن حالما يصل الأجر معدلاً معيناً، فإن الارتفاع الذي جاء بفعل تزايد شدة العمل، يصبح هو ذاته سببا يدفع أرباب العمل إلى خفض الأجور، ما داموا يعتبرونها أفضل مما ينبغي بالنسبة إلى العامل. ويصبح لزاما شجب العمل بالقطعة مباشرة كوسيلة لخفض الأجور(10).

وينبغي أن نوضح الأمر في ذاته ولذاته، أن الطريقة التي تدفع بها الأجور لا تؤثر على الوضع أدنى تأثير، رغم أن أسلوبا في الدفع قد يناسب تطور عملية الإنتاج الرأسمالية أكثر من أسلوب آخر، وبوسعنا الإشارة هنا، بشكل عابر، إلى أن الطبيعة التكنيكية للعملية قد لا تسمح أحيانا إلا بأسلوب واحد للدفع، فإما هذا وإما ذاك.

ومن الواضح إن التغيرات الفردية في الأجور، التي يكون لها في نظام الأجور بالقطعة نطاق أعظم مما في نظام الأجور الزمنية، إنما هي انحرافات عن مستوى الأجور عموما . وعلى أي حال، فإن الأجور بالقطعة، تنزع إلى خفض المستوى العام، ما لم توقفها ظروف أخرى(*5).

إن الأجور باعتبارها السعر الإجمالي للعمل اليومي الوسطي تناقض مفهوم القيمة. فكل سعر ينبغي أن يكون قابلا لأن يرد إلى قيمة، طالما أن السعر هو، في ذاته ولذاته، ليس سوى التعبير النقدي عن القيمة، وواقع أن الأسعار الفعلية قد تكون أعلى أو أدنى من السعر المطابق لقيمتها لا يغير حقيقة أنها تعبير کمي غير متطابق عن قيمة السلعة – حتى لو كانت هذه الأسعار، في الوضع المفترض، أكبر أو أصغر من القيمة كمية. ولكن الافتقار إلى التطابق هنا، في سعر العمل، إنما هو نوعي.

حاشية للصفحة 244 [ملاحظة مارکس](*6):

“عندما يؤلف القمح جزءا من عيش العامل، فإن إزدياد سعره الطبيعي يقود بالضرورة إلى رفع السعر الطبيعي للعمل، أو بتعبير آخر، عندما يتطلب الأمر كمية أكثر من العمل لتوفير العيش، فإن كمية أكبر من العمل، أو منتوج العمل، ينبغي أن تبقى مع العامل، كأجور له. ولكن بما أن كمية أكبر من عمله أو (وهذا يضارع الشيء نفسه) من منتوج عمله، تصبح ضرورية لعيش العامل المانيفاکتوري، وأنه يستهلكها في أثناء الاشتغال، فإن كمية أقل من منتوجات العمل سوف تبقى لرب العمل” (ر. تورنز، بحث في تجارة القمح الخارجية، 1815، ص 236 – 235 ).(*7).

بما أن قيمة السلعة تساوي العمل الضروري الذي تحتويه، فإن قيمة عمل يوم – عمل يوم يجري في ظل شروط إنتاج مناسبة وبمقياس اجتماعي اعتیادي وسطي من الشدة والمهارة – ستكون مساوية لما تحتويه من عمل يوم، وهذا هراء لا يقدم أي تحديد. إن قيمة العمل – أي سعر العمل (نوعياً) مجرداً من تعبيره النقدي – إذن هو تعبير لا عقلاني، بل هو في الواقع لا أكثر من شكل مقنّع ومقلوب للتعبير عن قيمة ندرة – العمل. (إن السعر، الذي لا يمكن رده إلى قيمة، سواء مباشرة أو من خلال سلسلة من التوسطات، لا يعبر سوی عن تبادل عرضي لشيء ما لقاء نقود، وعلى هذا النحو، فإن أصنافا ليست هي في ذاتها سلعة، وهي تقع، بهذا المعنى، خارج نطاق التجارة بين البشر (extra commercium hominum) يمكن أن تتحول إلى سلع عن طريق مبادلتها لقاء النقود. من هنا الصلة بين الرشوة والفساد، والعلاقة النقدية. وبما أن النقود هي المظهر المتحول للسلعة، فإنها لا تشي بما كان قد حُوّل إليها: أهو ضمير أم بكارة أم سماد حصان).

ولكن الشكل الآخر المباشر للأجور، وهو لا يقل في شيء عن لاعقلانية الأجور الزمنية، يتمثل في الأجور بالقطعة، التي يفترض أنها تعبير مباشر عن علاقة قيمية. لنفرض، مثلا، أن ساعة عمل، تساوي 6 بنسات، متشيئة، مثلا، في قطعة من سلعة معينة (نترك جانبا ما تحتويه من رأسمال ثابت). إن العامل يتلقى 3 بنسات، لأنه بخلاف ذلك فإن قيمة هذه القطعة لا تتحدد، إزاء العامل، بما تحتويه من قيمة مقاسة بوقت العمل المستهلك. وعليه، في الواقع، فإن الأجر بالقطعة لا يعبر مباشرة عن أي علاقة قيمية. والمسألة، إذن، هي ليست أن نقيس قيمة القطعة بمقدار وقت العمل الذي تحتويه. على العكس، فإن وقت العمل الضروري الذي أداه العامل ينبغي أن يقاس بواسطة القطعة. إن الأجر الذي يتلقاه العامل، إذن، هو أجر زمني، نظرا لأن القطعة ليس لها من مهمة سوى أن تقيس الزمن الذي تلقى العامل أجره لقاءه، وأن تتصرف كضامن يكفل ألا يستخدم العامل سوى وقت العمل الضروري، أي أن يكون قد عمل بالشدة المطلوبة، وإن عمله (كقيمة – استعمالية) يتمتع بالنوعية المناسبة. إن الأجور بالقطعة، إذن، ليست سوى شكل خاص من الأجور الزمنية، التي لا تزيد، بدورها، عن شکل مقنع لقيمة قدرة – العمل، أو بتعبير بديل سعر قدرة – العمل الذي يتطابق كمياً مع القيمة أو ينحرف عنها. وإذا كان صحيحا أن الأجور بالقطعة تميل إلى أن تترك لفردية العامل مجالا رحباً للارتفاع بهذا القدر أو ذاك فوق المستوى العام، فإن من الصحيح أيضا أنها تخفض أجور العمال الآخرين دون ذلك المستوى، وإن ذلك المستوى نفسه يميل إلى الهبوط نتيجة المنافسة بالغة الشدة التي تسعرها الأجور بالقطعة بين العمال.

عند المقارنة بين الأجور الزمنية في بلدان مختلفة (أي: أجر يوم عمل ذي طول معین) ينبغي على المرء، بمقدار ما تقاس شدة العمل – مع بقاء الأشياء الأخرى متساوية – بكتلة المنتوج الذي يولده العامل في زمن معين، ينبغي على المرء أن يقارن، في الوقت نفسه، بين هذه الأجور من ناحية أسعار القطعة. فهذا هو الطريق الوحيد لاكتشاف العلاقة الحقيقية بين العمل الضروري والعمل الفائض، أو بين الأجور وفائض القيمة. فعندئذ سيتضح، غالبا، أنه على الرغم من أن الأجور الزمنية، ظاهرياً، هي أعلى في البلدان الغنية، فإن الأجور بالقطعة هي أعلى في البلدان الفقيرة. من هنا فإن العامل، في هذه الأخيرة، يتطلب لإعادة إنتاج مرتبه جزءا من يوم العمل أكبر مما في البلدان الأولى، أي أن معدل فائض القيمة هو في البلدان الأخيرة أصغر مما في البلدان الأولى، وبالتالي فإن الأجر النسبي أعلى. وهكذا في الواقع يكون السعر الحقيقي للعمل في البلدان الفقيرة أعلى مما في الغنية. وإذا ما نظرنا إلى مختلف الأمم، لوجدنا، بمعزل عن المدة والإنتاجية المستقلتين عن العامل المفرد، أن هناك تبايناً عظيماً في شدة كما في مدة يوم العمل، وإن يوم العمل الوطني الأكثر شدة يمكن أن يُساوی بواحد أقل شدة + س. وإذا أخذنا يوم عمل البلدان التي تنتج الذهب والفضة كمعيار قياسي ليوم العمل العالمي، فإن يوم العمل الإنكليزي الأكثر شدة، والبالغ 12 ساعة، يمكن التعبير عنه في ذهب أكثر مما ليوم العمل الإسباني الأقل شدة. نقصد القول، إنه سيكون أعلى بالمقارنة مع يوم العمل الوسطي معبراً عنه بلغة الذهب والفضة. إن يوم عمل وطني أعلى، مفترضین وجود يوم إجمالي ذي طول مثبت، سيكون أعلى، سواء بلغة القيمة – الاستعمالية أم بلغة القيمة – التبادلية، وبالتالي أيضا بلغة التعبير النقدي. (إذا افترضنا أن للذهب والفضة قيمة معينة، فإن التعبير النقدي الأعلى يجب أن يعبر دائما عن قيمة أكبر، والأدنى عن قيمة أقل: ولو نظرنا إلى الأجور النقدية للعمال في مختلف البلدان في آن واحد، فإن قيمة الذهب والفضة تُفترض ثابتة، لأن أي تغير في قيمتها سيفضي إلى حصول تغیر متزامن بالنسبة إلى جميع الأمم المعنية، بحيث لا يطرأ أي تغير على الإطلاق فيما يتعلق بمواقعها النسبية)، وعليه فإن حقيقة الأجر الوطني الأعلى، لا تتضمن سعراً للعمل أعلى سعر لمقدار معين من العمل. وإذا كان الطول الأكبر للعمل معيناً أو، وهذا يضارع الشيء نفسه عالمياً، إذا كانت الشدة الأكبر للعمل معينة، فإن الأجر يمكن أن يكون في بلد ما أعلى مما في آخر، ولكن يمكن له أولا أن يحتل جزءا أصغر في اليوم الإجمالي، أي أن يكون أصغر، بصورة نسبية ويمكن له ثانياً أن يمثل سعراً أدنى. وعلى سبيل المثال إذا كان العامل يتلقى 3 شلنات في اليوم لقاء 12 ساعة عمل، فإن هذا أقل مما لو كان أجره اليومي 1/2، 2 شلن لقاء 11 ساعة. ذلك لأن ساعة واحدة من العمل الفائض تتضمن اهتلاكا أكبر، أي إعادة إنتاج أسرع لـ قدرة – العمل. وسيكون الفرق أكبر من ذلك فيما لو كان العامل يتلقى 1/2، 2 شلن لقاء 10 ساعات و3 لقاء(*8)…



______________



(*) العبارة مشطوبة في المخطوطة .

(**) الفقرة أعلاه أدرجها ماركس في نص رأس المال – المجلد الأول – الفصل المعنون: بيع وشراء قوة العمل، هي والهامش رقم (31). وقد أدرجت بعد اجراء تعديلات أسلوبية وإضافات. [ن. ع].

(1) “العامل بقرض جهده”، (L ‘ ouvrier prete industrie) (شتورخ، دروس في الاقتصاد السياسي Cours d ‘ economie Politique، طبعة سانت بطرسبرغ، 1815، المجلد الثاني، ص 36). لكن شتورخ بضيف بمكر إنه لا يغامر بشيء، سوى أن يفقد أجوره…. فالعامل لا يقدم أي شيء مادي، (de perdre. . . son salaire . . . L ‘ ouvrier ne transmet rien de material) (المرجع نفسه، ص 37).

“كل عمل إنما يدفع أجره بعد أن يكون قد انتهى”. (بحث في تلك المبادىء المتعلقة بطبيعة الطلب، إلخ، لندن، 1821 ص 104).

إن العواقب العملية الأخرى التي تنشأ عن نمط الدفع هذا، المتأصل، بالمناسبة، في طبيعة العلاقة، لا يمكن أن تستوقفنا هنا. مع ذلك فإن مثالا واحداً قد يأتي في محله. في لندن طائفتان من الخبازين، طائفة السعر الكامل، (fullpriced) التي تبيع الخبز بسعره التام، وطائفة السعر الأدنى (undersellers)، التي تبيعه دون ذلك. إن الصنف الأخير يضم أكثر من ثلاثة أرباع العدد الكلي للخبازين (تقرير هـ. س. تریمنهير، مفوض التحقيق في شكاوى الخبازين المياومين، إلخ، لندن، 1862، ص 32). إن الخبازين بـ “السعر الأدنى” يقومون، دون استثناء تقريبا، ببيع خبز مغشوش بالشب والصابون، والكلس، والجص، ومسحوق حجر دربیشائر، إلخ. (أنظر الكتاب الأزرق المشار إليه أعلاه، وأنظر أيضا: تقرير لجنة 1855 حول غش الخبز، ومؤلف الدكتور س. هاسال، کشف حالات غش الخبز، الطبعة الثانية، لندن، 1861). وقد صرح السير جون غوردون أمام لجنة 1855 قائلا إنه بسبب ضروب الغش هذه “لم بعد الرجل الفقير الذي كان يقتات على باونين من الخبز يومياً، يحصل الآن على ربع العناصر الغذائية تلك” هذا إن لم نذكر شيئا عن الآثار المدمرة لذلك على الصحة، ويفسر تریمنهير (المرجع نفسه، ص 48) السبب الذي يدفع “قسماً كبيراً من الطبقة العاملة، للقبول بالشب ومسحوق الحجر، إلخ، رغم معرفتهم بهذا الغش: ويقول إن الأمر بالنسبة إليهم هو إن من الضروري أن ياخذوا من الخباز، أو دكان بائع المفرق نوع الخبز الذي يشاء هؤلاء بيعها. وبما أن العمال لا يتقاضون أجورهم إلا في نهاية الأسبوع، فإنهم لا يستطيعون دفع ثمن الخبز الذي تستهلكه أسرهم خلال الأسبوع إلا في نهاية الأسبوع. ويضيف تریمنهير، بناء على إفادة شهود عيان، “من المفضوح أن الخبز المؤلف من هذا الخليط، يصنع خصيصاً للبيع على هذا النحوه”.

(2) يحدد بيني قيمة أجر العمل اليومي بأنه قيمة “الطعام اليومي” (daily food) الكافي للعامل امن أجل أن يعيش، ويعمل ويتناسل، (.so as to live, labour , and generate)، (التشريح السياسي لإيرلندا Political Anatomy of Ireland ، لندن، 1622، طبعة 1691، ص 69. اقتبست من دورو دو لامال). “إن سعر العمل يتألف دومة من سعر الضروریات”. إن العامل لا يتلقى الأجر المطابق “حيثما يكون سعر الضروريات بمستوى يجعل أجور العامل عاجزاً، بما يتناسب مع وضعه ومرتبته المتدنية، كإنسان عامل، عن أن تعيل أسرة كالتي تكون لكثرة من أمثاله”. (جاکوب فاندرلنت، النقد يجيب على كل الأشياء. Money Answers All Things ، لندن، 1734، ص 19).

إن العامل البسيط، الذي ليس له سوى ذراعيه وجهوده، لا يملك ما يتدبر سوى ما يبيع عمله لقاءه. لأن كل نوع من العمل ينبغي أن يؤدي، وهو يؤدي في الواقع، إلى أن ما يتقاضاه ينحصر في مبلغ ضروري لأجل وسائل عيشه. (تورغر، تأملات حول نشوء وتوزيع الثروات Reflexions sur la Formation et la Distribution des Richesses، (1766)، المؤلفات الكاملة، المجلد 1، ص 10، طبعة دير، باريس، 1844).

إن سعر ضروريات الحياة هي، في الواقع، كلفة إنتاج العمل، (مالتوس، بحث في الريع Inquiry ,.into Rent . etc ، لندن 1815، ص 48، الحاشية) “ثمة استنتاج نستخلصه من مراجعة لمقارنة سعر القمح بأجور العمل منذ عهد إدوارد الثالث، هو أنه خلال مسار دام قرابة 500 سنة، كانت مداخيل عمل اليوم في هذه البلاد، في كثير من الأحيان، على الأرجح، أدنى مما يفوق بيك من القمح (= 1/4 بوشل)، ويمكن اعتبار بيك ((Peck القمح كشيء مثل نقطة وسطى، أو نقطة أعلى من الوسط، تتذبذب حولها الأجور القمحية للعمل، المتباينة تبعا للعرض والطلب، (مالتوس، مبادىء الاقتصاد السياسي Principles of Political Economy ، الطبعة الثانية، لندن، 1836، ص 254).

“إن السعر الطبيعي لأي صنف… يساوي ما بذل على إنتاجه… إن سعره (أي العمل) الطبيعي … يتألف من تلك الكمية من ضروريات ومتع الحياة، التي تنبع من طبيعة المناخ وعادات البلاد، والضرورية لإعالة العامل وتمكينه من إنشاء أسرة من شأنها أن تحفظ، في السوق، عرضا من العمل لا يتناقص … إن السعر الطبيعي للعمل… رغم أنه يتباین بتباین المناخات، وتباین مراحل التطور الوطني، يمكن في أي زمان ومكان معينين، أن يعتبر ثابتاً تقریبا”. (ر. تورنز، بحث في تجارة القمح الخارجية An Essay on the External Corn Trade ، لندن، 1815، ص 55 – 65 ومواضع اخرى).

(***) أي يجعل من نفسه إيرلندية، قياساً لوضع العامل الإيرلندي، ونزف السكان الذي شهدته إيرلندا، والذي يتضح في الصفحات القادمة. [ن. ع].

(3) ن. ج. داننغ (سكرتير جمعية لندن المتحدة لمجلدي الكتب)، النقابات والاضرابات: فلسفتها وغرضها Trades ‘ Unions and Strikes : Their Philosophy and Intention، لندن، 1860، ص 7.

(4) المصدر نفسه، ص 7.

(5) المصدر نفسه، ص 17.

(6) من الجلي أن الرأسماليين سوف يشجبون هذا السعر النظامي للعمل، (uniform rate of labour) باعتباره اعتداء على الحرية الشخصية للعامل، وعقبة تمنع الرأسماليين من أن يسيروا على هدی نداءات قلوبهم ويكافئوا الموهبة المتميزة بأجر متميز. إن كتاب السيد دان [يقصد: داننغ]، الذي استشهدنا به تواً، لا يصيب المرمى فحسب، بل يعالج الموضوع أيضا بمسحة من السخرية، ويرد بشكل قاطع قائلا إن النقابات يسعدها أن تسمح للرأسمالي بأن يدفع للمهارة المتفوقة أو المقدرة المتفوقة على العمل، أجوراً عالية قدر ما يشتهي، ولكنها تمنعه من أن يخفض 99/100 من جمهرة الأجور، أي أجور “الناس العاديين” (common run of men)، العامل الوسطي في كل صناعة، دون أجور الحد الأدنى، (Minimum des salairs). ذلك يعني أن النقابات سوف تمنعه من خفض القيمة الاعتيادية لقدرة – العمل الوسطية. وبالطبع. فإن من بداهة الأمور أن اتحادات العمال ضد استبداد رأس المال تتعرض للشجب من أحد كتاب صحيفة إدنبره ريفيووار (بخصوص اتحادات النقابات ، 1860)(م) بوصفها عبودية يخضع لها هؤلاء الإنكليز المولودون أحرارة (freebom Britons)، من جراء وهم مبهم. في الحروب يفضل المرء دوما أن يرفض عدوه الخضوع إلى استبداد الانضباط. إن الكاتب الساخط أخلاقياً يميط اللثام عن وقائع أكثر شناعة. إن النقابات مدنسة للحرمات لأنها تعتدي على قوانين التجارة الحرة! (!Free trade) [يا للهول]!

(Quelle horreur)

ويرد السيد داننغ من جملة ما يرد: “لن يكون الأمر مبارزة حرة إذا كان ذراع أحد الطرفين معوقاً أو مقيداً، في حين أن للطرف الآخر حرية استخدام ذراعيه كليهما… إن رب العمل يرغب في التعامل مع رجاله كلا على انفراد، بحيث يمكن له، متى شاء، أن يعطي “المعرقین” سعراً لعملهم، بينما ذراعهم اليمنى، بوصفهم مساومين، مقيدة في أثناء البيع بأغلال الضروريات التي يحتاجونها. هذا ما يسميه تجارة حرة، لكن الحرية بأسرها في معسكره. سموا ذلك تجارة، إن شئتم، لكنها ليست تبادة حرة”. (المرجع نفسه ص 47).

(م) المقصود مقال بعنوان: التنظيم السري للنقابات الذي نشرته صحيفة إدنبره ريفيووار في عددها المرقم 224 (تشرين الأول/ أكتوبر 1859).

(7) المرجع نفسه، ص 6.

(8) “تشكلت في لندن جمعية خيرية لغرض التعاقد على تسليم ملابس عسكرية بأسعار مماثلة لتلك التي تدفعها الحكومة إلى المتعهدين في الوقت الحاضر، بينما تدفع للخياطات المتضورات جوعا 30 في المائة علاوة إضافية فوق أجورهن الحالية. وتتحقق هذه النتيجة بإزالة الوسيط، الذي تذهب أرباحه إلى المادة البشرية التي حرمهن منها حتى الآن. ومع جميع المنافع التي يمكن للجمعية أن تقدمها، فإن الخياطة لا تستطيع أن تكسب أكثر من شلن واحد لقاء عشر ساعات من العمل المتواصل في خياطة القمصان العسكرية، وبالتحديد بمعدل قميصين في اليوم، ولا تكسب بالنسبة إلى إصناف أخرى من الملابس أكثر من شلن واحد و6 بنسات يومياً، لقاء يوم مؤلف من 12 ساعة عمل. إن أجورهن في الوقت الحاضر تتراوح بين 5 بنسات إلى 8 بنسات لقاء 10

ساعات عمل، إلخ”. (صحيفة تایمز، 13 آذار/ مارس – 1860).

(*4) عند هذا الحد من المخطوطة تنقطع الصفحة 25.

(9) “يستخدم الصناعي الكثير من الفتيان كمتمرنين في سن مبكرة، 13 أو 14 عاما، في صنع أدوات المائدة، والأواني الخزفية. خلال العامين الأولين يدفع لهم أجراً أسبوعياً يتراوح بين شلنين و3 شلنات و6 بنسات. بعد ذلك يأخذون بالعمل حسب نظام الأجور بالقطعة كاسبين أجور عمال مياومين. وكما يقول لونج فإن: ممارسة استخدام عدد كبير من المتمرنين، وأخذهم بعمر 13 أو 14 سنة، ممارسة شائعة لدى فئة معينة من المصانع، وهي ليست فقط ممارسة ضارة بمصالح المهنة، بل لعلها سبب كبير آخر يعزى إليه سوء البنية الجسدية للخزّافين. إن هذا النظام، كبير النفع لرب العمل، الذي يتطلب كمية السلع أكثر من نوعيتها، يميل مباشرة إلى تشجيع الخزّاف الشاب على أن يجهد نفسه كثيراً بالعمل المفرط خلال السنوات الأربع أو الخمس التي يستخدم فيها على أساس نظام العمل بالقطعة، ولكن بأجر متدن”. إن عواقب العمل المفرط عند الأفران الساخنة وفي سن جد مبكرة أمر متوقع تماما. (لجنة مراقبة استخدام الأطفال، التقرير الأول، لندن، 1863، ص 13).

(10) “حقا، إن الاعتراض الرئيس، في مختلف المهن، على العمل بالقطعة، هو الشكوى من أن رب العمل، حين يجد أن العمال يكسبون أجوراً جيدة، برغب في خفض سعر العمل، وكثيرا ما

يستخدم هذا الإجراء كوسيلة لخفض الأجور”. (دانغ، المرجع نفسه، [ص 22]).

(*5) هذه الفقرة مشطوب عليها في المخطوطة.

(*6) الصفحة 244 مفقودة حسب ملاحظة الناشر الألماني، والإضافة بين قوسين أعلاه من عندنا. [ن. ع].

(*7) نص المقتبس باللغة الإنكليزية، وهو مدرج في قسم المقتبسات باللغات غير الألمانية، ص 1185. [ن. ع].

(*8) الصفحتان 261 و262 مفقودتان. وتوجد في مكانهما ورقة تحمل الرقم 379، ومعنونة: أنماط مختلفة من تمركز وسائل الإنتاج في بلدان مختلفة، وهي، من حيث مادة الموضوع، تنبع من النص الذي يسبقها.